احمد الصراف

التكالب على الخير والشر

يقول القارئ خ. مشاري، انه ورواد ديوانه ضاقوا ذرعا بما يحصل في البلد من تسيب وخراب، فكل صباح سرقة وكل عصرية جريمة وكل مساء خبر لا يقل سوءا عما قبله، وكأننا نعيش مسلسل رعب وفضائح لا نهاية له. ويقول انه يصعب عليه تصديق أن الدولة جادة في تحصيل مئات ملايين الدنانير عن فواتير الكهرباء، أو وضع حل نهائي لقضية «البدون»، أو محاسبة المسؤولين عن سرقات مولدات كهرباء صيف 2007، أو الكارثة البيئية الأكبر في تاريخ الكويت والمسماة بمحطة مشرف، أو كارثة اطارات رحية وأمغرة، أو محاسبة المسؤولين عن وفاة المرحوم سمير سعيد وغيره في سيارات اسعاف خربة، أو أن الدولة لا تعرف من يقف وراء تعطيل مشاريع حيوية كالجامعة واستاد جابر وجسر الصبية، وفضيحة الداو ومخالفات عقد شل، وغير ذلك المئات من القضايا والمخالفات! ويقول انه لا يعرف كيف يمكن أن تمر آلاف مطالبات الاعاقة المزورة من دون حساب والتي كلفت، ولا تزال تكلف الدولة عشرات ملايين الدنانير شهريا، وكيف يستمر تبوؤ الكويت للمرتبة الأولى في عدد قضايا الطلاق بين الدول العربية، ولا يرفع أي مسؤول حاجبه متسائلا! ويستطرد السيد خ. قائلا انه كان سيقبل بكل ذلك على مضض شديد، بالرغم من عدم وجود ما يدعو لكل هذا الخراب والتلف، فنحن لم نصل بعد لمرحلة الصراع على اللقمة، فالكويت لم تكن في تاريخها بمثل هذا الغنى المادي! كما أنه كان سيقبل بكل التسيب والفساد على أساس أن هذا هو السائد في دولنا، فلماذا تكون الكويت استثناء؟ ولكن ما يزعجه بالفعل هو كل هذا التدين الذي انتشر اخيرا كالنار في الهشيم، وأصبح ظاهرة لافتة للنظر! فقد اعتاد منذ التحرير تقريبا على الصلاة في مسجد يرتاده عادة الكبار، ولاحظ في السنوات الأخيرة تزايدا مطردا في أعداد المصلين في هذا المسجد، وحتى في غيره، اضافة للجامع الموجود في حيه السكني! ويتساءل عن السبب في وجود مسارين متضادين ولكن متوازيين في الوقت نفسه، زيادة في أعداد المصلين، والراغبين في الحج والعمرة، وزيادة موازية في أعداد المفسدين والمخربين؟ وكيف وصلنا لهذا الدرك من التسيب الاداري والحرمنة وانعدام الشرف والانحلال الوظيفي والانهيار شبه التام في الخدمة الطبية والتعليمية مع كل زيادات الدخل والمنح والعطايا والتدين واللحى والبسملة والحوقلة المستمرة؟ ولمَ كل هذا التكالب على «مظاهر» التدين، بحيث أصبحت فيه اللحية هوية وعلامة انتماء دينية وكلمة المرور Password لفتح الكثير من أبواب المسؤولين ومراكز اتخاذ القرار؟ وكيف يمكن انقاذ البلد في ظل كل هذا الخراب؟
ونقول للسيد «خ» ما سمعه كابتن طائرة، توشك على السقوط، من برج المراقبة عندما طلب منهم التعليمات بما عليهم القيام به بعد ان تعطلت كل أجهزة الطائرة وفقدت توازنها واحترقت محركاتها، بأن عليه رفع يديه للسماء وأن يكرر وراءه: اشهد أن لا اله الا الله، واشهد أن محمدا رسول الله!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ليش الزعل..؟!

انزعج كل غيور من تصرفات نائب في مجلس الامة، سواء في جلسة الاستجواب او بعدها، وانزعاجهم من باب الحرص على المؤسسة التشريعية من انحراف مسيرتها، والبعض استغرب من عضو في المجلس يتصرف بهذا الشكل! واقول لهذا البعض: لماذا الانزعاج؟ هذا العضو جاء به قطاع من الشعب الكويتي كان يرى في وصوله هو وصاحبه علاجا لظاهرة التأزيم! وهذه النتيجة: انحراف في اداء المؤسسة التشريعية وسعي حثيث لتخريبها! وكنت قد ذكرت في هذه الزاوية ان اول من سيندم على نتائج الانتخابات هم اهل الجابرية الذين اتوا بهما.
عندما يكون الانسان ذا تاريخ حافل فإنه كلامه يكون «مأخوذ خيره».. فالذي عليه عشرات القضايا لا يمكن ان يكون ممثلا للامة كما يفترض في عضو مجلس الامة!‍‍
واحد طبعه غلب تطبعه.. وما نفع فيه نجاحه ممثلا للامة.. والثاني مزور في جنسيته.. ولا يستحق ان يمثل اهل الكويت الذين يعرفون منبعه ومنشأه وقدومه للبلاد حديثا، ناهيك عن عشرات القضايا في المحاكم كلها تطعن ضده.. والثالث لم يستطع ان يخفي مشاعره مع «عدو شعبه» ووصل به الامر الى توزيع دستور جديد للبلاد التي تعاني من نظامها والكل يعلم المسرحية الهزلية للاستفتاء التي جاء بها هذا الدستور المزور للارادة الشعبية!
الغريب ان هؤلاء الثلاثة هم اكثر من يطالب بمحاربة ازدواجية الجنسية..! يا سبحان الله.. ولو بحثنا اكثر لوجدنا العجب العجاب! لكن يا غافلين لكم الله!
***
• استجواب الشمالي سيكشف نوايا النواب..! فمن يرد الاصلاح يدل بابه، ومن يرد التكسب الاعلامي.. يدل بابه! والتسابق الى قطف الثمار بداية الانهيار!
• محشوم يا حمد المطر.. واحمد ربك ان اساءتك جاءت من واحد معروف.
***
• الجميع يشكو من توقف قطار التنمية.. والجميع يحمل الحكومة المسؤولية… اما انا فأحمل الحكومة ممثلة بالبنك المركزي ومجلس الامة مسؤولية تعطل التنمية..! وللحديث تفصيل في مقال لاحق باذن الله.
• المكاتب الهندسية مفتاح للتنمية.. تشجيعها.. دفع لهذه العجلة.. محاربتها تعطيل لها، والذي يحصل اليوم ان الجميع يحاربها ويتعمد تدميرها.. واخطر خطوات خصومها ما يشاع من ان قراراً سيصدر لتوزيع اختصاصات لجنة البيوت الاستشارية على كل الوزارات والمؤسسات الحكومية.. وهذه بداية النهاية لهذه المكاتب.. واكبر دليل مشاريع الطيران المدني الاربعة والتي تمت في غفلة وبعيدا عن المراقبة.. والايام ستكشف المستخبي!

سامي النصف

الجماهيرية الكويتية الشعبية الاشتراكية الديموقراطية.. العظمى!

«دولة الكويت» مسمى صغير لم يعد يدل أو يعكس حقيقة أحوالنا وما آلت إليه أوضاعنا السعيدة، والمسمى الحقيقي الذي يجب ان نتسمى به خاصة بعد تغير الأوضاع في ليبيا هو «الجماهيرية الكويتية الشعبية الاشتراكية الديموقراطية العظمى» أو اختصارا «جاك شش دع»!

****

«الجماهيرية» حيث لم نعد نتصرف كحال الدول التي تحكم بأسر حاكمة سواء في أوروبا أو آسيا أو المنطقة، حيث تجل وتحترم تلك الأسر لمكانتها التاريخية والسياسية والاجتماعية ولا تتعرض كل صباح ومساء لتوجيه الاتهامات الزائفة والباطلة لها، في الكويت أضحينا كحال الجمهوريات أو الجماهيريات التي تقوم على أنقاض الملكيات فيسمح بل يشجع على توجيه الشتائم والأكاذيب لأسرها الحاكمة دون حساب او عقاب بقصد ادعاء البطولات الفارغة.

****

«الكويتية» للدلالة على بلد أصبح للأسف «طماشة» الخلق وحديث الدول فسبع مليارات نسمة يتجهون في مسار معين لمستقبل زاهر، ومليون كويتي يسيرون في اتجاه معاكس تماما، حيث نرى ونسمع ونقرأ مطالبات مضحكة وإشكالات غبية وأحداثا ونزاعات وخلافات مصطنعة لم تمر قط على دولة أخرى في التاريخ عدا.. بلدنا الحبيب!

****

«الشعبية» ففي وقت اتفقت فيه جميع الديموقراطيات الناشئة في المنطقة وخبرائها الدستوريين الكبار على الأخذ بالنظام السياسي المزيج من الرئاسي والبرلماني عبر إعطاء رأس الدولة صلاحيات اختيار رئيس الوزراء وتعيين الوزراء، نرى مطالبات محمومة لدينا بالتحول للنظام البرلماني المطلق وبدء تشكيل الحكومة «الشعبية» المستبيحة لكل شيء ومن ثم وضع بلدنا أمام خيارين أحلاهما مر، اي اما عدم تعديل الدستور بالمطلق وهو خطأ او تعديله للأسوأ وهو خطأ أكبر منه بكثير.

****

«الاشتراكية» حيث نجحنا في التحول ببلدنا الذي قام تاريخيا على التجارة والمبادرة الفردية، وعبر التشريعات التي أصدرناها خلال العقود الماضية الى دور الدولة المتملكة لكل شيء والموظفة كحال أعتى الدول الشيوعية للجميع، توازيا مع المحاربة الشديدة للاقتصاد الحر واتهام رجال الأعمال بكل الموبقات وأصبحنا تبعا لذلك دولة أو جماهيرية «الكاف الثالثة» الباقية في العالم، اي كوريا الشمالية، كوبا، الكويت، علما ان كوبا في طريقها للخروج من تلك المنظومة ومن ثم سنصبح دولة «الكاف الثانية».. يا فرحتنا!

****

«الديموقراطية» التي استطعنا وبجدارة بالغة ان نفرغها من مضمونها السياسي والإنساني والاجتماعي، بحيث بات ما يجمع ديموقراطيتنا والديموقراطيات الحقيقية في العالم هو حالة «تشابه أسماء» فقط، فديموقراطياتهم تقوم على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وديموقراطيتنا تعزز عبر الواسطات المتفشية العكس من ذلك تماما، ديموقراطياتهم تحارب الفساد وتدعم الشفافية، وديموقراطيتنا تشجع الفساد وتحارب الشفافية، ديموقراطياتهم تعمر وتشجع التنمية، وديموقراطيتنا تدمر وتوقف التنمية.. الى آخره.

****

«العظمى» فنحن أفضل وأمثل من ينطبق عليه ذلك المسمى، فقد قيل في السابق ان الدول العظمى ثلاث: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والكويت، حتى أتانا الغزو وعرفنا حقيقية حجمنا فأصبحنا نتصرف بعده وبحق على ان الدول العظمى اثنتان: الولايات المتحدة والجماهيرية الكويتية العظمى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث أصبحنا لا مصر أكبر بلد عربي، ونحن لا اندونيسيا او نيجيريا اكبر بلد اسلامي، ونحن لا الصين او الهند اكبر بلد إنساني، حيث وضعنا على كاهلنا مسؤولية التصدي لما تتعرض له الإنسانية والعرب والإسلام من هجمات ونكبات حيث نتفاعل ـ دون غيرنا ـ معها ونرسل نوابنا وشبابنا للحرب والضرب في البر والبحر وأصبح اسمنا لا اسم صدام من.. يهز أميركا، ولو غزا كوكب الأرض مخلوقات متطورة من كواكب أخرى لكنا نحن في مقدمة من يتصدى لها دون حتى انتظار مشاركة الآخرين.. «عفارم»!

****

آخر محطة:

(1) أفضل كتابين كتبا عن العهد الملكي السعيد في ليبيا هما كتابا رئيسي الوزراء السابقين مصطفى بن حليم ومحمد عثمان الصيد وبهما كثير من العظات والعبر حيث ساهمت الثورية والأكاذيب والأباطيل باستبدال ملك رحيم زاهد اسمه ادريس السنوسي لم يحكم قط بالإعدام على احد، بالبطل الشعبي الطاغية معمر القذافي الذي أباد شعبه بالشبهات وملأ أرض ليبيا بالمقابر الجماعية.

(2) وأفضل كتابين صدرا مؤخرا ليرويا ما حدث في عهد الجماهيرية الشعبية الاشتراكية العظمى الذي يعمل البعض جاهدا لتحويلنا لمسارها هما كتاب الزميل حسن صبرا «نهاية جماهيرية الرعب» الذي نقترح ان تنشر صحفنا ملخصا له لنرى كيف تتحول الأحلام الى كوابيس مرعبة تدفع أثمانها الشعوب من دمائها، وكتاب عبدالرحمن شلقم «أشخاص حول القذافي» الذي يظهر كيف يحيل الرعب الأشخاص إلى.. خراف.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

احمد الصراف

جورج وأبو الفتوح

ينسب لجورج أورويل مؤلف «Animalfarm»، في رواية 1984، وهي أيضا من روائع الأدب السياسي العالمي، تعبير الأورولية (Orwellian)، والذي يستخدم في وصف مجتمع يؤمن بالنظام الشمولي، تتم فيه مراقبة كل فرد، وإعطاؤه ما يلزم من أخبار وقصص مختلقة، ويفرض على أفراده الالتزام بالطاعة لشخصية خرافية أو مثالية تسمى «الأخ الأكبر»، الذي يراقب الجميع من صومعته، والذي له صلاحية قلب الباطل حقاً، والعبودية حرية، والحرب سلماً. ويتعرض أفراد هذا المجتمع للنفي في الأرض إن تجرؤوا على طرح أي تساؤلات أو اعتراضات. كما يستخدم التعبير في وصف المجتمعات التي تروج لمحاربة الليبرالية، والتي تدعو إلى التحكم في وسائل الإعلام من أجل السيطرة الكاملة على أفراد المجتمع.
ولو تمعنا في طريقة تأسيس الأحزاب الدينية واستمرارها، إضافة إلى حكم الملالي في إيران، لوجدنا أن مثال «الأورولية» ينطبق عليها تماماً، فهي تنظيمات تخضع بقوة للأخ الأكبر، أو المرشد، وهي التسمية التي يستخدمها «الإخوان» وملالي طهران، وكأنها تعني أن الشعب قطيع يحتاج إلى الإرشاد الدائم، وهذا المرشد يتم اختياره بطريقة غامضة من قبل مجلس الجماعة الذي أيضاً يتم اختياره بطريقة أكثر غموضاً، وليس لأحد الحق في الاعتراض على آراء أو مخالفات الـ «Big Brother»، وتتكون لدى اتباع هذا المرشد هالة قريبة من القداسة عنه، وتختفي مثالبه وعيوبه، ويصبح مثالياً، فهو ليس على استعداد لرفض تصديق أنه زوّر في أوراق رسمية تتعلق بجنسية والدته، بل وهم أي هؤلاء الاتباع على استعداد للموت في سبيل إيصاله لسدة الرئاسة، وهذا ما حدث في ميدان العباسية في مصر مع أنصار حازم أبو إسماعيل! ولو عدنا إلى أرشيف «اليوتيوب» لوجدنا مقابلات لـ «أبو الفتوح»، المرشح المفضل لمختلف القوى المتأسلمة في مصر لمنصب رئاسة الجمهورية، لوجدنا مقابلة تعود إلى ما قبل بضع سنوات، عندما كان رئيساً للأطباء العرب، حث فيها الفلسطينيين بـ‍‍ «قوة» على الاعتراف بإسرائيل، وعندما ووجه، أخيراً، بتلك المقابلة قال إنها مفبركة!

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

أخطأت الأغلبية وأصاب الوسمي

ربما كان النائب عبيد الوسمي متعجلا في محاولته السابقة بتقديم استجواب لرئيس الحكومة سمو الشيخ جابر المبارك على خلفية أحداث قناة الوطن، ولم يترك مجالا للوساطة السياسية، وكان الصواب مع الأغلبية كما جرت الأمور!

أما الآن فيبدو أن الصورة اختلفت، فلقد صرح النائب الوسمي أكثر من مرة بأن محاور استجوابه لوزير المالية جاهزة وينتظر مباركة الأغلبية له، وحتى في آخر اجتماع عقدته الكتلة في ديوان النائب مبارك الوعلان، أبلغ الوسمي رفاقه عن جاهزيته لاستجواب الشمالي، بينما رأت الأغلبية الانتظار حتى تستكمل الكتلة محاور أخرى للاستجواب، وشكلت لجنة تنسيقية من المؤكد أنها لم توفق بالتنسيق!

والدليل هو إعلان الأغلبية البرلمانية فجأة موعد استجوابها لوزير المالية، دون أن تتصل بالنائب الوسمي لتأخذ محاوره أو رأيه في الاستجواب، كما أن النائب الوسمي لم يبادر بالاتصال بها، وهذا أكبر دليل على أن الاتصالات بين زعماء كتلة الأغلبية والنائب الوسمي شبه مقطوعة، وكنت أتمنى لو لعب النائبان محمد هايف ومبارك الوعلان دورا في التنسيق بينهم.

في النهاية لا يسعنا إلا أن نحيي شجاعة عبيد الوسمي بأن يذهب إلى تقديم استجوابه للشمالي (منفردا) كعادته وبكل هدوء ودون تصريحات غاضبة ضد من يعتقد أنه أخطأ بحقه من الأغلبية.

وأتمنى على الأغلبية التي نحبها ونؤيدها أن تعترف بخطئها ضد النائب عبيد الوسمي وأن تدمج استجوابها معه، وأن تتمثل بمقولة الشيخين «أخطأ مالك وأصاب الشافعي»!

 

محمد الوشيحي

سَفَلة ووطنيون

كذاب ابن نصاب من يدعي أن الكويتيين كلهم شعب من الأتقياء، يلمع لشدة نقائه وصفائه. ومجنون ابن ملعون من يظن أن الكويتيين على درجة واحدة من الوطنية وحب البلد.
صحيح أن غالبية الشعب من الشرفاء والأحرار، لكن الصحيح أيضاً، كما هو حال بقية الشعوب، أن جزءاً من الشعب لا يعرف الشرف ولم يسمع عن الحرية ولا يعرف شكلها.
لذا، لذا فقط، خرجت هذه التشكيلة من النواب التي أجزم أنها التشكيلة الحقيقية للشعب الكويتي؛ فهناك المتدين، ممثلاً للمتدينين، وهناك النائب المهموم بحقوق البسطاء، ممثلاً للبسطاء ومصالحهم، والتاجر، ممثلاً للتجار ومصالحهم، والسافل، ممثلاً للسفلة وأهدافهم، والشجاع، ممثلاً للشجعان، أو على الأقل لمحبي الشجاعة، والوطني، ممثلاً للوطنيين، واللص، ممثلاً للصوص والحرامية متسلقي الجدران أنصاف الليالي، ووو…
والاستعباط، والادعاء بأن أحداً من الشعب لا يمكن أن ينحط أو يسرق أو يخون هو ضحك على الشوارب واللحى.
هذه هي الديمقراطية، وهذا هو الشعب الذي استهزأ به أحد كبار السن من البسطاء، عندما سأل ابنه مذهولاً: “المسؤولون يتغزلون بالشعب، ويقسمون أنهم يسهرون لحمايته، ويخدمون مصالحه، ويهمهم رضاه، ووو… (اهيب) يا الشعب ما أقواه وما أعلى شأنه! مَن هو الشعب هذا؟”، فأجابه ابنه: ” الشعب هو أنت وأنا وأمي وخالي وعمي وجيراننا وأبو مبارك وعياله وبناته وأبو يوسف وعياله وبناته وبقية الناس”، فكان الرد من الأب مختصراً: “أمك طلعت هي الشعب… يا خرطي”.
وأجزم جزماً مغلظاً أن التشكيلة البرلمانية الحالية هي الأقرب للتمثيل الحقيقي للشعب، وهي الأصدق.
ولك أن تتخيل أن ينتخب الشعب خمسين نسخة من محمد هايف، مثلاً، أو محمد الصقر، أو مسلم البراك، أو نبيل الفضل، أو أو أو… فهل كنا سنقتنع أن الانتخابات كانت مرآة حقيقية للشعب؟ الجواب، حتى قبل أن تُنهي سؤالك: لا طبعاً، أو طبعاً لا، أيهما تحب.
على أن مرآة الدائرة الواحدة، بنظام انتخابي معين ومدروس، ستكون أكثر وضوحاً ونظافة من غيرها من المرايا.
وعسى أن أموت قبل أن يُقر قانون يسمح بـ “الكوتا” (أي عدد معين من الكراسي في البرلمان) لكل فئة من الفئات التي ذكرت، كما هو الحال في انتخابات برلمان مصر، عمّال وفلاحون، أو في بعض الدول الأوروبية التي تمنح الشواذ كوتا في الحكومة، وأظن في البرلمان كذلك! وعسى أن يكبّر على جثتي أربعاً أبنائي والمشيعون قبل أن أقرأ خبراً في صحيفة: “البرلمان يوافق على تخصيص كوتا للسفلة، بواقع مقعدين”… آمين.

حسن العيسى

الظاهرة الجويهلية

هناك نصف مليون “جويهلي” في الدولة، معظمهم يردد بإيمان مطلق أن “الكويت للكويتيين”، وكأن الكويت أضحت غير مملوكة للكويتيين، ماذا تعني الكويت للكويتيين في الثقافة الجويهلية غير رفض الكويتيين “الجدد” في مضمون خطاب نائب الأمة، فـ”الإيرانيون والعراقيون واللفو والهيلق والطراثيث على الجنسية الكويتية” (من خطاب نائب الأمة الجويهل) كلهم عند الجمهور الجويهلي لا يستحقون شرف الجنسية، فهم “دخلاء” على الجنة الكويتية التي يجب أن تكون حصراً بنعمها وخيراتها “الزائلة” لـ “أبناء الديرة”! ماذا قال حضرة النائب بحق “اللفو والهيلق والطراثيث” غير الإفصاح عما في صدور الكثيرين من الكويتيين، فاستبعاد هؤلاء “اللفو والهيلق” رغم جنسياتهم الكويتية مسألة واجبة في دولة “الرايخ الثالث” الكويتية.
في الأدب الجويهلي تعتبر التابعية السعودية عند الكثيرين أو القليلين من أبناء القبائل سبباً للحرمان من الجنسية الكويتية، فقانون الجنسية يمنع ازدواج الجنسية الكويتية مع أخرى، حتى لو كان ذلك الفرد الذي هو من أصل سعودي ليس له الحق في رفض “التابعية”، حسب النظم السعودية على نحو ما فهمت، كما ليس من حق الكويتي المولود في الولايات المتحدة أو تكون والدته أميركية أن يرفض الجواز الأميركي، ولم يكن الزج بالكويتيين الأميركان عند الجويهل إلا حركة «حاوي» بثلاث ورقات وتضليل وذر للرماد في العين، والمقصود بطبيعة الحال هم “المزدوجون” من التابعية السعودية، الذين غيروا معالم البلد وغيروا هويتها التاريخية، وفق الأدبيات العنصرية المتعالية. ماذا يريد الجويهل وأنصاره، هل يريد سحب الجنسية عن هؤلاء ورميهم في صحراء الربع الخالي، أم حشرهم مع “البدون” في مأساتهم كي يصبح سكان الديرة “أهل سبارطة” في القرن الواحد والعشرين؟
الثقافة الجويهلية ولو ارتدت ثوب “المدنية الحضرية” أضحت وباء يسري في الجسد الكويتي لا يفرق بين ابن الحضر وابن القبيلة وابن الطائفة، اسمه وباء الفاشية. في بدايات القرن السابق ومع صعود نجم الحزب الفاشي الذي تبنى مفكروه “مبدأ الوحدة الوطنية” كسلم للنهوض بالحزب لاحظ المفكر الإيطالي الكبير غرامشي أن “الطليان قساة، يخلون من العاطفة والإحساس بالغير” وصدقت ملاحظة ذلك المفكر الماركسي حين اكتسح الحزب الفاشي الانتخابات!
الظاهرة الجويهلية لا يصح قصرها على صاحبها وأتباعه، فكل فكر يقوم على استبعاد الآخرين أياً كانوا نساء أو بدوناً أو ليسوا من أصحاب الحظوة هو بالنهاية مرض جويهلي بالصميم، وحين يقدم بعض النواب منهم خالد السلطان والعميري ومرداس مثلاً اقتراحاً بقانون بقصر وظيفة القضاء والنيابة على المسلم الذكر…! ويقصدون حرمان المرأة من تولي تلك المناصب فهم يظهرون الوجه الآخر للعملة الجويهلية… وهي عملة مثقوبة صدأة… وليسأل حكامنا أنفسهم: في أي مصنع سلطوي تم صكها وترويجها؟!

احمد الصراف

شبّعناهم شتايم شبّعونا طراقات

بالرغم من انتمائنا، والبعض الآخر، للتيار التخلفي(!)، فإن ذلك لم يمنع «التيار التقدمي»، وهو فصيل منبثق عن حركة سياسية يسارية، من دعوتنا لحضور حلقة نقاشية تتعلق بالنية لتعديل المادة 79 من الدستور، بحيث يضاف إليها نص يفرض تماشي أي قانون يصدر مستقبلاً مع الشريعة قبل إقراره، وهذا يعني وضع جهة «افتاء ما» فوق الأمة! وقد أسهب منظمو الحلقة في شرح مخاطر اقتراح التعديل والتحذير من إقراره، وتحميل جهات ما المسؤولية، وضرورة عدم المساس بالدستور أو العبث به، وشرح التعقيدات التي ستنتج إن أقر القانون! وبالرغم من خطورة الموضوع والحاجة للتصدي له بقوة، ليس فقط لأن إقراره يعني القضاء كلياً، وإن بصورة غير مباشرة، على الدولة المدنية ودستور 1962، فإن الحضور، وأنا منهم، كان أكثر من قليل في عدده، وهزيلاً في قوته، وأقل ضعفاً حتى من بابا روما عندما «احتج» على احتلال هتلر لبولندا، وبالتالي لم يمتلك حضور الندوة غير التنفيس عما بداخلهم وتحميل السلطة كامل المسؤولية، وليذهب كل لبيته وأسرته!
ثلاثون عاماً، ونحن نكرر الأقاويل نفسها، ونطيل في سرد الأحاديث نفسها، ونبيّن المصاعب نفسها، ونشرح الظروف نفسها، ومع هذا لم نتقدم يوماً خطوة، ولا خطوة فعالة واحدة، أو نسعى بجدية إلى جمع كل هذا الشتات المسمى بمؤيدي الدولة المدنية من تقدميين واشتراكيين وليبراليين وعلمانيين، أو من يفضل «الوطنيين المعارضين لتسلط القوى الدينية وهيمنتها على مجلس الأمة والقرار السياسي»! ثلاثون عاماً، والزعامات التاريخية، التي يصعب على أي كان إنكار دورها الكبير وتضحياتها ومقاومتها الشرسة لكل مغريات السلطة والجاه، لا تزال ترفض ترك مقاعدها، وربما كان الأمر يهون لو أنها لم تعارض أصلاً في وحدة الصف والذوبان في هياكل تنظيمية أكبر! ثلاثون عاماً، ونحن نجتمع ونتكلم ونوصي وننصح ونطالب، ولا شيء يتحقق في نهاية الأمر. ثلاثون عاماً، ونحن نلوم السلطة، ونعلم يقيناً أن قوة الآخر تكمن في ضعفنا، والسلطة في أي مكان في العالم تقف مع الجهة الأقوى والأكثر تنظيماً، فمتى كنا منظمين، دع عنك أقوياء، في الثلاثين سنة الأخيرة؟ ثلاثون عاماً، لم نتعلم فيها غير الشجب والاستنكار والاحتجاج والرفض والتحذير، ثم لا شيء!
الطريف في الموضوع كان التعقيب الذي أدلى به السيد محمد عبدالقادر الجاسم، حيث ذكر ما معناه أن هناك مبالغة في التخوف من موضوع التعديل الدستوري، ومن الدولة الدينية ومن سيطرة الإسلاميين على المجلس، وأن لا مبرر لكل هذا الهلع والجزع!
***
• ملاحظة: سنتغيب عن الوطن لفترة طويلة، ولكن المقالات ستستمر.

أحمد الصراف

سامي النصف

الزمزم والزمزمي

وسط التهاليل والأفراح التي تجتاح أوساط الساسة والإعلاميين المصريين نقول وننبه بأن إسرائيل هي المستفيد الأول من إلغاء اتفاقية الغاز كونها ستحصل عليه من إحدى دول المنطقة بنفس الكمية وبسعر أفضل، كما انها وكما ذكر د.عبدالمنعم الزمزم رئيس قسم القانون الدولي في جامعة القاهرة، قد تربح قضية التعويض التي رفعتها أمام المحكمة الدولية المختصة، كون تلك المحاكم ترفض كمبدأ إلغاء العقود من طرف واحد، مستشهدا بأن تسونامي اليابان وإعصار كاترينا في الولايات المتحدة رغم آثارهما المدمرة لم يعطيا البلدين الحق في إلغاء التزاماتهما الدولية، كما نشرت جريدة «الوطن» المصرية في عدد السبت 5 مايو تحذيرا من أطراف مصرية مختصة من ان مصر قد تدفع 8 مليارات دولار لإسرائيل بسبب إلغاء عقد الغاز.

***

ضجة إعلامية قائمة في مصر على ما سمي بالوداع الأخير للزوجة اي حق الزوج في معاشرة الزوجة الى 6 ساعات بعد وفاتها، وهي فتوى كما ذكر الزميل العزيز فؤاد الهاشم أصدرها الشيخ المغربي عبدالباري الزمزمي والذي أضاف لها هذه الأيام وعبر لقاء مع جريدة فرنسية فتوى أخرى تخص الجزر والنساء مدعيا انها أمور صدرت بها فتاوى في عصور الإسلام الأولى، وكالعادة أثارت تلك الفتاوى وأمثالها ردود فعل واسعة في وسائط الإعلام العربية والغربية.

***

وكنا قبل ذلك شهدنا ثورة العالم الإسلامي على رسامي الكاريكاتير في الدنمارك وغيرها مع علم الجميع بأن تلك الرسومات المسيئة لا تضر الإسلام العظيم بشيء كونها صادرة من غير المسلمين ومن أعداء الإسلام، ومع ذلك صدرت الفتاوى الشديدة ضد المسيئين، السؤال المحق: ماذا عن شيوخ وسادة مسلمين سنة وشيعة يبحثون في بطون الكتب بعلم او بجهل ليصدروا لنا فتاوى تنسب للإسلام وتشيب رأس الطفل الرضيع وتضحك سن الشيخ المهيب وتتسبب بالضرر الدائم الذي لا يجبر للإسلام؟! أليس من الواجب ان تصدر فتاوى ضد هؤلاء الشيوخ والسادة أقوى وأقسى مما يصدر ضد الغير كي يوقفوا فتاواهم وآراءهم الشاذة ويعتذروا عنها ودون ذلك سيستمرون في أقاويلهم وأكاذيبهم المدمرة؟!

***

«عنزة ولو طارت» و«نقول ثور يقول احلبوه» المقولتان تعكسان بحق المنطق السائد هذه الأيام على أرض الكنانة، يقول المجلس العسكري ويحلف بالطلاق انه يود العودة للثكنات اليوم قبل الغد فيعلن عن مظاهرات ملايينية (لا يزيد حضورها عن آلاف قليلة) تدعو المجلس العسكري للرحيل بعد 30 يونيو! يتعهد المجلس العسكري وهو احد الأصوات العاقلة والصادقة الباقية بمصر بعدم السماح بتزوير الانتخابات مستشهدا بالانتخابات النيابية الاخيرة التي تمت في عهده، وتسليمه الدوائر الانتخابية للإشراف القضائي الكامل ودعوته لعشرات الأطراف الدولية والمحلية لمراقبة الانتخابات المقبلة، فيمتلئ ميدان العباسية المقابل للمجلس العسكري بالمتظاهرين والساسة والإعلاميين المأجورين الداعين المجلس العسكري لـ «عدم تزوير الانتخابات»! وارجع لبداية الفقرة!

***

آخر محطة: اتصلت سامية صادق مراسلة قناة دريم بشقيقة المرشح الصادق حازم أبوإسماعيل فأجابها زوجها محسن حمزة قائلا ان شقيقته غاضبة جدا لتكتم الشيخ حازم عن جنسية والدته الأميركية، متسائلا: «لماذا يكذب الشيخ حازم وهو يعلم ان والدته أميركية؟!» ومع ذلك يموت العشرات في العباسية بحجة ان الحازم بأمر الله مظلوم.. مظلوم!!

احمد الصراف

أين تكمن المشكلة؟

تشكو الدول الإسلامية قاطبة، بدرجات متفاوتة، من تخلف عام، وحدهما ماليزيا وتركيا تمكنتا في نصف القرن الماضي فقط، من الفكاك من هذا التعميم وتحقيق تقدم بارز في أكثر من مجال، ولكل واحدة أسبابها، فماليزيا تدين بتقدمها للعنصر الصيني من مواطنيها، الذي كان له الفضل في الاهتمام بزراعة أشجار المطاط، وفي مرحلة تالية تحولهم للصناعة وتحقيق تقدم تجاري جعل ماليزيا نموذجا يحتذى. كما ساهم تعدد أعراقها في نجاحها وانقاذها من الجمود والتطرف الديني. أما تركيا فنجاحها يكمن في غنى مواردها وحجم سكانها الكبير وقربها من أوروبا وبالطبع نظامها العلماني.
واستطرادا نلاحظ أن كل الأقليات غير المسلمة في الدول الإسلامية تتمتع بقدر واضح من الثراء النسبي مع ارتفاع نسب المتعلمين بينهم وصغر حجم اسرهم، نتيجة ما يسمى بآلية الدفاع Defense mechanism. ولكن لو نظرنا لأوضاع الأقليات المسلمة التي في الدول غير المسلمة، كمسلمي الصين وتايلند والفلبين وغيرها، لوجدنا أنهم يفتقدون آلية الدفاع، وبالتالي تعاني جميعها تقريبا من أعراض تخلف مجتمعات الدول الإسلامية نفسها.
مناسبة هذا الحديث يعود للنظرية الجديدة التي توصل اليها أخيراً Eric Chaney، أستاذ مساعد الاقتصاد في جامعة هارفارد، والتي أثارت تعليقات عدة في الغرب، حيث ذكر أن الدول العربية، كما هو معروف، تعاني نقصا حادا في الديموقراطية، وتشكل أنظمتها الدكتاتورية ثلث حجم الأنظمة المستبدة في العالم، وأن هذا النقص في الديموقراطية امتد، بتأثير منها، لمناطق خارج حدودها، وشمل المناطق التي سبق أن حكمها الأمويون والعباسيون والفاطميون وغيرها من الدويلات الإسلامية، والتي سبق أن اجتاحتها جحافل جيوش المسلمين العرب، فقد أصبحت هذه، لأسباب عدة، أكثر رفضا للديموقراطية مقارنة بالمناطق الإسلامية التي لم تصلها تلك الجيوش! ويقول ان من أسباب ذلك برأيه هو مساهمة أو دور الدولة أو الحكومة الكبير في الناتج القومي لهذه الدول، مقارنة بتلك التي لم تصلها الجيوش، وافتقارها الشديد لمؤسسات المجتمع المدني، والاتحادات العمالية، وضعف قدرتها المادية، وأخيرا ذلك التحالف «التاريخي» بين «حكام» ودكتاتورية هذه الدول والمؤسسة الدينية، وهو ما أدى الى القضاء على عنصر المنافسة في المجتمع، وأكسب القوى المحافظة القدرة على معارضة أي تغيير سياسي قد يتطور مع الوقت ويصبح في غير مصلحتها! وبالتالي فالدول التي وصلتها جيوش الفتح او الغزو أكثر رفضا للديموقراطية من غيرها.
وتصديقا لجانب من هذه النظرية، فقد توصل يوهان غوتنبرغ عام 1450 الى اختراع المطبعة، التي اعتبرها الأخطر في تاريخ البشرية! ولكن السلطان العثماني بايزيد الثاني، لم يقبل بها في حينه، بموجب فتوى دينية بحجة أنها قد تفتح الطريق لطباعة مصحف محرف، ولكن السلطان نفسه سمح لليهود باستخدام المطبعة للحفاظ على تراثهم الديني من الضياع! وأول مطبعة عرفها المسلمون كانت في مصر، ولكن بعد 370 عاما من اختراعها، وعليكم حساب التأثير السلبي لتلك الفتوى على كل العلوم والعقول.

أحمد الصراف