علي محمود خاجه

تهاوشوا

ضمت كتلة التنمية والإصلاح في المجلس السابق نوابا مستمرين في المجلس الحالي، كالنائب جمعان الحربش والنائب محمد هايف الذي تفاوتت الأقاويل في المجلس الماضي في كونه عضوا في الكتلة، أو هو المكمل لها بطريقة (+1)، وفي كلتا الحالتين فإن التقارب الفكري بين النائبين هايف وجمعان كبير جدا، وقريب من التطابق.
وطوال فترة انتخابات مجلس الأمة 2012 كان هايف وجمعان يقدمان نفس الأطروحات والرؤى تقريبا، بل إن هناك كتلة نيابية تسمى بالأغلبية تجمعهم حاليا، ويرتبان أولوياتهما من خلالها سواء في مزرعة أو جاخور أو ديوانية.
إذن نحن أمام مثالين لنواب من تيارات الإسلام السياسي قريبين جدا من بعضهم بعضا، بل إنهم تبنوا في بداية عمر المجلس قضية تعديل المادة الثانية من الدستور التي تحولت بقدرة قادر إلى تعديل المادة 79 من الدستور لأسلمة الدستور، وهي مطالبات بعيدة كل البعد عما أوهموا به الشباب في فترة الانتخابات طبعا. خلافنا الأزلي مع قوى الإسلام السياسي هو الدفاع عن مدنية الدولة، وأن الدولة لا يحكمها دين، بل قوانين مسيرة لشؤونها في مختلف الاتجاهات تجمع كل الأعراق والمعتقدات والطوائف والديانات تحت مظلة واحدة تطبق على الجميع بالتساوي، إلا أنهم يصرون على أن الشريعة هي ما يجب أن يسود وإن اختلفت معتقدات أبناء الوطن فلا يهم، فإن الاتفاق والمودة والحب والطمأنينة ستسود.
ها نحن اليوم نعيش مثالا واضحا على صدق ما ذهبنا إليه لمدنية الدولة وزيف ادعائهم بأن ما يقولون عن الشريعة هو الحل، وها هما- وأعني جمعان وهايف- الصاحبان المتفقان المنسجمان ابنا الكتلة الواحدة، وصاحبا الأولويات الواحدة يختلفان في حالة بسيطة، وهي “ملتقى النهضة”، فهايف يقول إن الملتقى بعيد عن الشرع وجمعان يرد لا تختزل الشرع في رأيك!! الشرع الذي يحملان هما رايته انقسما فيه انقساما حادا حول مجرد ندوة، هذا وهما ابنا طائفة واحدة، ولكم أن تتصوروا الحال ونحن أمام أكثر من طائفتين إسلاميتين في الكويت، ومعتقدات مختلفة خارج حدود الإسلام وغيرها من أفكار، فبأي شرع يريدون أن يحكموا الكويت وهم لا يستطيعون أن يقيموا شرعية ندوة من عدمها؟
ادعاءاتهم مزيفة وأقاويلهم باطلة، ولن تستقيم الكويت إلا بالمدنية والحرية والتعددية، أما العلاقة بين الخالق والمخلوق فهي أمر فردي لا علاقة للدولة به إلا أن ترعى ممارسة شعائره، كما نص الدستور الكويتي الرائع.

خارج نطاق التغطية:
وزير الداخلية لا بد من الرحيل عزيزي، فمنعك لملتقى النهضة يجعلنا أمام أمرين: إما أنك لا تؤمن بالدستور وإما أنك تخشى المساءلة، والحالتان أو إحداهما تستلزم وجودك خارج الحكومة.

سامي النصف

يوم الأم وحساب الدم

في البدء العزاء الحار لعائلة الأدباء والشعراء والسفراء آل التليجي الكرام وللإخوة الأفاضل خالد وفاضل وعبدالله ومحمد خلف على وفاة شقيقتهم المرحومة نجيبة التليجي، للفقيدة الرحمة والمغفرة، ولأهلها وذويها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

****

الدولة في الكويت أقرب لشركة لديها موظفون، لذا لا يصح عقلا ومنطقا ضمن تلك الشركة (الدولة) أن تتباين رواتب موظفيها ممن يحملون نفس الشهادات، ويعملون بنفس الأجواء، فموظف مؤسسة النفط لا يختلف عمله على الإطلاق عن موظف الحكومة، فكيف جاز له أن يتسلم من المال العام ثلاثة أو أربعة أضعاف مثيله في الأماكن الأخرى؟!

وفي هذا السياق يجب أن يعاد النظر في التعيينات الأخيرة بمؤسسة البترول، ويفصل كل من حصل على القبول بالتجاوز على القانون، ويحال للمحاسبة والمحاكمة كل من تسبب في ذلك الظلم الفادح للآخرين من المؤهلين وزيرا كان أو خفيرا وما بينهما من قيادات!

****

العودة عن الخطأ فضيلة، والواجب أن يعاد النظر في جميع رواتب الدولة تطبيقا لمبادئ العدل والمساواة التي ينص ويحث عليها الدستور، ولا مانع أن تلغى وتقلل بعض الامتيازات المالية لطرف وتزاد لطرف آخر حتى تتقارب دخول أصحاب المؤهلات المتشابهة، ويتفق على زيادات محددة كل بضع سنوات لمواجهة الغلاء وزيادة أعباء المعيشة وفي كل الأحوال يجب ألا نرضى بالظلم القائم وضرورة تصحيحه من قبل الدولة، لا عبر الإضرابات المدمرة للاقتصاد ولسمعة الدولة.

****

نشرت جريدة «الأنباء» في عدد أمس تحقيقا مطولا عن «عيد الأم» وفتوى الشيخ د.برهامي التي ترفض المشاركة في هذا العيد، وللصديق د.داود حسين وجهة نظر حصيفة بهذا الشأن، وهي أن احتفالية الأم لا تسمى عيدا في العالم، بل تسمى «يوم الأم»، إلا أن الترجمة الخاطئة هي التي أسمتها بذلك المسمى الذي يخلق رد فعل سلبيا عند بعض مشايخ الدين، ويطلب د.داود أن نحرص على الترجمة الصحيحة حلا لذلك الإشكال.

****

أكثر سؤال نسمعه هذه الأيام هو حول ما سينتهي إليه الحال في سورية الجريحة، ورؤيتي الشخصية أن حساب الدم سيتصاعد ويتفاقم، رغم كل ما يقال، حتى يصبح من الاستحالة العيش المشترك للفرقاء في سورية، وهو ما سيمهد لتقسيمها الى دويلات طائفية، ومن ثم تصبح بعض تلك الدويلات ملاذا آمنا لرجال البعث والنظام والأمن والشبيحة، وهو برأيهم الحل الوحيد لإشكالهم ومستقبلهم.. والله أعلم!

****

آخر محطة: آخر أخبار «الخداي» المحلي ما حدث عند فوز متسابق من جمهورية كازاخستان، فتم عزف سلام جمهوري كازاخستاني مزيف مأخوذ من فيلم «بورات» الهزلي وهو مليء بالسباب والشتائم، وقد انتشر خبر الحدث أو «الخداي» في أنحاء العالم، فهل تمت محاسبة من تسبب في تلك الفضيحة المجلجلة؟! لا أعتقد!

احمد الصراف

تكلفة التعليم والكارثة (2-2)

مع اتفاقي التام مع ما ذكره الزميل محمد العجيري، فإنني إضافة الى ذلك أعتقد أن كارثة التعليم بدأت في منتصف ستينات القرن الماضي، عندما قرر خالد المسعود، وزير التربية وقتها، «تكويت» التعليم، ومن أجل ذلك قرر فتح معهد للمعلمين، ولتشجيع الانتماء له عرض منح المنتسبين له مكافأة مالية كبيرة، وهذا شجع المتردية والنطيحة، ومع قلة مخلصة، للانتماء للسلك، ولم يمر عقد حتى اكتشف الجميع مقدار الضرر الذي أصاب التعليم بشكل عام نتيجة سوء مخرجات المعهد، خصوصا بعد سيطرة تيار الإخوان المسلمين على العملية التربوية، نتيجة تواضع «قدرات مخرجات تلك المرحلة»، وما استمر بعدها من نجاح حركة الإخوان المسلمين ــ الفرع المحلي للتنظيم العالمي، في فرض المنتمين لهم في مرافق وزارة التربية، وبالذات في المناهج والمقررات! وهنا نجد مدى تجني الزميل الدويله على د. الخطيب عندما رد عليه بالقول إن غالبية وزراء التربية في الثلاثين سنة الماضية كانوا من التيار الليبرالي، وهذا طبعا غير صحيح، ولا يعني شيئا أساسا، فغالبية هؤلاء الوزراء «لم تسمح» لهم السلطة بالمساس بـ«مكتسبات الأحزاب الدينية»، كما يسعف الوقت غالبيتهم اصلا لإحداث اي تغييرات مهمة، هذا مع افتراض توافر النية والقدرة، أو الليبرالية المزعومة لديهم. وبالتالي نجد ان الحكومات المتعاقبة أهملت التعليم، إما بسبب عمق إيمانها بعدم أهميته، طالما توافر المال لحل كل معضلة ومشكلة، وإما لعدم رغبتها في إغضاب الجماعات الدينية، وفي كلتا الحالتين دفع الوطن والمواطن نتيجة ذلك، ونتائج الانتخابات الأخيرة خير دليل. ولأن حكوماتنا، لسبب معروف، «لا تقرأ» فقد فاتها أن جميع الأولويات والبرامج الانتخابية لعشرات الحكومات والأحزاب في الدول الشديدة التقدم تعطي التعليم الأهمية القصوى. ولو ولينا وجوهنا شطر المشرق، لوجدنا أن دولاً مثل الهند واليابان وكوريا وسنغافورة تدين بنهضتها الحديثة لنظامها التعليمي، وليس لأي شيء آخر! أما رجل الأمس المريض، تركيا أتاتورك، فقد طلبت من شركات أميركية تقديم عروضها لتوريد 15 مليون جهاز كمبيوتر صغير tablet devices لتوزيعها على طلبة المدارس، وهو أمر فشلنا في تحقيقه حتى الآن، على الرغم من أن حاجتنا لا تتجاوز %10 من حاجتهم، واحتياطياتنا النقدية تجاوزت الـ 300 مليار دولار، وهذه ستضيع حتما ان تولى «جيل فاشل دراسيا ومتخلف إداريا»، عملية إدارتها مستقبلا، وهذا ذكرني بقصة الطفل الأعرابي الذكي، الذي عرضوا عليه ألف دينار مقابل عقله فرفض، وعندما سألوه عن السبب قال: أخاف أن قلة عقلي تذهب بألف دينار (أو 300 مليار) فأبقى بلا عقل ولا ألف دينار!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بقايا بقايانا

رحم الله أبي وآباءكم وجيلهم الذي استطاع تأسيس منهج تربوي لم تكتشفه كل النظريات التربوية، منهج تم تطبيقه علينا بحذافيره وأظافيره، ومازالت بقاياه وآثاره على جلودنا شاهد عيان. المنهج يقوم على مبدأ “الضرب بقسوة أولاً ومن ثم التفاهم”، هذا إذا اعتبرنا إملاء الأوامر والتهديد والوعيد تفاهماً. وقد تُصافح ظهرك عصا غليظة قبل أن تعرف أسباب المصافحة، وقد تكون تلقيتها بالخطأ، يحدث ذلك، أقصد أن يكون “مرتكب الجريمة” شخصاً آخر، والتبس الموضوع على الوالد، وكنت أنت الأقرب فتفوز بضربة عصا أو دلة قهوة أو ما تيسر من “أدوات التربية”. هو منهج جعلني وإخوتي وأقراننا من أبناء الجيران (كان كبار السن من جيراننا يهددون أبناءهم بوالدي: “تأدبوا أو نبلغه عنكم”، فيتأدبون في الحال) أقول، كنا نتمنى أن تقبض علينا الشرطة – في حال ارتكبنا خطأ، وما أكثر الأخطاء التي نرتكبها –على ألا “يقبض” علينا المرحوم. وكنا على استعداد لقبول العقوبات الدولية، ومصادرة أموالنا في الخارج، وقصف مقراتنا، بشرط ألا نقع في قبضته الكريمة. وحدها عقولنا كانت مرتاحة، فلا حاجة لتفعيلها ولا تشغيلها. هي أوامر، أو قل مبادئ، تُلقى علينا بكميات تجارية وعلينا حفظها وترديدها، أتحدث عن أبناء جيلي من أهل “الصباحية” عندما كانت الصباحية نائية، قبل أن تصبح اليوم من “مناطق الوسط”. خذ عندك مبدأ: “جارك أحق بالفزعة من أخيك، عليك أن تعادي من يعاديه وتصاحب من يصاحبه”، وبالطبع لا تستطيع أن تطرح وجهة نظرك حتى ولو كان جارك المقصود لا يعادل قشرة بصلة في سوق الصرف! وقد تنقلب ضحكاتك مع صديقك إلى تأوهات وأنين بعدما تتلقيان ضربة بعصا أو بما تيسر (الحمد لله أن السيوف لم تعد متداولة) لسبب مهم وحيوي: “ما الذي أوقفكما أمام الباب؟ لماذا لا تجلسان في الديوانية وتتحدثان كما تشتهيان؟ ألا تعلمان أن وقوفكما أمام الباب قد يحرج النساء المارات في الشارع؟”! هكذا. وعليك أن تأخذ المبدأ وتسكت، أو كما يقول جليس السلاطين “كل واشكر”. وإذا كانت العسكرية، وهي العسكرية، تعتمد مبدأ “نفّذ ثم تظلّم”، فإن مبادئ آبائنا تقوم على “نفّذ واحمد الله”. ومع ذا ورغم ذاك، كان جيلاً معجوناً بالرجولة مغلفاً بالصدق حتى آخر قطرة، حسناته أضعاف أضعاف سيئاته. وجاء جيلي، وقررت ألا أمد يدي على أي من أبنائي، والتزمت بقراري، وإن كنت ما أزال في مرحلة تفاوض مع كفي التي تطلب مني إعطاءها الحرية الكاملة للتفاهم مع خد “بو عزوز”، سعود، الابن الأصغر! على أنني أعترف أن قليلاً من قليل، أو بقايا من بقايا، فكر والدي وجيله مايزال عالقاً في بعض مفرداتي مع أبنائي، فالكلمة يجب ألا تُكرر، مرة واحدة تكفي وتزيد، وقد لا يكون هناك حاجة لقولها أساساً. واليوم أشعر بأن الحبل الرابط بين مبادئ والدي ومبادئ ابني على وشك الانقطاع، والمسافات بين جيليهما تتسع، ولا أدري هل هذا أفضل أم أسوأ. الأكيد أن جيل أبنائنا يكبر وينشأ على اتجاه مخالف للاتجاه الذي نشأنا عليه. نحن نشأنا على “أحاديث الأولين” وهم نشأوا وينشأون على “أحدث إصدار”، وما بين هذه وتلك “بيداً دونها بيد”، كما يقول المتنبي، ونحن البيد. وأجزم أن حفيدي سيبني عاداته على أنقاض عاداتي أنا، فما بالك بعادات والدي. والحديث يطول، وقد أطبخه مرة أخرى، وقد لا أطبخه.

سامي النصف

كل نساء الرئيس

تسبب ظلم وطغيان منظومة البعث العراقي الدموية في سقوط نظام الأقلية السنية في بغداد للمرة الأولى في تاريخهم، وسيتسبب ظلم وطغيان منظومة البعث السوري الدموية في سقوط نظام الاقلية العلوية في دمشق وهو الحكم الأول في تاريخهم وفي الحالتين نلحظ مساهمة ما يفترض ان يكونوا أنظمة وحدوية علمانية عروبية بكفر شعوبهم بالعروبة والوحدة والعلمانية.

***

واضح تطابق مسار الرئيس الابن في دمشق مع مسار الرئيس الأب فاذا كان الأب قد قتل الرئيس بشير الجميل فالابن يقتل الرئيس الحريري وكما لاحق الاب القيادي البعثي الكبير صلاح الدين بيطار في باريس وقتله فالابن يخطف القيادي البعثي الكبير شبلي العيسمي من عاليه ويقتله على الارجح، وتمديد الأب للرئيس إلياس الهراوي يقابله تمديد الابن للرئيس اميل لحود.

*** 

وتدمير حماة عند الاب يقابله تدمير حمص عند الابن، اغتيال الوزير الماروني ايلي حبيقة عند الاب يقابله اغتيال الوزير الماروني بيار الجميل عند الابن، كما ان اغتيال الصحافي الكبير سليم اللوزي صاحب مجلة «الحوادث» واسعة الانتشار يقابله اغتيال الصحافي الكبير جبران التويني صاحب جريدة «النهار» واسعة الانتشار، واغتيال الزعيم اليساري اللبناني العالمي كمال جنبلاط يقابله اغتيال الزعيم اليساري اللبناني العالمي جورج حاوي، والانسحاب من الجولان عند الاب يقابله الانسحاب من لبنان عند الابن، ودفع حركة امل للهجوم على المخيمات عند الأب يقابله دفع حزب الله للهجوم على بيروت الغربية عند الابن مما يظهر ان رجال الرئيس الاب ومستشاريه مازالوا يعملون مع الرئيس الابن، والاحداث التاريخية لا تصنعها الصدف.

***

ومن كل رجال الرئيس الى كل نساء الرئيس فضمن الرسائل الالكترونية التي كشفتها «العربية» نجد أن الرئيس بشار أقرب لشهريار زمانه حيث تحيط به النساء الجميلات من كل جانب، وبتأثير طاغ عليه ولا يوجد في هذا السياق أي أثر للطائفية التي يتهم بها الرئيس على ذلك المحيط الأنثوي، فحرمه سنية ولونا شلبي درزية وهديل العلوي علوية وشهر زاد جعفر شيعية الا ان نصائحهن وأعمالهن كما تدل الرسائل لا تقل صقورية عن أقرب مقربيه من الرجال.

***

آخر محطة: قدت ذات مرة الطائرة الأميرية التي اقلت الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، الى دمشق في زيارة رسمية حيث استقبله الرئيس الراحل حافظ الاسد، تركنا الطائرة بعد ساعة من الوصول وشاهدنا في الطريق حافلات تنقل الحرس الرسمي الذي كان منتشرا على جانبي موكب الزعيمين ـ والذي لا يحتوي سلاحه على ذخيرة حية ـ وخلفها عدد مضاعف من الشاحنات الضخمة التي تجمع شبابا ميليشاويا بلباس مدني يحمل الرشاشات ذات الذخيرة الحية كما أخبرنا، وقد سألت مرافقنا عن ماهية هؤلاء الشباب فأجاب: «هدول اللي بيستخبوا خلف السجر (الشجر) وبنادقهم مصوبة لظهور الحرس الرسمي» وعرفت حينها ان النظام يقوم أمنه على الشبيحة بأكثر من اعتماده على جيشه الرسمي.

 

حسن العيسى

حرياتنا تحت ظلال سيوف شيوخنا ومشايخنا

رغم أنف الحكام بأمر الله الجدد في مجلس الأمة وشرطتهم في وزارة الداخلية عقدت جمعية الخريجين ندوة ملتقى النهضة، المحرم انعقاده حسب قوانين الاستبداد والمصلحة العليا للدولة، وبعد أن كان شباب النهضة الخليجيون يلتقون للتفكير في المجتمع المدني في غرف مغلقة بدعوات خاصة للمهتمين بهموم الاستبداد الفكري تحت ذريعة الدين أو أمن الدولة المقدس، تجمع الشباب أمس الأول في لقاء عام مفتوح بصالة الشهيد مبارك النوت، وخطب الشاعر سعد ثقل العجمي بكلمات موزونة نددت بأعداء حرية التعبير، وهم بكثر البعوض في دول “اخرس” العربية، حاضر بعده شفيق الغبرا عن مفهوم الحرية وانه لا معنى للحريات الإنسانية ما لم تقم على أسس مبدأ التسامح مع الآخرين المختلفين معنا. تعقيبات أكثر الحاضرين كانت صوراً من حالات “تنفيس” عن الذات من استمرار اختناق الفكر تحت ذريعة الأمن أو العادات والتقاليد أو الدين، كما يراه فقهاء البؤس في المنطقة. ولأن الحديث عن المجتمع المدني، وهو مجتمع حكم القانون والحريات الفردية وضماناتها الدستورية، عقب السيد التميمي كمتحدث عن أوضاع البدون عن مذاق هذه الحرية حين لاحقته أجهزة الأمن بعدة دعاوى جزائية لمجرد أنه طالب بأن تخضع أحكام منح الجنسية لرقابة القضاء، وكأنه كفر في دعوته، مع أن الكفر الحقيقي بحكم الدستور هو ذلك النص القبيح المحشور في قانون تنظيم القضاء حين حرم السلطة القضائية النظر في قضايا الإبعاد الإداري وبيوت العبادة ومسائل الجنسية، وبهذا تم وصم جبين القانون بوصمة الانتصار السياسي لمبدأ السيادة، وهي ليست سيادة الدولة وسيادة القانون بل سيادة القوي على الضعيف وسيادة الحاكم على المحكومين. كان الحاضرون يتحدثون عن الحرية، وشرد فكري قليلاً عن معنى هذه الحرية، في الوقت الذي أواجه فيه اليوم (وليست هذه المرة الأولى) دعوى جزائية تقدم بها أحد المحامين الكويتيين السائرين بهدي خطى يوسف البدري المحامي في مصر وأمير بلاغات خنق فكر وحريات التعبير بحجج المساس بالدين، فتحية لحماة العقيدة من شرور حرية الاعتقاد والضمير حين يتصدى لها مشايخ التعاسة في محاكم التفتيش الحديثة.

احمد الصراف

تكلفة التعليم.. والكارثة (2-1)

يقال: لكي تعرف تكلفة التعليم.. جرب الجهل!
تطرق الزميل محمد العجيري، رئيس «كونا» السابق، في مقال نشر في «الطليعة» لمشكلة التعليم في الكويت، معلقا على تحقيق القبس الذي بين عدم رضا %85 من المواطنين عن الخدمة التعليمية، وأن نتيجة الاستفتاء كانت حتمية بسبب تراكمات وتخبُّط إدارات متعاقبة فشلت في تطوير التعليم، بما تقتضيه روح العصر، على الرغم من توافر الكوادر والإمكانات المالية لدينا، بل إنها سلكت طريق تسييس التعليم، وإقصاء المخالفين وتقريب المريدين، بغض النظر عن مستواهم الفني، فتحوَّلت وزارة التربية إلى مرتع لقوى الإسلام السياسي. وقال إن تأثير هذه الجماعات مترسخ وظاهر بوضوح لمن يريد، فمحتوى المناهج اعتمد على أسلوب ضخ أفكار معينة ومدروسة لتوجيه النشء لاعتناق أيديولوجيات سياسية تحت غطاء تعليمي ظاهره ديني. فالفكر الذي تم الترويج له ذو اتجاه عقائدي محدد، يهدف إلى بناء جيل مهيأ وبطريقة ممنهجة لتبني هذا الفكر الديني الإقصائي. والخطير في الأمر أنه تمت، وبطريقة متقنة، محاربة الفكر الحر المنفتح الذي يرتكز على قبول الآخر، مهما اختلف معك فكريا. ومن تعوَّد منا فتح حوارات مع أبنائه، يجد أنهم يعودون من المدرسة بأفكار غريبة ومقلقة، فهم إما مرتبكون من معلومة تتناقض مع العقل وطريقة التفكير المنطقي، وإما أنهم يتحدثون بمنطق يجعلهم يزدرون عقيدة الآخر، وبالتالي تأخذهم الحيرة، وتتغيَّر نظرتهم إلى أصدقائهم المقربين، لأنهم على مذهب مخالف.
وحينما تحاول استيضاح الأمر، تجد هذا الفكر موجودا في كتاب الدين، أو ان المعلم ذكره خلال شرحه لدرس معين، وقد يكون غير مادة الدين!
وإذا تصفحنا محتوى الكتب المدرسية، نجد المقرر ممتلئا بالغيبيات التي لا تدع مجالا لإعمال الفكر والعقل وتنمية روح البحث والنقد، وإطلاق وتحفيز الطاقات الإبداعية للطلاب.
فعملية التلقين البائس واجترار المحتوى الإنشائي للكتب تربي جيلا من الخاملين فكريا ممن لا يمكن التعويل عليهم في عملية النهوض بالمجتمع.
وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

لحظة.. يا شيخ ضاحي

الفريق أول ضاحي خلفان تجمعني به صداقة منذ عشرين عاماً، عرفت خلالها عنه كرمه وتواضعه وطيب معشره. ومعروف عن ابي فارس انه صاحب ديوان في الجميرة، وأن ديوانه عامر بالضيوف من مختلف الأمصار والأطياف.
اليوم، يمتلك الفريق أول ضاحي حساباً في «تويتر»، يغرد فيه صباحاً ومساء، ويعبر عن آرائه الشخصية في القضايا العامة، واحياناً يتبنى الرأي الرسمي للدولة من منطلق موقعه الوظيفي كمدير لشرطة دبي.
ومع احترامي لأبي فارس ولاسلوبه في التعبير عن آرائه، فإن الزمالة والاخوة اللتين تجمعاني معه تلزماني ان اقدم له النصح حرصاً على سلامة المسار الذي يتبناه.
ابتداء اريد ان اؤكد ان التيارات الاسلامية تملأ الكرة الارضية، وأن التيار الأكبر والأكثر تنظيماً وانتشاراً، بشهادة خصومه، هو تيار الإخوان المسلمين، وان هذا التيار هو فكر اكثر منه فقه، وانه منتشر لدرجة ان بعض تياراته لا ترتبط تنظيمياً بالأخرى. لذلك، تجد بعض الافكار هنا ولا تجد من يتبناها هناك! والعكس صحيح. اما التيار الاسلامي في الخليج، والمرتبط فكرياً بـ‍ «الاخوان» وليس تنظيمياً، فهو تيار وسطي معتدل، مواقفه من شيوخه وحكامه في الخليج معروفة ومميزة ولا تتعارض مع مصلحة الوطن، بل ان منطلقات التيار في الخليج وطنية صرفة، ولم يعهد ان اتهم احدهم بالتخطيط لقلب الحكم او الاستيلاء عليه، ولعل ازمة غزو صدام للكويت بينت اصالة هذا التيار وانتماءه لوطنه الخليج الكبير. لذلك، كم تمنيت يا صديقي لو لم تستعجل وتصدر احكامك في هذا التيار كردة فعل لتصريح شيخ دين أو داعية، قد يمثلون انفسهم اكثر من تمثيلهم لانتماءاتهم، هذا اذا اخذنا تصريحاتهم بالتشكيك، مع انني اعتقد انه كان يسعك ان تنظر الى ما ذكروه بالتأويل لهم والتبرير.
اخي الفريق اول ضاحي خلفان، سيظل الخليج بدوله، الصغيرة والكبيرة، واحة امان ومرتعا للدعوة الاسلامية، وسيظل حكامه وشعوبه داعمين للدين واتباعه. ولقد حاول بعض الحكام العرب استئصال شأفة الدين بإصدار الاحكام الجائرة على الدعاة والمصلحين ومحاربة مظاهر الاسلمة في مناحي الحياة، وقد نجحوا في فترة من الزمن في تقييد انتشار الدعوة بين الناس، لكنهم نسوا ان معادن الناس وفطرتهم لا يمكن ان يمحوها حكم بالسجن أو منع من السفر أو طرد من البلاد. لذلك، وعند اول انفراج في الحريات العامة، انطلق المارد من مكمنه وحمل هؤلاء الى سدة الحكم! اليوم نحن في الخليج نعيش بحرية يحسدنا عليها الآخرون، ونمارس عباداتنا كما نشاء من دون تقييد. لذلك من الظلم ان نُقَارن بغيرنا، كما انه من الظلم ايضاً ان نُتَهم بما ليس فينا، سيظل خليجنا واحداً وشعبنا واحداً في أمن وأمان.

سامي النصف

لقاء الرؤساء في تونس الخضراء

  التقينا بالأمس أنا والأخ عبدالعزيز البابطين بالرئيس التونسي د.محمد منصف المرزوقي الذي كان من أوائل من تظاهروا ضد غزو صدام للكويت عام 90 ما جعل قبيلته «المرازيق» تتبرأ منه حينها بسبب اعتقادها الخاطئ بأنه قد خان العروبة بوقوفه ضد مدمر العرب الطاغية صدام.. تفاصيل اللقاء الذي دام أكثر من ساعة سننشرها في وقت لاحق.

***

كما التقينا مطولا برئيس البرلمان د.مصطفى بن جعفر حيث قدم له الأديب البابطين وللرئيس التونسي دعوات لحضور ملتقى حوار الحضارات الذي تنظمه مؤسسته بمملكة الدنمارك برعاية الملكة مارغريت الثانية في أكتوبر من العام المقبل بحضور مئات الشخصيات العالمية كما فاتح الرئاستين في عزم المؤسسة على عقد فعالياتها السنوية عام 2015 في القيروان بتونس الخضراء.

***

جهود وأنشطة عبدالعزيز البابطين المتواصلة طوال العام والتي شهدنا خلال أسبوع منها فعاليات منتدى الشعر العالمي في ايطاليا ومهرجان الشعر العربي المقامة بمكتبة البابطين هذه الأيام تهدف في نهايتها لرفع اسم الكويت عاليا بين الأمم واظهار ان بلدنا ليس نفطا فقط، تلك الأنشطة ذات كلفة مالية ضخمة يتكفل بها حاليا بوسعود من ماله الخاص وبسخاء كبير والواجب على الدولة ان تدعم ذلك الجهد عبر أمر بسيط هو تخصيص أرض له كي يقيم عليها مبنى يوقف دخله لدعم تلك الأنشطة الثقافية والفكرية والأدبية غير المدرة للمال.

***

وقد سبق لملك البحرين حمد بن عيسى ان عرض على الأديب عبدالعزيز البابطين ان يختار الأرض التي تناسبه بالتنسيق مع مستشاره د.محمد جابر الأنصاري، والأمر كذلك مع ملك المغرب محمد السادس الذي عرض ان يختار الأرض التي تناسبه بالمغرب وبالتنسيق مع مستشاره د.محمد القباج إلا ان بوسعود اعتذر حينها لرغبته أن يكون عمله خالصا لبلده، فهل يصح ان يبخل عليه بلده الذي يمنح الأراضي بسخاء شديد لأغراض الترفيه كالمزارع والجواخير والإسطبلات والمناحل.. الخ، والتي انكشفت مع الإضرابات الأخيرة، هل يصح ان يبخل عليه بأرض ستستخدم لإعلاء اسم بلدنا وشعبنا؟!

***

ولو افترضنا ان ريع وقف البابطين الذي اثار البعض الضجة حوله حتى اذى صاحبه وجعله يتنازل عنه وهو الذي بناه بجهده وحر ماله، كان مليون دينار في العام وهو قطعا أقل من ذلك بكثير، فأيهما أكثر إفادة لسمعة الكويت ومصلحة شعبها: ان يضاف ذلك المبلغ للميزانية العامة للدولة حيث يصبح كقطرة مطر تسقط في المحيط حيث سيصرف المبلغ ويختفي في ثوان، أم ان يذهب لدعم أعمال البابطين الثقافية والفكرية والأدبية والخيرية وبعثات الطلاب من الكويت والدول العربية والخليجية والإسلامية الذين يبلغ عددهم هذه الأيام أكثر من 1500 طالب؟ والاجابة واضحة تماما ومستغرب بحق (أو غير مستغرب) هجوم البعض على كل من يعمل لمصلحة الكويت!

***

آخر محطة:

1 ـ تونس الخضراء كما رأيناها آمنة وجميلة وتستحق زيارة الكويتيين والعرب والخليجيين لها وقد طرح السيد عبدالعزيز البابطين على الرئاسة التونسية مقترح إلغاء الفيزا المفروضة على الكويتيين.

(2) جلس بقربي في طريق العودة من تونس وزير ومحافظ البنك المركزي الليبي السابق ومما رواه ان ليبيا وبعكس دول الربيع العربي ودول العالم الأخرى لا توجد بها مؤسسات دولة على الإطلاق وان احتمال تقسيمها وارد بقوة، فولاية برقة وعاصمتها بنغازي تستحوذ على اغلب النفط ولا يزيد سكانها على ثلث سكان ليبيا مما سيجعلها احدى أكثر دول العالم ثراء وقد اختصها القذافي بالقمع والعداء كما اختص صدام الجنوب والشمال العراقي بقمعه وقسوته والنظام السوري حماة وحمص وإدلب بشبيحته وقتله والأمر كذلك مع النظامين السوداني واليمني وجميعها أمور تدفع بانقسام وانفصال الدول!

احمد الصراف

الكبيس والكبيسة

الكبيس، بلغة أهل الشام يعني المخلل أو الطرشي، وهي باختصار كلمة تعني تنقيع بعض أنواع الخضار في ماء وملح، أو خل. ولا اعرف ما علاقة الكلمة بالسنة الكبيسة، والتي تأتي مرة كل اربعة أعوام، وربما لأن الكبيس والكبيسة بحاجة الى الانتظار، وربما أتت الكلمة من عملية الكبس أو الضغط، التي يحتاجها المخلل ليتخلل!
شهر فبراير الماضي وقع في سنة كبيسة، وعدد ايامه 29 يوما، وليس 28 يوما كحال فبراير السنوات الثلاث الماضية والمقبلة. وسبب ذلك يعود إلى خلل حسابي تشكو منه كل التقاويم الشمسية، كالإيراني والجريجوري، المعتمد في كل دول العالم، عدا السعودية. ففي التقويم الجريجوري، وسمي نسبة لأحد باباوات روما، يضاف يوم كامل لشهر فبراير كل أربع سنوات من أجل التغطية على فوضى النظام، فدورة الأرض الكاملة حول الشمس تبلغ 24. 365 يوما، وليس 365 يوما، ولأن الفرق يقل عن يوم كامل، فإنه يجمع كل أربع سنوات ليضاف لشهر فبراير مرة كل 4 سنوات، واعتمد هذا الحل عندما تولى يوليوس قيصر حكم روما، حيث كان الناس يتبعون تقويما عدد ايامه 355 يوما، مع إضافة شهر جديد كل سنتين تبلغ أيامه 22 يوما! وعندما تسبب هذا الترتيب في مشاكل عدة تتعلق بالمواسم الزراعية والأعياد، كما هو حاصل الآن في التقويم القمري، طلب يوليوس من كبير فلكييه تبسيط الأمور، فثبت هؤلاء السنة على أساس 365 يوما مع يوم كامل، هو حاصل تجميع الساعات الضائعة كل أربعة أعوام، يضاف لشهر فبراير. وكان فبراير في الأساس يتكون من 30 يوما، وفي السنة الكبيسة يصبح 31 يوما، ولهذه القاعدة استثناءاتها، فمع أن الكبيسة تأتي كل أربع سنوات، إلا أن السنة التي تقسم على 100، بدون كسور، ولا تقبل القسمة على400 ليست كبيسة، وبالتالي سنة 2000 كانت كبيسة، وكذا 1600، ولكن سنتي 1700 و1900، وغيرهما، لم تكونا كبيسة، وسبب ذلك أن الطول الحقيقي للسنة الشمسية هو 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، ولذا عند وضع التقويم الجريجوري عام 1582، وجدوا أن من الضروري عدم احتساب ثلاثة أيام كل 400 عام.
والطريف أن جميع اشهر العام تتكون إما من 30 وإما من 31 يوما، فلماذا شذ فبراير عنها؟ سبب ذلك يعود للإمبراطور الروماني أغسطس، الذي لاحظ أن الشهر الذي سمي باسم سلفه، يوليوس قيصر، يحتوي على 31 يوما، بينما الشهر الذي اطلق عليه اسمه يتكون من 29 يوما، فقام بكل بساطة بأخذ يومين من شهر فبراير وأضافهما لشهر أغسطس! وهذا سبب وجود شهرين متتاليين بعدد الأيام نفسه.

أحمد الصراف