سامي النصف

الزمزم والزمزمي

وسط التهاليل والأفراح التي تجتاح أوساط الساسة والإعلاميين المصريين نقول وننبه بأن إسرائيل هي المستفيد الأول من إلغاء اتفاقية الغاز كونها ستحصل عليه من إحدى دول المنطقة بنفس الكمية وبسعر أفضل، كما انها وكما ذكر د.عبدالمنعم الزمزم رئيس قسم القانون الدولي في جامعة القاهرة، قد تربح قضية التعويض التي رفعتها أمام المحكمة الدولية المختصة، كون تلك المحاكم ترفض كمبدأ إلغاء العقود من طرف واحد، مستشهدا بأن تسونامي اليابان وإعصار كاترينا في الولايات المتحدة رغم آثارهما المدمرة لم يعطيا البلدين الحق في إلغاء التزاماتهما الدولية، كما نشرت جريدة «الوطن» المصرية في عدد السبت 5 مايو تحذيرا من أطراف مصرية مختصة من ان مصر قد تدفع 8 مليارات دولار لإسرائيل بسبب إلغاء عقد الغاز.

***

ضجة إعلامية قائمة في مصر على ما سمي بالوداع الأخير للزوجة اي حق الزوج في معاشرة الزوجة الى 6 ساعات بعد وفاتها، وهي فتوى كما ذكر الزميل العزيز فؤاد الهاشم أصدرها الشيخ المغربي عبدالباري الزمزمي والذي أضاف لها هذه الأيام وعبر لقاء مع جريدة فرنسية فتوى أخرى تخص الجزر والنساء مدعيا انها أمور صدرت بها فتاوى في عصور الإسلام الأولى، وكالعادة أثارت تلك الفتاوى وأمثالها ردود فعل واسعة في وسائط الإعلام العربية والغربية.

***

وكنا قبل ذلك شهدنا ثورة العالم الإسلامي على رسامي الكاريكاتير في الدنمارك وغيرها مع علم الجميع بأن تلك الرسومات المسيئة لا تضر الإسلام العظيم بشيء كونها صادرة من غير المسلمين ومن أعداء الإسلام، ومع ذلك صدرت الفتاوى الشديدة ضد المسيئين، السؤال المحق: ماذا عن شيوخ وسادة مسلمين سنة وشيعة يبحثون في بطون الكتب بعلم او بجهل ليصدروا لنا فتاوى تنسب للإسلام وتشيب رأس الطفل الرضيع وتضحك سن الشيخ المهيب وتتسبب بالضرر الدائم الذي لا يجبر للإسلام؟! أليس من الواجب ان تصدر فتاوى ضد هؤلاء الشيوخ والسادة أقوى وأقسى مما يصدر ضد الغير كي يوقفوا فتاواهم وآراءهم الشاذة ويعتذروا عنها ودون ذلك سيستمرون في أقاويلهم وأكاذيبهم المدمرة؟!

***

«عنزة ولو طارت» و«نقول ثور يقول احلبوه» المقولتان تعكسان بحق المنطق السائد هذه الأيام على أرض الكنانة، يقول المجلس العسكري ويحلف بالطلاق انه يود العودة للثكنات اليوم قبل الغد فيعلن عن مظاهرات ملايينية (لا يزيد حضورها عن آلاف قليلة) تدعو المجلس العسكري للرحيل بعد 30 يونيو! يتعهد المجلس العسكري وهو احد الأصوات العاقلة والصادقة الباقية بمصر بعدم السماح بتزوير الانتخابات مستشهدا بالانتخابات النيابية الاخيرة التي تمت في عهده، وتسليمه الدوائر الانتخابية للإشراف القضائي الكامل ودعوته لعشرات الأطراف الدولية والمحلية لمراقبة الانتخابات المقبلة، فيمتلئ ميدان العباسية المقابل للمجلس العسكري بالمتظاهرين والساسة والإعلاميين المأجورين الداعين المجلس العسكري لـ «عدم تزوير الانتخابات»! وارجع لبداية الفقرة!

***

آخر محطة: اتصلت سامية صادق مراسلة قناة دريم بشقيقة المرشح الصادق حازم أبوإسماعيل فأجابها زوجها محسن حمزة قائلا ان شقيقته غاضبة جدا لتكتم الشيخ حازم عن جنسية والدته الأميركية، متسائلا: «لماذا يكذب الشيخ حازم وهو يعلم ان والدته أميركية؟!» ومع ذلك يموت العشرات في العباسية بحجة ان الحازم بأمر الله مظلوم.. مظلوم!!

احمد الصراف

أين تكمن المشكلة؟

تشكو الدول الإسلامية قاطبة، بدرجات متفاوتة، من تخلف عام، وحدهما ماليزيا وتركيا تمكنتا في نصف القرن الماضي فقط، من الفكاك من هذا التعميم وتحقيق تقدم بارز في أكثر من مجال، ولكل واحدة أسبابها، فماليزيا تدين بتقدمها للعنصر الصيني من مواطنيها، الذي كان له الفضل في الاهتمام بزراعة أشجار المطاط، وفي مرحلة تالية تحولهم للصناعة وتحقيق تقدم تجاري جعل ماليزيا نموذجا يحتذى. كما ساهم تعدد أعراقها في نجاحها وانقاذها من الجمود والتطرف الديني. أما تركيا فنجاحها يكمن في غنى مواردها وحجم سكانها الكبير وقربها من أوروبا وبالطبع نظامها العلماني.
واستطرادا نلاحظ أن كل الأقليات غير المسلمة في الدول الإسلامية تتمتع بقدر واضح من الثراء النسبي مع ارتفاع نسب المتعلمين بينهم وصغر حجم اسرهم، نتيجة ما يسمى بآلية الدفاع Defense mechanism. ولكن لو نظرنا لأوضاع الأقليات المسلمة التي في الدول غير المسلمة، كمسلمي الصين وتايلند والفلبين وغيرها، لوجدنا أنهم يفتقدون آلية الدفاع، وبالتالي تعاني جميعها تقريبا من أعراض تخلف مجتمعات الدول الإسلامية نفسها.
مناسبة هذا الحديث يعود للنظرية الجديدة التي توصل اليها أخيراً Eric Chaney، أستاذ مساعد الاقتصاد في جامعة هارفارد، والتي أثارت تعليقات عدة في الغرب، حيث ذكر أن الدول العربية، كما هو معروف، تعاني نقصا حادا في الديموقراطية، وتشكل أنظمتها الدكتاتورية ثلث حجم الأنظمة المستبدة في العالم، وأن هذا النقص في الديموقراطية امتد، بتأثير منها، لمناطق خارج حدودها، وشمل المناطق التي سبق أن حكمها الأمويون والعباسيون والفاطميون وغيرها من الدويلات الإسلامية، والتي سبق أن اجتاحتها جحافل جيوش المسلمين العرب، فقد أصبحت هذه، لأسباب عدة، أكثر رفضا للديموقراطية مقارنة بالمناطق الإسلامية التي لم تصلها تلك الجيوش! ويقول ان من أسباب ذلك برأيه هو مساهمة أو دور الدولة أو الحكومة الكبير في الناتج القومي لهذه الدول، مقارنة بتلك التي لم تصلها الجيوش، وافتقارها الشديد لمؤسسات المجتمع المدني، والاتحادات العمالية، وضعف قدرتها المادية، وأخيرا ذلك التحالف «التاريخي» بين «حكام» ودكتاتورية هذه الدول والمؤسسة الدينية، وهو ما أدى الى القضاء على عنصر المنافسة في المجتمع، وأكسب القوى المحافظة القدرة على معارضة أي تغيير سياسي قد يتطور مع الوقت ويصبح في غير مصلحتها! وبالتالي فالدول التي وصلتها جيوش الفتح او الغزو أكثر رفضا للديموقراطية من غيرها.
وتصديقا لجانب من هذه النظرية، فقد توصل يوهان غوتنبرغ عام 1450 الى اختراع المطبعة، التي اعتبرها الأخطر في تاريخ البشرية! ولكن السلطان العثماني بايزيد الثاني، لم يقبل بها في حينه، بموجب فتوى دينية بحجة أنها قد تفتح الطريق لطباعة مصحف محرف، ولكن السلطان نفسه سمح لليهود باستخدام المطبعة للحفاظ على تراثهم الديني من الضياع! وأول مطبعة عرفها المسلمون كانت في مصر، ولكن بعد 370 عاما من اختراعها، وعليكم حساب التأثير السلبي لتلك الفتوى على كل العلوم والعقول.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

اليسار.. يركب الموجة

فجأة.. ومن دون سابق انذار.. ركب التيار الليبرالي الموجة.. موجة ضاحي خلفان عندما حذر من صعود الإسلاميين الى الحكم في الخليج وفي الكويت بشكل خاص! تحذيرات الفريق ضاحي لم تجد لها أذناً صاغية من المسؤولين في الكويت.. كما لم تجد متابعة واهتماما من بقية الشرائح المثقفة لادراكهم حقيقة التيارات الإسلامية ومنطلقاتها وأهدافها. ولكن بالأمس فوجئنا ببعض مراكز التأثير الإعلامي ممن نظنهم من عقلاء الليبراليين يحذرون من صرخة مشابهة لصرخة خلفان، ولكن هذه المرة على منصب رئيس الوزراء! عندما طالبت بعض القوى الإسلامية بأن يكون شعبياً! مع ان البعض من الليبراليين ما صدق خبر وكأنه وجد ضالته فقال انها مقدمة للانقضاض على الحكم!
ولا أظن الجماعة سريعي النسيان.. فالمطالبة بشعبية منصب رئيس الوزراء لم تقتصر على الحركة الدستورية الإسلامية التي نعتت بـ «الإخوان المسلمين في الكويت»، كما يحلو لهم تسميتها، بل هي دعوة أطلقتها قوى سياسية عدة، إسلامية وليبرالية، في أكثر من مرة في السنوات الماضية القليلة، وأبرز الداعين إلى شعبية رئيس الوزراء النائب السابق عبدالله النيباري في أكثر من مقال، بل ان المنبر الديموقراطي في بيان له في نوفمبر 2011 دعا الى شعبية منصب رئيس الوزراء، والأكثر من ذلك ان إحدى الصحف اليومية، التي تحمل توجها ليبراليا، كتبت في افتتاحية أحد الأيام الى ضرورة ان يكون رئيس الوزراء شعبياً! ومع هذا نجد اليوم من يحمل الحركة الاسلامية في الكويت هذا «الوزر» هذا بالنسبة لما يدعيه التيار الليبرالي.. فكيف اذا قلنا ان الحركة الدستورية الاسلامية في الكويت لم ترفع هذا الشعار ولم يكن من أولوياتها وان كان متضمنا احد منشوراتها السابقة؟! كما ان هناك فرقاً بين شعبية منصب رئيس الوزراء وشعبية الوزارة وهي التي طالبنا فيها كثيراً في السابق، فالحكومة الشعبية هي حكومة منتخبة أو في أسوأ حالاتها حكومة أغلبيتها من البرلمان، وليس بالضرورة ان يكون رئيس الوزراء منتخباً، كما ان شعبية رئيس الوزراء تحتاج الى تغيير في طبيعة العمل السياسي والانتخابي، حيث يتوجب ذلك وجود احزاب سياسية وقوائم، وهذا بلا شك الوضع الطبيعي للممارسة الحقيقية للديموقراطية والنظام البرلماني.
سؤال بريء: هل هذا الطرح الجديد للتيار الليبرالي يتوافق مع أصول المبادئ التي ينادي بها؟! الغريب.. أو المفارقة العجيبة ان إحدى الصحف التي شنت حملة على التيار الديني ورغبته في السيطرة على مقاليد الأمور، في اليوم نفسه يكتب شيخ اليسار عندهم مقالاً يتهم فيه التيار الديني باليمين وولائه للحكومة! كما ان الذي أثار شعبية الوزارة أخيراً هو النائب فيصل اليحيى وهو نائب مستقل لا ينتمي الى الحركة الدستورية ولا الى السلف.
نصيحة الى زملائي في التيار الليبرالي.. كثرة الكتابة عن «الإخوان» وبقية الألقاب التي تؤشر الى «حدس» بالحق والباطل.. وكثرة تركيزكم على اثارة شبهات حولهم وإلصاق تهم بهم «قص ولزق» لن تؤدي الا الى مزيد من الشعبية لهذه التيارات، ودليل على معاناة داخلية في تنظيماتكم لكن لنتفق على ان يكون انتقادنا لبعضنا بالعدل والانصاف وشرف الكلمة..!!
ولنبتعد عن التجريح والافتراء على بعضنا البعض وتهويل الأمور.