لأن الباحثين عن الفتنة والتفرقة والحكم المسبق كُثر، فإني أهدي أولى فقرات المقال إليهم ناصحاً إياهم بألا يستكملوا قراءته فلن تستقبل عقولهم محتواه، وليكتفوا بالعنوان لبث سمومهم وتعليقاتهم السخيفة، “ليش ما تكتب عن إيران” والذي منه من أدوات الفرقة المعلبة.
لأننا مختلفون وضعنا الحدود وجمعنا مجلس التعاون الخليجي في نقاطنا المشتركة، فإن كنا نموذجاً واحداً لما أطلقت تسمية التعاون علينا، فالتعاون يعني تعدديتنا واختلافنا في الأنظمة والطريقة.
لكل بلد ظروف تكوينه ونشأته ونظامه، والكويت تحديداً تتفرد عن كل الأنظمة المحيطة الشقيقة والصديقة بمسار تكويني وتاريخي مختلف، فقد اجتمع العرب مع العجم المسلمين مع غيرهم لتكوين هذا البلد منذ مئات السنين على أساس العمل لا العقيدة أبداً، وأخذوا من السفر والترحال والتعرف على الثقافات والاختلاف والتنوع منهجاً، وأجمعوا على الانتخاب والديمقراطية منذ النشأة سلوكاً، وهو أمر غرس بثقافة الكويتيين كلهم، وأصبح النقد والاختلاف والحوار جزءاً من طبيعتهم إلى اليوم.
اليوم يريد البعض تطبيق نموذج سعودي تحديداً على الكويت كما سعى البعض من ذي قبل إلى تطبيق نموذج إيراني عليها، وكلاهما لا يصلحان للكويت.
وعدم صلاحية النظام السعودي للكويت لا يعني بأي شكل من الأشكال أنه لا يصلح للمملكة العربية السعودية مثلاً، فلكل بلد نظامه ولكل شعب قراره ولا أتدخل فيه، لكن هذا لا يعني أن أسعى إلى فرض نموذج غير ملائم أصلاً لا لطبيعة أهل الكويت ولا لأسلوب حياتهم قسراً بحجة الديمقراطية.
إن النظام السعودي أو غيره من أنظمة الدول الشقيقة والمجاورة لا يتناسب مع دستور دولة الكويت، وهو نظامها القائم والحاكم، بل حتى إن رغب البعض في “سعودة” الكويت فإن ذلك غير ممكن، لتعارضه مع دستور الدولة الذي حصّن نفسه أصلاً من أي محاولات لتقليص حرياته.
أتفهم جيداً إعجاب البعض بالنظم المجاورة، وهو أمر مشروع وحق من حقوقهم يمكن أن يطبقوه على أنفسهم في منازلهم وعلى أسرهم، لكن أن يحاول البعض فرض نموذج أقل حرية من دستور الدولة، فهو أمر يجب أن يتم التصدي له من قبل الدولة بسلطاتها الثلاث.
إن استيراد نموذج خارجي لا يتسق مع تكوين الكويت سواء كان نموذجاً سعودياً أو عراقياً أو إيرانياً، أمرٌ مرفوض ولا يتسق مع مبادئ الكويت وقيمها وتكوينها ودستورها.
أُكنّ كل التقدير والاحترام لجميع الدول وأنظمتها وسيادتها، ولكني أرفض رفضاً قاطعاً أن يتم تغيير شكل الكويت وتشبيهها بأي دول أخرى تختلف في طرق التكوين والنشأة.
خارج نطاق التغطية:
اقتراح النائب الصقر بمعية 44 نائباً آخرين لتسهيل اللجوء إلى المحكمة الدستورية وضمان الحفاظ على الدستور وحق الشعب يشكر عليه النائب الصقر ومن وقّع معه، لكن السؤال ما مبرر عدم توقيع أربعة نواب على هذا الاقتراح، رغم طلب الصقر من الجميع التوقيع عليه؟