عندما تملك الآلة الاعلامية، فإنه من السهل عليك ان تخلق من بعض الاخطاء المحدودة قضية، وتصنع لها ابطالا، فكيف بمن يملك عدة صحف وقنوات فضائية؟
والبروباغندا هي بالتحديد الحالة التي تنشأ من اقتران الاعلام مع الدعاية السياسية، فتتوحد بذلك الآلة الإعلامية والطرح الايديولوجي من اجل قلب الحقائق وتزييف الواقع.
تصور انه بإمكان البروباغندا أن تجعل من «الجاهل» عالما أو حتى سياسيا عظيما، تسوق للصغير فيصبح كبيرا جدا، تقلب الحق باطلا وتنهى عنه، وتجعل الباطل حقا وتدعو اليه.
كما انه بإمكانها ان تصطنع الازمات والمشكلات في المجتمع، فتخلق حالة من «الفوبيا العامة» من وضع معين.
والدليل على ذلك، استخدام بعض السياسيين لما اصطلح عليه «وسائل اعلام فاسد» لترويع المجتمع من ظاهرة «ازدواج الجنسية»، لا لشيء سوء الضغط على بعض السياسيين وتهديد بعض فئات المجتمع والحط من قدرها.
والطامة الكبرى انها استخدمت لعرض تلك الفكرة المجنونة بعض «الشخصيات المثيرة للجدل» وبعض المتطرفين والعنصريين والشاذين فكريا، وحاولت اظهارهم على انهم الابطال المخلصون وحماة الوطن وابنائه الاوفياء.
والنتيجة سقوط هؤلاء السياسيين وابتعادهم عن الأضواء، وتحول أبطالهم التي صنعوها الى مجرد مهرجين مبتذلين، خاصة بعد ان اتضح زيف ادعائهم وبطلان قضيتهم (ازدواجية الجنسية).
ان البروباغندا خطر حتى اذا استخدمته بحسن نية ولأهداف مشروعة وضد الاعداء الخارجيين، ولو انها تسعى الى تحويل الواقع المأساوي الى واقع جميل، مثال النازية واعلام غوبلز او الناصرية واعلام احمد سعيد.
فكيف اذا استخدمت بين الخصوم السياسيين في البلد الواحد، من أجل تلميع طرف دون الآخر؟! او ان تقوم بما هو أشد وأخطر من ذلك، وهو ضرب هؤلاء الخصوم وتخوينهم واتهامهم بـ «ازدواج الجنسية وازدواج الولاء»؟!
لم يشهد التاريخ السياسي الكويتي كله استخداما لـ «قضية ما» كورقة سياسية واعلامية كما استخدمت «قضية الازدواجية» في الآونة الاخيرة.
اخيرا: اتمنى، وخاصة بعد الاستعراض الهزلي الاخير، واحتراق ورقة ازدواجية الجنسية وسقوط بطلها المزعوم، ان تسعى «السلطة والمجتمع» الى وقف هذا العبث السياسي، ومحاسبة العابثين بأمننا الوطني قبل حدوث المزيد من الكوارث.