• معمر القذافي، موجهاً حديثه إلى الزعماء العرب: “إذا كنا نواجه مجنونا كحسين (يقصد الحسين بن طلال ملك الأردن) يريد أن يقتل شعبه، فلا بد من إرسال من يقبض عليه ويضع الأغلال في يديه، ويمنعه من فعل ما يفعل، ويحيله إلى مستشفى المجانين”.
• الملك فيصل بن عبد العزيز يرد عليه: “لا أظن أن من اللائق أن تصف ملكاً عربياً بأنه مجنون يجب أن يوضع في مستشفى المجانين.
• القذافي: “لكن أسرته كلها مجانين… والمسألة مسألة سجل”.
• الملك فيصل: “حسناً… ربما كنا كلنا مجانين”.
• جمال عبد الناصر يشارك في الحوار: “في بعض الأحيان حين ترون جلالتكم ما يجري في العالم العربي، فإن ذلك يصبح صحيحاً، وأقترح أن نعيّن طبيباً يعايننا بصورة منتظمة ليتبيّن من هم المجانين بيننا”.
• الملك فيصل: “أريد أن يبدأ طبيبك بي، لأنني أشك، بالنظر إلى ما أراه، في أنني أستطيع الاحتفاظ بتعقلي”.
دار هذا الحديث، على ذمة محمد حسنين هيكل في كتابه “الطريق إلى رمضان”، في القمة العربية التي عُقدت في القاهرة في شهر سبتمبر من عام 1970، ولك أن تلاحظ من الذي بدأ الحديث عن الجنون وعن قتل الشعب! قبل أن تكرر ما قاله الملك فيصل: “أشك، بالنظر إلى ما أراه، في أنني أستطيع الاحتفاظ بتعقلي”.
على أن الحقيقة التي يجب ألا ننكرها، أن معمر القذافي لم يمت وإن مات، والتفاتة واحدة من أي منا إلى الشأن السياسي الكويتي كفيلة باكتشاف وريث القذافي، أو القذافي الكويتي، الذي تفوق بلا شك على “معلّمه”، وأصبحت ثرثرة الأخير أكثر متعة وهبلاً من ثرثرة الأول.
وكما يتهم القذافي “الأصلي” الآخرين بالجنون في حين أنه ذاته بركان الجنون الذي لا يهدأ، ها هو القذافي الكويتي يتهم الآخرين بالتمصلح، وهو أبو التمصلح وعمه.
وإذا كان عبد الناصر يقترح تعيين طبيب يعاين الزعماء العرب، فإنني أقترح، بعد أن رأيت ما رأيت ورأى الناس ما رأوا، أن تمتد مهمة هذا الطبيب ليعاين كل سياسيينا. خصوصاً قبل الاستجوابات.
اليوم: 12 أبريل، 2012
لسنا أهل مكة
ليس في الدولة اللبنانية وحدها تحدث الحروب بالوكالة، وتنتهي بحكمة لا غالب ولا مغلوب، عندما تستغل القوى الأجنبية الصيغة المهلهلة للدولة اللبنانية وتجيش عملاءها الداخليين لتصفية الحسابات الدولية على الأراضي اللبنانية، ويدفع اللبنانيون الثمن في النهاية.
في الكويت لدينا أيضاً “حروب” بالوكالة، وإن كانت لا تجري مثل لبنان (وسورية غداً والقائمة تمتد لبقية دول المنطقة العربية) بالسلاح والتفجيرات، وإنما تتم عبر أشخاص يمثلون الأمة وفي الساحات الإعلامية، القوى المتصارعة في الداخل الكويتي ليست “أجنبية” على الدولة، وقد لا تريد إنهاء الخصم، لكنها حتماً تريد الثأر لذاتها، وتبحث عن أي وسيلة لرد اعتباراتها وحيثياتها السياسية.
أياً كانت وجهات النظر حول استجواب النائب القلاف لوزير الإعلام، وما انتهى إليه من زوبعة في فنجان القهوة الكويتي، فإنه ظهر بوضوح من هذا الاستجواب أن معارك الشيوخ وتصفية حساباتهم على حالها القديم وعلى “حطة إيدكم”، وأن من يغادر كرسي الحكم لا يغادر كرسي السلطة.
ماذا تعني “إبر لندن”، التي رد بها الوزير الشيخ محمد المبارك على النائب المستجوب؟ وما حقيقة ما كرره النائب القلاف من نفي أي علاقة له بالشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق؟! هل ستسير السياسة في الكويت بمجاري الغمز واللمز، فهذه تصلح لجلسات الفراغ بالدواوين وحفلات شاي الضحى، لكنها حتماً لا تصلح لتسيير أمور دولة تقف على مفترق طرق، وتهب عليها رياح ملتهبة من مناطق قريبة تنذر بالكثير لمن يعي!
لا أعرف مرامي القصد من “إبر لندن”، لكني أدري عن الكثير من إبر السموم التي تغرز في الوطن الكويتي، من فساد مالي لا يبدو أن له حدوداً يقف عندها، إلى فراغ سياسي في السلطات أخذت القوى الدينية المتزمتة تسد شيئاً فشيئاً، إلى قلق مشروع من غد مجهول بسبب غياب الرؤية أو عدم اكتراث عند أهل الحل والعقد…!
أهل مكة كما قال الشيخ محمد المبارك أدرى بشعابها، لكن يا شيخ لستم أهل مكة، ولسنا نحن الأجانب ولا ندري عن شعابكم.
نحن في النهاية “أهل الكويت” ولا نريد غبار المجهول وما يجري عندكم يعمي عيوننا، فنحن من سيدفع ثمن معارك الوكالات من أرصدة أمننا واستقرارنا ومستقبل أجيالنا، وإن كانت هناك فواتير مستحقة بين بعضكم وبعض ولا ندري عنها فسددوها من رصيدكم لا من رصيد الدولة المنهوب.
العمل التطوعي
تتميز الأسرة الحاكمة في الكويت، من وجهة نظري، بكونها الأكثر انفتاحا، الى حد ما، الأكثر ليبرالية بين بقية أسر الدولة والمنطقة، ونتكلم هنا بصورة نسبية طبعا. كما تعتبر نساؤها الأكثر تعليما ورغبة في مساعدة الغير، وما تعرض له بعضهن أخيرا من نقد وتهجم أمر متوقع، ويجب ألا يؤخذ بأكثر من محمله، فمن يعمل معرّض للنقد، ومن يختر الجلوس في البيت، فلن يأتي أحد على ذكره! وقد سبق ان انتقدنا في أكثر من مقال المعايير «فوق الخيالية» التي تتبعها لجنة او جمعية «الأم أو الأسرة المثالية» التي تشرف عليها الشيخة فريحة الأحمد، ولا يعني ذلك أن ما تقوم به سيىء بالمطلق. وقد أحسنت الشيخة فريحة أخيرا بتحويل اهتماماتها الاجتماعية إلى فئات مغبونة، وخير مثال زيارتها لكنيسة الجالية الأرمنية، وتعهدها بالسعي لمساندتهم في الحصول على مبنى أكبر كاف لهم. ولو كانت الجهات التي هاجمتها، كالنائب وليد الطبطبائي، أمينة في عملها وانسانية في تعاملها، وتعرف حقوق الغير، لما تطلب الأمر تدخل الشيخة فريحة أو غيرها، فتقاعس وتجاوزات ومخالفات وتطرف فكر بعض نواب الأمة هي التي دفعت هؤلاء المتطوعين الى التدخل، واصلاح ما يمكن إصلاحه، ولأن نكتب ونطالب باعطاء الجاليات حقوقها ودور عبادتها اللائقة، مادمنا قبلنا بوجودهم بيننا!
نقول ذلك أيضا بمناسبة ما أثير أخيرا عن أعمال «مركز العمل التطوعي»، والشيخة أمثال الأحمد الصباح، وكيف أن نفوذها امتد للمحميات ومعهد الأبحاث وغير ذلك، كما ورد في سؤال للنائب مسلم البراك، والذي تشكو بعض تساؤلاته من المصداقية، فهذه السيدة تعمل بجد وتستحق كل ثناء، الا أن من يساهم في العمل التطوعي يجب أن يكون على استعداد لتقبل النقد وحتى المحاسبة، ولا اعتقد أن من يعمل باخلاص وأمانة يعارض تنظيم العمل في أي مركز، ففي غياب التنظيم والمحاسبة تكثر الشكوك وتكبر، فحتى المتطوع في «الهلال الأحمر» مثلا يحاسب ويجرّم ان أدى، أو تسبب عمله التطوعي في وفاة من قام بتقديم المساعدة له.
نعيد ونقول إنه لو كان في مشرعي هذا المجلس بغالبيته التي أصبح خالد السلطان، في آخر زماننا، رئيسها وعقلها المدبر، خير ورغبة في الاصلاح واعطاء كل ذي حق حقه، لما كانت هناك حاجة لتطوع سيدات فاضلات في مثل هذه القضايا، أو لأخذ حقوق الأقليات من الدولة. وما علينا هنا سوى تخيل ما سيكون عليه الوضع، لو سلمنا كامل أمورنا لمجلس وزراء يرأسه منتم للاخوان المسلمين، كما تمنى أحدهم في لقاء أخير له! ولكنهم هنا أيضا لا يلامون بعد أن تركت لهم السلطة الخيط والمخيط، واصبح شخص مثل البذالي، وان نفى الآخر ذلك، وزيرا للداخلية والدفاع والأوقاف والمسؤول عن تربية بناتنا، والتصدي لتعليم مرتادي جزيرة كبر كيف تكون الأخلاق!
أحمد الصراف