كريح صرصر أطلقها أحدهم في سوق الصفافير، كان لابد من تهذيب المثل الكويتي كي يتسق مع “ذرابة” أدبيات صحافتنا وخطابات المسؤولين في كوارث الدولة، لكن يبقى “صوت” الريح ودخانه القاتل باقياً ما بقت حالة غياب المسؤولية في دولة اللامسؤولين، فليس حريق الإطارات الكبير في منطقة الجهراء سوى “… في سوق الصفافير” الكويتي، ولا يصح تجميل البشع، ورسم الكحل على العين العمياء، ففي النهاية وأقسم مقدماً بأنه لا مسؤولية ولا مسؤولين عن حريق الجهراء، والقضية ستقيد- إن أصبحت قضية- ضد مجهول.
فبماذا سيختلف حريق الإطارات اليوم في تحديد المسؤولين وعقابهم عن حكم محطة مشرف للمجاري قبل أعوام وكارثة تحويل “اسن” المجاري لمياه البحر، فمن منا يتذكر أو يعرف أن مسؤولاً أو مسؤولين تمت محاسبتهم، كانت قضية بالأمس وانتهت باحتفالات في افتتاح ممشى جديد لمنطقة مشرف، وعفا الله عما سلف، وسينتهي تحقيق اللجنة التي شكلتها الحكومة بـ “فاشوش” بحكم الشعار الكبير لواقع الدولة وعنوانه “السير على البركة”.
فهذه الدولة ومنذ نهاية عقد الستينيات تسير على البركة، فساد في إدارة المرفق العام يتوطن، وغياب المسؤولية يتمدد، وذاكرة شعبية مسطولة بأفيون الرواتب والكوادر للصغار، وتفصيل المناقصات للكبار، فمن سيلقي بالاً ان احترق مليون إطار رميت منذ سنوات في مكان ما بالجهراء أو لم تحترق وتركت تنتظر يد العابثين.
من اهتم قبلها بانفجار في محطة مشرف، ومن اكترث لنهب خزانة الدولة أيام الاحتلال في استثمارات إسبانيا وغيرها؟ وندري الآن عن محاكمات في تهم رشاوى بألمانيا لمسؤولين في شركة سيمنز متهمين بمحاولة رشوة مسؤولين هنا، هل تمت الجريمة أم كانت شروعاً؟! وأيضاً هل سنسمع تصريحاً من مؤسسة التأمينات الاجتماعية يوضح لنا جدوى الاستثمار في الفلبين، فهناك الكثير من علامات الاستفهام حوله؟! ومن يسأل الآن عن لعبة تبديل الأرصفة في المناطق السكنية بين كل فترة وأخرى دون سبب؟ ومن تكون أسماك القرش التي تبتلع ريعها؟ وأين انتهت البلاغات التي قدمت للسلطات العامة من أفراد قلة وأصحاب ضمائر حية في تحديد المسؤوليات في تبديد الأموال العامة؟
لا نتذكر شيئاً، فلم يكن هناك خطأ، ولم يحدث إهمال ولم تتم محاكمة أحد، وظلت الأمور على حالها وأغلقت الملفات بتقارير لجان نتائجها معروفة سلفاً، فهي كالساعة السويسرية لا تقدم ولا تؤخر، فالدولة تسير على البركة، وفي مثل حالتنا نتعلم معنى العدمية في أنقى صورها، وعدميتنا بالفلسفة الكويتية تقول لنا “خل القرعة ترعى”.
اليوم: 19 أبريل، 2012
الشكر للحاجة نوال.. منقذة مصر
لمصر مكانة خاصة بالنسبة للكويت، فتأثيرها يمتد لعقود طويلة، وكنت متابعا لأخبارها منذ أكثر من نصف قرن من خلال أعداد الصحف والمجلات التي كانت تصل الى والدي بالبريد. وكانت مصر قريبة من الكويت وأصبحت سياسيا أكثر قربا بعد انقلاب يوليو 1952، عندما وقع الخلاف بين عبدالناصر وحلفائه من الإخوان المسلمين، بعد ازدياد «حنته»، ورغبتهم في مشاركته الحكم، فبطش بهم، وهنا هرب الكثير منهم الى الكويت والسعودية!
أكتب هذا ردا على تساؤل صديق عن سبب تكرار الكتابة عن مصر أخيراً. والحقيقة أن ما يصيبها سيلحقنا «طشاره» بطريقة أو بأخرى، وخرابها سيؤثر حتما فينا، وبالتالي لا نتمنى لها إلا الخير، ووصول مرشح متطرف دينيا الى رئاستها لن يكون في مصلحتنا، وأكثر هؤلاء تطرفا هو الداعية السلفي السابق حازم ابو إسماعيل، ويتطلب الأمر المساهمة في تعريته لمنع فوزه، هذا ان استطاع تجاوز قضية شطبه من قبل لجنة الانتخابات. فأبو إسماعيل من المؤمنين بتخفيض سن زواج الفتاة لــ 12سنة. ويدعي بأنه خبير اقتصادي ويعرف سياسيي أميركا، ولكن خطبه تقول عكس ذلك تماما. كما أنه مدافع شرس عن ختان البنات، بخلاف آراء كل الهيئات الدينية في مصر وغيرها. وقال انه سيفرض تفسيره الديني متى ما وصل الى السلطة، وهو مع فرض الحجاب، حتى على المسيحيين، بحجة أن دينهم يطالب بذلك! وتعرف عنه مجاهرته بكره الديانات الأخرى واتباعها، ولا ندري كيف سيتصرف، إن اصبح رئيسا للجمهورية، واضطر للسفر لدول يكرهها لطلب مساعدة ما، فهل سيتجرع السم ويسكت؟ ويؤيد ابو اسماعيل تحطيم التماثيل الأثرية، وهو مع فرض الجزية على غير المسلمين. ومعروف أنه أدلى بأكثر الآراء تطرفا عندما كان داعية تلفزيونيا يظهر يوميا على إحدى القنوات الدينية، وكانت له وقتها لحية كثة وغطاء رأس ويرتدي عباءة، ثم فجأة طلق الدعوة وتخلص من ثلثي لحيته ورمى غطاء الرأس وتخلص من العباءة واصبح أفنديا يرتدي البدلة الأنيقة وربطة العنق المميزة، وكل ذلك لزوم الترشح لمنصب الرئاسة! ومن اشهر فتاواه حرمة تناول البيبسي «لأن اسمها اختصار لــ Pay every penny saving Israel أي «ادفع كل بني انقاذا لإسرائيل»! وهو استنتاج سخيف وترجمة ركيكة. وعندما واجهه أحدهم في برنامج تلفزيوني بفتواه تلك، وان شركة البيبسي تأسست قبل إسرائيل بأكثر من نصف قرن، رد بأنها تأسست مع موعد أحد مؤتمرات الصهيونية في بازل! علما بأن بيبسي مشتقة من انزيم بيبسين الهاضم، المشتق من كلمة بيبسيس اليونانية التي تعني «الهضم»! وأخيرا إن فشل أبو اسماعيل في العودة لسباق الرئاسة بعد كشف تزييفه في اوراق ترشحه التي ذكر فيها أن والدته، الحاجة نوال، مصرية وليست أميركية، فإن الفضل في إنقاذ مصر منه يعود الى الحاجة وحدها! وأخيرا، فإن كل الأدلة على ما ورد في هذا المقال عن مواقف أبو اسماعيل تتوافر على اليوتيوب، فقد كان لدى الرجل مسهل في أحاديثه، وهو حتما لم يكن ليدلي بغالبيتها، لو كان «يحلم» يوما بأنه سيترشح لمنصب رئيس جمهورية مصر!
أحمد الصراف