قلمك هو أنت… بخيرك وشرك، بتناقضاتك ومبادئك، بعصافيرك وعقبانك، بضحكاتك ودموعك، بقوتك وضعفك، بفيوضك وصحاريك. أنت قلمك. إذا كنت خجولاً عض قلمك شفته السفلى، إذا كنت صِدامياً نزفت جبهة قلمك دماً وارتفع الغبار من حوله، إذا كنت رومانسياً حالماً جلس قلمك تحت شرفة معشوقته وعزف لها أعذب الألحان. قلمك أنت، أو أنت قلمك. إذا كتبت أبيات الغزل على وقع صراخ أطفال الحولة، فهذا إحساسك، وإذا بكيت لهم وعليهم وعلى حالك وقلة حيلتك، فهذا نبضك، وإذا أشغلتك التفاصيل والفواصل الصغيرة عن الحروف والكلمات والجمل ومضامينها، فأنت لا تعادل جناح فاصلة أو أدنى من ذلك. أتتبع مقالات الزملاء، الكوايتة منهم والعربان، لأقرأ شخصياتهم، فأجد النذالة تنضح في مقالة هذا ولو أراد إخفاءها، وأجد العمق في ذاك، والبساطة في ذياك، وأشاهد الغيرة في تلك (الحقيقة أن الغيرة في قلب فلان أكثر منها في قلب فلانة)، وتبرز الشهامة في قلم ذاك وإن منعه خجله من التفاخر بها، وينضح الحقد من قلم ذلك الحاقد وإن غلفه بسخرية، ووو… مخطئ من يعتقد أن المقالات تبرز آراء الكتّاب، هي تعكس شخصياتهم قبل آرائهم. وتسألني عن شخصيات الزملاء، من خلال أقلامهم، فأبدأ بنفسي ثم الأقربين، ولولا القانون لتحدثت عن الأبعدين: قلمي.. فوضوي، صدامي، حاد، مزاجي، متمرد، استعراضي، مبذر، يدحرج المصائب كدحرجة الكرة، لا يقاوم الحُسن، يبتعد كثيراً عن الاقتصاد… وهذا أنا… أما قلم سعود العصفور فهادئ، عميق، داهية، كل حرف بقدر، عقل مدبر، لا يجيب عن سؤالك بأكثر من الإجابة المطلوبة، يوصل فكرته إليك ببساطة متناهية، وبسهولة يقنعك، إذا أراد، أن الحمامة كائن بحري، أليست تبيض؟ فتقتنع، وتحمل حجته إلى أصحابك، فيتضاحكون عليك شفقة، ويضحك معهم عليك الغساسنة والمناذرة، فتستنجد بسعود، فيقنع أصحابك والغساسنة والمناذرة ومن خلفهم الفُرس والروم والإخوان المسلمين والتحالف الوطني بأن الحمامة كائن بحري، فيقسم الإخوان المسلمون أن “سِيَر الصالحين” تؤكد ذلك، ويصدر التحالف الوطني بياناً شديد اللهجة: “بسبب الاختلاف الشديد بين أفراد الأسرة الحاكمة، غابت أهم معلومة عن الشعب، وهي أن الحمامة كائن بحري”، ويلعن التيار التقدمي مادة العلوم التي تزور الحقائق خدمة للصهيونية! وقد يغير رأيه فيقنعك أن الحوت من أنواع الطيور، ألا تشاهد جناحيه؟ ما بك؟ أين عيناك وأنفك وشفتاك؟ فتقتنع وتقنع أولادك فيضحكون عليك، فتستنجد بسعود… أما سعد العجمي، فعاطفة قلمه تكاد تخفي عقله، فزّاع ذو نخوة، بدوي بصدق، بتواضعه الأشم، تقول عنه المطربة أنغام: “طيب ومن القلب قريّب”، قد ينسى نفسه فيجوع فيموت لكنه سيموت مطمئناً على صاحبه الذي شبع وأوشك على الموت لشدة التخمة. والحمد لله أن الصفحة انتهت وإلا كنت سأتحدث عن زملاء آخرين، على رأس موكبهم أستاذي أحمد الديين، ولا أدري كيف كنت سأكتب عن جديته التي تُخجل قضاة محكمة لاهاي.
اليوم: 27 مايو، 2012
يا سمو الرئيس.. ابدأ بدحرجة الرؤوس!
خسارة إلغاء صفقة «الداو» على المال العام الكويتي بحدها الأدنى هي 2.5 مليار دولار قيمة الحكم، اضافة الى الفوائد وأتعاب المحاماة، وبحدها الأعلى ما يفوق 6 مليارات دولار إذا ما حسبنا الأرباح التي حققتها شركة الداو منذ عام 2008 ولم تستفد منها الكويت بسبب إلغاء الشراكة، فإن مرت قضية بهذا الحجم دون حساب أو عقاب (كما هو معتاد في مثل هذه الحالات) وجب علينا القول ان على البلد السلام وضرورة البدء بتوزيع مداخيل النفط أولا بأول على أفراد الشعب كافة.. استعدادا للرحيل!
***
إن التسلسل المنطقي للمحاسبة الجادة والواجبة يبدأ بالتحقيق مع وزراء النفط المتعاقبين منذ ذلك الحين (عام 2008) لمعرفة أسباب القبول بشرط جزائي يثير الشبهات مما تسبب في صدور أحد أكبر أحكام التعويض في التاريخ، وسبب إلغاء العقد وأسباب عدم الوصول لتسوية مع شركة الداو «قبل» صدور ذلك الحكم لا بعده، وبديهة إن كانت هناك عمولات ورشاوى ضخمة بالصفقة قاربت 850 مليون دولار كما أشيع في حينها مما أدى الى إلغائها، كما قيل، فلماذا بقي المسؤولون التنفيذيون الذين قاموا بالتفاوض في مواقعهم الإدارية بالنفط بل تمت ـ ويا لسخرية القدر ـ ترقية البعض منهم كي يعيثوا في الأرض فسادا؟!
***
كما يجب أن يسأل النواب الذين وقفوا ضد مشروع «الداو» وضد إنشاء المصفاة الرابعة عن خفايا ودوافع مواقفهم، فإذا كان الموقف قائما على معطى ما ذكروه في حينه من عمولات ضخمة بتلك العقود فأين أدلتهم كي يحاسب السراق فيها؟! ولماذا التزموا الصمت مع قرار الإلغاء المفاجئ وقبلوا بالتبعية استمرار من أشاروا لهم تلميحا أو تصريحا بتهم الفساد الشديد وقبض العمولات في مواقعهم؟! وبالمقابل إن كانوا لا يملكون أدلة على فساد تلك الاتفاقيات أو وجود رشاوى فيها فلماذا اتخذوا تلك المواقف المريبة التي أضرت بالكويت أفدح الضرر ولم يرتاحوا ويهدأوا إلا بعد إلغاء الاتفاقية رغم علمهم بتضمنها تلك الشروط الجزائية المجحفة؟!
***
إن أمام الحكومة الجديدة القائمة فرصة تاريخية ذهبية لإظهار الرغبة الحقيقية في الإصلاح وحصد تأييد الشعب الكويتي قاطبة خلفها مما سيحصنها بأفضل الطرق ضد أي أزمات أو استجوابات قادمة وذلك عبر محاسبة المتسببين في خسارة الكويت ذلك المبلغ المهول بسبب «حرمنتهم».. أو«حمرنتهم».. أو الاثنين معا، وأولى الخطوات الواجبة هي إيقاف مسؤولي البترول المعنيين وإيقاف بونصاتهم ورواتب الأربعة شهور الإضافية التي يستولون عليها دون وجه حق من مال الشعب الكويتي واحالتهم للجهات القضائية مقيدين، فما يفعلونه من فساد مالي وإداري يستحق العقاب والحساب والسجون لا البونصات والمكافآت وتسبيل الأهداب والجفون، وقد قال درزائيلي أشهر رئيس وزراء بريطاني «السياسي الجيد هو القصاب الجيد»، ولم يقل ان السياسي الجيد هو من يضع المتهمين والمشبوهين فوق أكتافه ليغرقوه في البحر ويبقوا هم فوق الماء سالمين.. أخي بوصباح أمامك فرصة تاريخية نادرة للإصلاح فلا تفوتها ودع الرؤوس الملطخة بزيت النفط ورشاواه تتدحرج، فالأمر جد خطير.. والدين النصيحة!
***
آخر محطة:
(1) كل هذه المليارات وقبلها فضائح التعيينات والمكافآت والزيادات والبونصات والتجاوزات في النفط ولم تتكحل أعين المواطنين بتصريح واحد من ادارة القطاع النفطي يبدد الغموض ويكشف الحقائق، فهل هي مشغولة بقضايا أهم؟! وما هي تلك القضايا؟!
(2) ما كتبه أحد «المختصين» بالقانون من ان الحكم الدولي في قضية «الداو» لا قيمة له كونه لم يصدر عن المحاكم الكويتية.. هو في رأينا عبث قانوني!
حكومات شبيك لبيك… إلى متى؟!
ليس هذا وقت البحث عن ضحية يسفح دمها على أتربة الجهالة والحماقة والعنتريات الخاوية، من أجل تطهير ذنوب الجناة بعد الحكم في قضية الداو بإلزام الدولة بأكثر من ملياري دولار للشركة المدعية إعمالاً لشرط جزائي وكتعويض عن فسخ العقد. وبداية، فإن التلويح بمساءلة هاني حسين وزير النفط أو غيره من المسؤولين في النفط هو هروب مفضوح من الاعتراف بالخطأ، والتفاف على حقيقة واقعنا المزري مع حكوماتنا ومجالسنا النيابية، فقد تمت التضحية بالاقتصاد وبالعقل من أجل أهواء السياسة ومن أجل إشباع ذات عابرة للذين أرادوا حفر أسمائهم على صفحات تاريخ الدولة، فنقشوا تاريخ وفاة الدولة على قبر مستقبل أطفالنا. لا يا حكومة ولا يا حضرات النواب يا ضمائر “شعب بوسالم”، لا يا حمزة البهلوان ولا يا أبوزيد الهلالي لا تتعبوا أنفسكم وتتعبونا معاكم في الصراخ والعويل على الملياري دولار، فمليارات أكثر ضاعت وستضيع طالما ظل هذا الفكر الرخو والمتردد يهيمن على أمخاخ أعضاء حكوماتنا، وهو فكر عاجز عن المواجهة والتصدي لحماية اقتصاد الدولة وحقوق الأفراد وحرياتهم في أتفه تحديات سياسية تحدث مع مجلس الأمة، وطالما ظل نوابنا الأفاضل يهرولون في ملاعب السياسة من غير تخطيط ولا دراية بغرض تحقيق أهداف سياسية في مرمى حكام الدولة، والضحية في النهاية هو مستقبل الدولة وأحلامنا التي نسجناها على منوال مجالس حمقاء، وحكومات مثقوبة أثوابها بثقوب لا حصر لها بعثة الفساد، فتداري فضائحها بكلمات “شبيك لبيك… حكومتك بين يديك” حين يفرك علاء الدين مصباحه في مجالس الغم كلما اشتهى وكلما قرص معدته الجوع فبحث عن الوهج السياسي. موسى معرفي العضو السابق في المجلس الأعلى للبترول يقول بالحرف الواحد في لقاء مع جريدة الراي “… إن جميع أعضاء المجلس والوزراء يعلمون الشرط الجزائي للانسحاب من مشروع كي داو، وإن من يقول: لا أعرف بالشرط الجزائي كاذب، والكل شارك في القرار، وكل شيء تم عرضه على المجلس ونعلمه…”، شكراً يا سيد موسى فقد شهد شاهد من أهلها، وأشرت بأصبعك إلى جرحنا النازف، فلم البحث عن “عوير وزوير” كي يكونا طوق نجاة في بحرنا الآسن من مجاري الفساد واللامسؤولية… أنتم يا نواب الأمس ونواب اليوم مسؤولون… وأنتم في حكومة الأمس وحكومة اليوم مسؤولون…! لكن ما الجدوى إذا كانت العقول في المجلسين لا تتعلم من دروس الفشل، وما أكثرها، دروس ومحن مرت مرور الكرام، ودفعنا من مستقبلنا أكبر ضريبة دون جدوى… فهل ستتعلم حكومة اليوم كيف تقرأ… وكيف تواجه وتناقش نواب الأمة وتحسن الأداء في مرافعاتها… وإذا لم ينصت هؤلاء النواب لصوت العقل فهل تخاطب الحكومة البشر الذين انتخبوهم، وتخبرهم بكل شفافية عن كارثة مالية حدثت وكوارث ستحدث إذا بقينا نسير على هذا الطريق وعلى هذا المنزلق دوى عيون تبصر ولا عقول تتدبر…؟ يبقى أن نذكر بالخير النائب السابق ناصر الصانع، فقد قال كلمة حق في مخاطر فسخ العقد، وحذر فلم ينصت له أحد، ومَضى ناصر ومضت الحكومة والمجلس في غيهما وفسخ العقد…! فلنذكره الآن بالخير فهذا أقل ما يمكن أن نقوله له مهما اختلفنا معه في منهج الفكر… فتحية لك يا ناصر ولا عزاء لنا اليوم.
من «الشعيبة» إلى وارسو وباري
قامت «لوياك» قبل سنتين تقريبا بالمراهنة على أن ابن منطقة الشعيبة المبدع، فيصل البحيري، يمتلك موهبة نادرة في العزف على البيانو، وبالتالي يستحق الرعاية منها، وهنا قامت، من «خلال صندوق رعاية المبدعين»، بتبنيه فنيا ودعمه ماديا ومعنويا لكي يصل الى العالمية، وكانت لنا مساهمتنا المتواضعة. وبدأت رحلة فيصل بإرساله الى بولندا لاستكمال تعليمه وصقل موهبته وتحضيره للعالمية، ولم يطل الانتظار، فموهبة فيصل كانت واضحة منذ اليوم الأول، حيث تمكّن خلال فترة قصيرة من المشاركة في مناسبات عزف بيانو عالمية، اهلته عام 2010 للحصول على شرف العزف على خشبة مسرح Kielce فيلاهارمونيك في وارسو، التي يكفي العزف فيها دليلا على العالمية، وهنا حققت «لوياك» هدفها. كما نجح فيصل باقتدار في رفع اسم الكويت في عشرات المناسبات الفنية الرفيعة الأخرى، ومنها حصوله على المرتبة الثانية في العزف على البيانو في المسابقة العالمية العاشرة التي أقيمت العام الماضي في باري، ايطاليا.
لقد سبق ان كتبت عن أعمال وجهود «لوياك»، وأبدى الكثيرون اعجابهم بتلك المؤسسة غير الربحية الرائدة، التي نجحت في إبعاد آلاف الشباب عن الضياع أو الوقوع في براثن الجمعيات الدينية المتطرفة، ولكن بالرغم من كل الثناء الذي أبداه الكثيرون على جهود «لوياك» ومطالباتنا المتكررة بالتبرع لها، فان قلة فقط تجاوبت مع ما كتبت، فكلام غالبيتنا أكثر من فعلنا. ونعيد مطالبة الكرام ومحبي الخير ومبغضي التطرف، نطالبهم مرة أخرى بالمساهمة معنا في دعم برامج «لوياك»، ويمكن الاتصال بالارقام التالية لترتيب التبرع: 22421200 أو 22424405، أو زيارة مقرها في المدرسة القبلية بالعاصمة.
أحمد الصراف
المداولة قبل الحكم
هذه محاولة لقراءة هادئة في تداعيات خبر حكم المحكمة الدولية لتغريم الكويت ملياري دولار ويزيد، لالغائها عقداً مع شركة داو كيميكال.
وأقول قراءة هادئة لشعوري منذ سماعي للخبر للمرة الأولى بان هناك من «سيردح ردحاً» ويهلل وتنفرج أساريره، ظنا منه بانه قد حان الوقت للتشفي من الخصوم وتحميلهم المسؤولية في هذه الخسارة الفادحة بلا شك!
هناك من يحمل المعارضين للمشروع المسؤولية، حيث تسببوا في الغاء المشروع بعد ان دعمه وأيده جميع المتخصصين في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات، كما انه قد تم تحذيرهم من خطورة هذا الالغاء لوجود الشرط الجزائي! وأبرز من تُوجه له أسهم الاتهام في ذلك الوقت هم التكتل الشعبي والتجمع السلفي! حيث قادا حملة اعلامية ونيابية ضد المشروع!
كما ان هناك من يحمّل القيادات النفطية في ذلك الوقت المسؤولية، حيث انهم كانوا يعلمون خطورة هذا المشروع وعدم جدواه، ومع هذا لم يعملوا على إلغائه، بل عمدوا الى تشجيع السلطات الرسمية لإقراره.
فريق ثالث يحمّل رئيس الوزراء السابق المسؤولية السياسية لهذه الخسائر، حيث انه كان يرأس المجلس الأعلى للبترول، الذي وافق على المشروع كاملاً، بعد ان استمع الى آراء المتخصصين وتشجيعهم للمضي قدماً في اقراره، ثم بعد تهديد برلماني واعلامي تراجع سمو الرئيس في مجلس الوزراء وقرر إلغاء المشروع والتحلل من العقد، ولكن بعد خراب البصرة!
أتمنى على جميع من يريد ان يدلي بدلوه في هذا الموضوع ان يستمع الى المزيد من المعلومات، ويقرأ ما يتوافر له من دراسات وآراء بعيداً عن تصفية الحسابات، وذلك قبل ان يشكل رأيا قد يكون فيه ظالماً ومتجنياً. وأطالب السادة نواب الأمة، الذين بدأوا في إلقاء التهم على الآخرين والنأي بأنفسهم عن دائرة الشبهات، بان يتريثوا قليلاً حتى تتضح الصورة ونعرف من هو الجاني؟ ومن هو المجني عليه؟ عندها، ستكون لنا ــ كما للآخرين ــ كلمة حق لا نخاف فيها لومة لائم!
***
متعب ردن الدويش
• خطف القدر متعب وهو في عز شبابه.. خطفه بسرعة ومن دون سابق انذار.. ليترك في قلوب محبيه حسرة تصطلي ناراً لا يبردها إلا الرضا بقضاء الله! شاب.. شاعر.. وسيم.. أمير.. كريم.. كان عندي قبل يومين من وفاته ليقول: «لا والله لا صارت همومي هموم.. تجمعت والله يهوّن بلاها»، «ما كنّه الا الموت يرسل لي كوم.. وكنه نوا للنفس يلعن ثواها»، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.