سامي النصف

كي لا تقتلع رياح السموم خيمتنا!

  لكل خيمة أمم أعمدة وأوتاد تحافظ على بقائها كمظلة للأوطان والشعوب، ولا يمكن للمغرضين والمخربين ممن ينتوون الإضرار بالبلدان والشعوب المعنية (ونحن منهم) خدمة للأجندات الخارجية الذكية أو الداخلية الغبية، إلا أن يسعوا جاهدين لضرب وكسر تلك الأعمدة والأوتاد كي تذرو أول هبة ريح من رياح السموم خيمة الوطن التي نستظل جميعا بظلها الآمن والوارف والجميل.

***

لذا علينا ألا نستغرب على الإطلاق أن يتطاول شباب غرّ مغسول المخ (إن وجد المخ بالطبع) على مقام صاحب السمو الأمير وأن يدافع عنهم بالتجمهر من دفعهم لذلك الفعل الشائن، والواجب أن يستمر التحقيق الجاد معهم حتى يتم الوصول للمصدر والفكر المدبر الذي ملأ الصدور بالحقد، والرؤوس الفارغة بالأفكار التي تضرها قبل غيرها، ودون ذلك سيستمر مخطط التدمير والتحريض حتى يصل بقطار شعب الكويت إلى.. الهاوية!

***

ومن ضمن الأعمدة والأوتاد التي يتم التطاول عليها هذه الأيام لاقتلاعها كي يسهل الإطاحة بخيمة الوطن وبقصد ضرب كل قامة وطنية كويتية شامخة لم يعرف عنها إلا الإخلاص الشديد للبلاد، ما جرى للشيخ الجليل فلاح بن جامع، مما خلق ردة فعل شديدة من الكويتيين كافة قبل أبناء قبيلته العوازم الكرام، وما تتعرض له شخصيات كويتية لم يعرف عنها إلا الأمانة والكفاءة والصدق كالسيدين عبدالعزيز العدساني وصالح الفضالة، وما أروع وأغزر الكلمات التي احتواها رد الدكتور المختص محمد عبدالمحسن المقاطع والنائب الحقوقي محمد الدلال على تلك التخرصات المدفوعة الأثمان التي يقصد منها ضرب الوحدة الوطنية عبر أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان.

***

آخر محطة:

1 ـ لإيضاح إلى أي مدى يستطيع المغرضون غسل أدمغة الشباب: في الثمانينيات حاول شباب فلسطيني منضم لمجموعة أبونضال الإجرامية العميلة قتل العميد أحمد الجارالله بثماني رصاصات اخترقت جسده، بعد مدة تم القبض عليهم وبدأت محاكمتهم وأتى صاحب القلب الكبير أبومشعل للمحكمة ليعلن إسقاط حقه عن المتهمين بقصد تخفيف العقوبة عنهم ويبقى بالطبع الحق العام، وقف الشاب الذي أطلق النار وهو في العشرينيات من عمره لا ليعلن شكره خاصة أنه لا يعرف الجارالله شخصيا بل ليصرخ: إذا لم أعدم وخرجت من السجن في يوم ما فسأعود لإكمال ما بدأته ولقتل من.. عفا عنه قبل قليل!

2 ـ قوية جدا مقولة وزير الإعلام لمستجوبه «لا اعتقد أنك قرأت صحيفة الاستجواب قبل تقديمها»! ولنا عودة.

احمد الصراف

متاجرة اللصوص بالنصوص

«لابد من التمييز بين الدين كمنظومة نصوص مقدسة والفكر الديني الذي يحاول الاستفادة من هذه النصوص في تطبيقات اجتماعية، فكرية أو سياسية، وعدم القدرة على التمييز بينهما يقود إلى تجاوز القداسة المحددة دينيا إلى مساحات أكبر، لتشمل المفكر الديني نفسه وكتبه وتعاليمه. ولكون العملية متسلسلة زمنيا، فإن سلسلة القداسة ستكون تراكمية وبازدياد».
(محمد عز الدين الصندوق، أكاديمي ومفكر بريطاني من أصل عراقي)

***
كتب الزميل صلاح الهاشم مقالا، ذكر فيه أن المرحوم الشيخ سعود الناصر سبق أن حذر من خطر الإخوان المسلمين، وجاء الفريق ضاحي خلفان، رئيس شرطة دبي، ليكرر التحذير من الخطر نفسه! والحقيقة أن كثيرين جدا سبقوا هاتين الشخصيتين في التحذير من خطر «الإخوان»، ومهدوا الطريق لهما ولغيرهما لمعرفة ما يمثله «الإخوان» من خطر ليس على أنظمة دول مجلس التعاون فقط، بل وعلى كل ما له علاقة بالحرية وحقوق الإنسان والديموقراطية، وليس هناك ما هو أهم وأغلى منها! فهذه الحركة التي تحولت منذ نهاية عشرينات القرن الماضي إلى أخطبوط مالي وسياسي وحزبي ضخم، لا يختلف في تشكيله وقيادته وتنظيمه عن الحركة الماسونية التي طالما حذروا منها. ودق وصولهم أجراس الإنذار في عقول كثير من الكتاب والباحثين الذين بدأوا بالنبش في تاريخ الحركة وجرائمها السياسية منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى اليوم، وكشف مقاصدهم غير المشروعة التي تتمثل ليس في الوصول إلى الحكم، بل والتشبث بالسلطة إلى الأبد، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فلا أحد غيرهم بإمكانه تطبيق «شرع الله»، لأن لا أحد غيرهم يملك التفسير الصحيح للنص الديني، فهم صوت الحق، ووكيل رب السماء في الأرض، والرفض العنيف والحجر الكامل على أي نشاط مخالف لهم، ولو تطلب الأمر استخدام القوة. وفي مقال للزميل المصري مجدي وهبي ذكر أن أول ضحايا «الإخوان» كان القاضي أحمد الخازندار الذي اغتيل في مارس 1948، وجريمته أنه أصدر حكما على عدد من «الإخوان». وبعدها بستة أشهر اغتال عبد المجيد حسن، أحد كوادر «الإخوان»، النقراشي باشا، لأنه أصدر أمرا عسكريا بحل جماعة الإخوان المسلمين، وضبط أوراقهم وسجلاتهم ومصادرة أموالهم. وفي محاكمة الجناة قال المستشار محمد عبد السلام في مرافعته «لقد نكب المسلمون بأمثال هؤلاء، ممن اتخذوا دين الله حجابا لستر نواياهم وقتل ضحاياهم، إنهم ليسوا فقط عصابة خارجة على القانون، وثائرة على النظام، ولكنهم عصابة ضمت أخطر العناصر التي بليت بها مصر في العصر الحديث»! وقال إنهم أوسع وأشمل وأخطر من أن يوصفوا بلفظ جمعية، وإنما هم جيش إرهابي، فمن بين وثائقه أوراق معنونة «قانون التكوين»، وتتضمن كيفية تكوين وتنظيم الجماعة الإرهابية على نظام الخلايا، من هيئة قيادة وأركان حرب وجنود، وتكون في مجموعها جيشا! ولايزال كلام المستشار محمد عبد السلام صالحا، وينطبق على حالهم اليوم!
ويرى وهبي أن مصر تتعرض لأكبر عملية تسليم السلطة للإخوان، وعملية نصب كبرى سوف نصحو منها جميعا على سراب اسمه «25 يناير»! وهذا صحيح، فلو تمعنا في شعار «الإخوان»، لوجدنا أنه عبارة عن سيفين ومصحف، وهذا يعني أنهم سيعملون قتلا بالسيف كل من يعارض رؤيتهم الدينية!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

آفة الأخبار.. رواتها

نشرت عزيزتنا القبس فحوى الندوة المغلقة التي تشرفت بالمشاركة فيها للحديث عن «الدولة المدنية». وقد اذهلني العنوان الذي اختاره المحرر لحديثي «سنطالب برئاسة الوزراء»! لانني لم اذكر هذه العبارة، فقلت في نفسي لعلي تلفظت بها اثناء احتدام النقاش من دون ان انتبه، فقرأت المنشور بالكامل، وصدمت عندما لم اجد هذه الصياغة التي توحي بطموح الحركة الدستورية في رئاسة الوزراء، فأدركت ان المحرر توهم او أساء الفهم عندما تحدثت عن حرصنا على الوصول الى مراكز صنع القرار. واريد ان اعيد ما نشرته القبس في المقابلة نفسها عن هذه الجزئية عندما سألني المحرر.
المحرر: ماذا عن رئاسة مجلس الوزراء؟ هل تطمحون للوصول اليها؟
الدويله: اذا القانون يسمح وهناك اتفاق فلن نتردد ان يكون رئيس الوزراء «شعبيا».
انتهى النقل.
إذاً المسألة مسألة عناوين للصفحة.. طبعا المحرر يختار ما يعتقد بأنه مثير، ولا اشكك هنا بالامانة الصحفية حاشى الله، لكن اتمنى ان تكون الاثارة في حدود المعقول.
ذكرني هذا بعنوان لاحدى الصحف الكويتية قبل سنوات عدة «انقلاب في الكويت»! وعندما تدافع الناس لشراء الصحيفة اذا بخط صغير بالكاد يقرأ فوق المانشيت العريض يقول: انباء ايرانية صحفية تدعي: ……!
احدى الصحف المحلية نقلت على صدر صفحتها الاولى خبراً للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق واختارت له عنوانا مثيراً، بينما لو تقرأ ما هو مكتوب في الداخل لتجد الشيخ قال كلاما طيبا بعيدا عن الاثارة في الموضوع نفسه.. وهكذا آفة الاخبار رواتها.. وانا اقول: آفة اخبار الصحف.. محرروها.
***
• بعض نواب مجلس الامة ينسى انه اصبح نائبا في البرلمان.. وعليه ان يغير من اسلوب حديثه ويترك الساقط من القول الذي تعود عليه في كتاباته الصحفية وفي مقابلاته التلفزيونية، لكن كما قيل: الطبع يغلب التطبع.
***
• شخص معروف كان يبيع الخمور اثناء الغزو العراقي الغاشم، هذا الشخص تم اختياره من الشعب لتولي منصب رفيع.
***
• شخص آخر، وايضا معروف، انتحل شخصية تاجر عقار وباع ما لا يملك، ثم اكتشف امره وسحبه الانتربول من منتجعه في احدى الدول الخليجية وجيء به الى الكويت ودخل السجن ثلاث سنوات، تصدقون حتى هذا تم اختياره شعبيا لتولي منصب رفيع!
آه من هيك شعب! نحن نقبل بالديموقراطية حلوها ومرها.

• المحرر:
نحترم حق الزميل أبي معاذ في استدراك فكرته ورأيه، ونقدر الدوافع التي قد تكون أملت التوضيح.
عتب المحب أن يحمّلنا مسؤولية الكلام، وإن بطريقة راقية ورفيعة المستوى. وتقديراً منا لأبي معاذ لم نرغب في أي رد ونكتفي بالإشارة إلى ان ما وضعناه في المانشيت والعنوان موجود نصاً في المادة كما في تسجيل الندوة التي لاقت صدى طيباً من القراء يغني الآراء المطروحة فيها، فلا تحتاج إلى أي إثارة.

محمد الوشيحي

على سطر ونص

الله يرحمه ويبرّد قبره أديبنا الكبير إبراهيم عبدالقادر المازني الذي كان يكتب مقالات أطول من نهر النيل وأغنى.
كان ينشر المقالة الواحدة على صفحات وصفحات، فتقرأها وتنام وتستيقظ وتكمل قراءتها في اليوم التالي، وتتزوج وتنجب أطفالاً تسمي أحدهم “سعود” وتدخله حضانة أجنبية فيعلّم الأطفال الأجانب لحن “ناقتي يا ناقتي لا رباع ولا سديس”، ويتخرج سعود، ويتزوج، ويُتهم في قضية أمن دولة (المخالفة المرورية في الكويت في السنوات الأخيرة باتت أخطر من تهمة أمن الدولة) وتكبر أنت، وتشيخ، ومازلت تقرأ المقالة ذاتها، وتموت، وتُدفن ومعك المقالة إياها، وتُبعث من جديد قبل أن تُنهي قراءتها.
كان هذا في عشرينيات القرن الماضي (نشر المازني بعض مقالاته في كتاب أسماه حصاد الهشيم عام 1924)، وأظن أن الناس وقتذاك كانوا يحتفون بمن ينتهي من قراءة المقالة الواحدة، كما يفعلون في حفلات الطهور، فيرقص الحصان، وتزغرد النساء.
وكنت أقرأ في اليوم الواحد أكثر من ثلاثين مقالة، محلية وعربية، وأجد الوقت الكافي لقراءة الكتب.
واليوم، في زمن تويتر ذي المئة والأربعين حرفاً، تبني العناكب مدنها الجديدة على مكتبتي، وتنفذ خطتها التنموية على الجرائد القابعة امامي على المكتب، الأمر الذي جعلني ألغي المكتبة وأجمع الكتب المهمة، فقط المهمة، في شنطة سفر من الحجم الكبير، وأتبرع بالبقية لعابري السبيل، وأصرف نظري عن غالبية مقالات الزملاء، الذين كان لهم شنة ورنة، بعد أن اعتبرتهم من “العرب البائدة”.
ويكتب الكاتب منا مقالة لا تتجاوز خُمس الصفحة أو سُدسها، فنصرخ في وجهه: “من لديه الوقت لقراءة كل هذه المخطوطة الرومانية؟”، وينصحني بعض الزملاء: “تغير الوقت أبا سلمان فلا تطل المقالة”، على اعتبار أن مقالاتي تُصنّف من المقالات الطويلة، فأرد: “لا أحترم بطاطين الطائرات، التي إذا غطت رجليك كشفت رأسك، وإذا غطت رأسك كشفت رجليك، أريد أن أغطي رأس الموضوع ورجليه”، ومع ذا أجدهم محقين عندما أختلي بنفسي وثالثنا الشيطان، وأفكر جدياً في تقليص مصروفات مقالاتي، واستخدام نظام الحقن أو المقالة الكبسولة.
وأجزم أن أحداً دون الخامسة والعشرين من عمره لا يقرأ المقالات، إلا ما ندر وزنه وطال سجنه، وأن نسبة قراء المقالات تحت سن الثلاثين لا تكاد تُرى بالعين المجردة. ولا أدري، فقد يأتي يومٌ نكتب فيه مقالة لا تتجاوز الفقرة الواحدة، وقد يأتي يوم آخر نكتب سطراً ونصف السطر فقط، فيتذمر القراء: “أوف… مَن يقرأ كل هذا؟”. الأكيد أن العربان منشغلون عن القراءة في تطوير كوكب الأرض. وحّدوووه.

حسن العيسى

بغيناكم عون…

“بغيناك عون طلعت فرعون”، هذا المثل ينطبق على جماعة الإخوان أو حدس في مواقفهم بمجلس الأمة، أو كما تتمثل تلك المواقف في تصريحات بعض الأعضاء المحسوبين على الجماعة، ففي بطولات المزايدات الدينية، وحين يرفع كل من “هب ودب” حراب الدفاع عن الإسلام “الحقيقي” كما يسوق هذا النعت مشايخه من “اكليروس” القرن الواحد والعشرين، لا نسمع أي صوت فيه “ريحة” عقل أو لمسة عقلانية من “المعتدلين الإخوان”، فهم من روج بالأمس أنهم يمثلون صوت الاعتدال والنصح الهادئ في طرحهم الدعوي، وأنهم بحكم تاريخهم السياسي الأعقل والأكثر تفهماً لظروف التغيرات الاجتماعية في كل دولة إسلامية.
إنهم دخلوا عالم السياسة من أوسع أبوابها، واحتلوا الصدارة والمراكز المتقدمة في الربيع العربي لقدراتهم الكبيرة في التنظيم مع الدعم المالي الذي سكب بغير حساب في جيوبهم من دول الخليج من أيام معارك الثروة ضد الثورة، وانتصار فريق الثروة بسلاح البترودولار وغطرسة واستبداد الأنظمة التي رفعت الشعارات الثورية واستولت على الحكم في خمسينيات القرن الماضي.
المهم أننا اليوم لم نعد نفرق الخيط الأبيض من الأسود في الطرح الديني الإرهابي القائم على نفي الآخر والطرح المعتدل الذي يفترض أن يكون دستور الإخوان.
كيف أفرق الآن بين السيد مبارك البذالي (وأتمنى على صحافتنا نشر أخباره بدون صوره) الذي يريد إقامة جولات تفتيشية في الجزر الكويتية ليحرق مكامن الفسق والفجور، وأعضاء محسوبين على حدس في اللجنة التشريعية بعد أن أوصت تلك اللجنة بعقوبة الإعدام أو المؤبد لمن يسيء للذات الإلهية أو الرسول أو زوجاته…!
ماذا تركت اللجنة التشريعية للقضاء من حرية في تقدير العقوبة المناسبة حسب ظروف كل تهمة والمتهم! وهل بذلك النهج “الدراكوني” في التشريع تنتصر اللجنة للإسلام أم تنفِّر الغير من روح الإسلام وجوهره الغائب عن تجار السياسة الدينيين، أين صوت الاعتدال والعقل من نواب حدس في الطرح الطائفي المتشنج من بعض النواب! هل هناك أي فرق بين الخطاب السياسي للنائب محمد هايف أو أسامة مناور وبين خطاب الحربش أو محمد الدلال (الاثنان من حدس) في دعوات الرقابة على الحسينيات ومساجد الشيعة؟ ولا أفهم كيف مرر رجل القانون والمحامي محمد الدلال العضو في اللجنة التشريعية مثل ذلك الاقتراح المرعب في عقوبة الإساءة للذات الإلهية والرسول؟ هل فكر أن مثل ذلك الطرح سيسيء للدين الإسلامي في المحافل الدولية بأكثر مما ينفعه؟… فهل هذا أهون الشرين وأخف الضررين…!
أسئلة كثيرة تدور في رأسي عن الحدود الفاصلة بين الدولة البذالية التي سترفع أعلامها في جزيرة كبر غداً والدولة الحدسية التي رفعت أعلامها على كل التراب الكويتي.

احمد الصراف

الصورة والأصل

صادف يوم 14مارس الماضي ذكرى عودة روح الله الخميني إلى إيران قادما من منفاه في فرنسا عام 1979، وبهذه المناسبة قامت السلطات هناك بترتيب حفل استقبال في مطار طهران لتجسيد لحظات وصول آية الله، واستخدمت في ذلك صورة من الورق المقوى له يحملها جنديان ويقومان بانزالها بكل مهابة من الطائرة، ثم يقومان، وهما حاملان للصورة باستعراض حرس الشرف. ثم اقيم بعدها مجلس «صوري» للخميني، جلس فيه كبار المسؤولين، في وقار جم، أمام الصورة، وكأنهم جالسون امام «الفقيه» نفسه! ولكن لو نشر «الملالي» صورا فوتوغرافية، أو فيلما وثائقيا عن الأيام الأولى لعودة الخميني، لوجدنا أن الكثيرين، إن لم يكن جميع من كانوا حوله يوما قد اختفوا قسرا أو ماتوا اغتيالا أو سجنا أو نفيا، لعدم رضاه عنهم. ولو تمعنا في المبادئ «السامية» التي قامت الثورة من أجلها لوجدنا أن لا شيء قد تحقق بصورة كاملة أو قريبة من ذلك على أرض الواقع! فالثورة جاءت لتنصر المظلوم، ولكن عدد المظلومين اليوم في إيران أكثر مما كان عليه في عهد الشاه الفاسد، والسجون اليوم مكتظة بعشرات الآلاف، بينهم نسبة عالية من المعارضين السياسيين. ولو قلنا ان الثورة قامت لرفع مستوى معيشة الشعب لوجدنا مدى هراء هذا القول، فأعداد متزايدة من الإيرانيين يريدون الهجرة لشح الوظائف، حتى قبل توقيع العقوبات. ولو قلنا ان الثورة أتت لتقضي على ظلم وفساد «السافاك»، لوجدنا أن نظام المخابرات القديم لا يزال ساريا بكل اجهزته ولم يقصَ ويقتل غير قادته. كما أن الثروات الكبرى التي صودرت ووضعت تحت إدارة مؤسسة خاصة لتنميتها ضاعت في غالبيتها في ظل نظام مهترئ، بعد أن فشل رؤساء المؤسسة وغالبيتهم من الملالي في إدارة مئات المصانع والمؤسسات الناجحة، بعد مصادرتها من اصحابها، والذين ربما كانوا أكثر فسادا ولكنهم كانوا حتما أكثر دراية بمشاريعهم!
إننا لا نسرد كل هذا للتشفي من احد أو جهة أو مهاجمة نظام ما، بل لنقدم للمتكالبين على رؤية الدولة الدينية في بلادنا نموذجا لما ستكون عليه الحال عندنا وعند غيرنا إن تحكم رجال الدين، غير المؤهلين اصلا وفصلا وعقلا وتركيبة، في مفاصل الدولة والإصرار على إدارة الاقتصاد والجيش والصناعة وحتى الفيزياء النووية. فالعملية لا علاقة لها بالنزاهة والخلق الطيب والسيرة الحميدة، على افتراض توافرها في رجال الدين، بل الأمر يتعلق بقدرات وخبرات تفوق ما لدى هؤلاء بكثير. وأوضاع دول مثل تونس ومصر وسوريا وحتى ليبيا، بشريا وماديا وموارد، ليست بأحسن من وضع إيران في شيء، ومع هذا فشل النظام الديني فيها، القائم اساسا على تحكم رجال الدين في كل مرفق، فشل على مدى أكثر من 30 عاما في تحقيق شيء عجز نظام الشاه السابق والتالف في تحقيقه، وسيستمر النزيف المادي والبشري والخلقي في إيران حتى سقوط النظام بالقوة، أو تآكله من الداخل، ولا نحتاج لننتظر طويلا لنرى النهاية! أما أولئك الذين يعتقدون بوجود ديموقراطية في إيران فهم واهمون، فالنظام بأجهزته الرقابية لا يسمح بترشح اي فرد إن لم يكن «المرشد الأعلى» شخصيا راضيا عنه، وبالتالي فهو نظام دكتاتوري لأنه يستخدم الدين في الحكم والاستمرار فيه، باسم «الشرعية الدينية»، عن طريق خداع الغالبية الساذجة، وهذا ما يسعى «الإخوان المسلمين» الى تحقيقه في أكثر من بلد، ولهؤلاء مرشدهم الأعلى، كما أن أحد كبارهم صرح في ندوة اخيرا بأن عينهم على منصب رئاسة الوزراء!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

أحد يفهّمهم بس

الشيعي يعتقد أن الخليفة الرابع أحق من الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه بالخلافة، ويعتقد أن الخلافة أمر إلهي وليس باختيار المسلمين، ولا يعترف بأي حديث يتحدث عن العشرة المبشرين بالجنة، ويؤمن بأن الأئمة الاثني عشر يسبقهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام معصومون من الخطأ، وبأن الإمام محمد المهدي هو المهدي المنتظر، وبأن الصحابة فيهم الطيب وفيهم السيئ، ويقرأ حديث الثقلين كالتالي: “إني تارك فيكم الثقلين… كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي”، وكل هذه المعتقدات متأصلة في كتب الشيعة ومراجعهم، وهي معتقدات لن تتزعزع أو تتغير إرضاء لأي طائفة أخرى.
السني يعتقد أن الخلافة ذهبت لمن يستحقها وبتسلسل منطقي، ويؤمن بأن هناك عشرة مبشرين بالجنة ولا تجوز الإساءة إليهم أو التقليل من شأنهم أو تخطيئهم بكبائر الأمور، وإن انقسم الصحابة حول أمر ما فلا يجوز الإساءة إلى قسم منهم، بل يجب تقدير اجتهادهم وإن أخطؤوا، ويعتقد بالمهدي المنتظر، ولكنه لم يولد بعد، ويقرأ حديث الثقلين كالتالي: “إني تارك فيكم الثقلين… كتاب الله وسنتي، ما إن تمسكتما بهما لن تضلوا من بعدي”، وكل هذه المعتقدات متأصلة في كتب السنّة ومراجعهم، وهي معتقدات لن تتزعزع أو تتغير إرضاء لطائفة أخرى.
بعض المسيحيين يؤمنون بأن سيدنا عيسى عليه السلام هو ابن الله، ويعتقدون أن سيدنا محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ليس بنبي أصلا، وأن سيدنا عيسى عليه السلام صُلب وقام من الموت في اليوم الثالث، وهي أيضا معتقدات متأصلة في كتب المسيحية، ولن تتزعزع إرضاء لطائفة أو دين آخر.
وهناك من لا يؤمن بالله أصلا، ويقول إن الكون هو وليد المصادفة، وآخرون لا يؤمنون بالقيامة، وإن آمنوا بوجود خالق، ولا بالجنة والنار، وغيرهم ممن يعبد البقر، أو النار، أو يعيش يومه دون اكتراث أصلا.
كل هذه النماذج تعيش بيننا بنسب متفاوتة وليس من المنطقي أو المعقول أبدا السعي إلى توحيدهم في معتقد واحد، فلا الشيعي سيعتقد بأحقية الخليفة الأول، ولا السني سيؤمن بأحقية الخليفة الرابع، ولا المسيحي سيعتقد بما جاء به الإسلام.
إن ما يجمعنا في هذا الوطن هو القانون، والحقوق والواجبات لا المعتقدات، وأي سعي إلى التعدي على معتقد بحجة مراقبة ما يطرحه هو انتهاك للدستور القائم على أساس الحقوق والواجبات وحرية الاعتقاد.
فما الذي نبحث عنه حين مراقبة معتقدات الناس؟ أقولها بيقين بأننا لن نجد سوى ما يؤمنون به، والذي يختلف مع عقائدنا، وما نؤمن به، بل قد ينسف اعتقاده مذاهبنا ودياناتنا، وتلك هي طبيعة العقائد.
لننصرف عن هذا التخلف الذي نعيشه، والتصيد على معتقدات الغير، فلو كانت تتفق معنا لما كانت معتقداً آخر أصلا، ولنركز على بناء الدولة التي أصبحت في عداد الدول المؤقتة بسبب هذه الرجعية والصراع السخيف الذي نعيشه.

سامي النصف

أخطاء الأكثرية وأخطاء الأقلية

نبدأ ببديهية أن الأكثرية حالها كحال الأقلية البرلمانية جميع أعضائها مواطنون كويتيون يفترض أن توجعهم قلوبهم على ما آل إليه حال البلد بسبب النزاعات والصراعات «السخيفة» التي لا تنتهي والتي تبحث لها عن مسميات ومسببات لإبقائها مشتعلة في بلد الصفيح الساخن الذي لا يبرد والذي لا تتجاوز مساحته المأهولة 30 كم شمالا وجنوبا ولا يحتوي كحال أمم الأرض الأخرى المتصالحة مع نفسها على مئات الأعراق والأديان والطوائف والمساحات الشاسعة ذات الجبال والصحاري والوديان والتي يمتلئ ماضيها ـ بعكس شعبنا ـ بالقتال والمذابح والحروب.

*****

ولا يعلم شعبنا الصابر أسباب الاستقصاد والأحقاد المستمرة بين الكتل البرلمانية المختلفة خاصة إذا ما كان هدفهم جميعا خدمة شعب الكويت الذي انتخبهم للعمل معا والإنجاز ومحاولة اللحاق بركب الدول المجاورة، التي تزداد تقدما علينا مع كل يوم يمر والتي كلما زارها الكويتي ذهل مما يرى وعاد يتذمر ويتحسر على حاله ثم… ينتخب بعد ذلك وبذكاء شديد من تسبب في ذلك التخلف!

وتظهر الحقائق الجلية أن الأقلية البرلمانية قد أخطأت في بعض ما قامت به، إلا أن تصحيح ذلك الخطأ لا يأتي بتكراره وتقليده في المجلس القائم من قبل الأقلية الحالية، أو عبر ما قاله أحد نواب الأقلية الحالية في مقابلة تلفزيونية وفحواه أننا كأقلية مادمنا نتعرض للتهميش من قبل الأكثرية فسنواصل تقديم الاستجوابات الكيدية للجهات الحكومية.

*****

ونطلب من الأكثرية التي أخطأت عندما كانت أقلية في المجلس السابق حتى أوصلتها بعض أخطائها للمحاكم هذه الأيام، ألا تستمر في الخطأ كأكثرية عن طريق تهميش الأقلية والحجر على آرائها ومقترحاتها وهي من يمثل الشعب الكويتي كذلك، والمرجو في هذا السياق من نواب أفاضل جدد لم يشاركوا في تخندقات وخناقات المجلس السابق أمثال الكابتن عمار العجمي وم.أحمد لاري ود.محمد الهطلاني ود.محمد الكندري ورياض العدساني ود.أحمد العازمي ود.نايف العجمي وشايع الشايع ود.عبدالحميد دشتي ود.عبدالله الطريجي ود.خالد شخير ود.عبيد الوسمي وغيرهم، أن يبادروا لعقد لقاء تاريخي سيحسب لهم يجمع بين الأكثرية والأقلية لبدء صفحة جديدة تطوي صفحة الماضي وتتفق على أولويات تناقشها الكتل مع الحكومة لتحقيق الإنجاز ودون ذلك سيحل المجلس قريبا إذا ما استمرت عمليات المناكفات والاستجوابات الكيدية ولن يرحم الشعب الكويتي والتاريخ معه من يقدم أحقاده ونزعاته الشخصية ونزاعاته مع الآخرين على مصلحة الكويت وشعبها.

*****

آخر محطة: كدلالة على أن الكتل المختلفة قد استمرأت الخلاف لأجل الخلاف، حقيقة إن بادرة تغيير بلاغ اقتحام المجلس لا قيمة قانونية لها على الاطلاق حيث إن الجهاز القضائي المختص هو المعني بتكييف عملية اقتحام مبنى مجلس الأمة وتقرير العقوبة المناسبة له وليس مكتب المجلس على الاطلاق.

احمد الصراف

الخنوع والخضوع المذل

رأت السلطة في منتصف السبعينات تقريباً، ومع زيادة مواردها النقدية، أن التيار الوطني، الأقرب لليبرالية، يشكل خطراً على أمنها، وان عليها تغيير بعض التوازنات وطريقة ممارسة الديموقراطية، وهنا اتجه أحد وزراء السلطة الى تجنيس فئات معينة لمصلحته والحكم، لما عرف عن الفئة من ولاء لمن يكرم وفادتها! ورأت شخصية قوية أخرى أن من الأفضل التحالف مع القوى الدينية، داخل البرلمان وخارجه، لما عرف عنها أيضا من ولاء للسلطة، بموجب نصوص دينية! ما لم يدركه الأول ولا الثاني في حينه أن الركون لولاء المجموعة الأولى، اعتمادا على مشاعر أو علاقات اجتماعية وتاريخية، أمر غير مضمون مع تطور بيئة هؤلاء وحصول أبنائهم وأحفادهم على تعليم أفضل. من كان فداوياً، أو موالياً فقد مات، وأخذ معه إخلاصه لولي نعمته، وجاء بعده من لا تعني الكلمة له شيئاً، وهو بالتالي غير مدين بولائه لأحد! أما الطرف القوي الآخر فقد اخطأ بثقته المفرطة بالجماعات المتدينة، واخطأ في الاعتقاد بصلاح مقولة تنسب لمسؤول سعودي من أن «الدين طير يقنص به»! فهذه السياسة قد تكون مناسبة لمجتمع سلطوي، يؤمن بالسيف والمنسف، ولكنها ليست بالضرورة صالحة لبلد كالكويت، التي لم تعتد كثيرا لا على السيف ولا على «المنسف»، فهؤلاء الحلفاء، الموغلون في تدينهم، ولو ظاهريا، يمكن الاستعانة بهم لتحقيق أهداف معينة، ولكن ولاءهم الأبدي غير مضمون، ويصبح الأمر أكثر صعوبة عند الرغبة في التخلص منهم، فهذا عادة ما يتطلب استخدام القوة، وهذا ما فعله «ابن سعود» مع «الإخوان» عندما بدأ تذمرهم من إصلاحاته، فعمل فيهم «السيف» وبعدها «المنسف» فيمن تبقى منهم. وحدث ما يقارب ذلك في قطر قبل سنوات مع احدى القبائل. أما في الكويت فالأمر، كما يبدو، ليس بهذه السهولة بعد أن كبر «الإخوان» وطالت مخالبهم وقويت معهم أنياب «السلف»، وأصبحوا يشكلون ليس فقط عبئا على من سبق أن «أنعم» عليهم وقربهم ليستعين بهم في «وقت الشدة»، بل أصبحوا يشكلون خطراً على النظام نفسه، ولهجة خطاب المعارضة السياسي في المجلس السابق، والأغلبية في المجلس الحالي، خير دليل، فهؤلاء سيستمرون في المطالبة بالمكاسب وهم يرون تراخي السلطة واستمرار تنازلاتها، واصبحوا بالتالي يشكلون العبء الأكبر عليها، هذا عدا أنهم يشكلون خطراً على النظام برمته، وتصريحات ضاحي خلفان لم يجف حبرها بعد، وبالتالي فإن ما ورد على لسان بعض «قيادييهم» من كتاب من أن لا رابط سياسيا بينهم وبين التنظيم العالمي للحركة لا يعدو أن يكون هراء في هراء!
* * *
ملاحظة: جاء قرار وزير الأوقاف، أو بالأحرى السلطة، الخضوع لمطالب النائب هايف بوقف تسجيل خطب الجمعة، وفتح مكبرات الصوت وزيادة ساعات فتح المساجد، دليلا آخر على مدى عجز حكومتنا وهوان حالها! فلا يمكن أن تكون على حق عندما منعت، وليست على حق الآن عندما أجازت، وهي حتما ستعود للمنع مع اشتداد تجاوزات الخطباء.

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

حديث في الاتحاد الخليجي

عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته الخليجية للانتقال من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد، بلا شك انها عبرت عن طموحات الشعوب الخليجية وتطلعاتها، كما أن مبادرة الاتحاد ضرورة تفرضها وحدة المكون الاجتماعي والاقتصادي المشترك، وكذلك التحدي الامني والاستراتيجي الموحد، فنحن في إقليم جغرافي ملتهب ومحاطون بدول إقليمية كبرى نسبيا تهدد استقرار المنطقة ككل.

من الممكن أن تنجح فكرة الاتحاد الخليجي اذا لم نستنسخ تجارب الآخرين في الاتحاد، وابتكرنا نظامنا الاتحادي الخاص بنا، والذي يفي بحاجاتنا، فنحن بحاجة الى نظام اتحادي في الدفاع (قيادة مركزية واركان حرب مشتركة) فلقد ولى زمان الجيوش الصغيرة في ظل التحديات الكبيرة، وفي الخارجية بحاجة الى (منسق للسياسية الخارجية) فلقد اثبتت السياسة الخارجية الموحدة لمجلس التعاون والداعمة لقضايا الشعوب العربية وقضايا الربيع العربي والتي تزعمت فيها الديبلوماسية العربية بل وقادت الجهود الدولية في المحافل الدولية، ان العمل المشترك يعطي بعدا أعمق للديبلوماسية وتأثير اكبر في العلاقات الدولية، وكذلك ضرورة اكمال الاتحاد الجمركي لأنه ضرورة عملية لتسهيل التجارة وانتقال البضائع في الاقليم، اما في الاقتصاد فستكفي الوحدة النقدية وإنشاء «هيئة مشتركة للطاقة والبترول» لتنسيق انتاج وتصدير البترول والغاز وتوزيع الكهرباء، وخلاف ذلك فإن التنسيق والتعاون بين دول الاتحاد لتسهيل الاستثمار وانتقال العمالة الخليجية واعطائها الاولوية لها في العمل يعد كافيا، وبذلك نكون قد اخذنا افضل ما في النظام الاتحادي مع الاحتفاظ بخصوصية كل دولة على حدة.

فالعبرة في الانظمة السياسية هي تحقيق الامن والرفاهية لشعوبها وبغض النظر عن مسمياتها.