علي محمود خاجه

أذيتوني بالرصاصات

تقليعة جديدة يرددها أنصار المجلس السابق بأن تردي أداء الأغلبية الحالية أو المجلس الحالي بشكل عام هو نتيجة شعار “الرصاصات الخمس” التي تبنتها كتلة العمل الوطني.
والمفرح بالموضوع حقاً أن الطرفين يهاجمان نفس الرصاصات؛ فمناصرو المجلس السابق يعتقدون أن كتلة العمل الوطني هي التي أنهت ذلك المجلس، ومناصرو المجلس الحالي يرددون بأن خسارة معظم أعضاء كتلة العمل الوطني جاءت نتيجة صفقاتهم مع الحكومة السابقة وسكوتهم عن تجاوزاتها، وهو ما يعزز بأن كتلة العمل الوطني لم تكن تقف مع أطراف بل تدعم القضايا المستحقة من وجهة نظر الكتلة.
عموماً نعود إلى أنصار المجلس السابق وترديدهم لعبارة “خل تنفعكم الرصاصات الخمس”، ونتساءل هل كان من الممكن السكوت عن تجاوزات المجلس الماضي بأي شكل من الأشكال؟ فحكومة الرئيس السابق لم تطبق القانون في أكثر من مناسبة، وهمشت الدستور وتجاوزت اللوائح، ورغم أنها كانت تحظى بدعم أغلبية المجلس الماضي فإنها لم تقدم الجديد فخضعت لاستنزاف أموال الدولة سواء بالزيادات أو الكوادر أو حتى الاختلاسات من خلال المشاريع والمناقصات، ولم تنفذ ما ادعته من تنمية على الأقل عمرانية، فلم تنشئ أي شركة، ولم يُقم أي مشروع على مدار سنوات الحكومة السابقة.
وفي المقابل فإن أغلبية الأمس وهم أقلية بالمجلس الحالي من النواب تفرجوا على تجاوزات الحكومة السابقة ومارسوا خضوعاً غير مسبوق بل تمادوا في غيّهم ليلغوا حتى مواد الدستور من خلال سرية الاستجوابات وإحالتها الى التشريعية والدستورية حتى إن لم تقدم الحكومة أسباباً للإحالة! بالإضافة إلى التعطيل المتعمد لجلسات المجلس في سبيل رفع الحصانة عن د. فيصل المسلم في قضية لا تستحق أبداً أن ترفع الحصانة فيها.
إذن فالوضع السابق لم يكن أقل سوداوية منه حالياً، لكن بأسماء مختلفة فحسب، ونعم أنا أقر بأن الوضع الحالي سيئ جداً من شخصانية وتعسف وانتهاك للدستور واللوائح، ولكن هذا لا يعني أبداً أن الوضع الماضي كان مثالياً أو حتى قريبا من المثالي أو أحسن من الحالي، فالحالتان أقرب إلى التطابق بل إن لهذا المجلس ميزة في جانب واحد، وهي ميزة رفضها للسرية والإحالة لأي استجواب وإن كان تافهاً كاستجواب الجويهل، أو ضعيفاً كاستجواب القلاف وغيرها من أمور.
الدور المفروض هو نصرة أي طرف إن كان يحمل قضية عادلة بغض النظر عن شخصه فنقف مع جويهل في قضية رفض الازدواجية، ونقف مع المسلم في قضية رفع الحصانة، ونقف مع المطر في قضية قلة أدب الجويهل، ونقف مع عدنان عبدالصمد في رفضه لتعامل اللجنة التشريعية مع قضايا رفع الحصانة، وهو المنهج الحيادي السليم برأيي.
الرصاصات الخمس لم تكن متجنية على المجلس السابق، بل هي نتيجة حتمية لتخاذل أغلبية ذلك المجلس وحكومته، بل كانت مستحقة ومحايدة ومطلوبة وهي لا تعني بأي شكل من الأشكال القبول بتعسف الأغلبية الحالية تحديداً في ترهات خالد السلطان حول موقف الأغلبية من الاستجوابات أو شخصانية المجلس تجاه قضايا رفع الحصانة أو تدني لغة الحوار وغيرها من أمور.
خارج نطاق التغطية:
ردا على التدخلات النيابية بالأنشطة الطلابية يستضيف التحالف الوطني بمقره في النزهة الساعة 7:30 مساءً اليوم، عبدالمحسن الإبراهيم رئيس رابطة طلبة جامعة الخليج، وعبدالعزيز المطيري من الحكومة الطلابية في الجامعة الأميركية بالإضافة إلى ممثل عن اتحاد طلبة أميركا ورابطة طلبة العلوم الإدارية، سأذهب لأشاركهم رفض التعديات النيابية على حرياتهم.

احمد الصراف

المسيحيون ملح مجتمعاتنا (2-1)

كتب الزميل العراقي علي الصراف مقالا طويلا عن مسيحيي العرب، ننتقي منه أشياء ونضيف له أخرى، لعل وعسى يستنكر الصراف القول ان المسيحيين العرب أقلية، فهذا يتضمن تجاهلا لكونهم عربا، والعرب أغلبية في أوطانهم. كما أن وصفهم بالأقلية أي «أقلَنة» عروبتهم والسعي لتصغيرها، وهذه خطيئة لا مجرد خطأ! كما يضعهم على هامش التاريخ في المنطقة، وهم الذين ظلوا في قلبه، وساهموا فكريا وفنيا واقتصاديا بصورة ريادية في صنع تاريخه القديم والحديث، وكان لهم دور كبير في تحرر أجزاء كبيرة منه! ويعتقد الصراف أن هناك من يضع «شيعيته» أو «سنيته» فوق وطنيته، معتمدين على نصوص دينية معينة، ولكن لا يوجد نص ولا سلوك كنسي واحد يضع المسيحية على هذه الأرض فوق وطنيتها وانتمائها القومي! ويشتهر عن البابا الراحل شنودة، الذي ناله الكثير من السباب المقذع، في حياته ومماته من السفهاء والمتعصبين، لدرجة رفض فيها البرلمان المصري تأبينه بصورة لائقة، قوله «لو كان الاسلام شرطا للعروبة لصرنا مسلمين»، وعن مكرم عبيد، أحد أقطاب أقباط مصر انه قال: «أنا مصري الجنسية، ومسلم الثقافة»، ويعتقد الصراف أن من المبكر ظهور رجل دين مسلم يملك من الشجاعة والوطنية ما يكفي لقول: «نحن وطنيون كإخوتنا المسيحيين، ولو كانت المسيحية شرطا للوطنية، لصرنا مسيحيين». ومعروف أن المسيحيين العرب بنوا المدارس والمعاهد لتدريس اللغة العربية، في غير مكان واحد، لأنها كانت صوت ثقافتهم و«تميزهم» القومي الخاص. وعندما وضع الأتراك قوميتهم فوق ديانتهم، كان المسيحيون العرب هم الذين رفعوا لواء العروبة، وهم الذين سارعوا الى تذكير المسلمين بمكانتهم، وكانوا دائما جزءا من هذه الأمة ومن خيرها. وبالرغم من كل ما قيل وكتب عن السبب وراء نشاط المسيحيين العرب في الدفاع عن القومية على حساب الهوية الدينية، فانه من الصعب انكار دورهم الأدبي والثقافي والتعليمي الكبير في تطوير اللغة وحفظها، فجورج علاف وضع كتاب «نهضة العرب»، وألف اليسوعي لويس شيخو موسوعة «تاريخ الآداب العربية»، وكان عبدالله مراش من أوائل الذين حرروا جرائد المهجر العربيةكـ«مرآة الأحوال» المملوكة لرزق الله حسون، و«مصر القاهرة» لأديب اسحاق، و«الحقوق» لميخائيل عورا، وأسس الاخوان بشارة وسليم تقلا عام 1876 جريدة «الأهرام»، ثم «صدى الأهرام» وكابدا المشقات في دفاعهما عن حقوق المصريين. وكان نقولا توما من أوائل المسيحيين الذين التقوا بأصحاب مشروع النهضة الذي تصدره جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وكان جميل نخلة المدور مولعا بالتنقيب عن آداب العرب وتاريخ الأمم الشرقية القديمة، وصنف في حداثته تاريخ بابل وآشور، وعرّب كتاب التاريخ القديم، وكتب كتابه الشهير «حضارة الاسلام في دار السلام»، وكان سعيد البستاني قد تقلب بين مصر وبلاد الشام ليعكف على نشر الآداب العربية، وكان خليل غانم واحدا من أبرز السياسيين الأحرار وانتخب نائبا عن سوريا لـ«مجلس المبعوثان» عام 1875، وساعد مدحت باشا في وضع قانون الدولة السياسي، فكان أحد أركان النهضة الدستورية.

أحمد الصراف

www.kalamanas.com