احمد الصراف

الصدق منجاة

لا شك في أن الحياة جميلة لكثيرين، وليست كذلك لبعضهم الآخر، والأسباب متعددة. وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق على ما يعنيه «جمال الحياة» بسبب تعدد الآراء وتضارب النظريات، فإن ما لا تستطيع كثير من الانظمة السياسية ادراكه، هو ان من حق الانسان، اي انسان، أن يكون سعيدا ومحبا للحياة، والدستور الاميركي ربما يكون منفردا في نصه على هذا الحق! ولكي نبدأ بالشعور بالرضا عن انفسنا، ونقبل على الحياة، فإن علينا أن نعقد سلاما داخليا مع انفسنا، وهذا لا يمكن بلوغه ان كانت حياتنا مكتظة بآلاف الأمور والقضايا الشائكة والخلافات العائلية، وبالتالي يتطلب الأمر أن نبدأ بالتخفيف والتخلص مما لا نحب، وأن نخفف من احقادنا على «منافسينا في العمل، أو في أي نشاط أو مجال نكون فيه، وأن نبدي تسامحا مع أعدائنا، ونتخلص من الشحوم حول خصورنا، ونلقي بالخلافات مع الأصدقاء والعائلة خلفنا، أو على الأقل نسيانها. وان نتبرع بالفائض من ملابسنا التي نرفض التخلي عنها، على الرغم من أنها أصبحت منذ سنوات غير ملائمة لنا، لا لونا ولا قياسا ولا حتى «موضة»! وأن نعطي المحتاجين ما لدينا من أجهزة صالحة أو شبه خربانة لا نحتاجها. وأن نقلل من الصور والبراويز والتماثيل من حولنا، ونجعل بيوتنا أقل تخمة وزحمة بالأثاث، وان نقلل من حضور كل عزاء وفرح أو حفل افتتاح وقص شريط. وان نركز على المناسبات الخيرية والمساعدات الاجتماعية للمحتاجين، وأن نعتاد على تعلم شيء جديد كل يوم، فتعلم كلمة جديدة أو سماع تعبير جميل كفيل بإشعاري شخصيا بالسعادة، فل.مَ لا نتعلم كل يوم بيتا من الشعر يبدأ مثلا بــ «مكر مفر مقبل مدبر معا…»؟. أو حفظ مثل حكيم أو سر طبخة نحبها، ولم نعرف يوما كيف يتم تحضيرها! فهذه الأمور التي قد تبدو بسيطة كفيلة بأن تجعلنا نشعر بأن يومنا لم يضع سدى، ويكفي أنها تبعدنا عن البحلقة لساعات، من دون تفكير، في شاشة التلفزيون. كما علينا ألا نلتزم بشكل معين من قصة الشعر أو شكل لحية أو سكسوكة، أو حتى صبغة شعر للسيدات، فالتغيير جميل، حتى في ألوان وموديلات ملابسنا، وأن نطلب من «كوكو شانيل» أن تذهب، ولو لبضعة اشهر، الى الجحيم. كما علينا، مع التقدم في العمر، تقليل تعلقنا بما «نملك»، فكلما قللنا مقتنياتنا، زادت حريتنا، فتخيل نفسك تمتلك عشر لوحات لبيكاسو، هنا ستشعر، فور اقتنائها، أنها أصبحت بسبب ندرتها وغلاء ثمنها، تمتلكك من شدة حرصك عليها والتأكد من وجودها دائما، وحراستها وعدها والاطمئنان عليها من اي خدش أو تلف من خادم مهمل، او رطوبة عالية أو هواء ناشف! كما علينا أن نعيش الحاضر ونفكر في المستقبل، ونلقي الماضي خلفنا، بعد أن نتعلم منه ما يكفي من الدروس، فالحسرة على ما فات لن تجدي نفعا. كما يجب ان نعتاد أكثر على الابتسام، وقد زادت ابتسامتي أخيرا، من دون ان أشعر، بعد أن اكتشفت انني أصبحت أكثر من الابتسام لكل من هب ودب، وحدث ذلك فور انتهائي من زرع بضع اسنان جديدة! كما علينا أن نكثر من القراءة، فزيادة المعرفة غالبا ما تجعلنا نشعر بالثقة، وهذه تؤدي للاطمئنان، ومنها نشعر بالرغبة في الحياة والاقبال عليها أكثر. كما علينا بين الفترة والأخرى التحدث هاتفيا مع الأهل والأصدقاء، ولمن نعتقد بأننا قد تسببنا في ايذائهم، بقصد أو من دونه، وأن نكون لطيفين مع الجميع، ويصبح الأمر مجديا أكثر لو تحدثنا مع هؤلاء من هاتف البيت، وفي وقت مناسب لهم. كما أن قول الصدق دائما سيشعرنا بالراحة النفسية، فالكذب حبله قصير، ويجعلنا نشعر بالقلق من انكشاف أمرنا.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

عسى ألا أموت قبله

كنا صغاراً عندما لمعت فكرة في ذهن صديق “لماذا لا يتم اختراع مكواة تكوي الثياب (ع الواقف) دون الحاجة إلى وضعها على طاولة؟”، وطورنا الفكرة، في الجلسة ذاتها: “لماذا لا يكون في جيب كلّ منا مكواة يمكن طيّها، تُستخدم لكي الملابس وهي على أجسادنا، في حال سقط عليها، في مكان عام، كوب شاي، مثلاً، أو عصير أو أو أو؟”…
ودارت الأيام، وفوجئنا بأن المكواة التي تكوي الثياب ع الواقف تم اختراعها منذ “زمن جدي” لكنها لم تصل إلينا، تماماً كما أن الكي على الناشف لم يصل إلينا إلا قبل عقدين من الزمن أو ثلاثة، في حين أنه موجود في أميركا منذ نهايات القرن التاسع عشر! ولا أدري هل تم اختراع مكواة يمكن طيها ووضعها في جيوب ثيابنا، أو حتى في سياراتنا، تُستخدم عند الحاجة، أم لا؟
لم يبق شيء لم يُكتشف، وعنترة العبسي يستهل معلقته بـ”هل غادر الشعراء من مُتردَّمِ؟”، أي هل ترك الشعراء الأولون للآخرين شيئاً يمكن أن يتحدثوا عنه؟ والإجابة “نعم كبيرة”، فها هم الشعراء المعاصرون يرتقون شاهقاً إثر شاهق، وسيخلفهم شعراء يجدون “مليون بل تريليون متردم” يمكن الحديث عنه.
ولا أسوأ ولا أبشع من الاختراعات الصحافية، سحقاً لها، وأتساءل اليوم: “إذا كانت الصحف الإلكترونية قد سحبت الأضواء من الصحف الورقية، ولم تذر لها إلا “الحرس القديم” من القراء، عشاق التصفح الورقي باستخدام اليد وفنجان القهوة… ودخل “تويتر” على الخط وسحب قراء الصحف الإلكترونية… فما الوسيلة الجديدة التي ستسحب الناس من تويتر؟ وهل سيجري على الفضائيات ما يجري على الصحف؟ كيف؟ وما هي الوسيلة التي ستلتهم أنصار الفضائيات وتتركها كالزوجة الأولى؟…”.
الأسئلة كثيرة وإجابتها واحدة “لا أدري”. الأمر المؤكد هو أن “التكنولوجيا أنانية”، تستحوذ وتقصي الآخر، بل هي كالوباء تقتل البشر، وتقطع الأرزاق، وتدفعنا إلى حك الأعناق. وكانت مطابع الصحف تحتاج إلى “أمم” من البشر، لكل منهم وظيفته، واليوم تدور المطابع بضغطة زر واحدة، وكانت الفضائيات، إلى وقت قريب جداً، تحتاج إلى “شعوب وقبائل” من الفنيين، وجاءت التكنولوجيا فأبادت هذه الشعوب وأفنت القبائل! بل حتى الطائرات المقاتلة، قررت شركاتها الصناعية الاستغناء عن الطيارين واستبدالهم بالتكنولوجيا، وبعد سنوات ستختفي وظيفة “طيار مقاتل”، كما اختفى “ساعي البريد” الذي ينقل الرسائل الورقية، إلا في حالات نادرة، وكما اختفى واختفى واختفى…
وعسى ألا أموت قبل أن أرى “تويتر” ميتاً والصحف الورقية ترقص فوق جثته، وتتقاسم إرثه مع شقيقتها الإلكترونية. آمين.

حسن العيسى

قول غيرها يا شيخ!

ياالله تخلف علينا، دار أوبرا في الكويت مرة واحدة!
أين نحن الآن في حلم ولا بعلم!! وزير الإعلام الشيخ الشاب محمد عبدالله المبارك، الذي تهمس لنا هيئته بأنه من بطن أهل الحداثة و”العصرنة” ويقدر الفن والأدب، وليس هذا بغريب على مَن تكون والدته الشاعرة الكبيرة سعاد الصباح، شيخنا الشاب زف إلينا قبل يومين خبر عزم الدولة على إنشاء دار أوبرا! ومع أن مثل هذا الوعد الحكومي ليس جديداً، فقد وعد به المرحوم الشيخ سعود الناصر حين كان وزيراً للإعلام في منتصف التسعينيات، وكان من المتصور أن في الشيخ سعود الناصر الحاسم إزاء رفضه للفكر الأصولي المُحنَّط، القدرة على تحقيق وعده، إلا أن الواقع كان أقوى من حلمه، ولم يستطع أن يحقق وعده، فحتى في تلك الأيام كان مشايخ النهضة الكويتية “يحلون ويربطون” ويشكلون الوعي العام الشعبي مثل العجين الرخو.
ماذا عن يومنا الكئيب؟ وأي وعد وأي حلم يقظة مضحك ينطق بهما الشيخ محمد المبارك؟! هل كان يسخر منا؟ أم كان ساهماً في عالم الأوهام؟!
كيف ستصمم دار الأوبرا؟ على شكل بيوت الشعر كي تصبح أكثر اتساقاً مع جفافنا الصحراوي؟ أم أنها ستكون مثل دور الأوبرا في الدول الأوروبية، ومن سيحيي لياليها؟ وأي صوت “أوبرالي” سيلعلع فيها؟ وأي فرق باليه سترقص على أنغام موزارت الشرقاوي وفرانس لست وهو يجر الربابة؟! الله يحفظك يا شيخ ويحرسك من العين الحارة… إلى مَن تسوق كلامك؟! ومن سيصدق وعدك في مثل حالتنا الاجتماعية المحصورة بمشاريع قوانين الحشمة والبوليس الديني وملاحقة النساء “العاريات” في جزيرة كبر ومداهمة أوكار المقاهي النسائية؟!
أراهنك يا شيخ لو حدثت معجزة “بناء الأوبرا” لخصصت لحفلات المسابقات الدينية وتوزيع الجوائز على المبدعين منهم! لا أعتقد أنك يا شيخ “مثلهم” أقصد “الإنتلكجول” الخليجي والكويتي الذي يختزل الحضارة والثقافة في أسمنت ماديات أطول عمارة وأكبر مجمع تجاري وأوسع شارع وأكثر الكروش استدارة، وعليك الحساب في تعداد منجزاتنا ومساهماتنا للفكر الإنساني، أتصور أنك تدرك أنه في مثل حالة “الكسافة”، التي نتجرعها كل لحظة تمضي من العمر من كؤوس الملل والفراغ والسأم في الكويت التي كانت بالأمس جميلة واليوم أضحت تشبه إطلالة وجوه مشايخنا البهية، يصبح الكلام عن المسرح والأدب والثقافة والفنون بمجملها بدعة وفجوراً من صنع الشيطان، ومستقره جحيم مجلسنا النيابي.
دار أوبرا… في الكويت وفرقة “بولشوي” ترقص “الفريسة”… قول غيرها يا شيخ!

احمد الصراف

مكيف ومسواك

مرّت سنوات على تأسيس ما يسمى بـ«مجلس العلاقات الاسلامية المسيحية» الذي تدير ولائمه وحفلاته مجموعة من المهتمين بتقارب الأديان! وأعتقد أن آخر أنشطة المجلس الهلامي الأهداف، الذي لن يتمكن يوما من تحقيق شيء مفيد، المشاركة في ندوة في طهران وأخرى في قم، قم مرة واحدة؟ وكان ذلك قبل بضعة أشهر، ومن يومها وقعت أحداث جسام وصلت فيها أحزاب شديدة التطرف دينيا إلى سدة الرئاسة والتشريع، ساعية لتطبيق الشريعة في أكثر من بلد عربي. كما تم في الفترة نفسها حرق كنائس في تونس ومصر، وبالذات العراق، وأخيرا في سوريا. وقبل وبعد ذلك تأسست «بوكو حرام» في نيجيريا، وشباب الصومال، ونهضة اسلام «مالي»، وغيرها من المنظمات الكارهة لكل شيء التي لم تتردد في قتل وحرق كل رمز مسيحي. كما صاحب ذلك دفع مواطني دول عدة، ومن المسيحيين بالذات، الى ترك أوطانهم والهجرة، بكل خبراتهم وثرواتهم! كما طالب نواب في الكويت بهدم كنائسها، وهي التي وجدت قبل أن يوجد بعضهم في الكويت، وأيدتهم في ذلك فتوى سعودية! وخلال الفترة نفسها توفي البابا شنودة، وكانت مواقف البرلمان المصري ودعاة الاخوان والسلف من هذا الرجل الكبير الذي كانت له قدسية لدى ملايين الأقباط، مخجلة، ومدعاة للرثاء، ولم يتردد دعاتهم في شكر ربهم لموت الرجل! وقد وقعت كل هذه الأحداث وجماعة مجلس العلاقات الاسلامية المسيحية، ولجان حواره، وكأنها لا هنا ولا هناك، وربما أثرت تخمة أحاديث اجتماعاتهم وما تناولوه من طيب الطعام، من محلل ومحرم، في مؤتمرهم الأخير على ذاكرتهم، فنسوا واجباتهم امام كل هذا العنف والتطرف الذي يفتقد كل فهم وادراك لمعنى العلاقات الانسانية بين الأمم والشعوب وضرورتها لاستمرار الحياة على هذا الكوكب، وبالتالي لم يساهم المركز في شجب أي من أعمال العنف والكراهية تلك، ولا شارك، وفق علمنا، في تقديم التعزية لضحايا هذه الأحداث الطائفية والعنصرية الدينية التي وقعت في الأشهر الخمسة أو الستة الأخيرة في مصر وسوريا والعراق وتونس، وعدد من الدول الأخرى، ولو بتصريحات صحفية، وبالتالي لا أعلم حقا سبب وجود مثل هذا المجلس، الذي لم يحقق ولن يحقق سوى الفشل، وسبب فشلهم يكمن في فشل المسلمين في التوحد، فهم متفرقون وأحوج من غيرهم الى مجلس علاقات اسلامية سني سني، وآخر شيعي شيعي، قبل أن نقفز الى تقريب المسلمين بغيرهم.
من جانب آخر، يطلب قادة «الاخوان» والسلف من جموع المسلمين الاقتداء بهم في مظاهرهم الخارجية، من كي الجبهة أو فركها مرارا للحصول على «زبيبة»، وحف الشوارب وإطلاق اللحى أو تشذيبها على طريقة الاخوان، وان ينتفوا «شعر الابط» ولا يحلقوه، وأن يقصروا أطوال أرديتهم، وأن تغطى الرؤوس بقحفية أو بغيرها، مع عقل وعقال، ويستحسن بغيرهما، وأن يتبعوا الأصول عند الاستنجاء! وهذا يعني دعوتنا لترك كل ما هو عصري في حياتنا، وتقليدهم في كل شيء! ولكننا نجدهم في الوقت ذاته مقبلين، وبشراهة، على كل مستجدات العصر وأدواته ووسائل اتصاله وما وفرته التكنولوجيا الحديثة، فلمَ اذن يريدوننا أن نكون معهم ومثلهم، ولا يريدون أن يكونوا معنا ولا مثلنا!

أحمد الصراف

سامي النصف

الانتخابات الأهم في المنطقة العربية

اعتدنا في الكويت والمنطقة العربية المتابعة اللصيقة لانتخابات الرئاسة الأميركية بسبب تأثيرها المباشر علينا وعلى العالم، واذكر انني وضمن برنامج الطريق الى البيت الأبيض الذي أعده وقدمه عام 2008 الزميل د.عبدالله الشايجي حذرت القيادات العربية من التفاؤل الشديد بوصول الرئيس أوباما مستشهدا بكتاب «السيرة غير المكتوبة لأوباما» الذي يقول مؤلفه وبستر غرفن تاربلي: ان الابن الروحي لأوباما هو السياسي اليساري المعروف د.زبنغيو بريجنسكي، وقلت ان قراءة المستقبل تحوجنا للعودة لحقبة الرئيس جيمي كارتر حيث كان د.بريجنسكي مستشار الأمن القومي والرجل القوي فيها، وتساقطت الأنظمة اليمنية الحليفة لأميركا بدعم من الإدارة الأميركية (!) كما حدث في إيران والفلبين وهاييتي وغيرها، وقد تكرر الأمر في عام 2011 ابان عهد الرئيس أوباما عندما تساقطت الأنظمة الصديقة للغرب بدعم ومؤازرة من الغرب..!

***

بعد مدة قصيرة ستجرى الانتخابات في أهم بلد عربي ونعني مصر ويجب تغطية تلك الانتخابات الهامة من قبل الإعلام الرسمي والخاص بنفس قدر تغطية الانتخابات الأميركية نهاية هذا العام، فعندما كانت مصر تحكم بالأنظمة الملكية الليبرالية السعيدة كان الوضع يشابهه في المنطقة العربية، وعندما تحولت مصر الى الأنظمة العسكرية الديكتاتورية صيف 1952 تحول الوطن العربي معها لذلك التوجه القميء، حتى ان قممنا العربية تحولت منذ الخمسينيات للتوجه والمنافستو القومي العربي عدا قمة بغداد الأخيرة التي طغي عليها التوجه الإسلامي للمرة الأولى في تاريخ قممنا العربية.

***

وخيرا فعل القضاء المصري الشامخ بإبعاده لعشرة مرشحين وأول المشطوبين كان الصامت الكبير عمر سليمان الذي يعتقد الكثيرون ان صمته يدل على الغموض ولربما الخبث بينما يظهر واقع حاله انه رجل صعيدي متدين ينتمي لعائلة يشتهر أفرادها بخاصية الصمت، وهو أمر جيد لرئيس مخابرات إلا أنه سيئ لرئيس جمهورية يحتاج عمله للحديث المتواصل لشرح خططه وسياساته، المشطوب الثاني هو خيرت الشاطر الذي يمثل التوجه «القطبي» المتشدد في الإخوان وقد هدد باللجوء الى الدم لأخذ حقه بعد شطبه مما يدل على عدم صلاحيته منذ البداية إضافة الى حقيقة ان على الإخوان ان يلتزموا بوعدهم بعدم الترشح للرئاسة والذي تسبب في خروج د.عبدالمنعم أبوالفتوح عنهم لرغبته في الترشح وكي لا يصبحوا «حزب وطني» آخر يسيطر على رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلسي الشعب والشورى، أمر آخر هو ان المرشح الشاطر شاطر كذلك في الخلفة والأولاد حيث ان لديه 10 أبناء فكيف سينصح الشعب المصري بترشيد الإنجاب وإيقاف الانفجارات السكانية القائمة والقادمة؟!

***

المرشح المشطوب حازم أبواسماعيل هو الأسوأ بجدارة والذي لا يعلم أحد مصدر ثروته المليارية والتي صرف منها حتى الآن مئات الملايين للدعاية لحملة الرئاسة الفاشلة، مرشحو الرئاسة الأميركية والأوروبية والروسية يذهبون للترشح بصحبة زوجاتهم، وأبواسماعيل أغلق شبيبته النازية كل الطرق والشوارع عند ذهابه للترشح، فما الذي سيفعله لو انتخب وأصبح رئيسا لمصر؟! أبوحازم يعلم ان والدته وشقيقاته أميركيات ومع ذلك يود جعل قوته وسطوته وبطشه فوق نصوص القانون الذي يجعل قرارات هيئة انتخابات الرئاسة نهائية كما ان مشروعه السياسي والاقتصادي سينتهي قطعا بتحول مصر الى صومال أو سودان أخرى.

***

انتخابات الرئاسة المصرية أصبحت محصورة على الأرجح في الدكتور المثقف عبدالمنعم أبوالفتوح، وعمرو موسى الذي وعد بإحضار المساعدات المالية لمصر ود.الطيار أحمد شفيق الذي نشهد له بإنجاز قارب الإعجاز عندما حوّل مصر للطيران ومعها مطارات مصر وطيرانها المدني من الأسوأ الى الأفضل في العالم خلال فترة قصيرة، اضافة الى ذكائه وحزمه وثقة المؤسسة العسكرية والدول الخليجية وحتى الغربية به وإن كانت فرصته في النجاح أقل من سابقيه.

***

آخر محطة: (1) استضافنا ذات مرة الإعلامي حمدي قنديل ضمن برنامجه «قلم رصاص» والتقيت قبل البرنامج بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القادم للتو من دارفور وكان مما قاله ألا شيء يحدث هناك (!) وان الأمر لا يتعدى أكاذيب غربية ضد النظام الإسلامي في الخرطوم، وكانت إجابتي ان ما يحدث هناك تغطيه وسائل الإعلام في العالم أجمع، اضافة الى وجود مخيمات لملايين النازحين في تشاد ولا يمكن ان يكون هذا كله سرابا في سراب، وان خيرا من الإنكار القول بانه وصحبه رأوا ما أرادت حكومة الخرطوم ان يشاهدوه.

(2) رغم تلك الزلة التي ناقضتها الأحداث اللاحقة وانكشاف جرائم دارفور إلا أن المرشح د.عبدالمنعم أبوالفتوح يبقى مرشح المثقفين والجامعيين في مصر، ونأمل لمصر وشعبها كل الخير فيما لو وصل لسدنة الحكم.

(3) النزول المتكرر للشارع من قبل الأحزاب الرئيسية في مصر يعني إسقاط شرعية البرلمان لصالح شرعية الميدان، وسيصبح الرئيس القادم أيا كان شخصه رئيسا «صوريا» حيث ستحد الأحزاب والجماهير من صلاحياته، وعليه يصبح حسني مبارك آخر رئيس «حقيقي» لمصر.

(4) لا أرى أي أمل لمرشح الإخوان محمد مرسي (محمد مين؟!) في انتخابات الرئاسة القادمة، والنصيحة المثلى للإخوان من أخ لهم أن يسحبوا مرشحهم كي يصلحوا بهذا القرار بعض الضرر الكبير الذي أصابهم بسبب سلسلة الأخطاء التي قاموا بها و… الدين النصيحة!

 

احمد الصراف

استسهال الهرج

تعليقاً على مقال الأمس المتعلق بصعوبة التفريق بين الحياة الخاصة للشخصية العامة وبين أقواله وكتاباته وخطبه، أرسل لنا القارئ الصديق سعود عبدالعزيز رابطاً لحديث تلفزيوني لــ «الداعية» نبيل العوضي، يذكر فيه أن رجلاً من مصر أحس بتعب، فسافر إلى بريطانيا، فقال له الطبيب إن وضعه صعب ويحتاج إلى إجراء عملية جراحية خطيرة، فطلب المريض السماح له بالعودة إلى وطنه ليودع أبناءه، فقد لا يتمكن من رؤيتهم إن حدث له مكروه! وهناك وأثناء زيارة ذلك المريض لصديق وجد امرأة عند أحد القصابين تجمع العظام، فسألها عن السبب، فقالت إنها فقيرة ولديها أطفال لا يأكلون اللحم أبداً، وأنها تجمعها وتطبخها مع الماء وتطعمها لأبنائها! رق قلب المريض لها وطلب من القصاب أن يحسب له كلفة إعطاء تلك المرأة لحماً مرة في الأسبوع لفترة سنة، وقام بدفع كامل المبلغ له نقداًَ، وذهب إلى حال سبيله. وعندما عاد إلى لندن اكتشف الطبيب أن المريض شفي تماماً من مرضه الصعب، وأصبح بغير حاجة لإجراء عملية جراحية، لأنه تصدق على تلك المرأة الفقيرة!
وهنا يقول الصديق سعود إنه على استعداد لدفع مبلغ خمسة آلاف دينار، وهذا المبلغ يكفي لشراء «2 كيلو لحمة» في مصر لأكثر من 12 سنة، وليس سنة واحدة، حسب الأسعار السائدة هناك للنوع الجيد من اللحم، إن تبرع نبيل العوضي باعطائه اسم ذلك «المحسن» وطريقة الاتصال به واسم المستشفى البريطاني والدكتور المعالج، وطبعاً اسم المرأة الفقيرة، علماً أن المسألة ليس فيها ما يعيب، ولا علاقة لها بالشرف، بل قصة صدقة وخير وبركة!
ويستطرد الصديق سعود بالقول إن ما يطلبه من نبيل العوضي يجب ألا يكون مستهجناً أو غريباً، فقد وردت القصة على لسانه في محطة تلفزيون محلية والرابط موجود أدناه، وليس هناك سبب لذكر اسم المريض، ويتمنى عليه أن يتكرم عليه برقم هاتفه، لكي يتمكن من تقديم صدقته أيضاً لتلك المرأة الفقيرة أو غيرها، وبخلاف ذلك يطالب القارئ سعود من العوضي بنفي صحة القصة جملة وتفصيلاً، خصوصاً أنه، كما يقول، لم يرد على لسانه أنه سمع القصة من «فلان»، كدأب هؤلاء الدعاة عند رواية قصص غريبة ومعجزات خارقة، بل ذكرها وكأنه يعرف أطرافها!
وهنا نتمنى على «الزميل» نبيل أن يكون نبيلاً حقاً ويرد علينا، علماً أننا نحتفظ بأرقام هواتف السيد سعود لدينا، ورابط الحديث هو: www.youtube.com/watch?v=lXui9b2Zzyk&feature=youtube_gdata_player

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استغلال الوقت

بعد إعلان النائب المحترم حمد المطر نيته استجواب سمو رئيس الوزراء إن لم يقم بزيارة لموقع احتراق الاطارات.. خلصت من مجلس الامة «مخلاص ديّان لديّانه»! فهذا من عقلاء النواب يرى ان معالجة قضية مهمة بلا شك عن طريق استجواب رئيس الحكومة. لذلك، قررت ان اكتب اليوم للقارئ بعيدا عن هموم المجلس وهموم البلد واي همّ يجيب الضغط والسكر! واليك عزيزي القارئ انقل هذه الفائدة التي وصلتني عبر النقال عسى ان تكون فيها فائدة اكثر من اشغالك وانشغالك بمجلس الامة:
كان هناك صياد سمك يصيد كل يوم سمكة، فتبقى في بيته يأكل منها اياما حتى اذا انتهت ذهب الى الشاطئ ليصطاد سمكة اخرى. وفي ذات يوم، وبينما زوجة الصياد تقطع السمكة إذ بها تجد في بطنها لؤلؤة! فصاحت لزوجها: «انظر ماذا وجدت.. لؤلؤة في بطن سمكة! يا سبحان الله!». أخذ الصياد اللؤلؤة وذهب بها الى بائع اللؤلؤ الذي يسكن في المنزل المجاور، نظر اليها التاجر وقال: «انها لا تقدر بثمن.. لو بعت دكاني وبيتي ما احضرت لك ثمنها! لكن اذهب الى شيخ الباعة في المدينة المجاورة لعله يستطيع ان يشتريها منك»! أخذ صاحبنا لؤلؤته وذهب بها الى البائع الكبير الذي ما إن رأى ال‍لؤلؤة حتى صاح: «إن ما تملكه لا يقدر بثمن! لكني وجدت لك حلاً.. اذهب الى والي المدينة فهو الذي يستطيع ان يشتريها»! وعند باب القصر وقف صاحبنا ومعه كنزه الثمين ينتظر الاذن بالدخول، وما إن رأى الوالي اللؤل‍ؤة حتى صاح: «إن هذه ما كنت أبحث عن مثلها، ولا أعرف كيف أقدر لك ثمنها! لكنني سأسمح لك بدخول خزنتي الخاصة وستبقى فيها ست ساعات كاملة، خذ منها ما تشاء وهذا ثمن اللؤلؤة»! قال الصياد: «سيدي لعلك تجعلها ساعتين.. فست ساعات كثيرة على صياد مثلي!». قال الوالي: «لا.. بل ست ساعات كاملة».
دخل الصياد الخزنة فرأى غرفة كبيرة جداً مقسمة الى ثلاثة اقسام: قسم ممتلئ بالمجوهرات والذهب وقسم به فراش وثير… الذي ينظر اليه ينام من الراحة، وقسم به ما تشتهي النفس من ألذ الطعام.
الصياد محدثاً نفسه: «ست ساعات.. ماذا سأفعل بها؟! حسناً، سأبدأ بالطعام حتى استزيد بالطاقة التي تمكنني من جمع اكبر قدر من الذهب»!.. وبعد ساعتين من الأكل والشرب ذهب الى قسم الذهب واللآلئ.. وفي طريقه مر على الفراش الوثير فقال: «الآن أكلت وشربت فمالي لا استزيد بالنوم الذي يمنحني الطاقة التي تُمكّنني من جمع اكبر قدر من اللآلئ؟!». ذهب الى الفراش واستلقى في نوم عميق حتى سمع صوت الحارس «هيا.. هيا الى الخارج انتهى الوقت»!.. «سيدي احتاج مزيداً من الوقت»! فقال له الوالي «ست ساعات كانت كافية لان تأخذ حاجتك وتخرج تشتري ما لذ وطاب لك من الطعام ومن الفراش لكنك اضعت وقتك». انتهت القصة! لكن العبرة لم تنته.. أرأيتم تلك الجوهرة؟ هي روحك.. انها كنز لا يقدر بثمن، لكنك لا تعرف قيمة ذلك الكنز! أرأيت الخزنة؟! انها الدنيا.. انظر الى عظمتها وانظر كيف نستغلها؟ اما الجواهر فهي الاعمال الصالحة واما الفراش فهو الغفلة.. واما الطعام فهو الشهوات.. والآن اخي صياد السمك.. اما آن لك ان تستيقظ من نومك وتجمع الجواهر الموجودة بين يديك قبل ان تنتهي تلك المدة الممنوحة لك.. وهي عمرك القصير..!! فتتحسر وانت تخرج من الدنيا: اريد مزيدا من الوقت؟! قال تعالى: «حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا في ما تركت، كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون» (المؤمنون، الآية 98).

محمد الوشيحي

عربان وأميركان

الشعب هنا “واصل حده”، والقلوب على الزناد، والألسن معبأة بالطلقات. أشعر أننا جاهزون للصدام الداخلي (لولا الخشية من قضايا أمن الدولة لقلت إننا جاهزون للحرب الأهلية، الطائفية طبعاً… لكن الكتّاب يتحايلون، كما تعرفون، على الرقيب المهيب، وقبله على القانون، لذا نستخدم أحياناً الغمزة بالعين وعض الشفة السفلى كي يفهمنا القارئ من دون أن تضربنا عصا القانون).
الروح الغجرية، الرافضة للآخر، تسيطر علينا، وتضرب حول كلّ فئة منا، أو طائفة، طوقاً من العزلة والرفض والتشكيك في الآخر، وكأننا الشعب الوحيد المتنوع الأعراق، وآه ما أبشع المزهرية التي لا تضم إلا لوناً واحداً من الزهور، وآه ما أجمل المزهرية المتعددة الزهور والألوان، زهرة من تشيلي وأخرى من هولندا وثالثة من لبنان ووو…
والأمر ليس مقصوراً على الكويتيين، فالعربان منا ونحن منهم، وقد نقل لي صديق، أن كاميرا برنامج أميركي ساخر كانت تتجول في الأماكن العامة بين الأميركيين المنتمين إلى أصول مختلفة، الهنود والألمان والفرنسيين والعرب واليهود واللاتينيين والأفارقة السود والصينيين والأوروبيين ووو… وأميركا كما تعلمون عبارة عن مجتمع سوبر ماركت، من كل فج قطعة.
وكان السؤال عن موقف هذا المواطن في حال نشبت حرب بين أميركا ودولته الأصلية، أو أمته الأصلية، إلى أي جانب سيقف؟ يسألون الهندي، مثلاً: ماذا لو نشبت الحرب بين أميركا والهند… من ستؤيد وتناصر؟ ويسألون العربي واليهودي واللاتيني ووو…
وكانت الإجابات ساخرة غالباً، فاللاتيني أوضح موقفه بجلاء: “سأقف إلى جانب الجيش الذي يضم نساءً أجمل من نساء الجيش الآخر هاهاها”. الأفريقي يقهقه: “سأستغل فوضى الحرب وأهجم على محل للساعات لأسرق ساعة أعجبتني ولم أستطع شراءها”. أما الصيني، وبعد أن أطلق ضحكة خجل، انكمشت فيها عيناه حتى لم يعد من الممكن رؤيتهما بالعين المجردة، فقد علق: “لو كانت الحرب بين أميركا واليابان كنت أيدت أميركا ضد اليابان، هئ هئ هئ”، أما اليهودي فقد أجاب بوقاحة من الطراز الفاخر، مقهقهاً أيضاً: “سأدعم من يدفع لي أكثر… هاهاها… إسرائيل أو أميركا… هاهاها”، قال ذلك ومضى في حال سبيله يحمل أكياس التسوق.
كلهم قالوا ذلك ومضوا يكملون قهقهاتهم، باستثناء ذلك العربي الذي كساه الفزع وغشاه الهلع، وخشي أن تقع نسخة من هذا البرنامج في يد “إدارة الهجرة”، فراح يتحدث عن فضل أميركا على الأولين والآخرين، وعلى الإنس والجن، وعلى عمته وخالته، وكيف أنها أخرجته من بلاد الظلم إلى بلاط العدل، ومن بلاد السادة الذين ينتعلون القانون إلى حيث لا سيادة إلا للقانون، ووو، وأقسم بأغلظ الأيمان وأطولها أنه يدين بالولاء لأميركا، ولاشيء غير أميركا، وراح يعدد مزاياها، وبأهلها يتباهى، مسلمهم ومسيحيّهم، يهوديهم وبوذيهم، وأنه لا يرفض الآخر ولا يعاديه، ووو، والحمد لله أنه لا يحفظ معلقة أخينا طرفة بن العبد وإلا كان بدأ بإنشادها: “لخولة أطلال ببرقة ثهمدِ / تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ…”، الحمد لله.
هكذا هي ثقافتنا، نطويها ونضعها في مزودتنا وننقلها معنا حيثما حللنا وارتحلنا. سقى الله العربان.

حسن العيسى

انفخ يا شريم!

قبل شهر بالضبط، وقفت الحكومة وخاطبت، على لسان وزير التربية وزير المالية بالإنابة وقتئذ، د. نايف الحجرف أعضاء مجلس الأمة بمناسبة مناقشة الزيادات والكوادر المالية، وكان الخطاب الحكومي “يعور القلب” حين أخذت الحكومة تشتكي الحال و”تنخي” نواب الأمة أن يتفهوا حالها وحال الدولة المائل، وكررت كلاماً حفظناه ورددناه كالببغاوات منذ تسعينيات القرن الماَضي عن مخاطر المستقبل وعن الدراسات الكثيرة التي تؤكد جميعاً أن “الواقع الاقتصادي يتجه نحو مسار منحدر بشكل حادٍّ، وينطوي على تحديات ضخمة تحمل مخاطر فادحة التكلفة…”.
ومضت الحكومة تولول وتذرف الدموع الساخنة علَّها تحرك قلوباً من حجر لدى أكثرية نواب الأمة الذين تعلموا من الحكومات المتعاقبة درس جماعة “الذين يأمرون بالمعروف وينسون أنفسهم”؛ فالحكومات التي تعظ وتنصح نواب الاستهلاك والهدر على اليوم الحاضر، نسيت نفسها حين بالغت في كرمها وسخائها بتقرير كوادر وزيادات وهبات مالية لم يطالب بها أحد، وكانت تلك رِشا تنسجم وتتجاوب مع متطلبات الربيع العربي، ما أخل بميزان العدل لصرفها لغير المستحقين… وهي الحكومات (ماكو غيرها) التي أهدرت المليارات على ربعها والمقربين من مراكز القرار في تفصيل المناقصات وترسية العطاءات، متوهمة أنها متى عدَلت مع الكبار في تقسيم الريع بينهم، فعليها أن تعدل مع الصغار في ما تبقى من الريع!
ومهما كان الأمر، ولو سلمنا بأن الفساد الرسمي مقسوم وقدر علينا، ومثله أيضاً الفساد الشعبي بعد أن انتقلت إليه العدوى الرسمية، فإن مثل ذلك الخطاب الحكومي المحذِّر من خطر المستقبل وإعسار الدولة خلال سنوات قريبة لم يحرك ساكناً عند معظم النواب، ومن السخافة أن نتصور أن أي نائب، مهما كان انتماؤه السياسي، سيلبس رداء المخططين الاقتصاديين وسيقنع قواعده الانتخابية بضرورة وقف الهدر المالي والتضحية بالقليل من الحاضر من أجل المستقبل، فمثل ذلك لا يمكن تخيله بعد عقود طويلة من التسيُّب الاقتصادي والسياسات الريعية للدولة، ومع غياب الحزم السياسي عند الحكومات حين يكون الحديث عن المزيد من التبديدات المالية، ويصبح كل ذلك كلاماً “مأخوذة زبدته” في النهاية، ومن دون أن ننسى أن مثل هذا المجلس كسابقه من مجالس العيب والحرام، ليس من أولوياته تدبر الواقع الاقتصادي للدولة، وترشيد الإنفاق المالي؛ فهموم نواب المجلس، حتى بالنسبة إلى عدد من النواب المختصين بالاقتصاد مثل خالد السلطان، محصورة في خنق الحياة الاجتماعية ومصادرة الحريات الشخصية، وملاحقة واضطهاد الأقليات “شبه الليبرالية” أو الشيعة.
هل هناك حل لأزمة الاقتصاد وأزمة الحريات في هذه الدولة مع حكوماتنا الرخوة ومجالسنا المتحجرة؟ لن تكون الإجابة بغير التشاؤم للأسف، فمثل هذه الحالة الكويتية ومثلها بعض دول الخليج الريعية لن يتعلما بالعقل ومن تجارب التاريخ ودول أخرى، بل سيتعلمان فقط حين ينزل “الفاس بالراس” وعندها لن نجد مَن يقول لنا “إذا فات الفوت لن ينفع الصوت” وكيف يمكن للأشرم أن ينفخ؟!

احمد الصراف

حياة الكاتب الشخصية

هل يمكن أو يفترض الفصل بين حياة الشخصية العامة وبين افعاله وأقواله؟ سؤال محير طالما حظي باهتمام الكثيرين، ففي الوقت الذي تجتذب فيه أعمال المشاهير، خصوصاً الممثلين والمطربين، انتباه قطاع واسع، إلا أن أخبار فضائحهم وحياتهم الشخصية وحتى ديكورات منازلهم وأنواع كلابهم، تحظى بقدر أكبر من الاهتمام. وبالتالي يصعب وضع خط فاصل بين الخاص والعام. ولكن تصبح المسألة أكثر تعقيدا مع رجال الفكر وكتاب الرأي والدعاة والمصلحين الاجتماعيين وحتى السياسيين، فيصعب القول هنا إن لكاتب الرأي أو السياسي أو الداعية الحق في فصل حياته الشخصية عن اقواله وتصرفاته، فهناك حد ادنى من المصداقية المطلوبة من هؤلاء، ولا يمكن بالتالي وصف ما يدلون به من آراء أو مواقف بأنها رائعة ومبدعة في الوقت الذي نعلم فيه جيدا كذبهم، أو أن حياتهم الشخصية مثيرة للاشمئزاز، أو على الأقل أن آراءهم التي يدعون إليها لا تتفق مع أسلوب حياتهم، والأمثلة في الصحافة المحلية أكثر من ان تعد، خاصة في ظل صعوبة امتلاك غالبية قراء أو متابعي هؤلاء للقدرة على التمييز بين الخبر الصحيح والرأي المدسوس! وبالتالي مطلوب من الكاتب أو الداعية وحتى السياسي حد أدنى من الالتزام بما ينشر أو يروج أو يدعو له. وقد فقد الكثيرون احترام المجتمع لهم واخرجوا من وظائفهم وزالت ثرواتهم وانهارت زيجاتهم نتيجة انكشاف التناقض الخطير بين أقوالهم وحياتهم الشخصية، ولكن حدث هذا غالبا في المجتمعات المتقدمة أو الأكثر تعليما، وليس بالضرورة في مجتمعاتنا المتخلفة، فقد صدر حكم قبل فترة قصيرة على داعية شهير لقيامه بسرقة نص كامل لكتاب ونسبته لنفسه، وحقق من وراء ذلك الملايين، وكان الحكم كفيلا بأن ينهي حياته كشخصية عامة وداعية ديني، ولكنه استمر في نشاطاته من دون أن يرف له جفن، معتمدا على أن مريديه وأتباعه لا يقرأون ما يكتب وينشر عن سرقاته وفضائحه، أو أنهم سرعان ما ينسون ما اثير عنه معتبرين ذلك بحكم الافتراء، أو أن الأمر لا يرقى لدرجة «السرقة» بالمعنى المعروف لديهم، وبالتالي لا يستوجب الأمر قطع اليد! وهنا يأتي دورنا في الاستمرار بكشف مثالب هؤلاء المفترين وأخطائهم. ففي شريط فيديو على اليوتيوب بعنوان «لو كنت عنه لتواريت عن الانظار» يظهر الداعية عايض القرني وهو يوجه الحديث للرئيس اليمني السابق علي صالح، نيابة عن وفد كبير رافقه في الزيارة، وهو يقول: أنا أنوب عن اخواني العلماء والمشايخ الذين زاروا اليمن ونبلغك التحية والشكر لما وجدناه من اكرام وحفاوة في بلد الإيمان والأمن (!).. واننا لا نزكيكم بأكثر مما زكاكم رسول الهدى عندما قال «الإيمان يماني والحكمة يمانية»!
ولكن ما ان ظهرت بوادر سقوط صالح وتعرضه لمحاولة اغتيال حتى قام الداعية نفسه بإلقاء خطاب مقذع تهجم فيه بشكل مقزز على صالح وكيف أن نار جهنم حرقت وجهه عقابا له! الطريف أن من أرسل رابط اليوتيوب ذكر بأنه لو كان مكان القرني لتوارى عن الانظار! ونسي أن أمثال هؤلاء لا يغادرون بمثل هذه السهولة فحجم الغنيمة كبير وحجم الجهل أكبر!
***
رابط الخطبتين:
http://www.youtube.com/watch?v=XaN0DZtpyoc&feature=player_embedded

أحمد الصراف