العزيز بدر ششتري كتب مقالا قبل عشرين يوماً تقريبا في جريدة “سبر” بعنوان “رسالة عتب إلى مسلم البراك”، يعتب فيها على من أسماه العزيز بوحمود لتغاضيه وتجاهله عن أشكال التفرقة الطائفية التي يمارسها زملاؤه النواب تجاه الشيعة تحديداً.
التقيت العزيز بدر ششتري يوم نشر مقاله أو بعدها بيوم لا أذكر، ولكني أذكر جيداً أني قلت له: مقالك لا جدوى منه، فمسلم البراك لن يستجيب لك، ولا أعلم إن كان مسلم قد قام بالرد عليه بشكل شخصي أم لا، ولكن ما أعلمه جيدا أن عتب بدر على البراك لم يرفع إلى الآن؛ لأن مسلم لم تتغير سلوكياته منذ ذلك الحين إلى اليوم على الرغم من مرور مؤشرات إقصائية كثيرة من زملائه في كتلة الأغلبية.
باعتقادي الخاص أن مسلم البراك بات أسيراً لمخاوف عدة امتزجت مع بعضها لتقدم النموذج الحالي لمسلم البراك، فبوحمود كما أراه بات يخشى الصاعد الجديد النائب عبيد الوسمي من أن يتمكن من احتلال موقعه الشعبي الجارف في الدائرة الرابعة من جهة (وهو لا يعني بأي شكل من الأشكال بأني معجب بنموذج عبيد لكن تلك هي رؤيتي لواقع مسلم اليوم)، ومن جهة أخرى هو لا يريد أن يفرط باستمرارية هذا المجلس لأنه معجب حسبما أرى بتشكيلته وهوية رئيسه من جانب آخر.
هذان الأمران جعلا من مسلم البراك يتغاضى عن أمور، ويتخذ مواقف لا تمت للدستور ولا لدولة المؤسسات بصلة، بل باتت تعزز النهج السابق الذي صدحت حنجرته برفضه، فنراه يحرم الناس من حق التقاضي الدستوري، ويرفض رفع الحصانة عن نفسه وعن زملائه بالأغلبية فقط، ونراه يصمت عن إهانة طائفة كاملة كان يتودد لها في السابق عندما كان عدنان ولاري زملاءه في الكتلة، ونجده لا ينبس ببنت شفة في حال عدم حفظ الأمن من وزير الداخلية في السجن المركزي، ونجده أيضا يصمت عندما تم منع ملتقى النهضة بشكل غير دستوري من وزير الداخلية، ونراه كذلك لا يتعرض لابن قبيلته في التأمينات الاجتماعية رغم الخسائر الهائلة المعلنة لهذه المؤسسة على الرغم من أنه يهدد باستجواب الوزير المعني.
وغيرها من أمور تتجاوز ما يدعيه من الحفاظ على المال العام، وما كان يدعيه من حرية التعبير، وما كان يردده عن رفض التفرقة وغيرها من أمور.
هذا هو مسلم البراك اليوم، بات أسيراً لنقيضين لا يجتمعان أبدا الدستور والأهواء الإقصائية، ولكنه مازال يردد كلمة الدستور في كل مناسبة ومازال يشارك الإقصائيين أو على الأقل لا يستنكر إقصاءهم.
خارج نطاق التغطية:
لمن لا يعلم فقد منع طلال فهد الصباح رئيس اتحاد القدم غير الشرعي الوقوف دقيقة حداد في مباريات الأسبوع الماضي للرمز الراحل سمير سعيد، بحجة أنها بدعة. وهي المدخل الذي سيجعل بعض نواب الإسلام السياسي يقفون معه رغم تجاوزه القانون، تابعوهم.
اليوم: 23 أبريل، 2012
الرئيس الذي رأى الغد!
يحسب للرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي أنه وقف مع الحق الكويتي عام 90 حتى تبرأت منه قبيلته لاعتقادها أنه خان فارس العروبة صدام، في حين وقف الرئيس زين العابدين ومعه أمين عام الجامعة العربية آنذاك الشاذلي القليبي موقفا شائنا يتضمن قبوله لمبدأ الاستعمار العربي الذي هو أشد قسوة وإيلاما من الاستعمار الأجنبي مثله مثل الاحتلال الداخلي الذي تقوم به بعض الانظمة القمعية العربية لشعوبها والذي هو كذلك أشد وأقسى في رأي الرئيس التونسي المثقف من الاحتلال الخارجي.
***
تلك الوقفة التاريخية الحقة أظهرت الرئيس المرزوقي وكأنه يرى المستقبل بوضوح شديد عندما غابت العقول، حالها حال رؤيته المستقبلية الثاقبة ضمن برنامج الاتجاه المعاكس في أبريل 2010 عندما أصر على أن الانظمة الديكتاتورية العربية ستتساقط سريعا مهما أظهرت من قوة زائفة، وقد انتهى اللقاء آنذاك باتفاق 90% من مشاهدي البرنامج مع رأي د.المرزوقي وهو ما يدل على قوة حجته، فلم يعرف عن جماهيرنا العربية قط الوعي السياسي الشديد أو القدرة على الرؤية المستقبلية الصحيحة، يضاف الى ذلك أن الأيام أثبتت أن تلك الرؤية كانت تعكس آنذاك وجهة نظر المحطة المؤثرة في الانظمة القمعية.
***
وقد سألت الرئيس التونسي الذي التقيناه قبل مدة بصحبة «السفراء» عبدالعزيز البابطين عن كيفية وصوله إلى تلك القراءة الصحيحة للأحداث في منطقة اشتهرت بخطأ التوقع المتكرر فيها، حيث يأتي من الغرب دائما ما يتم توقعه من الشرق والعكس بالطبع صحيح، فأجاب فخامته بأن الاوضاع العربية كانت تحتاج الى قراءة عقلانية وموضوعية للأحداث، فحكم القمع والقهر قد يستمر لشهر، ولكنه لا يستمر أبد الدهر.
***
ومن الأقوال التي يكررها الرئيس المثقف والتي يمكن الاستفادة منها في الكويت وبقية أقطار الصحوة العربية، حقيقة أن الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات الشعبية تشكل خطرا ماحقا على اقتصاديات البلدان المعنية، وان الأنظمة السياسية الجديدة مهددة بالموت السريع إذا لم تبدأ العجلة الاقتصادية بالدوران بأقصى سرعتها، لذا يطلب فخامته من الجموع إعطاء الحكومات العربية هدنة لا تقل عن 18 شهرا للعمل قبل المحاسبة، ومن الافعال القدوة اجتماعه الأسبوعي على العشاء مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة اللذين يمثلان توجهات سياسية مختلفة كي يصلوا إلى حلول لإشكالات البلد على مبدأ الترويكا المتعاونة، لا الترويكا المتعاركة.
***
آخر محطة:
(1) اعتذر الرئيس التونسي قبيل زيارته الاخيرة لبغداد من الشعب العراقي الشقيق بسبب اشتراك شابين تونسيين متطرفين في تفجيرات سامراء، رغم أن الشابين لا يمثلان تونس بالقطع، ونذكر في هذا السياق موقف الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الشائن من مظلمة الشعب الكويتي والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء والتي زرعت في وجدان الشعب الكويتي جروحا غائرة.
(2) نتمنى وبحق أن ينجح الرئيس التونسي المثقف في إحياء مجلس الاتحاد المغاربي ليكون الجناح الآخر لمجلس التعاون الخليجي الذي أحد أسباب نجاحه تعامل دوله مع الآخرين على أنها دولة واحدة، ومن ذلك نرجو من الرئيس التونسي الزائر أن يتوقف عن مطالبة الشقيقة الكبرى السعودية بتسليم الرئيس التونسي السابق الذي لجأ اليها وهو المنتمي لقبيلة عربية كريمة تعلم معنى اللجوء وحرمة تسليم من يلجأ، متذكرين بأن الرئيس المرزوقي رفض تسليم رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي لحكومة الثورة في بلاده، كما تقدم قبل مدة بعرض لقبول لجوء الرئيس السوري بشار الاسد في تونس، تكرار تلك المطالبة يوتر العلاقة مع السعودية، وبالتبعية مع دول الخليج.
بيت الكويت الغريب
منذ اليوم الأول الذي فتح فيه «بيت الكويت للأعمال الوطنية (!)» أبوابه، والاشاعات تعصف به من كل صوب، لرفض أي جهة حكومية الاعتراف به لا كجمعية ولا كمؤسسة تجارية، ولم يرخص ابداً لممارسة أي نشاط، ومع هذا لا تزال التبرعات ورسوم الدخول تحصل فيه من دون «أحم ولا دستور»، وهو الأمر الذي قد يفسر على انه رفض قوي لتطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بالحاق البيت بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لان هذا يعني وضع حد لوضعه الحالي، وكشف أمور قد لا يود لها ان تظهر، ولهذا عجز أكثر من عشرين وزيراً ووكيل وزارة وأمين عام مجلس، طوال العقدين الماضيين، عن السيطرة على البيت بسبب واسطات مع جهات متنفذة، وهي الجهات نفسها التي لم تبخل عليه بالمال والدعم، ومع هذا لم تمنحه الترخيص والاستقلالية، وقد قمنا عبر أكثر من 10 مقالات بكشف كل ما دار حول البيت من لغط ومخالفات، وكان آخر تلك المقالات ما نشر في نوفمبر الماضي، والذي لم يعجب مضمونه البعض، فقام المشرف على البيت برفع قضية علينا بخصوصه، ولكن القضاء العادل حكم لنا ولـ القبس بالبراءة من كل ما حاول إلصاقه بنا من اتهامات باطلة!
نعود ونقول ان قضية «بيت الكويت» على الرغم من جمال الفكرة، يجب ألا تبقى معلقة لعشرين سنة تقريباً، كما لا يجب السكوت عن كل هذا الكم من المخالفات القانونية والمالية، التي تصلح لدراسة ماجستير يكون موضوعها مدى تداخل الصلاحيات داخل الحكومة والفوضى التي تعيشها مختلف الأجهزة وعجزها عن وضع حد لمخالفات «البيت» لعقدين، على الرغم من وضوح المسألة وضوح الشمس في «رابعة» النهار!
وهنا نناشد وزير الاعلام الشيخ محمد المبارك، فعل شيء لوقف هذا التسيب والفوضى، وفرض تطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بتبعية البيت لـ«المجلس الوطني للثقافة»، وحقه في الاشراف الكامل عليه، مع تعيين مجلس أمناء لادارة شؤونه ومراقبة حساباته، والسؤال عن مصير مئات آلاف الدنانير من أموال التبرعات التي تم تحصيلها على مدى سنوات من شركات وجهات أخرى.
***
ولد رونالد وين في كليفلاند، أوهايو عام 1934، وعمل مع ستيف جوبس في شركة أتاري قبل أن يقوما عام 1976، ومعهما ووزنياك، بتأسيس شركة أبل للكمبيوتر! ولعدم ثقة وين بمستقبل الشركة الجديدة بسبب تجاربه المرة السابقة، قام ببيع حصته في الشركة الجديدة بمبلغ 800 دولار، وحصل على 1500 دولار أخرى مقابل تنازله عن كل حقوقه. واليوم تبلغ قيمة حصة وين في شركة أبل اكثر من 58 مليار دولار! فإذا كنت تشعر بالحزن لسبب ما، فكّر في حالة السيد رونالد وين!
أحمد الصراف