العزيز بدر ششتري كتب مقالا قبل عشرين يوماً تقريبا في جريدة “سبر” بعنوان “رسالة عتب إلى مسلم البراك”، يعتب فيها على من أسماه العزيز بوحمود لتغاضيه وتجاهله عن أشكال التفرقة الطائفية التي يمارسها زملاؤه النواب تجاه الشيعة تحديداً.
التقيت العزيز بدر ششتري يوم نشر مقاله أو بعدها بيوم لا أذكر، ولكني أذكر جيداً أني قلت له: مقالك لا جدوى منه، فمسلم البراك لن يستجيب لك، ولا أعلم إن كان مسلم قد قام بالرد عليه بشكل شخصي أم لا، ولكن ما أعلمه جيدا أن عتب بدر على البراك لم يرفع إلى الآن؛ لأن مسلم لم تتغير سلوكياته منذ ذلك الحين إلى اليوم على الرغم من مرور مؤشرات إقصائية كثيرة من زملائه في كتلة الأغلبية.
باعتقادي الخاص أن مسلم البراك بات أسيراً لمخاوف عدة امتزجت مع بعضها لتقدم النموذج الحالي لمسلم البراك، فبوحمود كما أراه بات يخشى الصاعد الجديد النائب عبيد الوسمي من أن يتمكن من احتلال موقعه الشعبي الجارف في الدائرة الرابعة من جهة (وهو لا يعني بأي شكل من الأشكال بأني معجب بنموذج عبيد لكن تلك هي رؤيتي لواقع مسلم اليوم)، ومن جهة أخرى هو لا يريد أن يفرط باستمرارية هذا المجلس لأنه معجب حسبما أرى بتشكيلته وهوية رئيسه من جانب آخر.
هذان الأمران جعلا من مسلم البراك يتغاضى عن أمور، ويتخذ مواقف لا تمت للدستور ولا لدولة المؤسسات بصلة، بل باتت تعزز النهج السابق الذي صدحت حنجرته برفضه، فنراه يحرم الناس من حق التقاضي الدستوري، ويرفض رفع الحصانة عن نفسه وعن زملائه بالأغلبية فقط، ونراه يصمت عن إهانة طائفة كاملة كان يتودد لها في السابق عندما كان عدنان ولاري زملاءه في الكتلة، ونجده لا ينبس ببنت شفة في حال عدم حفظ الأمن من وزير الداخلية في السجن المركزي، ونجده أيضا يصمت عندما تم منع ملتقى النهضة بشكل غير دستوري من وزير الداخلية، ونراه كذلك لا يتعرض لابن قبيلته في التأمينات الاجتماعية رغم الخسائر الهائلة المعلنة لهذه المؤسسة على الرغم من أنه يهدد باستجواب الوزير المعني.
وغيرها من أمور تتجاوز ما يدعيه من الحفاظ على المال العام، وما كان يدعيه من حرية التعبير، وما كان يردده عن رفض التفرقة وغيرها من أمور.
هذا هو مسلم البراك اليوم، بات أسيراً لنقيضين لا يجتمعان أبدا الدستور والأهواء الإقصائية، ولكنه مازال يردد كلمة الدستور في كل مناسبة ومازال يشارك الإقصائيين أو على الأقل لا يستنكر إقصاءهم.
خارج نطاق التغطية:
لمن لا يعلم فقد منع طلال فهد الصباح رئيس اتحاد القدم غير الشرعي الوقوف دقيقة حداد في مباريات الأسبوع الماضي للرمز الراحل سمير سعيد، بحجة أنها بدعة. وهي المدخل الذي سيجعل بعض نواب الإسلام السياسي يقفون معه رغم تجاوزه القانون، تابعوهم.
الشهر: أبريل 2012
الرئيس الذي رأى الغد!
يحسب للرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي أنه وقف مع الحق الكويتي عام 90 حتى تبرأت منه قبيلته لاعتقادها أنه خان فارس العروبة صدام، في حين وقف الرئيس زين العابدين ومعه أمين عام الجامعة العربية آنذاك الشاذلي القليبي موقفا شائنا يتضمن قبوله لمبدأ الاستعمار العربي الذي هو أشد قسوة وإيلاما من الاستعمار الأجنبي مثله مثل الاحتلال الداخلي الذي تقوم به بعض الانظمة القمعية العربية لشعوبها والذي هو كذلك أشد وأقسى في رأي الرئيس التونسي المثقف من الاحتلال الخارجي.
***
تلك الوقفة التاريخية الحقة أظهرت الرئيس المرزوقي وكأنه يرى المستقبل بوضوح شديد عندما غابت العقول، حالها حال رؤيته المستقبلية الثاقبة ضمن برنامج الاتجاه المعاكس في أبريل 2010 عندما أصر على أن الانظمة الديكتاتورية العربية ستتساقط سريعا مهما أظهرت من قوة زائفة، وقد انتهى اللقاء آنذاك باتفاق 90% من مشاهدي البرنامج مع رأي د.المرزوقي وهو ما يدل على قوة حجته، فلم يعرف عن جماهيرنا العربية قط الوعي السياسي الشديد أو القدرة على الرؤية المستقبلية الصحيحة، يضاف الى ذلك أن الأيام أثبتت أن تلك الرؤية كانت تعكس آنذاك وجهة نظر المحطة المؤثرة في الانظمة القمعية.
***
وقد سألت الرئيس التونسي الذي التقيناه قبل مدة بصحبة «السفراء» عبدالعزيز البابطين عن كيفية وصوله إلى تلك القراءة الصحيحة للأحداث في منطقة اشتهرت بخطأ التوقع المتكرر فيها، حيث يأتي من الغرب دائما ما يتم توقعه من الشرق والعكس بالطبع صحيح، فأجاب فخامته بأن الاوضاع العربية كانت تحتاج الى قراءة عقلانية وموضوعية للأحداث، فحكم القمع والقهر قد يستمر لشهر، ولكنه لا يستمر أبد الدهر.
***
ومن الأقوال التي يكررها الرئيس المثقف والتي يمكن الاستفادة منها في الكويت وبقية أقطار الصحوة العربية، حقيقة أن الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات الشعبية تشكل خطرا ماحقا على اقتصاديات البلدان المعنية، وان الأنظمة السياسية الجديدة مهددة بالموت السريع إذا لم تبدأ العجلة الاقتصادية بالدوران بأقصى سرعتها، لذا يطلب فخامته من الجموع إعطاء الحكومات العربية هدنة لا تقل عن 18 شهرا للعمل قبل المحاسبة، ومن الافعال القدوة اجتماعه الأسبوعي على العشاء مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة اللذين يمثلان توجهات سياسية مختلفة كي يصلوا إلى حلول لإشكالات البلد على مبدأ الترويكا المتعاونة، لا الترويكا المتعاركة.
***
آخر محطة:
(1) اعتذر الرئيس التونسي قبيل زيارته الاخيرة لبغداد من الشعب العراقي الشقيق بسبب اشتراك شابين تونسيين متطرفين في تفجيرات سامراء، رغم أن الشابين لا يمثلان تونس بالقطع، ونذكر في هذا السياق موقف الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الشائن من مظلمة الشعب الكويتي والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء والتي زرعت في وجدان الشعب الكويتي جروحا غائرة.
(2) نتمنى وبحق أن ينجح الرئيس التونسي المثقف في إحياء مجلس الاتحاد المغاربي ليكون الجناح الآخر لمجلس التعاون الخليجي الذي أحد أسباب نجاحه تعامل دوله مع الآخرين على أنها دولة واحدة، ومن ذلك نرجو من الرئيس التونسي الزائر أن يتوقف عن مطالبة الشقيقة الكبرى السعودية بتسليم الرئيس التونسي السابق الذي لجأ اليها وهو المنتمي لقبيلة عربية كريمة تعلم معنى اللجوء وحرمة تسليم من يلجأ، متذكرين بأن الرئيس المرزوقي رفض تسليم رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي لحكومة الثورة في بلاده، كما تقدم قبل مدة بعرض لقبول لجوء الرئيس السوري بشار الاسد في تونس، تكرار تلك المطالبة يوتر العلاقة مع السعودية، وبالتبعية مع دول الخليج.
بيت الكويت الغريب
منذ اليوم الأول الذي فتح فيه «بيت الكويت للأعمال الوطنية (!)» أبوابه، والاشاعات تعصف به من كل صوب، لرفض أي جهة حكومية الاعتراف به لا كجمعية ولا كمؤسسة تجارية، ولم يرخص ابداً لممارسة أي نشاط، ومع هذا لا تزال التبرعات ورسوم الدخول تحصل فيه من دون «أحم ولا دستور»، وهو الأمر الذي قد يفسر على انه رفض قوي لتطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بالحاق البيت بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لان هذا يعني وضع حد لوضعه الحالي، وكشف أمور قد لا يود لها ان تظهر، ولهذا عجز أكثر من عشرين وزيراً ووكيل وزارة وأمين عام مجلس، طوال العقدين الماضيين، عن السيطرة على البيت بسبب واسطات مع جهات متنفذة، وهي الجهات نفسها التي لم تبخل عليه بالمال والدعم، ومع هذا لم تمنحه الترخيص والاستقلالية، وقد قمنا عبر أكثر من 10 مقالات بكشف كل ما دار حول البيت من لغط ومخالفات، وكان آخر تلك المقالات ما نشر في نوفمبر الماضي، والذي لم يعجب مضمونه البعض، فقام المشرف على البيت برفع قضية علينا بخصوصه، ولكن القضاء العادل حكم لنا ولـ القبس بالبراءة من كل ما حاول إلصاقه بنا من اتهامات باطلة!
نعود ونقول ان قضية «بيت الكويت» على الرغم من جمال الفكرة، يجب ألا تبقى معلقة لعشرين سنة تقريباً، كما لا يجب السكوت عن كل هذا الكم من المخالفات القانونية والمالية، التي تصلح لدراسة ماجستير يكون موضوعها مدى تداخل الصلاحيات داخل الحكومة والفوضى التي تعيشها مختلف الأجهزة وعجزها عن وضع حد لمخالفات «البيت» لعقدين، على الرغم من وضوح المسألة وضوح الشمس في «رابعة» النهار!
وهنا نناشد وزير الاعلام الشيخ محمد المبارك، فعل شيء لوقف هذا التسيب والفوضى، وفرض تطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بتبعية البيت لـ«المجلس الوطني للثقافة»، وحقه في الاشراف الكامل عليه، مع تعيين مجلس أمناء لادارة شؤونه ومراقبة حساباته، والسؤال عن مصير مئات آلاف الدنانير من أموال التبرعات التي تم تحصيلها على مدى سنوات من شركات وجهات أخرى.
***
ولد رونالد وين في كليفلاند، أوهايو عام 1934، وعمل مع ستيف جوبس في شركة أتاري قبل أن يقوما عام 1976، ومعهما ووزنياك، بتأسيس شركة أبل للكمبيوتر! ولعدم ثقة وين بمستقبل الشركة الجديدة بسبب تجاربه المرة السابقة، قام ببيع حصته في الشركة الجديدة بمبلغ 800 دولار، وحصل على 1500 دولار أخرى مقابل تنازله عن كل حقوقه. واليوم تبلغ قيمة حصة وين في شركة أبل اكثر من 58 مليار دولار! فإذا كنت تشعر بالحزن لسبب ما، فكّر في حالة السيد رونالد وين!
أحمد الصراف
عقولٌ… على طبق من نسب
وحياة هذه التمرة السمراء وفنجان هذه القهوة الشقراء لا أتمنى شيئاً أكثر من التسلل خلسة إلى عقول مستشاري أصحاب القرار، واحداً واحداً، والتجول في صحاريها وقفارها، ورملها وأحجارها، لأتفحصها كما يتفحص الجيولوجيون الأراضي البكر.
كيف يفكر هؤلاء؟ لا أعرف… هل لهم علاقة بالسياسة، أو حتى بجيرانها؟ لا ورب الكعبة… كل ما يربطهم بالسياسة أنهم كانوا وزراء سابقين، فقط، وهذه جاءت بالحظ وعلاقات القربى والنسب لا الكفاءة.
فيا حبيبنا المستشار، كونك وزيراً سابقاً لا يعني أنك سياسي بارع وفارس فارع، فللسياسة رجالها وفرسانها الذين يداعبون السيف في ميدانها كما يفعل ابن الطفيل، ويصوبون السهم كما يفعل ابن أبي وقاص… يا حبيبنا المستشار، كل ما يربطك بالسياسة هو النسب والقربى والجيرة، وهذه لا تشفع، تماماً كعلاقتي بالإبل، فكوني ابن قبيلة ترعى الإبل لا يعني أنني أعرف الإبل، طيّبها ورديّها، حسنها وقبيحها، “مجهمها ومغترها”، كما يصنّفها البدو. وكنت في مناسبة برّية، فطلب مضيفنا من راعي الإبل أن تُعرَض أمام “ضيفنا الوشيحي”، وجيء بتلك الناقة، وسألني عنها أمام بقية المعازيم: “ما رأيك في جمالها؟”، ولأن الأمر يتطلب المجاملة فقد تغزلت بها، وقلت فيها كل ما أحفظه من شعر عن الجمال والبهاء، بيت شعر واحد فقط غاب عني تلك الليلة: “إن العيون التي في طرفها حورٌ / قتلننا ثم لم يحيين قتلانا”، نثرتُ عليها كلمات المديح والغزل حتى تساقط الحضور على الأرض لشدة الضحك، ولم أكتشف سر ضحكاتهم إلا بعد أن عرفت أن هذه الناقة ليست إلا “فحل الإبل”، بل من أطيب الفحول وأشهرها، وهو بعير يشار إليه ببنان الدهشة! فما كان مني إلا أن تشككت في سلوكه، وطلبت إحالته إلى لجنة الظواهر السلبية، لكنني بعد هذه الفضيحة تعلمت كيف أميز بين البعير والناقة.
لذا أجزم أن نسبي وصلات القربى التي تربطني بأهل الإبل لا تسمح لي بأن أكون مستشاراً في عالم الإبل، وأجزم قبل ذلك أن مستشاري أصحاب القرار أكثر جهلاً في السياسة مني في الإبل، وإلا فما تفسير “بالونهم” الذي أطلقوه عن “احتمالية حل البرلمان في حال تم استجواب وزير المالية”؟ إذا كانوا يريدون تخويف الأغلبية فإنهم بذلك أرعبوا الأقلية. فالأغلبية وأنصارها ينظرون إلى حل البرلمان وعدمه بنفس سعر الصرف، بل إن بعضهم يتمنى حله كي يتسنى للشعب تنظيف بشرة البرلمان من بعض الندوب، بالتقشير المريح.
خذوها مني، أيها المستشارون العباقرة، ستعود الأغلبية إلى البرلمان بأعداد أكبر، وسيتضاءل عدد الأقلية، وستتناثر شظايا بعض نواب الأقلية لشدة السقوط. وأظن أن الأغلبية هي التي يجب أن تخيفكم بحل البرلمان لا العكس. فكروا بهذه الجزئية.
لكن السؤال هو: “لمَ لم يُطلقوا مثل هذا البالون عند استجواب رئيس الحكومة أو وزير الإعلام، وهما من أبناء الأسرة الحاكمة؟ لم أطلقوا بالونهم بعد التلويح باستجواب وزير المالية؟”، والجواب برأيي من جزئين، الأول، خوف الحكومة ومَن وراءها من كشف بعض الملفات المؤلمة رغم إعلان النائب البراك موافقته على سرية الجلسة نظراً لخطورة المعلومات وحساسيتها، والجزء الثاني، هو إدراك الحكومة ومَن وراءها أن استجواب البراك جدّي لا يحتمل الهزل، في حين أن استجوابَي عاشور والقلاف، خصوصاً الأخير، يندرجان تحت “باب التسالي” إلى جانب الألغاز والنكت والكلمات المتقاطعة.
إشكالية الإفتاء والكتابة عن بعد!
في مصر والعالم الاسلامي ضجة كبرى على هامش زيارة مفتي مصر د.علي جمعة للقدس والصلاة في المسجد الاقصى، وكان الشيخ القرضاوي قد أفتى بحرمة الذهاب للقدس المحتلة ومثله الراحل البابا شنودة الثالث رغم ان عددا من الاقباط زار القدس بعد رحيله وهو ما يعتبره البعض دلالة على تغيير الوضع بتغيير المرجعية.
***
وكنت قد استمعت خلال زيارتين قمت بهما للقدس عن طريق الضفة من المقدسيين خاصة واهل الضفة عامة إلى طلب لحوح بدعوة المسلمين والعرب والخليجيين للاستثمار والسياحة في فلسطين دعما لصمود اهلها، كما استمعت من الرئيس محمود عباس شخصيا خلال اكثر من لقاء معه في الضفة إلى نفس الدعوة والتي قال ضمنها: ان زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان، واستمعت له مرة اخرى وهو يكرر في الجلسة المغلقة للقمة الاخيرة في بغداد ويضيف ان القدس قد احتلت لمدة 200 عام ابان الصليبيين ولم تخرج فتوى واحدة من شيوخ الاسلام في ذلك العصر تجرم زيارتها، كما احتلت مكة من قبل القرامطة ونقل حجرها الاسود الى البحرين ولم تصدر كذلك فتاوى من بغداد عاصمة الدولة العباسية تمنع الحج والعمرة لها.
***
واستمعت في غزة من د.اسماعيل هنية للرأي الآخر أي الحث على عدم زيارة الضفة والقدس وهو امر كرره السيد خالد مشعل اثناء زيارتنا له في منزله بدمشق مع وفد جمعية الصحافيين الكويتية وقد وجه لنا السيد مشعل سؤالا مفاده: هل كنتم ترضون ابان احتلال صدام لبلدكم عام 90 زيارة الاعلاميين والسائحين للكويت؟! وقد كانت اجابتي قاطعة بـ«نعم» فقد كان ما يغضب شعب الكويت ابان الاحتلال الصدامي البغيض هو زيارة المسؤولين والاعلاميين لبغداد وعدم توجه احد منهم للكويت ليرى كم القمع والقتل والنهب والخراب والدمار الذي كان يقوم به جلاوزة نظام صدام ولو زارنا احد ونقل الصورة الحقيقية لما يحدث لما وقف كثيرون مع القاتل ضد.. الضحية!
***
إن أحد اشكالات العرب الحقيقية قضية الافتاء عن بعد فالشيخ القرضاوي، اطال الله في عمره ،لم يزر القدس والضفة ليرى بالعين المجردة معاناة شعبها مع الاحتلال كما رأيناه، ولم يرقب هو وغيره ظاهرة المستوطنات الخرسانية الضخمة التي تتضاعف مع كل يوم يمر في القدس والضفة، ولم يصل كحالنا في المسجد الابراهيمي بالخليل مع مفتي فلسطين ويدخل في عراك مع المستوطنين المسلحين الذين احتلوا بشكل دائم ثلثي المسجد ومن يعتبرون الاكثر تطرفا وشراسة مقارنة بغيرهم. عدم زيارة القدس والضفة سيتسبب بجهل او بعلم في ضياعهم والتراجع عن فتوى خاطئة فضيلة اما الاصرار عليها فيثير الشك والريبة والحديث عن احتمالية الصفقة!
***
آخر محطة:
1) الافتاء عن بعد هو تماما الوجه الآخر للكتابة عن بعد حيث يعتبر اكبر فرسانها وممارسيها هو الاستاذ هيكل الذي يكتب عن القضية الفلسطينية ولا يعني نفسه بزيارة غزة التي تبعد سويعات قليلة بالسيارة عن القاهرة، ويكتب عن احوال العراق ولم يزر شمالها ووسطها وجنوبها كما زرناه، والحال كذلك مع كراهيته الشديدة للدول الخليجية (دول الاطراف!) التي دعوناه اثناء لقائنا به مع الاعلامي المصري جمال عنايت لزيارتها ليصحح افكاره الخاطئة عنها فرفض بل حتى ان لقاءاته مع قناة «الجزيرة» تسجل في مصر لا قطر، وهو امر يمتد لأحاديثه وكتاباته الاخرى في الشأن العربي بينما تنحصر كل زياراته ولقاءاته في لندن وواشنطن وللأموات من المسؤولين ممن يعتمد عليهم كثيرا في كتبه واحاديثه ومقالاته.
2) الاستاذ هيكل هو الوحيد الذي يذكر ويفخر بأنه «منكر حسنه» اي ناكر للاحسان فضمن سلسلة كتبه الاخيرة الطاعنة والقادحة بالرئيس حسني مبارك يذكر في احدها ان مبارك اتصل به اثناء مرضه عارضا عليه التكفل بعلاجه في واشنطن على حسابه الخاص ولكنه رفض، ما لم يعلمه الرئيس ان ثروة المتصل به وابنائه اكبر بكثير من ثروة المتصل وابنائه!
حسافة على الديرة
كارثة حين يتنحى حكم القانون جانباً ليحل مكانه الهوى السياسي، وتتكيف الوقائع، لا حسب مبادئ الاستقرار القانوني وهذا عماد الدولة وضمان حريات وحقوق الافراد، بل حسب الضغط السياسي وعواطف الجمهور. يبقى وضع المتهم بالإساءة إلى الرسول في يد القضاء حين يكيف واقعة الاتهام بوصفها الصحيح ومواد القانون التي تنطبق عليها، كما تنص تلك المواد ذاتها لا كما تطرح نفسها رغبات الانتقام والثأر على غير حكم القانون وعلى غير مقاصد الشرع، وحتى يصدر القضاء حكمه النهائي ويصير عنواناً للحقيقة كما يقول القانونيون، يفترض العدل والمساواة في معاملة ذلك المتهم أو أي متهم آخر خلال فترة السجن الاحتياطي بإيمان مطلق بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي.
واقعة الاعتداء على المتهم بالإساءة للرسول كما أخبرني بعض المهتمين بحقوق الإنسان ليست كما صورتها إدارة السجون ونشرت في الجرائد بتسطيح وتسخيف موضوع الاعتداء على حياة المتهم، وتصوير الأمر كأنه “هوشة” مساجين وانتهت بكدمات بسيطة، ولم تكن محاولة قتل وشروع به سببها إهمال، إن لم يكن غير ذلك، من القائمين على السجن، فالمتهم نقل قبل يومين من الاعتداء عليه من عنبره في السجن المركزي إلى عنبر أمن الدولة، ثم أحضرت إدارة السجون المتهم الآخر بالاعتداء عليه في الليل ووضعته في العنبر ذاته مع أن الأخير ليس من المتهمين بقضايا أمن الدولة حتى يوضع في ذلك العنبر! وهو محكوم عليه – كما أخبروني- بجريمة قتل وهرب إلى العراق وأفرج عنه هناك ليقبض عليه من جديد، هنا يفترض بإدارة السجون وهي العالمة بتاريخ وسوابق المساجين، أن تدرك أنه لم يكن من المناسب زج كلا المتهمين في عنبر واحد، وحدث أن قام المتهم الأخير فعلاً بالاعتداء باستعمال ما يسمى في ثقافة السجون بـ”سكين محلي”، وحاول نحر المتهم بالإساءة للرسول، فهل كان هذا ينفذ إرادة النواب المشرعين بمجلس نواب الأمة حين ثاروا للتهمة وتم سلق عقوبة الإعدام بالمداولة الأولى وبجلسة واحدة، وهذا ما يمكن تسميته بالإرهاب التشريعي، أم كان ممثلاً لرغبات الجمهور الغاضب من تهمة الإساءة… هل انتهينا الآن كي نجني عطاء حكم الأغلبية وتهاون الأقلية؟ أم أننا الآن وبعد أكثر من خمسين عاماً على إقرار المؤسسات الدستورية في الدولة من دستور وتشريعات عقلانية وسلطة قضائية قد استقر في يقين السلطتين التشريعية والتنفيذية أنه لم يعد هناك مكان لشكليات القانون والإجراء الواجب، ولا حكم لغير حكم الثارات الشخصية والتصفيات الطائفية! يا حسافة على الديرة فقد أتلفوها.
جبل الجليد الأسود!
على الرغم من سواد الجبل الذي تشكله إطارات منطقة «رحية»، لكنها تمثل رأس جبل الجليد الذي يخفي تحته كل مآسينا وعجزنا وهوان حالنا على الرغم من تخمتنا «النقدية»! فبالتمعن في الوضع نجد أنه يمثل الكيفية التي تبدأ فيها الأنظمة والدول بالانهيار والتحلل ببطء، ولكن بصورة مستمرة. لا أحاول أن أبدو يائسا ومأساويا في مقالي هذا، ولكني سأقول الحقيقة كما أراها. فجبل الفساد هذا، المكون من 8 ملايين إطار، بدأ بالتشكل بداخل مجلس الوزراء عندما قام بتسليم مقاليد التعليم للاحزاب الدينية فعاثت فيها تخريبا وأبعدتها عن قضايا المواطنة والبيئة والديموقراطية والمحاسبة والمسؤولية والعقاب والثواب ومواد الدستور وحقوق الإنسان، وأخذتها الى كهوف الجهل والتخلف، فجاءت مخرجات مدارسنا، وبالتالي مخرجات انتخاباتنا، متخلفة بكل ما في الكلمة من قسوة، فلو لم نكن كذلك لكانت الوحدة الوطنية في بلد صغير وجميل كالكويت تعني شيئا غير ما هو حاصل الآن! ولو لم نكن متخلفين لما كنا طائفيين، ولو لم نكن كذلك لما شغلتنا أشكال قبور الغير، ولا الرغبة في هدم الكنائس ولا في كل هذه الحماسة لإقرار قانون لا مثيل له في العالم يجيز قطع رقبة من يخطئ في لفظ أو كلمة لا تعجبنا! لقد وقع نظر عشرات آلاف المواطنين والمسؤولين على منظر جبال إطارات رحية، من دوريات «الداخلية» وسلطات البلدية ومشرفي النظافة و«ضباط» إطفاء ومسؤولي بيئة ووزراء ووكلاء وأطباء صحة وغيرهم، ولم يتحرك ضمير أحد ليسأل: لماذا تبقى هذه القنبلة من دون تفكيك؟! وقد سبق ان كتبنا قبل سنوات عن الموضوع، ولكن من يقرأ؟! حدث ذلك لأننا شعب في غالبيته متخلف، وتخلفنا سببه تخلف مناهجنا، ومناهجنا في روحها تطالب باغتيال أو على الأقل اسكات كل صوت وفكر حر، وليس هناك بالتالي ما نجنيه ونحصده غير الخيبة والعودة الى الوراء، والاهتمام بهوامش الأمور من طول لحية وقصر رداء وشكل نقاب ولون حجاب، وصراع السلف والإخوان على المساجد ومعسكرات التدريب وجيوب المواطنين وقلوبهم، وهي الأمور التي في غالبيتها محور اهتمامات ندوات بعض مرشحي الجهراء وغيرها، وليس تخلف مدارسنا وخطورة بيئتنا ونقص خدماتنا! حدث ذلك في الجهراء، التي كانت قبل 92 عاما رأس الحربة في التصدي لجحافل التخلف، ولكن هؤلاء عرفوا أن تخريب المناهج والعقول أكثر فعالية وقوة من ضرب السيوف على الرقاب.
يقول صاحب الشركة التي تمتلك الإطارات، («الوطن» 4/21): هذا الحريق ليس الأول، ولولا الاعلام لما انتبه له أحد، وهو متعمد، فهناك صراع وتناحر بين أطراف غير واضحة، ولكن أياديها واضحة ولهم سلطة ونفوذ ويتبعون جهات حكومية، والبلدية رفضت إجبار شركة الحراسة على تركيب كاميرات، وفق العقد المبرم (!!) ولو قامت الحكومة بالتحقيق في هذا التصريح الخطير، وفي مسؤولية الجهات المعنية بالمشكلة لتطلب الأمر فتح سجن جديد لاستيعاب أعداد المقصرين، ولكن يبدو أن الوقت قد تأخر كثيرا، وهي الجملة التي قالها البروفيسور البريطاني الذي جاء للاشراف على علاج اللاعب الدولي سمير سعيد، بعد أن تبين له أن «الاسعاف» استغرقت ساعة ونصف الساعة للوصول الى المصاب ونقله الى مستشفى العدان، وكيف أن أجهزة التنفس وشفط الدم فيها كانت لا تعمل، ولو كان الوضع غير ذلك لكان هناك أمل في أن يكون سمير سعيد، وغيره من عشرات الضحايا بيننا الآن، ولكان الوطن برمته في غير حال!
أحمد الصراف
انحراف الأغلبية
الأغلبية البرلمانية اليوم كالحزب السياسي، لها اهداف محددة ولها وسائل معتمدة لتحقيق هذه الاهداف، ولكي تنجح في ذلك، لا بد ان يكون هناك حد أدنى من التعاون مع الحكومة يسهل لها الوصول الى مقاصدها. والمراقب لعمل هذه الأغلبية في بدايات هذا المجلس يلاحظ انحرافا في استخدام هذه الوسائل من خلال التلويح المستمر بالاستجوابات والتصريحات الخالية من اللباقة الصحفية!
ماذا تريد الأغلبية..؟!
يفترض ان هذا المجلس هو اقصى ما تحلم به المعارضة السياسية! اغلبية برلمانية مريحة وحكومة جديدة بنهج جديد وروحية جديدة..! والأكثر من ذلك ان البرنامج الذي أعلنت عنه – اولويات الأغلبية – متوافق الى حد كبير مع برنامج عمل الحكومة، وهذا وضع نادر جدا لا يحدث الا في الحكومات الحزبية التي تتشكل فيها الحكومة من الأغلبية البرلمانية!
اذاً، ماذا تريد الأغلبية اكثر من ذلك..؟!
المشكلة التي تواجه الأغلبية اليوم هي اعتقاد البعض فيها ان المشاكل تعالج فقط بالاستجوابات، وان الانجازات تتحقق أيضا بالاستجوابات، وهنا بيت القصيد! فالشعور بالسيطرة والقوة يعمي البصيرة احيانا في ما يسميه علماء النفس الغرور والشعور بالعظمة! لذلك، شاهدنا ظاهرة غريبة في هذا المجلس، وهي كثرة لجان التحقيق! صحيح ان فساد الحكومات السابقة جعل «الشق عود» – كما يقولون – لكن ليس لدرجة ان نعمل لجنة تحقيق في كل مشكلة تواجهنا! لنترك الحكومة تمارس دورها احيانا ثم نحاسبها ان قصرت، وكلنا يعلم ان من اسباب فشل الحكومات والمجالس السابقة التأزيم وروحية العناد التي سيطرت على أجواء العمل، بدلا من التعاون الذي دعت اليه المادة خمسون من الدستور.
لنكن صرحاء قليلا، ونقول ان الشعور بالخوف من ان ينعت النائب بالتقاعس والتخاذل هو الذي يسيطر احيانا على أجواء النقاش في اجتماعات الأغلبية، لذلك تجد الأغلبية من النواب يتسابقون لطرح السقف الاعلى من التصعيد، وقد سيطرت عليهم صورة تجمع وسائل الاعلام خارج مقر الاجتماع!
تحقيق الانجازات بالقوة قد ينجح لفترة من الوقت، لكنه نجاح لن يدوم طويلا، فسيأتي يوم تبدأ الأغلبية بالتفكك اذا استمرت في النهج نفسه، خاصة عندما «تروح السكرة وتجي الفكرة» ويطغى صوت العقل على دوافع العاطفة وينتبه الحكماء الى خطورة هذا المسلك.. مسلك أخذ الحقوق بالقوة في مجلس الامة!
اعترف بان هناك وزراء في هذه الحكومة عالة على رئيسها، وهم الوزراء الذين فرضوا على التشكيل في الساعات الثلاث الاخيرة، وهؤلاء متورطون في فساد الحكومات السابقة، وأتفهم ان يلوح بعض النواب باستجوابهم، لكن حديثي عن غير هؤلاء! فأنا اقصد الوزراء الجدد الذين لم نعطهم فرصة حتى ليتعرفوا على الموظفين في مكاتبهم!
***
• بدر السبيعي رجل عرفته منذ زمان، ذو خلق رفيع، وسمعته طيبة، وطبعا هذا لا يعني «صك براءة»، لكن يجعلنا نتحقق اكثر عندما تحوم التهم حول امثال هؤلاء المعروفين باستقامة سلوكهم! لذلك أتمنى على الاخوة النواب عدم الاستعجال في اصدار الأحكام وتشويه سمعة الناس قبل التحقق من دقة التهم.
عصفور على الشجرة
بعد ان شاركت أنا والأخ عبدالوهاب الهارون زميلنا الاعلامي البارز يوسف الجاسم زرعه لشجرة على الطريق الموازي لكورنيش المعادي والتي اراد منها أبوخالد اظهار حبه وحرصه الشديد على البيئة، ولعكس رغبته في الحضور كل 3 أشهر إلى مصر لسقي تلك الشجرة الوارفة والعناية بها، اتجهت بسيارتي وكعادتي كل عام لزيارة مدينة شرم الشيخ وشبه جزيرة سيناء الساحرة.
***
أول ما لاحظته على الطريق لشرم خلو محطات الوقود من البنزين رغم ان سيناء هي مصدر البترول والغاز في مصر، واثناء التوقف في احدى الاستراحات وجدت باصا وحيدا به سواح من الهند يصحبهم 4 وانيتات محملة بالعسكر لحمايته كما ان نقاط التفتيش مليئة بالجنود المدججين بالسلاح لا الشرطة، وللعلم الجند ألطف معشرا بسبب العسكرية التي تعلمهم الضبط والربط والاحترام، والواجب على مصر واعلام مصر اظهار الاعتزاز بجيش مصر، تلك المؤسسة العسكرية العريقة التي تضمن حدود مصر ووحدة أراضيها واستبباب الأمن بين ربوعها، عبر اجلال واحترام المجلس العسكري الذي يمثل ذلك الجيش الذي يعتبر ضمانة الاستقرار الوحيدة في البلاد بعد اختلاف وتصارع الساسة على الغنائم.
***
الوضع في مدينة شرم الشيخ عاصمة السياحة في مصر والمورد الرئيسي للعملة الصعبة التي تحافظ على استقرار سعر الجنيه، مأساوي بحق، فالفنادق الفخمة والضخمة التي توظف عشرات الآلاف وتستهلك الماء والكهرباء باهظة الاثمان شبه خالية، ولا يعلم احد الى متى يمكن لها الاستمرار على هذا الحال، والشوارع الهادئة التي كانت تمتلئ بالمشاة من السائحين استبدلت بطوابير تمتد لعدة كيلومترات للسيارات وباصات السائحين التي تنتظر دورها عند محطات الوقود لعدة ساعات ثم تكتشف ان الوقود قد نفد فتبقى في مكانها حفاظا على دورها لعل وعسى.
***
ويرجع البعض سبب المأساة الوقودية إلى الحرائق المتعددة، وقد تكون المتعمدة، في منشآت البترول بالسويس، والتي كان بإمكان الكويت ان تساهم في اطفائها لو بنت على خبرتها في اطفاء الحرائق عام 91، وهناك عدة نظريات حول من يقف خلف تلك الحرائق ان لم تكن قد تمت بسبب الاهمال، أولاها رجال «الفلول» الذين اصبحوا الشماعة التي يعلق عليها كل خطأ يحدث في مصر، وثانيتها المتشددون من رجال بائع الاحلام حازم ابواسماعيل ممن لا يودون ـ حسب تلك النظرية ـ بقاء بؤرة الفساد (في نظرهم) المسماة شرم الشيخ وكونها مرتبطة بالنظام السابق، والثالثة هي قوى دولية تود ايصال الوضع في سيناء إلى حد الانفجار ومن ثم الانفصال بعد ان استبدلوا مسمى الشعب المصري هذه الايام بشعب سيناء، شعب مرسى مطروح، شعب النوبة، الشعب القبطي ..الخ.
***
آخر محطة:
1 ـ يرى اتباع بائع الكلام والاحلام حازم ابواسماعيل الذي صرف حتى اليوم 150 مليون جنيه على حملته الرئاسية الفاشلة (من أين لك هذا؟!) وبحكمة بالغة، ضرورة اطلاق 15 مليون عصفور (سائح) من اليد بأمل الحصول على عصفور السياحة العلاجية الجالس بعيدا في أعلى الشجرة، ويا لها من حكمة!
(2) نصائح أخوية للحفاظ على البهية مصر ومنعا لها من الصوملة والعرقنة والسودنة واللبننة التي بدأت اعلامها تظهر في الافق:
أ ـ التوقف عن مهاجمة المجلس العسكري والاساءة بالتبعية لسمعة الجيش.
ب ـ البدء بمصالحة وطنية تشمل «الجميع» والتوقف عن استخدام مصطلح «الفلول» المطاط والمستفز وتشريعات «العزل»، واسألوا اهل العراق ولبنان عن حل الجيش (منعه من القيام بدوره في لبنان عام 75) واجتثاث البعث (عزل الكتائب عام 75) وما انتهى اليه الحال في البلدين العريقين من حروب اهلية وتفجيرات آثمة، فهل هذا المراد لشعب مصر؟!
سعداء وتعساء مسلمي الغرب
يقول صديقي (حسين) إنه لاحظ أن المسلمين عموما غير سعداء، وهذا ما نراه مثلا في غزة، كما أنهم غير سعداء في مصر أو تونس ولا في الجزائر ولا المغرب ولا في موريتانيا، وحتما في إيران والعراق، وطبعا هم أبعد ما يكونون عن السعادة في الصومال، أو السودان، دع عنك اندونيسيا، أو ليبيا. كما أن من المؤكد أنهم غير سعداء في اليمن، بخلاف أوقات قيلولة القات! أما في أفغانستان وباكستان وسوريا، فهم مشغولون بالموت أكثر من انشغالهم بالسعادة! ولكن في جانب آخر نجد أن أقرباء واصحاب هؤلاء، من مسلمي أستراليا وانكلترا وفرنسا والولايات المتحدة يشعرون بالسعادة، ولا يريدون العودة إلى أوطانهم السابقة، ولو بالقوة، وهم بالتالي سعداء حيث هم، والأمر ذاته يسري على مسلمي إيطاليا والمانيا والدانمرك والسويد والنرويج وغيرها من الدول الغربية، اي أنهم سعداء في كل بلد غير إسلامي وتعساء في بلادهم! ويقول حسين إنه كان يعتقد أن في الأمر مؤامرة غربية لتفريغ دولنا من خبراتها، ولكنه غيرّ رأيه بعد ان اكتشف أن غالبية هؤلاء المهاجرين، السعداء، هم من بسيطي التعليم والتدريب. ويقول حسين إن كل ذلك كان يبدو له في البداية طبيعيا، فهناك شعوب سعيدة وأخرى تعيسة، ولأسباب معقدة لا علاقة لها بالمستوى الاقتصادي، فمعدلات الانتحار والكآبة في الدول الغنية أكثر منها في الدول الفقيرة! ولكن ما هو غير الطبيعي برأيه هو أن مسلمي الدول الإسلامية والغربية لا يلقون بمسؤولية شعورهم بالتعاسة على أنفسهم أو دولهم، بل يعتقدون أن الغرب هو السبب في كل ما يشعرون به من تعاسة! ويقول إن هذا، مع غرابته لا يزال مقبولا، ولكن يتحول الوضع إلى ما يقارب التراجيديا، ويصبح أكثر مدعاة للحيرة، عندما نجد أن غالبية مسلمي الغرب السعداء، يسعون بكل ما امتلكوا من قوة وحيلة، حتى بالعنف المسلح، لتغيير أوضاع الدول الغربية التي يعيشون فيها سعداء، لتصبح مماثلة تماما لأوضاع وطريقة عيش الدول التي سبق وأن هجروها، والتي لا يبدو أن أحدا يشعر فيها بالسعادة! وهنا يسألني الصديق حسين، الذي يقول إن رسالة انترنت هي التي لفتت نظره إلى هذا الوضع المضحك المبكي، عن تفسير لهذه الظاهرة البشرية الغريبة! وكيف يعمل السعداء بالغ جهدهم لتغيير طريقة المعيشة في دولهم، لتصبح مماثلة للدول التعيسة! وهل هناك من تفسير لهذا التصرف الأخرق؟ وهنا اعترف بعجزي عن الإجابة، فهل من متبرع؟
أحمد الصراف