تتميز الأسرة الحاكمة في الكويت، من وجهة نظري، بكونها الأكثر انفتاحا، الى حد ما، الأكثر ليبرالية بين بقية أسر الدولة والمنطقة، ونتكلم هنا بصورة نسبية طبعا. كما تعتبر نساؤها الأكثر تعليما ورغبة في مساعدة الغير، وما تعرض له بعضهن أخيرا من نقد وتهجم أمر متوقع، ويجب ألا يؤخذ بأكثر من محمله، فمن يعمل معرّض للنقد، ومن يختر الجلوس في البيت، فلن يأتي أحد على ذكره! وقد سبق ان انتقدنا في أكثر من مقال المعايير «فوق الخيالية» التي تتبعها لجنة او جمعية «الأم أو الأسرة المثالية» التي تشرف عليها الشيخة فريحة الأحمد، ولا يعني ذلك أن ما تقوم به سيىء بالمطلق. وقد أحسنت الشيخة فريحة أخيرا بتحويل اهتماماتها الاجتماعية إلى فئات مغبونة، وخير مثال زيارتها لكنيسة الجالية الأرمنية، وتعهدها بالسعي لمساندتهم في الحصول على مبنى أكبر كاف لهم. ولو كانت الجهات التي هاجمتها، كالنائب وليد الطبطبائي، أمينة في عملها وانسانية في تعاملها، وتعرف حقوق الغير، لما تطلب الأمر تدخل الشيخة فريحة أو غيرها، فتقاعس وتجاوزات ومخالفات وتطرف فكر بعض نواب الأمة هي التي دفعت هؤلاء المتطوعين الى التدخل، واصلاح ما يمكن إصلاحه، ولأن نكتب ونطالب باعطاء الجاليات حقوقها ودور عبادتها اللائقة، مادمنا قبلنا بوجودهم بيننا!
نقول ذلك أيضا بمناسبة ما أثير أخيرا عن أعمال «مركز العمل التطوعي»، والشيخة أمثال الأحمد الصباح، وكيف أن نفوذها امتد للمحميات ومعهد الأبحاث وغير ذلك، كما ورد في سؤال للنائب مسلم البراك، والذي تشكو بعض تساؤلاته من المصداقية، فهذه السيدة تعمل بجد وتستحق كل ثناء، الا أن من يساهم في العمل التطوعي يجب أن يكون على استعداد لتقبل النقد وحتى المحاسبة، ولا اعتقد أن من يعمل باخلاص وأمانة يعارض تنظيم العمل في أي مركز، ففي غياب التنظيم والمحاسبة تكثر الشكوك وتكبر، فحتى المتطوع في «الهلال الأحمر» مثلا يحاسب ويجرّم ان أدى، أو تسبب عمله التطوعي في وفاة من قام بتقديم المساعدة له.
نعيد ونقول إنه لو كان في مشرعي هذا المجلس بغالبيته التي أصبح خالد السلطان، في آخر زماننا، رئيسها وعقلها المدبر، خير ورغبة في الاصلاح واعطاء كل ذي حق حقه، لما كانت هناك حاجة لتطوع سيدات فاضلات في مثل هذه القضايا، أو لأخذ حقوق الأقليات من الدولة. وما علينا هنا سوى تخيل ما سيكون عليه الوضع، لو سلمنا كامل أمورنا لمجلس وزراء يرأسه منتم للاخوان المسلمين، كما تمنى أحدهم في لقاء أخير له! ولكنهم هنا أيضا لا يلامون بعد أن تركت لهم السلطة الخيط والمخيط، واصبح شخص مثل البذالي، وان نفى الآخر ذلك، وزيرا للداخلية والدفاع والأوقاف والمسؤول عن تربية بناتنا، والتصدي لتعليم مرتادي جزيرة كبر كيف تكون الأخلاق!
أحمد الصراف