عادل عبدالله المطيري

البروباغندا ومزدوجو الجنسية

عندما تملك الآلة الاعلامية، فإنه من السهل عليك ان تخلق من بعض الاخطاء المحدودة قضية، وتصنع لها ابطالا، فكيف بمن يملك عدة صحف وقنوات فضائية؟

والبروباغندا هي بالتحديد الحالة التي تنشأ من اقتران الاعلام مع الدعاية السياسية، فتتوحد بذلك الآلة الإعلامية والطرح الايديولوجي من اجل قلب الحقائق وتزييف الواقع.

تصور انه بإمكان البروباغندا أن تجعل من «الجاهل» عالما أو حتى سياسيا عظيما، تسوق للصغير فيصبح كبيرا جدا، تقلب الحق باطلا وتنهى عنه، وتجعل الباطل حقا وتدعو اليه.

كما انه بإمكانها ان تصطنع الازمات والمشكلات في المجتمع، فتخلق حالة من «الفوبيا العامة» من وضع معين.

والدليل على ذلك، استخدام بعض السياسيين لما اصطلح عليه «وسائل اعلام فاسد» لترويع المجتمع من ظاهرة «ازدواج الجنسية»، لا لشيء سوء الضغط على بعض السياسيين وتهديد بعض فئات المجتمع والحط من قدرها.

والطامة الكبرى انها استخدمت لعرض تلك الفكرة المجنونة بعض «الشخصيات المثيرة للجدل» وبعض المتطرفين والعنصريين والشاذين فكريا، وحاولت اظهارهم على انهم الابطال المخلصون وحماة الوطن وابنائه الاوفياء.

والنتيجة سقوط هؤلاء السياسيين وابتعادهم عن الأضواء، وتحول أبطالهم التي صنعوها الى مجرد مهرجين مبتذلين، خاصة بعد ان اتضح زيف ادعائهم وبطلان قضيتهم (ازدواجية الجنسية).

ان البروباغندا خطر حتى اذا استخدمته بحسن نية ولأهداف مشروعة وضد الاعداء الخارجيين، ولو انها تسعى الى تحويل الواقع المأساوي الى واقع جميل، مثال النازية واعلام غوبلز او الناصرية واعلام احمد سعيد.

فكيف اذا استخدمت بين الخصوم السياسيين في البلد الواحد، من أجل تلميع طرف دون الآخر؟! او ان تقوم بما هو أشد وأخطر من ذلك، وهو ضرب هؤلاء الخصوم وتخوينهم واتهامهم بـ «ازدواج الجنسية وازدواج الولاء»؟!

لم يشهد التاريخ السياسي الكويتي كله استخداما لـ «قضية ما» كورقة سياسية واعلامية كما استخدمت «قضية الازدواجية» في الآونة الاخيرة.

اخيرا: اتمنى، وخاصة بعد الاستعراض الهزلي الاخير، واحتراق ورقة ازدواجية الجنسية وسقوط بطلها المزعوم، ان تسعى «السلطة والمجتمع» الى وقف هذا العبث السياسي، ومحاسبة العابثين بأمننا الوطني قبل حدوث المزيد من الكوارث.

سامي النصف

لماذا عمرو موسى هو الأفضل؟! (2)

  مصداقية من يترشح للمناصب الرئاسية والقيادية في الدول قضية مهمة جدا، وقد دفعت مصر ودولنا العربية أفدح الأثمان لأكاذيب قياداتها الثورية التي حولت النكبات والهزائم إلى انتصارات باهرة، وقد تكررت من د.عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح لقيادة أكبر وأهم بلد عربي سقطات وأقاويل غير مقبولة على الإطلاق، وقد ذكرت في مقال سابق لقائي بالدكتور أبوالفتوح عندما استضافنا الإعلامي الشهير حمدي قنديل في برنامجه «قلم رصاص» وإنكار الدكتور قبل بدء البرنامج وهو القادم للتو من دارفور، وقوع أي أحداث ومذابح هناك، مدعيا انها تخرصات امبريالية ضد نظام البشير في وقت كانت صور المذابح والتهجير تملأ وسائل الإعلام العربية والأجنبية.

***

وضمن لقائه مع جريدة «الأنباء» بتاريخ 9/5/2012 أنكر انه التقى صحافيا إسرائيليا ودعا الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل وهو أمر يكذبه شريط اللقاء الموجود بالصوت والصورة على اليوتيوب، وفي لقاء الأحد الماضي مع قناة النهار المصرية أنكر بشدة انه قدم القسم والبيعة لمرشد الإخوان المسلمين وعندما كذبه قادة الإخوان في وقت لاحق عاد في لقاء يوم الخميس الماضي ليقر بالقسم والبيعة دون الاعتذار عن إنكاره السابق (!) كما أصر على ان منافسيه موسى وشفيق هما من الفلول مهما قالا وأنكرا كونهما عملا لسنوات قليلة مع نظام مبارك، إلا أن علينا أن نقر بأنه لم يعد من الإخوان رغم انه كان عضوا فاعلا معهم لمدة 37 عاما متصلة حتى ان البعض يتهمه بأنه المرشح «السري» للإخوان.. أي صيف وشتاء على سطح واحد.

***

وفي لقاء قناة النهار الأحد الماضي مع الإعلامي خالد صلاح قال أمرا كرره في مناظرة الخميس الماضي وهو ان صور مرشحي الفلول تملأ اللوحات الإعلانية باهظة الأثمان المنتشرة على جانبي الطرق السريعة، متسائلا عن مصادر التمويل ومضيفا أن حملته لا تملك المال اللازم لمثل تلك الإعلانات، وفي صباح اليوم التالي أي الاثنين الماضي قدت سيارتي على طريق المحور السريع الذي يربط القاهرة بالاسكندرية ومدينة 6 أكتوبر مصطحبا كاميرتي وهو الطريق الأهم في مصر والذي يحتوي على جانبيه أكبر عدد من اللوحات الإعلانية.

***

وقد أحصيت وصورت 3 – 5 لوحات إعلانية لموسى وشفيق، ثم 8 لوحات إعلانية ضخمة لأبوالفتوح تلتها ما يقارب 80 لوحة متوسطة وصغيرة لأبوالفتوح على كل عمود نور ونخلة، وقد نشرت صحيفة «المصري اليوم» الرصينة في عدد الخميس 3/5 ان لوحات أبوالفتوح هي الأكثر عددا وانتشارا في القاهرة وانها تقارب عدد لوحات حازم أبواسماعيل (يقال ان مصدر التمويل واحد وان الاثنين وجهان لعملة واحدة)، فكيف ينكر أبوالفتوح وجود لوحات له ويستنكر وجود لوحات لموسى وشفيق ويسأل عن مصادر تمويلها وينسى لوحاته ومصادر تمويلها؟!

***

إن مصلحة مصر بالدرجة الأولى والعرب والعالم تقتضي اختيار المرشح موسى حيث لا تحتمل ارض الكنانة وشعبها الطيب ما تمثله منافسة ابوالفتوح من رغبة مدمرة في الانتقام والتطهير والإعدام من قبل المحاكم الثورية، اضافة الى انعدام الخبرة المطلقة بالعمل العام ومعرفة شخصيات العالم السياسية والاقتصادية، وحقيقة انه يمثل نفس التوجه السياسي رغم اختلاف المسميات مع أغلبية مجلس الشعب والشورى والحكومة القادمة، مما يعني العودة لمسار الحزب الوطني وبشكل أشد وأسوأ حيث ان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن الأخطاء الصارخة لأبوالفتوح تلونه السياسي للوصول للهدف حيث أصبح إخوانا، سلفيا، علمانيا، ليبراليا، مسلما قبطيا..إلخ وهو أمر يحسب ضده لا له.

***

إن مصر الموحدة المنتعشة اقتصاديا والقوية عسكريا هي ما يمثله حكم السيد عمرو موسى وهو ما سينفع مصر والخليج والعرب والعالم أجمع، أما مصر أبوالفتوح المشتتة سياسيا والضعيفة عسكريا والمهددة بالتفتيت جغرافيا كنتيجة منطقية لإضعاف جيشها والمدمرة اقتصاديا والمقاطعة عالميا فلن يكون فيها نفع لنفسها أو للآخرين حتى لو كان شعار من سيضعفها ويفتتها.. «مصر القوية».

***

آخر محطة:

1 ـ يعلم الجميع أن معدي ومقدمي البرامج والمناظرات السياسية والإعلامية ليسوا ملائكة بل يقومون وفي كثير من البرامج الحوارية بتسريب المحاور والأسئلة لأحد الأطراف المشاركة التي تتقارب رؤاها مع رؤى المحطة المعنية لإعطائه الأفضلية على الطرف المشارك الآخر وهذه قضية مسلّم بها.

2 ـ ويعلم البعض على الأقل أن إحدى المحطات التي استضافت المناظرة بين موسى وأبوالفتوح تمول من جهة قريبة من أحد المرشحين، ومن ثم لها مصلحة مباشرة بفوزه في تلك المناظرة المهمة وتلك قضية مسلم بها أيضا.

3 ـ بدأت مناظرة القمة وفات المذيعة منى الشاذلي ان توضح للضيوف الاثنين معنى دق الجرس إبان الإجابة (أوضحت «فيما بعد» انه لا يعني نهاية الوقت بل بقاء 10 ثوان على نهايته) لذا كان المرشح عمرو موسى يتوقف قبل ذلك الإيضاح ـ الذي أتى بعد انتهاء أول سؤالين وإجابتين ـ وكما هو متوقع مع دق الجرس، الغريب جدا أن المرشح ابوالفتوح كان يستمر في إجابته ومنذ البداية حتى تكتمل العشر ثوان اللاحقة (!) فمن أخبره ودربه على ان الجرس لا يعني انتهاء الوقت؟ وهل أخبر فقط بتلك الجزئية أم أخبر كذلك بالأسئلة والمحاور؟ حيث لاحظ المشاهدون ان موسى كان يفكر قليلا قبل أن يجيب بينما كان أبو الفتوح يجيب على الفور مستعينا بأرقام وإحصاءات يصعب حفظها دون علم مسبق بالحاجة إليها أي أن الفارق بين إجاباتهما كالفارق بين كيفية إجابة الطالب الشاطر، والطالب الذي يعلم بشكل مسبق الأسئلة والأجوبة، ان هناك حاجة ماسة للتحقيق في تلك المناظرة ومعرفة ماهية ضمانات عدم تسرب محاورها وأسئلتها، فهناك مناظرات عديدة قادمة على الطريق ولا نريد أن يصل لأهم كرسي عربي أحد عن طريق الغش والتسريب والخداع.

4 ـ زلة لسان عمرو موسى حول إيران العربية تعني بشكل قاطع انه لم تكن مسربة له بشكل مسبق الأسئلة والأجوبة!

احمد الصراف

أحداث تاريخية (1 – 3)

لقي عرض ارسال مذكرات المرحوم خالد العدساني المتعلقة بمرحلة شديدة التوتر والأهمية من تاريخ الكويت الحديث، لمن يطلبها اقبالاً حسنا، وطالب البعض بالكتابة عن ظروف انشاء وحل مجالس ثلاثينات القرن الماضي.
قام حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح في عام 1921، وبناء على رغبة خاصة وشعبية، باختيار بعض وجهاء البلد أعضاء في مجلس حكم استشاري، وحدث ذلك بعد فترة من وفاة سلفه الشيخ سالم المبارك الصباح، ولكن المجلس لم يستمر لأكثر من شهرين، وتم حله وبقية المجالس الأخرى كالمعارف والبلدية وغيرها، بعدها قامت مجموعة من المواطنين بتأسيس حركة للمطالبة بنوع من المشاركة في الحكم، وأطلقوا على أنفسهم «الكتلة الوطنية»، وكان عملهم في البداية يتسم بالسرية، ونجحوا في توزيع منشورات تطالب بالاصلاح، ونشر بعض منها في الصحافة العراقية، وعندما اشتد عود «الكتلة» رأت ان ظهورها للعلن أصبح أمراً محتماً، وقامت في فترة لاحقة بارسال وفد الى الحاكم للمطالبة بانشاء مجلس تشريعي، وكان يساند «الكتلة» الشيخ عبدالله السالم وشقيقه الشيخ فهد، وقد وافق الشيخ أحمد الجابر على انشاء مجلس تشريعي يشاركه في ادارة البلاد، وفي 29 يونيو 1938 اجتمع 320 مواطناً في ديوان الصقر لاختيار 14 مرشحاً من بين 20 لعضوية أول مجلس نيابي في تاريخ الكويت السياسي، وفاز فيها: محمد ثنيان الغانم، وعبدالله الحمد الصقر، صالح عثمان الراشد، يوسف صالح الحميضي، حمد الداود المرزوق، مشاري حسن البدر، يوسف بن عيسى القناعي، سليمان خالد العدساني، يوسف مرزوق المرزوق، خالد عبداللطيف الحمد، مشعان الخضير الخالد، سلطان ابراهيم الكليب، سيد علي سيد سليمان الرفاعي وعبداللطيف محمد ثنيان الغانم، وغالبيتهم من اثرياء البلد. واظهارا لحسن نية الأعضاء الجدد، وخلافاً للاعراف، قاموا باختيار الشيخ عبدالله السالم، ابن عم الحاكم، وولي عهده، رئيساً لهم، ويعتقد ان المجلس ما كان ليظهر لولا نصيحة المقيم البريطاني في خليج فارس (!) وقبول الشيخ أحمد الجابر للفكرة. ولكن سرعان ما دبت الخلافات بين المجلس والحاكم منذ اليوم الأول، عندما رفض طلب توقيع قانون يخول أعضاء المجلس الاشراف على تنظيم أمور البلاد وسن القوانين، ولكن بعد جهود شاقة قبل الشيخ توقيع القانون بعد ان عدل جملة «نحن أمير الكويت» الى «نحن حاكم الكويت»! وباشر المجلس عمله واصدر جملة تشريعات تتعلق بالجمارك والمعارف والقضاء والاحكام والأمن العام، كما اهتم بقضايا التعمير وتخصيص الأموال لتوسعة الشوارع والدوائر الحكومية، والطريف ان اول موازنة معروفة للكويت صدرت وقتها وبينت ان اجمالي الواردات المالية للدولة بلغت 263 ألف روبية، أي 36 ألف دينار! تقابلها 200 ألف روبية مصروفات الأسرة الحاكمة و40 ألفاً رواتب موظفي الحكومة، والمتبقي يصرف على التطوير والتشييد، ولم يدخل في الواردات مبلغ 90 ألف روبية عن حصة الكويت من امتياز شركة النفط، لانها لم تكن قد دفعت بعد.

أحمد الصراف

www.kalamanas.com