عادل عبدالله المطيري

خلاف السلطات والإصلاحات الدستورية

    الدستور يعد من أهم إنجازات السلطة والمجتمع في الكويت، وهو علامة فارقة بين التخلف والتطور، فلا يتصور أي وجود للدولة الحديثة من دون دستور أو قواعد عامة للحكم.

ورغم أن الدستور الكويتي أقر في العام 1962 إلا أنه كان مشروعا تقدميا نظرا لحالة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية آنذاك.

ومن المؤكد أيضا أن صدمة الدستور والديموقراطية والتغيير السياسي لم تكن قد استوعبت من كلا الطرفين، السلطة والمجتمع حينذاك، مما أدى إلى فشل التجربة الديموقراطية في بداياتها وتسبب في تعطيل العمل بالدستور والديموقراطية وحل المجالس البرلمانية.

قد نجد العذر في التعامل مع الديموقراطية سابقا، حيث لم تكن السلطة في الماضي مستعدة لاستيعاب الديموقراطية والتزاماتها، وكذلك المجتمع أفرادا ونوابا لم يتصوروا كل تلك الحقوق السياسية ولم يعتادوها.

لكن بعد عودة الحياة الديموقراطية عام 1992، واستمرار الممارسة الديموقراطية دون انقطاع، وتفعيل أكثر مواد الدستور التي لم تكن تستخدم بالسابق، كاستجواب رئيس الوزراء والنقاش حول اختصاصاته، وكيفية تشكيل الحكومات، وطرق التصويت داخل البرلمان، يرى الكثير من المراقبين ان الدستور الذي وضع قبل 50 عاما لم يعد يناسب الحياة السياسية في الوقت الحالي، ويجب تنقيحه للمزيد من الحريات، ولمزيد من الصلاحيات البرلمانية مقابل تقليص نفوذ السلطة التنفيذية.

ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن تطوير الممارسة الديموقراطية يحتاج الى تعديلات دستورية تمكن مجلس الأمة من إعطاء الثقة للحكومة عند تشكيلها، لكي يتمكنوا من التعاون معها، ودرءا للاختلافات المبكرة.

كذلك يجب إعادة النظر في مشاركة الحكومة في التصويت داخل البرلمان، لأنه يعد تدخلا في صلاحيات النواب التشريعية وتداخلا صريحا في السلطات، ففي النهاية الحكومة سلطة تنفيذ لا تشريع، ولا تملك حق الاعتراض على القوانين مباشرة عن طريق المشاركة في التصويت، بل يجب أن ترفع طلب الاعتراض إلى رئيس السلطات صاحب السمو الأمير، حفظه الله، وسموه هو الذي يقرر رد القوانين او إمضاءها، ويحق لمجلس الأمة بعد اعادة القوانين اقرارها بالأغلبية الخاصة او الانتظار إلى دور انعقاد آخر.

من الواضح أن هناك الكثير من التعديلات الدستورية المستحقة لكي تستقيم الأمور، دون الاخلال بنظام الإمارة وصلاحياتها أو الانتقاص من دور السلطة التنفيذية وواجباتها.

وكلما كانت الإصلاحات الدستورية مبكرة، قللت من حدة الصراع بين السلطات وتداركت خطورة اتساعه.

 

محمد الوشيحي

آيساد

سحقاً للدول الصناعية، و”طز مرة ثانية فأمريكا وبريطانية”، وسحقاً لألمانيا، وسحقين اثنين لليابان، وسحقات لا حصر لها لكبريات الشركات الصناعية وأصحابها، ووو، وسحقات أكثر منها وأكبر لكل الاختراعات التي عجزت أن تنجب لنا جهازاً واحداً، واحداً بس، يضعه الواحد منا في جيبه فيكتشف كذب الكذوب وصدق الصدوق.
وسأشرح فكرته كي يتبناه مصنع من مصانع الخير؛ يكون بحجم علبة السجائر، نضعه أمام المسؤول أثناء حديثه، فيعطينا ضوءاً أخضر إذا كان المسؤول صادقاً، وأصفر إذا كان كاذباً، وميزات أخرى بحسب ما يراه، وبحسب الكذب ومستواه… نمرره على بيانات الحكومة أو التيارات السياسية فيضيء بأحد اللونين، ونضعه على مقربة من التلفزيون ونختار المحطة، ونراقب ضوءه فنحكم على المحطة الفضائية، صادقة هي أم كاذبة، وهكذا، بشرط ألا يستخدمه الزوجان، حفاظاً على البيوت والأولاد. ويمكن تسميته “آيساد” على وزن آيفون آيبود وآيباد.
جزماً سيحقق أرقاماً قياسية في المبيعات لم يسبقه إليها غيره، خصوصاً في عالمنا العربي الجميل، وعلي النعمة لأشترينّه، أو كما في اللغة، لأبتاعنّه، مهما كان سعره، ولو كلفني ثيابي التي أرتديها، على أن أكتفي بأوراق الشجر لتستر جسدي، فأضعه أول ما أضعه أمام رئيسي البرلمان والحكومة، قبل أن أضعه أمام بقية النواب والوزراء، ثم الإعلاميين المحترفين، ثم ناشري الصحف ومالكي الفضائيات، ثم ثم ثم…
وأقسم أن الجهاز بكامله، إذا وُضع أمام الفضائيات التي لا تمل من بث الأغاني الوطنية ولا تكل من المطالبة بهيبة الأسرة، سيصبح، الجهاز، كبقرة اليهود، أصفر فاقعاً لونه، وسيطلق أصواتاً لا تسر السامعين.
وأقسم مرتين أننا لو وضعنا الجهاز أمام بعض الليبراليين في البرلمان أو خارجه، لتمتم بكلمات يعاقب عليها القانون! ولو مر إلى جانبه بعض المتدينين في البرلمان وخارجه، خصوصاً ذلك المتدين، أو مدّعي الدين، عضو البرلمان، بملابسه المهيبة، لوقع الجهاز على ظهره وأطلق ضحكات تحرج الراقصة، قبل أن يستدير، الجهاز، ويقدم على فعل ما لا يحمد عقباه.
أما إذا وضعناه أمام الثنائي البرلماني، شهاب الدين وأخيه، فسيسد الجهاز أنفه، ويرتكب حماقات تذهل السكارى.
هو جهاز سيريح الناس ويتكفل بمهمة التفكير والتفسير، خصوصاً إذا ما تم تحديثه وأضيفت إليه ميزة “الختم على أنف الكذاب” بخاتم واضح لا لبس فيه، وأجزم أن ثلاثة أرباع المسؤولين الذين تمتلئ الصحف بصورهم، سينظرون إلى المصورين نظرتهم إلى ملك الموت، وسيهربون منهم هروبهم من الموت، وسيضع كل منهم ثوبه في أسنانه ويطلق ساقيه للريح، كما تهرب البغايا من شرطة الآداب، فيقفز هذا من النافذة، ويختبئ ذاك خلف الستارة! هو جهاز سيكفي لجان التحقيق العناء، ويكفي الناخبين الهراء، فأكثروا معي، يرحمني ويرحمكم الله الدعاء: “اللهم يسّر للمصانع تنفيذ “آيساد”، اللهم عجّل به فإنه رحمة، اللهم لا حول إلا حولك، ولا قوة إلا قوتك، فهب للمصانع وأصحابها القدرة على اختراعه، وهب لنا ابتياعه… آمين”.

حسن العيسى

نحو وطن قومي للبدون

اضربوهم واقمعوهم في كل تجمع وكل مظاهرة سلمية حتى يصرخ البدون ويقروا، وهم بكامل وعيهم وأهليتهم القانونية، أمام لجنة السيد صالح الفضالة، وأمام كل كويتي متنعم بالجنسية المباركة بأنهم ليسوا بدوناً، وأنهم من دول الجوار سواء كانوا من السعودية أو العراق أو إيران، وكأن بقية الكويتيين من فئة “الممتازة” أو “سوبر ديلوكس” قدموا من بافاريا أو النمسا!
أصبح عرفاً مستقراً أن تقابل كل مظاهرة للبدون بعصي وعضلات القوات الخاصة، حتى يمكننا تصور أن تقوم وزارة الداخلية بخلق قوات خاصة من القوات الخاصة، قوات خاصة الخاصة تتخصص في عمليات ردع وتأديب البدون ويكون مركزها الدائم في تيماء بالجهراء، ثم هناك القوات الخاصة غير الخاصة بالبدون وتتخصص في إعمال قانون منع التجمعات المحكوم بعدم دستورية بعض بنوده، ووسائل تلك القوات الخاصة وغير الخاصة بالبدون يفترض أن تكون أكثر رحمة بالمشاغبين من أهل الكويت، فيمكن أن نتخيل أن تستعمل تلك القوات الخاصة غير الخاصة قفازات من حرير لضرب المتجمعين أو توزع عليهم منشورات من الحكومة والمجلس بهبات وعطايا جديدة حتى يتخدر وعيهم “وينسطلوا” بعالم النعم وينسوا بالتالي لماذا كانوا أساساً متجمعين.
تلك مجرد اقتراحات لوزارة الداخلية، أتمنى أن تنظر إليها “بعين العطف والرعاية”- كما جاء في وعد بلفور المشؤوم بإنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين، مثلما علمونا في المدارس أيام زمان- فالنظرة البلفورية ربما ستعد غدا بإنشاء وطن قومي للبدون – ولا ندري بأي خرابة يمكن نفيهم فيها- طالما أن الأستاذ صالح الفضالة متأكد أن لديه الأدلة الدامغة على الجنسيات الأخرى لأكثر من 67 ألفاً من البدون، فهو قد قام بزيارات مكوكية لبعض دول الجوار لكشف الأصول العرقية للبدون مثلما فعل “ألكس هيلي” في رواية “الجذور” حين تقصى الكاتب الأميركي عن جذوره الإفريقية وتاريخ عائلته في العبودية! والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن، إن كانت الحكومة ممثلة بالسيد صالح الفضالة تملك الأدلة الدامغة على “أصول الـ67 ألفاً” فلماذا لا يتم كشف هذه “الأدلة الدامغة” للإعلام ولنواب التكتل الشعبي للقضاء على أي أمل “لهؤلاء البدون” بالدخول لجنات الجنسية الكويتية، وبفرض أن أصولهم معروفة وكأن أصول بقية أهل الكويت غير معروفة، فماذا ستصنع الحكومة معهم، فهي تدري الآن أنهم لا يستحقون الجنسية – حسب أدلة السيد الفضالة الدامغة- ولا أمل لهم فيها مهما تظاهروا وتجمعوا، بالمقابل لا أمل لهذه الحكومة ولا لغيرها سواء بسياسة العصا الغليظة أو بسياسة الوعود بالإقامة الطويلة أن تستنسخ “بلفور كويتي” يمكنه أن يحقق الحلم الاستحواذي الكبير لإنهاء شعار “هذي ديرتنا وفيها اللي نبي” بخلق وطن قومي للبدون غير هذه الدولة التي ولدوا وقضوا جل حياتهم بها… ماذا ستصنعون مع البدون غير ضربهم وملاحقتهم؟!… أنتم أدرى.

احمد الصراف

اللبناني غير

ليس هناك بين العرب من هو أكثر تميزاً من الشعب اللبناني. فبالرغم من صغر مساحة بلدهم وقلة عددهم، من غير المهاجرين منهم، فإننا نجد أنهم الأكثر إبداعاً في أكثر من مجال، حتى في حروبهم الأهلية، وما أكثرها على مر التاريخ، كانوا الأكثر تميزاً بدمويتهم وعنفهم ودمهم ودموعهم، كما هم في كرمهم ومحبتهم. ولو نظرنا لقصص النصب والاحتيال التي رويت عنهم، والتي لا تخلو منها أمة، لوجدنا هنا أيضا تفردا واضحا معجونا بطرافة وذكاء عجيبين، ولخص الصديق عماد محمود كل ذلك بقوله: «كل شي بينعمل، بدّو ينعمل مضبوط»! والطريف ان من السهل ملاحظة الفتاة أو الشاب اللبناني بين أي جمع متنوع، إن من خلال طريقة الاهتمام بالمظهر الخارجي او بطلاقة اللسان والتحدّث بأكثر من لغة، ومعروف أن اللبناني هو الوحيد الذي يستعمل 3 لغات في سؤاله عن الصحة، حيث يقول: هاي، كيفك؟ سفا؟ كما تعرف عنهم تلقائيتهم في التصرف من دون قيود كثيرة. كما لا ننسى أن لبنان أعطى العالم الكثير من العلماء والمثقفين، وأبدع اللبناني في ميادين الجمال والأدب والفن، بطريقة لم تستطعها غالبية، إن لم يكن كل الدول العربية الأخرى، مقارنة بحجمها طبعا! وكل هذا لم يأت. عبثا، بل يعود أساسا للتعدد والتنوع الثقافي والديني والمذهبي وحتى الإثني لشعبه. ولو تم تقسيم لبنان لدول أو كانتونات منفصلة ومستقلة عن بعضها على أسس دينية ومذهبية وعرقية، لاختفت ملامح «الشخصية اللبنانية» المحببة والمبدعة خلال أقل من نصف قرن! وهذا التنوع هو، ولا شيء آخر، الذي أعطى الشخصية اللبنانية مميزاتها وتكوينها المنفرد، الذي أصبح عنوانا للذوق والمحبة والكرم وحب الحياة و«فن» الاستمتاع بها.
لا أدعو هنا حتما الى تقليد الشعب اللبناني في كل شيء والاقتداء به، فهذه أمور تعود لكل فرد، وليس بالإمكان إجبار أحد عليها، أو تغييرها بمقال أو حديث، ولكن ما أهدف للوصول إليه هو أننا لا نستطيع أن نعيش منفردين في العالم ونعتقد بأننا الفئة الناجية، وأن طعامنا هو الأفضل ولباسنا هو الأنسب وعاداتنا هي الأصح وتقاليدنا هي الأجمل، ففي العالم تنوع كبير وعظيم، ومن الغباء عدم الاستفادة منه والنهل من موارد كل هذا التعدد والتنوع، فالبشر إخوة متحابون، ولا يمكن معرفة ما تعنيه المشاعر الإنسانية من أهمية إلا بتقبل الآخر أولا، ومن ثم تجربة العيش معه بسلام.

أحمد الصراف