ليس في الدولة اللبنانية وحدها تحدث الحروب بالوكالة، وتنتهي بحكمة لا غالب ولا مغلوب، عندما تستغل القوى الأجنبية الصيغة المهلهلة للدولة اللبنانية وتجيش عملاءها الداخليين لتصفية الحسابات الدولية على الأراضي اللبنانية، ويدفع اللبنانيون الثمن في النهاية.
في الكويت لدينا أيضاً “حروب” بالوكالة، وإن كانت لا تجري مثل لبنان (وسورية غداً والقائمة تمتد لبقية دول المنطقة العربية) بالسلاح والتفجيرات، وإنما تتم عبر أشخاص يمثلون الأمة وفي الساحات الإعلامية، القوى المتصارعة في الداخل الكويتي ليست “أجنبية” على الدولة، وقد لا تريد إنهاء الخصم، لكنها حتماً تريد الثأر لذاتها، وتبحث عن أي وسيلة لرد اعتباراتها وحيثياتها السياسية.
أياً كانت وجهات النظر حول استجواب النائب القلاف لوزير الإعلام، وما انتهى إليه من زوبعة في فنجان القهوة الكويتي، فإنه ظهر بوضوح من هذا الاستجواب أن معارك الشيوخ وتصفية حساباتهم على حالها القديم وعلى “حطة إيدكم”، وأن من يغادر كرسي الحكم لا يغادر كرسي السلطة.
ماذا تعني “إبر لندن”، التي رد بها الوزير الشيخ محمد المبارك على النائب المستجوب؟ وما حقيقة ما كرره النائب القلاف من نفي أي علاقة له بالشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق؟! هل ستسير السياسة في الكويت بمجاري الغمز واللمز، فهذه تصلح لجلسات الفراغ بالدواوين وحفلات شاي الضحى، لكنها حتماً لا تصلح لتسيير أمور دولة تقف على مفترق طرق، وتهب عليها رياح ملتهبة من مناطق قريبة تنذر بالكثير لمن يعي!
لا أعرف مرامي القصد من “إبر لندن”، لكني أدري عن الكثير من إبر السموم التي تغرز في الوطن الكويتي، من فساد مالي لا يبدو أن له حدوداً يقف عندها، إلى فراغ سياسي في السلطات أخذت القوى الدينية المتزمتة تسد شيئاً فشيئاً، إلى قلق مشروع من غد مجهول بسبب غياب الرؤية أو عدم اكتراث عند أهل الحل والعقد…!
أهل مكة كما قال الشيخ محمد المبارك أدرى بشعابها، لكن يا شيخ لستم أهل مكة، ولسنا نحن الأجانب ولا ندري عن شعابكم.
نحن في النهاية “أهل الكويت” ولا نريد غبار المجهول وما يجري عندكم يعمي عيوننا، فنحن من سيدفع ثمن معارك الوكالات من أرصدة أمننا واستقرارنا ومستقبل أجيالنا، وإن كانت هناك فواتير مستحقة بين بعضكم وبعض ولا ندري عنها فسددوها من رصيدكم لا من رصيد الدولة المنهوب.