يتطرق ويتيكر في أحد فصول كتابه القيم للعلاقة «المريضة» بين المواطن والدولة بسبب دكتاتورية وسلطوية غالبية حكومات العرب الذين يتعاملون – غالبا – مع مواطنيهم على أنهم «رعايا»، وما عليهم سوى الطاعة والولاء مقابل ما يحصلون عليه من «خيرات»! وفي فصل آخر يتطرق بريان ويتيكر الى أهم القضايا، التي تواجه المجتمعات العربية، وهي المتعلقة بالسياسة الدينية Politics of God، وكيف اجتاح المد الديني المنطقة برمتها على مدى السنوات الثلاثين الماضية، بسبب «المرض العربي»، بعد أن اصبح المعتقد الديني يمثل لعشرات الملايين منطقة أمان واطمئنان في عالم ممتلئ بالشكوك واليأس. وقال ان اللجوء الى الدين بدأ مع الهزيمة النكراء التي أوقعها الاسرائيليون بالعرب في حرب 1967، ورماهم في أحضانه، وتعزز اللجوء الى الدين بعد الانتصارات التي حققها «المجاهدون الأفغان» على السوفيت الكفار، وما تبع ذلك من نجاح «حزب الله» في اخراج الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان، وبالتالي تولدت قناعة لدى الكثيرين بأن النصر العسكري يمكن تحقيقه بالالهام الديني، وبالتالي أصبح الدين – كما يقول ويتيكر – هوية وانتماء وتضامنا في وجه القوى الخارجية المستبدة! ويقول الكاتب محذرا بأن اعتبار الدين هوية له مخاطر نفسية وسياسية كبيرة، كما أن المد الديني انتج «أنواعاً» جديدة من التدين الأكثر تطرفا في تفسيراته، وهذا جعل تقبل الآخر دينا وثقافة وفنا، أو حتى محادثة شفهية أكثر صعوبة. ويقول ان المساواة في الحقوق والواجبات لا يمكن أن تتحقق بغير الحرية الدينية، وهذا هو العائق الأكبر أمام أي تقدم ايجابي في المجتمعات العربية. كما أن حرية التدين تتطلب حيادية الدولة دينيا، أي فصل الدين عن الدولة، وهذا أمر لا بد منه لأي خطة اصلاح جادة.
كما يتضمن كتاب ويتيكر فصولا عن «الوساطة» والفساد الحكومي والرشى والعمولات غير القانونية، وهو كتاب – كما يبدو – جدير بالاطلاع على الرغم من مرور سنوات على نشره، واصبح اكثر أهمية مع الثورات العربية، التي جرت دولها لبرلمانات أكثر تخلفا وانغلاقا، ولو كان لدى مسؤولينا من يقرأ ويستنتج ويحلل لكان بالامكان الاستفادة من تجربة الأمة الايرانية مع الحكم الديني، ولكنهم يا ولدي لا هم هنا، ولا بالهم هناك.
أحمد الصراف