«لابد من التمييز بين الدين كمنظومة نصوص مقدسة والفكر الديني الذي يحاول الاستفادة من هذه النصوص في تطبيقات اجتماعية، فكرية أو سياسية، وعدم القدرة على التمييز بينهما يقود إلى تجاوز القداسة المحددة دينيا إلى مساحات أكبر، لتشمل المفكر الديني نفسه وكتبه وتعاليمه. ولكون العملية متسلسلة زمنيا، فإن سلسلة القداسة ستكون تراكمية وبازدياد».
(محمد عز الدين الصندوق، أكاديمي ومفكر بريطاني من أصل عراقي)
***
كتب الزميل صلاح الهاشم مقالا، ذكر فيه أن المرحوم الشيخ سعود الناصر سبق أن حذر من خطر الإخوان المسلمين، وجاء الفريق ضاحي خلفان، رئيس شرطة دبي، ليكرر التحذير من الخطر نفسه! والحقيقة أن كثيرين جدا سبقوا هاتين الشخصيتين في التحذير من خطر «الإخوان»، ومهدوا الطريق لهما ولغيرهما لمعرفة ما يمثله «الإخوان» من خطر ليس على أنظمة دول مجلس التعاون فقط، بل وعلى كل ما له علاقة بالحرية وحقوق الإنسان والديموقراطية، وليس هناك ما هو أهم وأغلى منها! فهذه الحركة التي تحولت منذ نهاية عشرينات القرن الماضي إلى أخطبوط مالي وسياسي وحزبي ضخم، لا يختلف في تشكيله وقيادته وتنظيمه عن الحركة الماسونية التي طالما حذروا منها. ودق وصولهم أجراس الإنذار في عقول كثير من الكتاب والباحثين الذين بدأوا بالنبش في تاريخ الحركة وجرائمها السياسية منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى اليوم، وكشف مقاصدهم غير المشروعة التي تتمثل ليس في الوصول إلى الحكم، بل والتشبث بالسلطة إلى الأبد، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فلا أحد غيرهم بإمكانه تطبيق «شرع الله»، لأن لا أحد غيرهم يملك التفسير الصحيح للنص الديني، فهم صوت الحق، ووكيل رب السماء في الأرض، والرفض العنيف والحجر الكامل على أي نشاط مخالف لهم، ولو تطلب الأمر استخدام القوة. وفي مقال للزميل المصري مجدي وهبي ذكر أن أول ضحايا «الإخوان» كان القاضي أحمد الخازندار الذي اغتيل في مارس 1948، وجريمته أنه أصدر حكما على عدد من «الإخوان». وبعدها بستة أشهر اغتال عبد المجيد حسن، أحد كوادر «الإخوان»، النقراشي باشا، لأنه أصدر أمرا عسكريا بحل جماعة الإخوان المسلمين، وضبط أوراقهم وسجلاتهم ومصادرة أموالهم. وفي محاكمة الجناة قال المستشار محمد عبد السلام في مرافعته «لقد نكب المسلمون بأمثال هؤلاء، ممن اتخذوا دين الله حجابا لستر نواياهم وقتل ضحاياهم، إنهم ليسوا فقط عصابة خارجة على القانون، وثائرة على النظام، ولكنهم عصابة ضمت أخطر العناصر التي بليت بها مصر في العصر الحديث»! وقال إنهم أوسع وأشمل وأخطر من أن يوصفوا بلفظ جمعية، وإنما هم جيش إرهابي، فمن بين وثائقه أوراق معنونة «قانون التكوين»، وتتضمن كيفية تكوين وتنظيم الجماعة الإرهابية على نظام الخلايا، من هيئة قيادة وأركان حرب وجنود، وتكون في مجموعها جيشا! ولايزال كلام المستشار محمد عبد السلام صالحا، وينطبق على حالهم اليوم!
ويرى وهبي أن مصر تتعرض لأكبر عملية تسليم السلطة للإخوان، وعملية نصب كبرى سوف نصحو منها جميعا على سراب اسمه «25 يناير»! وهذا صحيح، فلو تمعنا في شعار «الإخوان»، لوجدنا أنه عبارة عن سيفين ومصحف، وهذا يعني أنهم سيعملون قتلا بالسيف كل من يعارض رؤيتهم الدينية!
أحمد الصراف