تعلمنا منذ الصغر حقيقة ان بيع النفط خاما يضر باقتصادنا الوطني والأفضل منه بيعه على شكل مشتقات وصناعات نفطية أو بعد تكريره بالمصافي، لذا أتت فكرة المشاركة مع شركة «الداو» العالمية إحدى أكبر الشركات المختصة بالصناعات البترولية، توازيا مع مشروع إنشاء المصفاة الرابعة، إلا ان العبث السياسي المدمر لمصالح الكويت وبقائها تسبب في إلغاء عقد «الداو» ومشروع المصفاة الرابعة ومن ثم صدور حكم أمس من المحكمة الدولية بدفع 2.2 مليار دولار من المال العام كغرامة لذلك الإلغاء العبثي.
***
لقد كانت مصلحة الكويت تتطلب، وكما ذكرنا في مقالات عدة آنذاك، ان «يعدل» عقد المشاركة فيما لو كان مخلا بمصالح الكويت لا ان يلغى، ولا يحتاج الأمر كما اقترحنا في حينه إلا إلى الاستعانة بمكتب نفطي عالمي لينظر في بنود العقد ويقرر بشكل محايد مدى إنصافه من عدمه، ولو احضر مثل ذلك المكتب لما ارتضى على سبيل المثال بوجود بند مجحف كحال بند التعويض الملياري على أعمال لم تتم، النصيحة لم تعد بجمل كما يقول المثل بل.. بمليارات الدولارات!
***
وكان العبث السياسي المدمر المتدثر بعباءة الوطنية الزائفة قد تسبب في إلغاء مشروع حقول الشمال الذي كان بمثابة مشروع مارشال للكويت ينهض بها اقتصاديا عبر تطوير حقولها وزيادة إنتاجها من المكامن الصعبة، ويوفر لها الحماية الأمنية، وبعد ذلك تم إلغاء مشروع تحديث اسطول «الكويتية» وبكلفة 2.1 مليار دولار فارق أسعار بين قيمة الطائرات آنذاك وقيمتها حاليا، كما أوقف العبث السياسي مشاريع الـ B.O.T التي أصبحت أسواقها ومشاريعها الترفيهية الملاذ الوحيد للمواطن والمقيم والسائح إبان موجات الحر والغبار السائدة أغلب العام.
***
وبدلا من توفير الأراضي العامة للدولة للمطورين وللشركات المساهمة كما هو الحال القائم في بلدان العالم الأخرى كي تنخفض أسعار البيوت السكنية، أوقف العبث السياسي الهادف لتدمير الكويت بحجة الحفاظ على مصالحها! حيازة الشركات المساهمة للأراضي الحكومية لبنائها فأصبحت أسعار أراضينا هي الأعلى في العالم، وبدلا من دعم شركتي الاتصال الكويتيتين القائمتين كي تقويا وتوظفا المزيد من الشباب تمت محاربتهما عبر إنشاء شركة اتصالات ثالثة لم تفد أحدا بشيء حيث بقيت أسعار الاتصالات كما هي ونقرأ هذه الأيام ان الشركة الثالثة قد فقدت 75% من رأسمالها الذي ساهم به المواطنون وباتت على شفير الإفلاس مع بقاء العبث السياسي مستمرا والجموع تقاد الى حتفها ودمار بلدها وهي تهلل وترفع قاتليها ومدمري بلدها على الرؤوس والأكتاف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
***
آخر محطة: (1) يوم حزين يمر ورأس مسؤول كويتي آخر يسقط وسؤالنا هل بعد كل ما قيل من اتهامات بالسرقات والتجاوزات سيرجع دينار واحد للخزينة العامة للدولة؟! وهل سيحاسب أحد قط فيما لو صدقت كل تلك الاتهامات؟!
واضح من مسار العبث السياسي خلال العشرين سنة الماضية ان كل شيء يتوقف مع الاطاحة بالمسؤول المستهدف بالاستجوابات والاتهامات ما يعني: اما ان تلك الاتهامات باطلة أو حقيقية ويسكت عنها عبر صفقات تتم مع المسؤول الجديد بعد ان تم ذبح القط أمامه.
(2) سخونة سياسية قادمة سريعا على الطريق من قبل جماعة العبث السياسي للتغطية هذه المرة على تحديد المسؤولية ومحاسبة من تسبب في خسارة المال العام لـ 2.2 مليار دولار.