سامي النصف

من يدفع فواتير العبث السياسي المدمر؟!

تعلمنا منذ الصغر حقيقة ان بيع النفط خاما يضر باقتصادنا الوطني والأفضل منه بيعه على شكل مشتقات وصناعات نفطية أو بعد تكريره بالمصافي، لذا أتت فكرة المشاركة مع شركة «الداو» العالمية إحدى أكبر الشركات المختصة بالصناعات البترولية، توازيا مع مشروع إنشاء المصفاة الرابعة، إلا ان العبث السياسي المدمر لمصالح الكويت وبقائها تسبب في إلغاء عقد «الداو» ومشروع المصفاة الرابعة ومن ثم صدور حكم أمس من المحكمة الدولية بدفع 2.2 مليار دولار من المال العام كغرامة لذلك الإلغاء العبثي.

***

لقد كانت مصلحة الكويت تتطلب، وكما ذكرنا في مقالات عدة آنذاك، ان «يعدل» عقد المشاركة فيما لو كان مخلا بمصالح الكويت لا ان يلغى، ولا يحتاج الأمر كما اقترحنا في حينه إلا إلى الاستعانة بمكتب نفطي عالمي لينظر في بنود العقد ويقرر بشكل محايد مدى إنصافه من عدمه، ولو احضر مثل ذلك المكتب لما ارتضى على سبيل المثال بوجود بند مجحف كحال بند التعويض الملياري على أعمال لم تتم، النصيحة لم تعد بجمل كما يقول المثل بل.. بمليارات الدولارات!

***

وكان العبث السياسي المدمر المتدثر بعباءة الوطنية الزائفة قد تسبب في إلغاء مشروع حقول الشمال الذي كان بمثابة مشروع مارشال للكويت ينهض بها اقتصاديا عبر تطوير حقولها وزيادة إنتاجها من المكامن الصعبة، ويوفر لها الحماية الأمنية، وبعد ذلك تم إلغاء مشروع تحديث اسطول «الكويتية» وبكلفة 2.1 مليار دولار فارق أسعار بين قيمة الطائرات آنذاك وقيمتها حاليا، كما أوقف العبث السياسي مشاريع الـ B.O.T التي أصبحت أسواقها ومشاريعها الترفيهية الملاذ الوحيد للمواطن والمقيم والسائح إبان موجات الحر والغبار السائدة أغلب العام.

***

وبدلا من توفير الأراضي العامة للدولة للمطورين وللشركات المساهمة كما هو الحال القائم في بلدان العالم الأخرى كي تنخفض أسعار البيوت السكنية، أوقف العبث السياسي الهادف لتدمير الكويت بحجة الحفاظ على مصالحها! حيازة الشركات المساهمة للأراضي الحكومية لبنائها فأصبحت أسعار أراضينا هي الأعلى في العالم، وبدلا من دعم شركتي الاتصال الكويتيتين القائمتين كي تقويا وتوظفا المزيد من الشباب تمت محاربتهما عبر إنشاء شركة اتصالات ثالثة لم تفد أحدا بشيء حيث بقيت أسعار الاتصالات كما هي ونقرأ هذه الأيام ان الشركة الثالثة قد فقدت 75% من رأسمالها الذي ساهم به المواطنون وباتت على شفير الإفلاس مع بقاء العبث السياسي مستمرا والجموع تقاد الى حتفها ودمار بلدها وهي تهلل وترفع قاتليها ومدمري بلدها على الرؤوس والأكتاف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

***

آخر محطة: (1) يوم حزين يمر ورأس مسؤول كويتي آخر يسقط وسؤالنا هل بعد كل ما قيل من اتهامات بالسرقات والتجاوزات سيرجع دينار واحد للخزينة العامة للدولة؟! وهل سيحاسب أحد قط فيما لو صدقت كل تلك الاتهامات؟!

واضح من مسار العبث السياسي خلال العشرين سنة الماضية ان كل شيء يتوقف مع الاطاحة بالمسؤول المستهدف بالاستجوابات والاتهامات ما يعني: اما ان تلك الاتهامات باطلة أو حقيقية ويسكت عنها عبر صفقات تتم مع المسؤول الجديد بعد ان تم ذبح القط أمامه.

(2) سخونة سياسية قادمة سريعا على الطريق من قبل جماعة العبث السياسي للتغطية هذه المرة على تحديد المسؤولية ومحاسبة من تسبب في خسارة المال العام لـ 2.2 مليار دولار.

 

احمد الصراف

التواطؤ القذر

قمت قبل فترة ببيع منزل، يخص صديقا غير كويتي، مسجل باسمي منذ عقود عدة، ويقع في منطقة السرة! وكما هو متبع فقد طلب المشتري براءة ذمة للكهرباء والماء والتلفون قبل انهاء الصفقة ودفع المبلغ المتبقي. وفي غياب مالك البيت، الذي توفي قبل فترة، ووجود ورثته خارج الكويت، قمت بمتابعة معاملات البيع، ومنها دفع فواتير الكهرباء، وكنت اتوقع أن تطالبني الوزارة، في ظل «الحكومة الالكترونية» التي طالما آذوا أسماعنا بكثرة حديثهم عنها، بسداد كل ما علي من فواتير لبيوت سكنية عدة مسجلة باسمي، والتي تراكمت فواتير استهلاك عليها لسنوات، والتي طالما رفضت مكاتب التحصيل أن ادفع عنها شيئا! ولكن بما أن الرغبة مبيتة لدى «الراسخين في الفساد» على ابقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم تشجيع أحد على الدفع لكي لا يطال موظفي الوزارة، و«ملاكها» انفسهم، فقد «غرش، أو صهين» موظف التحصيل عن مطالبتي بكامل ما أنا مدين به للدولة عن استهلاك الكهرباء، واكتفى بمطالبتي بدفع فاتورة ذلك البيت فقط، وعندما لفتّ نظره إلى وجود فواتير اخرى مستحقة، رفض الاستجابة لطلبي بحجة أن الكمبيوتر لا يبين شيئا، وأن من الأفضل حضوري أو من يمثلني صباح اليوم التالي، وفي الساعة السابعة والنصف تحديدا، لكي اصطحب قارئ العداد معي بالسيارة ليقوم «بقراءة» أرقام عدادات الاستهلاك، وأن نعيده، بسلامته، بعدها للمركز، ومن ثم يمكن سداد ما علينا للدولة من مستحقات! «ما كذبنا خبر»، حيث ذهب من يمثلني في الوقت المحدد من صباح اليوم التالي للالتقاء بـ «قارئ الفنجان أو العداد» وانتظر نصف ساعة من دون جدوى! لم أحرك بعدها عجلة الدفع، فليس من واجبي، ولا من أخلاقي، اجبار احد على أخذ مبلغ لا يريده! كما لا شك عندي، من تجارب سابقة من أن هناك نية داخل وزارة الكهرباء، ومدعومة بتوصيات من جهات متنفذة، على عدم مضايقة المواطن، واجباره على الدفع، وهذا أشبه بالتشجيع على أكل مال الدولة، ولكن مسؤولي الوزارة اجتهدوا أكثر، ليس فقط في عدم اجبار المواطن على دفع ما عليه من مستحقات، بل وحتى في عدم مطالبته بأي شيء!
والآن كيف يمكن اصلاح او حتى توقع قيام الحكومة باصلاح أي ادارة؟ وكيف نصدق أن الوزارة ليس لديها برامج كمبيوتر تبين ما على كل مواطن من رسوم خدمات استهلاك كهرباء وماء؟ فإن كان الجواب بالنفي فهي مصيبة، وان كان بنعم، ولكن لا تقوم بتشغيل البرنامج عمدا، فالمصيبة أعظم!
***
ملاحظة: ورد في القبس (25/4) أن هناك أكثر من 200 ألف عداد كهرباء لم تصدر فواتيرها منذ عامين! وتقديرا من وزارة الكهرباء لجهود موظفيها (في عدم قراءة العدادات والتسبب في تراكمها على المواطنين) فقد أقر الوزير الابراهيم كل توصيات «لجنة فحص وصرف مكافآت العاملين في الوزارة»! وتعليقا على هذا الخبر ليس في مقدوركم فعل شيء، غير رفع حواجبكم تعجبا!

أحمد الصراف