عندما يفوز حزب العمال البريطاني أو الحزب الجمهوري الأميركي أو حزب المؤتمر الهندي فإنه لا يستغل فوزه وأغلبيته للهجوم على الدستور وهات يا تغيير وتعديل كونهم يعلمون ان الأغلبية النيابية قضية متغيرة، لذا لا يجوز لها تغيير الدساتير الصالحة لكل زمان ومكان، في الكويت بلد النصف قرن من الممارسة الديموقراطية بدأنا بسماع العجب، وقبل ان يجف حبر نتائج الانتخابات، من رغبات مجموعة تمس تغيير الدستور الذي أنشأه آباء مؤسسون عقلاء وحكماء وتوافقت عليه الأمة بقصد إحراج القيادة السياسية أمام قواعدهم الانتخابية كونهم يعلمون ان تلك التعديلات المستعجلة غير صالحة ولن ترضى القبول لا من الحكام ولا المحكومين.
***
التحول للدائرة الواحدة يحتاج الى تعديل دستوري، ثم يحتاج، وهذا الأهم من الداعين له، العودة الى ناخبيهم فهم وكلاء «مؤقتون» حتى الانتخابات المقبلة التي قد تأتي أسرع كثيرا مما نتوقع عن الأصلاء الذين هم أبناء دوائرهم الذين أوصلوهم لتلك الكراسي لأهداف ليست منها المطالبة بتغيير الدوائر وتوريطهم مرة اخرى في نظام انتخابي يثبت خطؤه الفادح انه غير موجود في أي ديموقراطية عاقلة اخرى فهل من لدينا أكثر فهما وعقلا وحكمة ممن لدى الديموقراطيات المتقدمة في العالم؟!
* * *
لقد قاربت الدوائر الخمس على إيصالنا للتناحر الطائفي والتقاتل الفئوي بسبب كبر حجم الجائزة التي تحولت من كرسيين نيابيين أخضرين في نظام الدوائر الـ 25، الى 10 كراسي نيابية خضراء في نظام الدوائر الخمس الخالدة، لذا فإن نظام الدائرة الواحدة وجائزته الكبرى التي هي عبارة عن 50 كرسيا نيابيا ومعهم حق التصرف في الميزانية العامة للدولة سيوصلنا على الأرجح لأعتاب حرب أهلية لا تبقي ولا تذر خاصة ان المتربصين والمتدخلين في الشأن الكويتي كثر، فهم خير من يدفع ولدينا خير من يقبض!
***
فأي تحالف سيكتسح نتائج انتخابات الدائرة الواحدة مهما قيل عن أكاذيب القائمة النسبية وتقليل حق الناخب في عدد من سينتخبه، سيعمد لتشكيل الحكومة قسرا وبحكم الواقع ومنهاجية الاستجوابات الكيدية وعمليات طرح الثقة المسبقة المتلاحقة بالوزراء والمسؤولين حتى يتحقق المراد ونتحول من دولة ذات سيادة كما هو الحال الآن الى دولة تابعة لمن سيدفع بسخاء لإيصال العملاء، فلن يقدر على تكاليف الترشح في الدائرة الواحدة إلا من يفتح جيبه على مصراعيه لأموال وأوامر الخارج حتى لو احترق البلد وتقاتل أهله.. فهل هذا هو المطلوب؟!
***
آخر محطة: (1) منذ عام 1992 ونحن ندعو لإنشاء لجنة قيم في مجلس الأمة وقد قارب الحلم على التحقق في عام 2012.. ليش العجلة؟ الركادة زينة وخلوها لاحتفالية المائة على بدء الدستور!
(2) الشكر الجزيل للنائب الحكيم الكابتن عمار العجمي على رفضه مقترح الدائرة الواحدة ودعمه الخيرين من رجال الكويت أمثال عبدالعزيز العدساني وصالح الفضالة.. ما قصرت يا بومحمد.
(3) العزاء الحار لآل باقر والبالول الكرام وللنائب والوزير السابق أحمد باقر على فقيدهم الشاب سليمان باقر.