سامي النصف

مصر تنتخب الرئيس

في كثير من بلدان العالم يُسمح بالتصويت المبكر للناخبين بالخارج في السفارات او عبر البريد، الا ان نتائج تصويتهم لا تعلن إلا حين اعلان النتائج النهائية كي لا تؤثر في خيارات او مسارات الناخبين. في مصر بدأت الصحف والاحزاب تعلن نتائج انتخابات الخارج، تلك النتائج ان صدقت (اعلن حزب الحرية والعدالة ان مرشحه محمد مرسي حصل على 12 الفاً من اصوات المصريين في جمهورية النيجر التي يقطنها 112 مصريا) تظهر ان د.عبدالمنعم ابوالفتوح هو الرئيس القادم لمصر من الجولة الأولى او الثانية، وكان الله في عون ارض الكنانة وشعبها على الرئيس القادم وروشته القائمة على الانتقام وضرب الجيش واجتثاث الفلول والاعداء، وهي روشتة جربت سابقا في العراق فأدت الى الخراب والدمار وسفك الدماء.

* * *

من الامور التي تميز حملات انتخابات الرئاسة المصرية وفرة الوعود الوردية الزائفة، حيث لا توجد موارد مالية على الاطلاق لتلبية تلك الاكاذيب المدغدغة والتي منها «وعد» د.ابوالفتوح بزيادة رواتب المعلمين بـ 25% وجعلهم الأعلى راتبا في مصر، حيث ان ميزانية الدولة المصرية يمكن قراءتها بسهولة كونها تنقسم الى اربعة اجزاء، الربع الأول لرواتب الجهاز الوظيفي المتضخم اصلا، الربع الثاني للدعم الممتد من الرغيف الى تنكة البنزين، الربع الثالث لتسديد دين مصر الذي لا يمكن الفكاك منه، الربع الاخير تصرف منه الدولة على كل شيء من شراء السلاح حتى بناء المدارس والمستشفيات وإنشاء الطرق.. إلخ، فمن أين سيأتي مرشحو الرئاسة بالموارد المالية اللازمة لتلبية وعودهم الزاهية ما لم يحصلوا بالمصادفة على مصباح علاء الدين السحري.

* * *

وفي مقال للزميل مشعل السديري نشره في جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 19/5/2012 نقل لقرائه ما استمع له من المرشح د.محمد مرسي على فضائية مصرية من ان الرئيس مبارك سرق خلال 30 عاما من الخزانة المصرية (5)6 تريليونات دولار (30 – 36 تريليون جنيه) اي ما معدله 1.2 تريليون جنيه كل عام وهو ما يفوق الميزانية العامة المصرية بثلاث مرات، فأين المصداقية في ذلك الطرح المدغدغ والمحرض؟

* * *

تحدثنا في مقالات سابقة عن المرشحين عمرو موسى ود.عبدالمنعم ابوالفتوح فماذا عن المرشحين الآخرين؟ المرشح احمد شفيق هو الأكثر انجازا فقد احال المصرية للطيران والطيران المدني والمطارات المصرية من الاسوأ في العالم الى الأفضل، ويمكن له ان يعمل لمصر ما عمله للمصرية للطيران لولا اشكال انه لو تم التصويت له وسقط فسيسقط معه عمرو موسى، ولو نجح فستنزل بعض القوى السياسية للشارع وتعم الفوضى، المرشح د.محمد سليم العوا شديد القدرة والثقافة والنزاهة والذكاء، وإشكاليته اشاعة انحيازه لإيران وتشيعه (!) التي اضرت به، والسياسي لا تقتله الرصاصة بل الاشاعة، للمعلومة زوجته وسيدته الأولى هي ابنة الاخواني الشهير حسن العشماوي وقد عاشت معه في الكويت ولها صداقات عديدة في بلدنا.

* * *

حمدين صباحي لا يحتاج الى اطلاق اشاعة لإيذائه، الحقائق تكفي حيث ظهر اسمه في كشوف كوبونات النفط الصدامية المسروقة من ثروات الشعب العراقي، كما كانت له صداقات متميزة مع الطاغية القذافي. وكيف يحكم مصر من يقبض الأموال من الآخرين؟! كشف صباحي لذمته المالية يخضع للقانون الصادر عام 78 الذي لا يوجب كشف الحسابات الموجودة بالخارج، وواضح ان كوبونات نفط صدام وعطايا القذافي لا تدخل في الحسابات الداخلية، د.محمد مرسي به اعتلال كبير بالصحة وقد رشحه حزبه كـ «احتياطي» لخيرت الشاطر، كما ان وصوله يعني تحول حزبه (الحرية والعدالة) الى حزب وطني آخر مسيطر على كل شيء وكأنك يابوزيد ما غزيت، اشكالية اخرى للمرشح د.محمد مرسي هي قسمه بالطاعة والولاء للمرشد اي ان رئيس مصر سيصبح.. مرؤوسا ومأمورا بحكم قسمه.

* * *

آخر محطة:

(1): يقول مرشح الرئاسة المثقف د.محمد سليم العوا ان 99% من نواب مجلسي الشعب والشورى المصري الحالي يتخبطون ولا يفقهون شيئا في قضايا التشريع، السبب برأينا هو عدم وجود دورات تدريب وتأهيل لهم حالهم حال نوابنا ونواب البرلمانات العربية الأخرى الذين نرجو من الصديق النائب علي الدقباسي رئيس البرلمان العربي ان يوصي بعقد مثل تلك الدورات كي يرتقي العمل السياسي العربي.

(2) ونرجو من البرلمان العربي ان يتعلم من اخفاقات القمم العربية بسبب طغيان الهم السياسي على اعمالها وان يخصص البرلمان العربي جل وقته لقضايا التعليم والصحة والاقتصاد والتنمية والبطالة والغذاء… إلخ.

احمد الصراف

أسرار اللغة

تطرقت في مقال قبل فترة إلى موضوع صعوبة تعلم اللغات، وكيف أن العربية، في نظر كثيرين، تعتبر الأصعب تعلما في العالم! وقد أرسل صديق متخصص في اللغات نصا تعلق بلغات العالم، تضمن سؤالا عما إذا كانت اللغة التي نتكلم بها تشكل الطريقة التي نفكر فيها، أو أنها تعبر فقط عما نفكر به ونود قوله؟ وهل لتركيبة اللغة التي نتكلم بها دور في تشكيل أفكارنا، بغير علمنا أو موافقتها، وتشكل الأفكار التي نود التعبير عنها؟ فمثلا تبين أن طريقة تصريف الأفعال ووضع الكلمات وتكوين الجمل في الإنكليزية والإندونيسية والروسية والتركية تتباين كثيرا، فهل يعني ذلك ان المتحدثين بها يتذكرون تجاربهم بطريقة مختلفة، لأن لغاتهم تستخدم بطرق مختلفة؟ هذه الأسئلة وغيرها تلامس التباينات الجذرية في دراسة المخ، مع التركيز على المواضيع السياسية والقانونية والدينية، فحتى وقت قريب لم تعط هذه المسائل أهمية كبيرة، ففكرة أن لغتنا قد تشكل طريقة تفكيرنا كانت مسألة بعيدة لفترة طويلة، كما كانت صعبة الاثبات، ولكن التجارب الجديدة والجدية الأخيرة اثبتت، بما لا يدع مجالا للشك، أن للغة دوراً في تكييف نظرتنا للعالم، ولهذا يقال أن تعلم لغة أخرى يعني اكتساب روح جديدة، ولكن إيمان كثيرين بنظرية نعوم شومنسكي في الستينات التي قالت بوجود قواعد واحدة للغات العالم أخرت الابحاث في هذا المجال.
وكمثال على كيف تؤثر الفروقات في اللغة على التفكير والنظر للآخر هو أن المتحدث بالروسية مثلا لديه مفردات أكثر لوصف درجات اللون الأزرق، من خفيف إلى غامق، وبالتالي لديه مقدرة أكبر على التمييز بين الدرجات المختلفة للون الأزرق من غيره. كما أن بعض القبائل المتخلفة تستخدم الاتجاهات كالشمال والجنوب والشرق والغرب بدلا من اليمين واليسار، وبالتالي لديها قدرة أكبر على تحديد مكان وجودها! فهم يصفون موقع النملة بانها في الجنوب الشرقي من القدم المواجه للجنوب. كما أن قبائل «البيراها» تتحاشى استخدام الأرقام وتركز على الكميات، وبالتالي تشكو من ضعف في معرفة كمية اي مادة بدقة. كما تبين من الدراسة أن المتكلمين بالاسبانية واليابانية لم يستطيعوا بسهولة تذكر الفاعل وراء حادث ما، كما هي حال المتحدث بالإنكليزية مثلا الذي يصر في لغته على ذكر الفاعل وراء أي حادث، فيقول إن جون اسقط اللوحة، ولكن الآخرين يكتفون بالقول بأن اللوحة سقطت! وتصبح بالتالي قدرتهم على تحديد الفاعل عند وقوع حادث ما أكثر صعوبة، والشيء نفسه ينطبق على هؤلاء عند مثولهم كشهود إثبات، حيث يواجهون صعوبة أكثر قليلا من غيرهم في تحديد مسؤولية «الآخر» عن الحادث! ولكن يجب ألا ننسى هنا أننا بمجرد تحدثنا بلغات مختلفة لا يعني بالضرورة أننا نفكر بطريقة مختلفة، ولكن لو اعطينا مجموعة من الصور التي بينها أحداث مترابطة وطلبنا من عربي وإنكليزي ترتيبها لبدأ الأول بترتيبها من اليمين إلى اليسار، والآخر سيرتبها عكس ذلك وفق الطريقة التي يكتب بها كل طرف. وفي اللغة الصينية مثلا المستقبل هو في الأسفل والماضي في الأعلى والعكس عند المتحدثين بالعربية، فالمستقبل أمامهم والماضي خلفهم. ولكن من المؤكد أننا لو غيرنا من طريقة تحدث شخص ما، فإننا حتما سنغير من الطريقة التي يفكر فيها. كما أثبتت التجارب الحديثة أن اللغة التي نتكلم بها لا تقوم فقط بالتعبير عن افكارنا بكلمات، بل تقوم بتشكيل الأفكار نفسها التي نود التعبير عنها، وبمقدار اختلاف البشر بعضهم عن بعض لغويا نجد أن هناك اختلافا في طباعهم اعتمادا على اللغة التي يتحدثون بها، فما نحن عليه هو اساسا يعود إلى ما نتحدث به من لغة.
الموضوع مشوق وطويل، ويحتاج الى مقالات أخرى مستقبلا.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

هل جاء المويزري صدفة؟

قد لا أكون متحمّساً لقرار وزير الإسكان شعيب المويزري بفصل مدير عام بنك التسليف والادخار، لكن ما أثارني هو أسلوب الاعتراض على هذا القرار من بعض النقاد! الذين كرروا مقولة النائب الذي جاء للمجلس صدفة! والذي أصبح وزيراً بالصدفة! وهذا إما افتراء على الحقيقة وإما استهزاء غير مؤدب! فالنائب شعيب المويزري نجح أول مرة في مجلس 2009، وأبلى بلاء حسنا في مواقف كانت كافية لينجح في 2011 بجدارة، وحصل على رقم تحدٍّ، مع انه لم يدخل في التصفيات القبلية! فكيف نقول لمن وصل بهذه الطريقة إن وصوله صدفة؟ أمّا توزيره فكلنا يعلم انه عرض عليه منصب وزير الداخلية في هذه الحكومة، ولولا تدخلات اللحظة الأخيرة لكان شعيب المويزري وزيراً للداخلية. بقي القول إن مجلس الوزراء بارك وأيد قرار المويزري فصل مدير البنك واحاله للفتوى للاطمئنان ليس لمجلس الوزراء، بل للمعترضين على أسلوب اعفاء المدير! فيا ليت عرضنا لأفكارنا يكون منطقياً وواقعياً وبعيداً عن الافتراء على الحقائق.
***
أنا.. وقوره.. وفؤاد
يتساءل بعض المقربين لي عن سبب هجوم الكاتب فؤاد الهاشم المستمر علي في عموده، وربطي بموضوع أحمد عبدالسلام قوره، الذي كان يملك شركة «منا»، وكنت أنا في يوم من الأيام رئيساً لها!
وقد حرصت على عدم الرد في أكثر من مرة، لكن استمراره بالغمز واللمز تارة، وبالتصريح مرات عديدة، وبسؤال الكثير عن سبب هذه العداوة الصحفية، مع انني لا أعرف الرجل، ولم يحدث ان التقيت به الا مرة واحدة في احدى المناسبات الاجتماعية، لذلك أوضح بعض الأمور التي قد تزيل اللبس عند القراء:
عندما كنت رئيساً لمجلس إدارة شركة «منا» القابضة كانت الشركة في قمة نجاحاتها، وكان السهم وصل الى قرابة الدينارين، وتمكنت بفضل الله، ومن ثم زملائي الذين معي في الإدارة، من توزيع أسهم منحة %50 للمساهمين! الا انني اختلفت مع السيد قوره عند مطالبتي بتوزيع مكافآت على العاملين بالشركة تقديراً لجهودهم في تحقيق هذه النجاحات، مما جعلني استقيل من منصبي رافضاً تسلم مكافأتي السنوية.
السيد فؤاد الهاشم ليس له علاقة بالموضوع.. وخلافي أو خلافه ليس معي أو معه.. مشكلتي أن أحد الخصوم السياسيين لي على علاقة طيبة وحميمة مع السيد فؤاد.. وهذا الخصم معروف لذلك انتقلت الخصومة الى قلم الكاتب الصحافي فؤاد الهاشم، هذه هي الحكاية بكل بساطة!
***
بسبب الحملة الإعلامية الصارخة والظالمة من وسائل الإعلام الشرقية والغربية سواء بسواء.. ضد الاخوان المسلمين، ظن الجميع ان مرشحهم محمد مرسي ليس لديه شعبية تذكر، وان ترتيبه الرابع، ان لم يكن الخامس، وقد جاءت نتيجة أصوات المصريين في الخارج لتخرس هذه الألسن، وتؤكد عدم حياديتها وعدم احترامها لمهنتها، حيث اصبح مرسي الأول ومن دون منازع.
ندعو الله ألا تكون هذه النتيجة سبباً في سعي المجلس العسكري إلى التدخل بالنتائج النهائية، كما ندعو النقاد للتيار الاسلامي بتقبل نتيجة الانتخابات الحرة – ان صارت حرة – فالنجاح سيكون للاسلاميين بإذن الله، وبالتالي للشعب المصري الذي اختارهم، فادعوا لأم الدنيا بالاستقرار والازدهار، بدلاً من الدعوة عليها بالويل والثبور وعظائم الأمور.