كريح صرصر أطلقها أحدهم في سوق الصفافير، كان لابد من تهذيب المثل الكويتي كي يتسق مع “ذرابة” أدبيات صحافتنا وخطابات المسؤولين في كوارث الدولة، لكن يبقى “صوت” الريح ودخانه القاتل باقياً ما بقت حالة غياب المسؤولية في دولة اللامسؤولين، فليس حريق الإطارات الكبير في منطقة الجهراء سوى “… في سوق الصفافير” الكويتي، ولا يصح تجميل البشع، ورسم الكحل على العين العمياء، ففي النهاية وأقسم مقدماً بأنه لا مسؤولية ولا مسؤولين عن حريق الجهراء، والقضية ستقيد- إن أصبحت قضية- ضد مجهول.
فبماذا سيختلف حريق الإطارات اليوم في تحديد المسؤولين وعقابهم عن حكم محطة مشرف للمجاري قبل أعوام وكارثة تحويل “اسن” المجاري لمياه البحر، فمن منا يتذكر أو يعرف أن مسؤولاً أو مسؤولين تمت محاسبتهم، كانت قضية بالأمس وانتهت باحتفالات في افتتاح ممشى جديد لمنطقة مشرف، وعفا الله عما سلف، وسينتهي تحقيق اللجنة التي شكلتها الحكومة بـ “فاشوش” بحكم الشعار الكبير لواقع الدولة وعنوانه “السير على البركة”.
فهذه الدولة ومنذ نهاية عقد الستينيات تسير على البركة، فساد في إدارة المرفق العام يتوطن، وغياب المسؤولية يتمدد، وذاكرة شعبية مسطولة بأفيون الرواتب والكوادر للصغار، وتفصيل المناقصات للكبار، فمن سيلقي بالاً ان احترق مليون إطار رميت منذ سنوات في مكان ما بالجهراء أو لم تحترق وتركت تنتظر يد العابثين.
من اهتم قبلها بانفجار في محطة مشرف، ومن اكترث لنهب خزانة الدولة أيام الاحتلال في استثمارات إسبانيا وغيرها؟ وندري الآن عن محاكمات في تهم رشاوى بألمانيا لمسؤولين في شركة سيمنز متهمين بمحاولة رشوة مسؤولين هنا، هل تمت الجريمة أم كانت شروعاً؟! وأيضاً هل سنسمع تصريحاً من مؤسسة التأمينات الاجتماعية يوضح لنا جدوى الاستثمار في الفلبين، فهناك الكثير من علامات الاستفهام حوله؟! ومن يسأل الآن عن لعبة تبديل الأرصفة في المناطق السكنية بين كل فترة وأخرى دون سبب؟ ومن تكون أسماك القرش التي تبتلع ريعها؟ وأين انتهت البلاغات التي قدمت للسلطات العامة من أفراد قلة وأصحاب ضمائر حية في تحديد المسؤوليات في تبديد الأموال العامة؟
لا نتذكر شيئاً، فلم يكن هناك خطأ، ولم يحدث إهمال ولم تتم محاكمة أحد، وظلت الأمور على حالها وأغلقت الملفات بتقارير لجان نتائجها معروفة سلفاً، فهي كالساعة السويسرية لا تقدم ولا تؤخر، فالدولة تسير على البركة، وفي مثل حالتنا نتعلم معنى العدمية في أنقى صورها، وعدميتنا بالفلسفة الكويتية تقول لنا “خل القرعة ترعى”.
الشهر: أبريل 2012
الشكر للحاجة نوال.. منقذة مصر
لمصر مكانة خاصة بالنسبة للكويت، فتأثيرها يمتد لعقود طويلة، وكنت متابعا لأخبارها منذ أكثر من نصف قرن من خلال أعداد الصحف والمجلات التي كانت تصل الى والدي بالبريد. وكانت مصر قريبة من الكويت وأصبحت سياسيا أكثر قربا بعد انقلاب يوليو 1952، عندما وقع الخلاف بين عبدالناصر وحلفائه من الإخوان المسلمين، بعد ازدياد «حنته»، ورغبتهم في مشاركته الحكم، فبطش بهم، وهنا هرب الكثير منهم الى الكويت والسعودية!
أكتب هذا ردا على تساؤل صديق عن سبب تكرار الكتابة عن مصر أخيراً. والحقيقة أن ما يصيبها سيلحقنا «طشاره» بطريقة أو بأخرى، وخرابها سيؤثر حتما فينا، وبالتالي لا نتمنى لها إلا الخير، ووصول مرشح متطرف دينيا الى رئاستها لن يكون في مصلحتنا، وأكثر هؤلاء تطرفا هو الداعية السلفي السابق حازم ابو إسماعيل، ويتطلب الأمر المساهمة في تعريته لمنع فوزه، هذا ان استطاع تجاوز قضية شطبه من قبل لجنة الانتخابات. فأبو إسماعيل من المؤمنين بتخفيض سن زواج الفتاة لــ 12سنة. ويدعي بأنه خبير اقتصادي ويعرف سياسيي أميركا، ولكن خطبه تقول عكس ذلك تماما. كما أنه مدافع شرس عن ختان البنات، بخلاف آراء كل الهيئات الدينية في مصر وغيرها. وقال انه سيفرض تفسيره الديني متى ما وصل الى السلطة، وهو مع فرض الحجاب، حتى على المسيحيين، بحجة أن دينهم يطالب بذلك! وتعرف عنه مجاهرته بكره الديانات الأخرى واتباعها، ولا ندري كيف سيتصرف، إن اصبح رئيسا للجمهورية، واضطر للسفر لدول يكرهها لطلب مساعدة ما، فهل سيتجرع السم ويسكت؟ ويؤيد ابو اسماعيل تحطيم التماثيل الأثرية، وهو مع فرض الجزية على غير المسلمين. ومعروف أنه أدلى بأكثر الآراء تطرفا عندما كان داعية تلفزيونيا يظهر يوميا على إحدى القنوات الدينية، وكانت له وقتها لحية كثة وغطاء رأس ويرتدي عباءة، ثم فجأة طلق الدعوة وتخلص من ثلثي لحيته ورمى غطاء الرأس وتخلص من العباءة واصبح أفنديا يرتدي البدلة الأنيقة وربطة العنق المميزة، وكل ذلك لزوم الترشح لمنصب الرئاسة! ومن اشهر فتاواه حرمة تناول البيبسي «لأن اسمها اختصار لــ Pay every penny saving Israel أي «ادفع كل بني انقاذا لإسرائيل»! وهو استنتاج سخيف وترجمة ركيكة. وعندما واجهه أحدهم في برنامج تلفزيوني بفتواه تلك، وان شركة البيبسي تأسست قبل إسرائيل بأكثر من نصف قرن، رد بأنها تأسست مع موعد أحد مؤتمرات الصهيونية في بازل! علما بأن بيبسي مشتقة من انزيم بيبسين الهاضم، المشتق من كلمة بيبسيس اليونانية التي تعني «الهضم»! وأخيرا إن فشل أبو اسماعيل في العودة لسباق الرئاسة بعد كشف تزييفه في اوراق ترشحه التي ذكر فيها أن والدته، الحاجة نوال، مصرية وليست أميركية، فإن الفضل في إنقاذ مصر منه يعود الى الحاجة وحدها! وأخيرا، فإن كل الأدلة على ما ورد في هذا المقال عن مواقف أبو اسماعيل تتوافر على اليوتيوب، فقد كان لدى الرجل مسهل في أحاديثه، وهو حتما لم يكن ليدلي بغالبيتها، لو كان «يحلم» يوما بأنه سيترشح لمنصب رئيس جمهورية مصر!
أحمد الصراف
محاولة لإطفاء حرائقنا السياسية
حريق «أمغرة» الهائل يثبت نظرية مورفي القائلة «إذا كنت تخشى من حدوث شيء ما، فتأكد أنه سيحدث»، ملايين الإطارات مهملة في الخلاء دون أسوار أو حراسة وقبل ذلك دون إعادة تدوير، وقد كتبنا قبل سنوات نطلب تقليد تجربة ناجحة في الولايات المتحدة تم خلالها تذويب الاطارات وإضافتها إلى «زفتة» الطرق فتسببت في تقويتها والمساعدة على تمددها وانكماشها في الصيف والشتاء مما يمنع تشققها وتوفير الملايين التي تصرف لصيانتها ويحمي البيئة في الوقت ذاته.
***
ضمن تقرير مهم لقناة «العربية» تم تسليط الضوء خلاله على «أكاديمية التغيير» التي تقوم بتدريب الشباب العربي «فقط» على أعمال الشغب والتظاهر واستخدام التويتر والفيسبوك ومواقع الإنترنت للتحريض والتأجيج ثم الحشد وتحريك الجموع، ويظهر التقرير ان هناك شبابا كويتيا يتم تدريبهم ضمن تلك الممارسات التي ان قبلت في دول تحكمها أنظمة ديكتاتورية استبدادية وقمعية فإنها لا تقبل على الإطلاق في دولة ديموقراطية كالكويت التي يعني التغيير فيها التحول من الأمن إلى الخوف والتقاتل، ومن الرفاه والرخاء إلى العوز والحاجة والفقر، من يلتحق بتلك الأعمال يجب فضحه وفضح من ارسله ويقف خلفه، فالكويت تقع تماما ـ وكما ذكرنا في مقالات سابقة ـ ضمن الدول المستهدفة بالتدمير والتخريب.
***
إن صناعة الدساتير (الدائمة والجامدة) وتعديلها تختلف تماما عن صناعة القوانين والتشريعات المرنة التي يمكن إلغاؤها وتعديلها بسهولة، فالدساتير وتعديلاتها يجب ان تمثل رغبات المجتمع بأكمله ومصلحته الحاضرة والمستقبلية وأن تكون صالحة لكل متغيرات الزمن وليس لرغبات اغلبية قد تتحول الى اقلية في اي انتخابات لاحقة وتأتي بعدها اكثرية جديدة ستعدل الدستور على هواها ورغبتها طبقا لذلك العرف الذي لم نر له مثيلا في الديموقراطيات المتقدمة، حيث ان وصول الجمهوريين بأغلبية ساحقة في الكونغرس الأميركي على سبيل المثال لا يعطيهم الحق في تعديل الدستور للمزيد من المحافظة او التشدد الديني لذا نطلب من الأحبة النواب الداعين إلى تعديل المادة 79 من الدستور ان يعيدوا النظر في مقترحهم منعا لإحراج القيادة السياسية، وان يسعهم ما وسع المئات من اعضاء البرلمانات الكويتية السابقة وجميعهم من المسلمين في دولة ملتزمة بشرع الله الا انها تأخذ كذلك بفقه الواقع ومستلزمات العصر كحال «جميع» الدول الاسلامية الاخرى خاصة أننا امام مشروع طموح بالتحول الى «مركز مالي» كبديل وحيد للنفط ولا يمكن تحقيق ذلك الحلم إذا ما فرضنا قيودا في الدستور الذي هو اقوى القوانين في مركز مالي يفترض ندرة القيود فيه.
***
آخر محطة:
(1) لجنة صياغة دستور 1923 المصري الذي هو اساس الدستور الكويتي مثلت فيها الاغلبية الوفدية بـ 3 مقاعد فقط واعطيت النسبة نفسها لجميع الاحزاب والشرائح الاجتماعية والدينية الاخرى، لذا ظهر بصورته المعتدلة الزاهية، وعليه يرى بعض كبار الخبراء الدستوريين العرب ضرورة الا تزيد نسبة تمثيل اي طرف في لجنة تأسيس الدستور (المصري، التونسي، الليبي، اليمني.. إلخ) عن (3)5% وان تصدر موافقاتها على مواد الدستور لا بالأغلبية البسيطة (51%) بل بالثلثين او الثلاثة ارباع او حتى الاربعة اخماس حتى يضمن التفاف الجميع حوله.
(2) (3)5% هي الزيادة القصوى للرواتب بدلا من 40% المقترحة حسب مقال مهم للخبير الاقتصادي فخري شهاب في جريدة «القبس».
بوابة العقل
ذكر لي صديق ووزير سياحة عربي، المثال التالي على مدى تخلف انظمة التعليم في دولنا، وخاصة ما تعلق باستخدام انظمة الاتصال والمعرفة الحديثة، وقال انه، ضمن جهوده لتطوير السياحة، قرر أن ينشئ موقعا إلكترونيا لوزارته يمكن للسائح عن طريقه الحصول على ما يريد من معلومات وإجراء حجوزات الفنادق والمطاعم بأسهل الطرق. وقال إنه تقدم بطلب لديوان المحاسبة بعنوان «البوابة الإلكترونية» للحصول على موافقتها على صرف المبلغ، وبعد تأخر وصول الموافقة قام شخصيا بالاتصال برئيس الديوان، فقال له هذا إن الطلب مرفوض لأن وزارة السياحة ليست بحاجة لـ «بوابة الكترونية»، فعدد العسكريين على مدخلها كاف!
وفي سياق التعلم والتعليم، وفي جلسة جمعتنا بالأستاذ فخري شهاب، الاقتصادي الكويتي الكبير، قبل بضع سنوات، ذكر لنا أنه عندما انتقل والده من العراق للعمل في البحرين أدخله والده مدرسة دينية تقليدية، وهي التي يكون فيها البواب والمالك والمدرس والناظر شخصاً واحداً، والمنهج مكون من مادة واحدة فقط، ويقول إن من ذكرياته أن الملا كان يكافئ التلميذ المجد بمنحه «شرف» التقاط القمل من شعر رأسه أو لحيته الكثة!
وقد أعادتني قصة الأستاذ فخري مع الملا لتجربتي الشخصية، فبالرغم من عقلية والدي المتفتحة، مقارنة بالكثيرين من جيله، وربما الفضل في ذلك لتعدد قراءاته وانفتاحه على الآخر، وهذا سبب معارضة المؤسسة الدينية لأي قراءة خارج ما يرغبون من الآخرين قراءته والاطلاع عليه! اقول بالرغم من تقدم فكر والدي، فإنه اضطر لأن يرسلني الى «الكُتّاب» أو الملا لتلقي الدروس الدينية، وكان ذلك قبل ستين عاما تقريبا، ولا تزال ذكريات تلك المرحلة التي لم تدم لأكثر من شهرين أو ثلاثة عالقة بذاكرتي، فلا أزال أتذكر هيئة الملا المخيفة والمبهدلة، وإصراره على مشاركتي في لفافة الخبز المدهونة بالزبدة والسكر التي كنت آخذها معي. كما أتذكر الحصير الخشن الذي كنا نجلس عليه والذي كانت آثاره، بعد طول جلوس، تنحفر في أقدامنا، كما كانت قطعة القماش المهترئة فوق رؤوسنا تمرر اشعة الشمس الحارة أكثر مما تحجب. وبالرغم من أن الذهاب الى الملا كان يمنعنا من التسكع، كصبية أشقياء، في الشارع، فإن وجودنا عنده كان عبثا ما بعده عبث. ولو قارنا الوضع بعد 60 عاما، في ضوء ما ورد من مصائب في ملف القبس عن التعليم، وبعد صرف مليارات الدولارات، فإن الوضع، نسبيا، لم يتقدم كثيرا، والفضل للعقليات التي كبست على انفاس كل مبدع وفنان ومحب للحرية. وبالمناسبة، توجد في أفغانستان وباكستان اليوم أكثر من 150 ألف مدرسة طبق الأصل عن المدرسة «النموذجية» التي كنت أدرس فيها وأنا في السادسة من عمري، وهي مدارس لم تفرخ غير جيش طالباني وقادة افغان، وعليك تخيل ما سيكون عليه حال عالمنا الإسلامي بعد نصف قرن!
أحمد الصراف
أبعدوا الفتنة
حذّرت في هذه الزاوية، ولأكثر من مرة، من الفتنة الطائفية، وبيّنت ضرورة وأدها في مهدها قبل ان تستفحل، ودعوت جميع الاطراف الى الابتعاد عن الطرح الطائفي، لكن هذه الدعوة لا تعني سكوتنا عمن يستمر في طرحه وتأجيجه للمشاعر الطائفية، فالسكوت يؤدي الى مزيد من التفكك في المجتمع الكويتي الصغير.. ومناقشة هذا المفتن ووقفه عند حده يقتلان الفتنة قبل ان تكبر.
عندما تكلمنا عن ترخيص الحسينيات.. قالوا انها مرخصة! وسكتنا مع علمنا بان كل حسينية مرخصة قد يقابلها عشر حسينيات غير مرخصة، لكن الخوف من اثارة الفتنة أسكتنا.
وعندما طالبنا باشراف الحكومة على ما يجري في الحسينيات، كما هي الحال في المساجد، قالوا لنا ان الحسينيات ليست دور عبادة! و(تلطمنا على شحم ولحم) مع علمنا بأن معظم المجالس الحسينية تقام فيها، لكنها الفتنة لعن الله من ايقظها!
وفي المجالس البرلمانية السابقة طالبوا بمحاكم تحكم لهم وفقا للمذهب الجعفري، فقلنا هذا حق لهم، وتفضل الوزير السلفي احمد باقر، وزير العدل آنذاك، بتسهيل هذا الامر، وهكذا كنا دائما نسعى الى درء الفتنة وما ينتج عنها من سكوت عما نراه ونشاهده حرصاً على وحدة المجتمع.
اليوم تطالب هذه المجموعة بمنع وزارة البلدية من الاشراف على المقبرة بحجة انها مقبرة للطائفة.
والمتابع لتصريحات ممثليهم في مجلس الامة يجدها استفزازية لا داعي لها.. ونبرة التحدي والتهديد والوعيد هي المسيطرة..!
انني ادعو اخواني.. وجيراني.. وشركائي.. واصدقائي.. العقلاء من ابناء الطائفة الى مراعاة مصلحة الكويت ومجتمعها الصغير الذي يكفيه تشرذماً وتفككا اليوم.. ادعوهم الى وقف هذه المطالبات التي لن تنتهي ولن تقف عند حد، نحن في دولة قانون ودولة مؤسسات وهذه البلاد بنيت وتأسست على ثوابت منذ اكثر من ثلاثمائة سنة، ومن اراد تغييرها فسيتعب ويتعبنا معه فرأفة ورحمة بالكويت.
مطلوب رؤوسكم ورؤوسنا
في التصويت على مشروع قانون الإعدام لمن يطعن في الرسول أو الذات الإلهية سكت النواب المحسوبون على التقدميين- أعتقد أن كلمة تقدميين كذبة كبيرة صدقناها بغباء- في النقاش حول مشروعية مثل تلك المادة “الدراكونية”، ثم صوتوا عليها كما وردت، ضاربين عرض الحائط بكل أدبيات العقل والاتزان في العملية التشريعية… هل تدرون ماذا حدث؟! حشرهم النائب جمعان الحربش في خانة من لا يصوت على المادة فهو محسوب على “الملاحدة الجدد”، أي أنه يرضى بالطعن في الرسول أو الذات الإلهية… وحدثت الطامة حين صدق هؤلاء تهديدات الحربش والقوى الدينية الحاكمة بأمر الاستبداد!
لم يقف نائب واحد من أشباه التقدميين، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ليسأل من صاغ تلك المادة ما إذا كان المقصود بها الدفاع عن الرسول والذود عنه من سفه السفهاء أم هو إعلان الانتصار النهائي لدعاة الدولة الدينية الاستبدادية، وتم ترك موضوع مادة العقوبة للنواب الشيعة دون غيرهم ليعترضوا عليها من أبواب الفقه الجعفري- كما كتب فاخر سلطان في الوطن- لا من أبواب مرامي التشريع حين يكون أداة للتقدم والحريات. تصور “نوابنا” أن المقصود بالتشريع هو تلك الشراذم الفاقدة لحس المسؤولية، وتتعدى على معتقدات الغير! أو أنها معركة “الشيعة” وحدهم فما شأنهم بما يحدث! وما علاقتهم بالأمر؟!
يا حسرة عليكم، وعلى هذه الديمقراطية السوداء حين تقتل الحرية باسم الحرية، وحين تصادر المعتقدات الإنسانية باسم المعتقدات الإنسانية، وحين تشوه مقاصد الدين باسم الدين، وحين تسلق التشريعات من أجل إرضاء نهم دعاة الرأي الواحد والنهج الواحد وجماعات “البعد الواحد”.
المقصود بذلك التشريع ليس كما روج له دعاته بأنه للحفاظ على اسم الرسول والذات الإلهية، المقصود في الحقيقة أنتم ونحن وبقية خلق الله، لا فرق بين مؤمن وملحد ومسلم وغير مسلم! المقصود مصادرة وجودكم وتفكيركم، وفرض الرؤية الواحدة للدنيا من قبل حماة الدين كما يزعمون، كي تصبحوا (ونصبح معكم وقبلكم) في النهاية عبيداً في أسواقهم يتاجرون بحرياتنا وبعقولنا كما يريدون بثمن حماية الدين والمعتقدات… في تشريعهم عودة مخيفة لمحاكم التفتيش الإسبانية في نهاية القرون الوسطى حين هدد المسلمون واليهود: إما تغيير دياناتهم أو الخضوع لأبشع أنواع التعذيب بنبش صدورهم أو الطرد من قشتالة.
لنقف هنا قليلاً، هل تتذكرون المرحوم د. أحمد البغدادي، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الكويت، أعرفه جيداً، كان أكثر تديناً والتزاماً بالشرع من الكثيرين من دعاة أيامنا المظلمة ومن الانتهازيين الراكبين فوق الموجة الدينية والمتربصين بحرية الكلمة والفكر… أحمد البغدادي كتب كلمة واحدة في مقال بحثي طويل عام ٩٩ فسرته المحكمة، بعد بلاغ من أحد المحتسبة في ذلك العام، بأنه إساءة إلى الرسول، وحكم عليه بالسجن، وقضى أسبوعين في سجن طلحة، وأفرج عنه بعفو أميري من الأمير الراحل جابر الأحمد.
من أجل كلمة واحدة وفي اجتهاد قانوني لمحكمة الموضوع قد يختلف معه الكثيرون زج بالبغدادي في السجن، فماذا سيحدث اليوم أمام حفل المزايدات واحتفالات قيام الدولة الدينية… هل ستنبشون قبر أحمد لتعلقوا رفاته على مشانق طيشكم وتهوركم التشريعي؟ اتقوا الله في وطنكم وفي مستقبله الضائع بسببكم وبسبب غياب أولوياتكم وجهلكم بالحضارة والثقافة وحقدكم الدفين وكراهيتكم للغير.
مؤامرة صلاح ووفاة سمير
يقول الزميل صلاح محسن لا توجد مؤامرة من دون توافر عناصرها، وقد يكون الضحية هو من وفرها، ويعني بذلك أن الحياة، بكل مستوياتها، لا تخلو من المؤامرات، ولكن علينا كأفراد ومؤسسات سد منافذ دخول المؤامرات، فهذه لا تأتي إلا عندما يكون المناخ في بلد، أو ظرف ما مهيئا ومشجعا لقيام المؤامرة. فلو امتلك شخص ثروة كبيرة وبدأ في تبذيرها، واستغل البعض الوضع لتحقيق أقصى المكاسب لأنفسهم من هذا التبذير فهل في الأمر مؤامرة، أم أن هؤلاء تآمروا على الضحية، أم أن سذاجة المبذر هي التي سهلت لهم ودفعتهم لمحاولة الاستفادة القصوى من الثروة الضائعة؟ فنحن جميعا نعيش في عالم يخلو من المثالية، وإن لم يتم استغلال سذاجة هذا الشخص من جهة فسيتعرض للاستغلال، وليس للمؤامرة، من جهة أخرى، وبالتالي نحن مطالبون جميعا بنشر الوعي والتوعية، وإنشاء المؤسسات غير الربحية التي تعنى بالمحرومين وقليلي الحظ، وأن تكون المناهج الدراسية متماشية مع التطور والعصر، ولا تتكلم عن «عادات وتقاليد» أهل الكهف، فعالمنا اليوم لا يرحم الجاهل الفاقد للمعلومة الحديثة! ولو نظرنا للشعوب التي تشتكي من وجود مؤامرات عليها لوجدنا أن نسبة التعليم فيها متدنية، ويسود أفرادها جهل كبير، والدليل على ذلك ان الحديث عن وجود مؤامرة في دولة كالنرويج، على الرغم من ثرائها وامتلاكها لمخزون نفطي هائل، أمر غير وارد، فلم لم تتآمر عليها بريطانيا مثلا وتسلبها ثرواتها، وهي التي لا تبعد عنها غير بضع مئات من الأميال، ولماذا تبحر جحافلها لآلاف الأميال لتتآمر على دولنا وتسلبنا خيراتنا ونفطنا؟ الجواب البسيط هو جهلنا وغباؤنا، وليس تآمر الآخرين علينا! وفي السياق نفسه يقول صديقي السوري إن ما يحدث في وطنه هو نوع من المؤامرة، وعندما سألته إن كان بقاء أسرة واحدة في الحكم لأكثر من 40 سنة مؤامرة أم لا رفض الإجابة. والطريف أن تنظيم الإخوان المسلمين كان دائم الشكوى من وجود مؤامرة غربية ضدهم تمنع وصولهم الى الحكم! وحيث انهم وصلوا للحكم، أو كادوا في أكثر من دولة عربية، فهل هناك مؤامرة غربية لإيصالهم للحكم؟ وهل سيعترفون بأنهم قبلوا بالتآمر عليهم ليصلوا الى الحكم؟ وكيف يصبح حرمانهم من الحكم مؤامرة وإيصالهم للحكم تعاونا وقبولا؟
***
• ملاحظة: في خضم كل هذا الشحن الطائفي الذي تعيشه البلاد، أتمنى على شيوخ الأسرة والنواب والوزراء، ورجال دين كل الطوائف والجميع المشاركة في تقديم واجب العزاء لأسرة رجل الأعمال، المرحوم سمير سعيد، الذي طالما أمتعنا بفنه الرفيع وخلقه العالي، وهي فرصة لنثبت للكل أن وحدتنا الوطنية فوق كل اعتبار، وأن نبيّن لوالدته ان حياة وحيدها، فلذة كبدها، لن تضيع سدى.
أحمد الصراف
قووم يا بطل
لا تعرفني يا بطل ولا صلة شخصية تربطني بك سوى دفتر مذكرات قديم يحمل توقيعك، لكن ما أعرفه جيداً أنك جزء من ذاكرتي ككويتي، بل جزء من حياتي، فأنت فرحتي بخليجي 10، وأنت بكائي عندما تصديت لركلة جزاء فيصل الدخيل، وأنت حلمي الذي كنت أسعى إليه كلما كنت أقفز على السرير ممسكاً بكرتي متأملا أن أكون أنت.
عندما كنت أريد تقليد الحربان كانت أول جملة أقولها “ويصدها سمير سعيد”، عندما كنا نرتدي زي حارس المرمى، ونحن صغار، كان رقم 22 هو اختيارنا الوحيد، عندما كنا نتكلم عن البطولة والقوة في طفولتنا فإن استمرارك في المباراة رغم إصابتك والغرز التي ملأت فكك السفلي كان نموذجنا، عندما كنا نحتفل بالفوز كنا نريد تقليد فرحتك بكأس الأمير.
أنت لست نجم كرة قدم نحبه ونتعلق به، وحين غيابه عن الملاعب نفتن بنجم آخر، بل أنت ذاكرة وطن ورمز جميل من رموزه تختلف كلياً عمن سبقك ومن تلاك، فأنت تملك ما لا يملكه غيرك من مبدعين. لا أعرف تحديداً ما المختلف فيك، وأسعى إلى استيعابه، ولكني أعجز عن فهم ذلك، فأنت نجم توقف عن اللعب منذ ما يقارب 15 عاماً أو أكثر، ويحظى بتلك الشعبية الجارفة إلى اليوم وبهذا الزخم، وهو تأكيد على أنك مختلف حتى في تأثيرك في الجمهور ممن يهتم بالرياضة أو لا يهتم، ممن يشجع العربي أو من القدساوية مثلي لا يهم فجميعنا نحبك وهذا هو المختلف.
ولأنك مختلف فإن شعوري بالحزن عليك من جراء الحادث الأليم الذي ألمّ بك مختلف، فشعور الحزن هذا لم ألمسه من ذي قبل ولم أشعر به، لقد علمتني يا سمير منذ الطفولة أنك أقوى من الألم لذلك كلي أمل في أنك ستفوق وتتعافى بإذن الله من مصابك، فأنت جزء من حياتي وحياة الآلاف غيري ممن لا تعرفهم وهم يعرفونك جيدا، وأنت نموذج ومثال وقدوة لهم كل على طريقته وحسب مزاجه، ولكنك قطعة من الكويت لا نتنازل عنها جميعا.
أسأل الله العلي القدير أن يمنّ عليك بالصحة والعافية وأن ترجع إلى أهلك وذويك معافى بإذن الله.
ضمن نطاق التغطية:
لم أتمكن سوى أن أكتب ما دار في خاطري وسيطر على تفكيري في الأيام الماضية، وهو بطل الكويت سمير سعيد، “قووم يا بطل” واحمِ ذاكرتنا التي تزخر بصور لك وبإبداعاتك، وكل الشكر لسمو الأمير لتفاعله مع أبناء الكويت ومن قدموا لها الكثير.
الأغلبية الهشة وطبلة الحكومة وعصاها
يقال إن أضعف الحكومات هي الحكومات الائتلافية التي تتشكل من مجموعة أحزاب، لأن مصيرها يكون أحيانا معلقا في يد حزب سياسي صغير جدا!
وكذلك حال الأغلبية البرلمانية الحالية في مجلس الأمة الكويتي، حيث جمعتها «عصا» الحكومة السابقة والتي قد تفرقها «طبلة» الحكومة الحالية، وأقصد بعصا الحكومة السابقة خروجها الصارخ على القواعد الدستورية والسياسية مما أدى إلى توحيد قوى المعارضة السياسية في جبهة واحدة، وهذا بالتأكيد حدث استثناء لا يتكرر كثيرا وإن كان مشابها لأحداث دواوين الاثنين في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تشكل تحالف سياسي من نواب المجلس المنحل آنذاك وبعض السياسيين، عندما تعطل العمل ببعض مواد الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري وتشكلت في حينها جبهة سياسية معارضة من كل أطياف المجتمع، استمر هذا التجمع أو التحالف حتى تحقيق هدفه الأساسي وهو عودة الحياة الديموقراطية مرة أخرى، وبعدها انتهى تجمع دواوين الاثنين، ونشبت خلافات سياسية بين ممثليه في مجلس الأمة، وأتوقع ألا يكون مصير الأغلبية البرلمانية الحالية أفضل من مصير تجمع دواوين الاثنين.
فالتنسيق بين كتلة نيابية مكونة من 33 نائبا عملية صعبة ومعقدة جدا، فأي أغلبية برلمانية لا يجمعها وعاء فكري واحد لا يمكن أن تستمر، حتى ولو اتفقوا على بعض الأولويات ربما سيختلفون على طريقة تحقيقها.
كذلك تواجه الأغلبية البرلمانية صعوبة في التنسيق فيما بينها بالشق الرقابي للعمل البرلماني، فقد رأينا أكثر من مرة كيف أن الأغلبية البرلمانية بالكاد تنجح في وقف نوابها عن تقديم استجواباتهم منفردين.
الأغلبية البرلمانية هشة جدا حتى ان مجرد إقامة ندوة فكرية «كملتقى النهضة» كاد يعصف بها، حيث عارض قيامه بعض نوابها وأيده البعض الآخر، وجميعنا رأى التراشق الإعلامي بين نواب الأغلبية أنفسهم.
ربما تنجح الحكومة في المستقبل بتمزيق هذه الأغلبية على خلفية إقامة احتفالات أو مؤتمرات فكرية وسياسية أو حتى محاباة طرف على آخر داخل الأغلبية في التعيينات أو المناقصات، فلا يمكن أيضا أن تبقى الحكومة رهينة للأغلبية النيابية على طول الخط، وعندها سنتأكد أنه إذا ما كانت الشعوب العربية تنطبق عليها المقولة الشهيرة «تجمعهم الطبلة وتفرقهم العصا» فإن نواب وممثلى الأمة هم عكس شعوبهم «تجمعهم العصا وتفرقهم الطبلة».
والدنيا ربيع «عربي» والجو بديع «وربما فظيع» «أفلّي» على كل المواضيع!
قضايا منتصف الأسبوع
شهادة حق في وزير الدفاع الشيخ احمد الخالد الذي عرف عنه الشجاعة والنزاهة ونظافة اليد وعدم المجاملة في قول وعمل الحق، الكويت تحتاج الى الهدوء الشديد والاسترخاء السياسي لمدة طويلة كي يتفرغ الوزراء والنواب للانجاز ومن ثم محاولة اللحاق بركب دول الجوار والذي اصبحنا لا نراه الا.. بالدربيل..!
***
قرت اعين اهل الكويت باطلاق سراح المواطن علي الحربي من سجون العراق، نرجو ان تعمل الكويت على اسقاط احكام السجن الصادرة في العراق ضد مهندس الطيران الكويتي حمد البعيجان والكابتن العراقي نمير الجنابي وان يتم ضمن صفقة مخالصة مؤسستي الطيران الكويتية والعراقية اعطاء الكابتن نمير وشقيقه وزوجته استحقاقاتهم المالية من «العراقية» التي حرموا منها بسبب شهادتهم مع «الكويتية» في المحاكم البريطانية، والوفاء شيء جميل..!
***
في بداية الثمانينات وابان وجود موسيقار الجيل محمد عبدالوهاب والاخوين رحباني كتب الكاتب الفني الأشهر محمد بديع سربية ان الملحن الكويتي يوسف المهنا هو الاشهر في الوطن العربي من محيطه الى خليجه بسبب الانتشار الساحق لاغنيته «ابعاد» لمحمد عبده و«اوه يالازرق» التي صاحبت وصول منتخب الكويت لكأس العالم ودعم الشعب العربي له، المبدع يوسف المهنا يقوم هذه الايام بعمل موسيقي مميز وغير مسبوق اسماه «كلاكيت ثاني مرة» يعيد من خلاله تلحين كثير من الاغاني الكلاسيكية العربية وتحويلها الى انغام كويتية محلية، وهو جهد ابداعي يشكر عليه، نرجو دعمه من قبل الجهات المعنية في وزارة الاعلام لنرجع الكويت للزمن الجميل عندما كانت رائدة في كل شيء.
***
ومن ابداع المهنا الى ابداع كويتي آخر، حيث دعانا المنتج والمخرج المسرحي الكويتي المبدع سليمان البسام لعرض مسرحيته الجديدة على مسرح الجامعة الامريكية في القاهرة الا ان المظاهرات الملايينية في ميدان التحرير المجاور وسد الطرقات منعنا من الوصول، وفي سياق المبدعين التقيت محب الكويت الكبير ومن وقف خلف عمل «الليلة المحمدية» الشهير الذي اسر قلوب المصريين وجعلهم يقفون بقوة مع الحق الكويتي عام 1990 «الصهبجي» وجدي الحكيم الذي لديه معين لا ينضب من الابداع يقف خلف كثير من الاعمال الاعلامية المميزة التي تستحق الدعم والمؤازرة من قبل بلده الثاني الكويت.
***
عيب وحرام وليس من الاخلاق التي جبل عليها شعب الكويت الحاني والمضياف.. حارس عربي في سوق المباركية حدث له إشكال مع 3 شباب لا نعلم كنهه وتفاصيله الا انه انتهى بقتله، فهل يصح ويقبل ذلك الامر خاصة ان الشباب الجاني قادر على ايذائه وضربه دون قتله؟ نرجو ان نرى احكاما مشددة ومغلظة في هذه القضية وغيرها، فقد تسببت احكام البراءة المسبقة في كل الجرائم والسرقات التي تجري في البلد والتي يعتقد فاعلوها اننا بلد سهود ومهود لا حساب ولا عقاب فيه.. وشوية شدة تنفع ولا تضر ونرجو سريعا بناء المزيد من السجون.. والكثير من المشانق..!
***
آخر محطة: الشباب الشتام يمكن له ان يحرق البلد بشتائمه الجارحة التي تضرب هيبة السلطة في الصميم والتي يوجه بعضها تجاه شركاء الوطن الآخرين، الواجب ان يحجز الشباب الشتام بالسجون لمدد طويلة وان يعاد تأهيلهم وهم داخله لا خارجه، حالهم حال الشباب المتطرف الذين تسببوا في إسالة الدماء الكويتية قبل سنوات قليلة.. للمعلومة اسوأ الانواع هو.. المتطرف الشتام الكذاب..!