حسن العيسى

قول غيرها يا شيخ!

ياالله تخلف علينا، دار أوبرا في الكويت مرة واحدة!
أين نحن الآن في حلم ولا بعلم!! وزير الإعلام الشيخ الشاب محمد عبدالله المبارك، الذي تهمس لنا هيئته بأنه من بطن أهل الحداثة و”العصرنة” ويقدر الفن والأدب، وليس هذا بغريب على مَن تكون والدته الشاعرة الكبيرة سعاد الصباح، شيخنا الشاب زف إلينا قبل يومين خبر عزم الدولة على إنشاء دار أوبرا! ومع أن مثل هذا الوعد الحكومي ليس جديداً، فقد وعد به المرحوم الشيخ سعود الناصر حين كان وزيراً للإعلام في منتصف التسعينيات، وكان من المتصور أن في الشيخ سعود الناصر الحاسم إزاء رفضه للفكر الأصولي المُحنَّط، القدرة على تحقيق وعده، إلا أن الواقع كان أقوى من حلمه، ولم يستطع أن يحقق وعده، فحتى في تلك الأيام كان مشايخ النهضة الكويتية “يحلون ويربطون” ويشكلون الوعي العام الشعبي مثل العجين الرخو.
ماذا عن يومنا الكئيب؟ وأي وعد وأي حلم يقظة مضحك ينطق بهما الشيخ محمد المبارك؟! هل كان يسخر منا؟ أم كان ساهماً في عالم الأوهام؟!
كيف ستصمم دار الأوبرا؟ على شكل بيوت الشعر كي تصبح أكثر اتساقاً مع جفافنا الصحراوي؟ أم أنها ستكون مثل دور الأوبرا في الدول الأوروبية، ومن سيحيي لياليها؟ وأي صوت “أوبرالي” سيلعلع فيها؟ وأي فرق باليه سترقص على أنغام موزارت الشرقاوي وفرانس لست وهو يجر الربابة؟! الله يحفظك يا شيخ ويحرسك من العين الحارة… إلى مَن تسوق كلامك؟! ومن سيصدق وعدك في مثل حالتنا الاجتماعية المحصورة بمشاريع قوانين الحشمة والبوليس الديني وملاحقة النساء “العاريات” في جزيرة كبر ومداهمة أوكار المقاهي النسائية؟!
أراهنك يا شيخ لو حدثت معجزة “بناء الأوبرا” لخصصت لحفلات المسابقات الدينية وتوزيع الجوائز على المبدعين منهم! لا أعتقد أنك يا شيخ “مثلهم” أقصد “الإنتلكجول” الخليجي والكويتي الذي يختزل الحضارة والثقافة في أسمنت ماديات أطول عمارة وأكبر مجمع تجاري وأوسع شارع وأكثر الكروش استدارة، وعليك الحساب في تعداد منجزاتنا ومساهماتنا للفكر الإنساني، أتصور أنك تدرك أنه في مثل حالة “الكسافة”، التي نتجرعها كل لحظة تمضي من العمر من كؤوس الملل والفراغ والسأم في الكويت التي كانت بالأمس جميلة واليوم أضحت تشبه إطلالة وجوه مشايخنا البهية، يصبح الكلام عن المسرح والأدب والثقافة والفنون بمجملها بدعة وفجوراً من صنع الشيطان، ومستقره جحيم مجلسنا النيابي.
دار أوبرا… في الكويت وفرقة “بولشوي” ترقص “الفريسة”… قول غيرها يا شيخ!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *