كما في مسابقات الأكل، عندما يصطف المتسابقون أمام طاولة الطعام، ومع انطلاق صافرة البدء، تتسابق يمنى الواحد منهم مع يسراه لحشر الأكل في الفم، والتهام الطبق في أقصر وقت… كذلك يجب أن تفعل الأغلبية البرلمانية الكويتية مع الإصلاحات المتفق عليها، يجب أن تلتهمها باليمنى واليسرى، وفي أقصر وقت قبل انطلاق صافرة النهاية، وإن توقفت لقمة في البلعوم، فعلى الإعلام أن يتولى مهمة ضرب ظهر الأغلبية كي “تنسَلِت” اللقمة، وتفسح المجال للأخريات.
الحقيقة التي بطعم الحنظل هي أن الأغلبية البرلمانية هشة، وأهش من الهشة، تم تجميعها في مصانع الصين، وبلا كفالة من المصنع، وستتناثر قطعها مع أول ضربة، كما حدث مع “تكتل الكتل” في السنوات الماضية (الفرق بين تكتل الكتل والأغلبية البرلمانية الحالية، أن أعداء الأول هم أعضاؤه أنفسهم، واسألوا أحمد باقر ومخلد العازمي وحسين مزيد والآخرين، أما الأغلبية الحالية فأعضاؤها ما زالوا “تحت التجربة والتمرين”).
ولن أعيد اكتشاف العجلة إذا قلت إنني أشتمّ رائحة جبل الجليد الذي ستصطدم به “سفينة الأغلبية”، وأخشى أن يتكبر القبطان على الجبل ويستهين به، فتحل “كارثة كويتانيك”.
المفارقة أن الأغلبية تزداد متانة كلما تعرضت لهجوم من خصومها، أو كلما أقدمت الأقلية اليتيمة، التي فقدت “معيلها”، على ارتكاب فعل ما، كاستجواب رئيس الحكومة مثلاً. ولا أتفق مع من يقول إن استجواب النائب عاشور (أحد أعضاء الأقلية اليتيمة) لرئيس الحكومة يفتت الأغلبية. تفتيت الأغلبية سيكون عبر “الحرب الأهلية الداخلية” لا “العدوان الخارجي”. ولو كان خصوم الأغلبية البرلمانية دهاة لتركوها تتآكل من الداخل “كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله”، والنار لا تحتاج إلا إلى فتيلة، والفتيلة موجودة عند “كتلة العدالة” التي ترى أن فرض الحجاب على النساء، وتقنين عمليات التجميل، وقضية الاختلاط، ووو، تتساوى مع قوانين العدالة الإدارية وتكافؤ الفرص والمساواة بين الناس.
وأقطع ذراعي من هنا، إذا لم يصبح الحجاب السبب الرئيسي لتشتيت شمل هذه الأغلبية المصنوعة في الصين. وليت كتلة العدالة تتمهل قليلاً إلى أن يتم إقرار الإصلاحات المتفق عليها من الأغلبية، ثم تلتفت إلى الحجاب وعمليات التجميل.
ورغم جدارة عدد من مقترحات كتلة العدالة، فإن بعضها جعل اللصوص وأيتام الفساد الذين يتوقون إلى عودة “المعيل” من جديد، ويفتشون في صفحة الوفيات علّهم يجدون اسم “الأغلبية” كي يشاركوا في دفنها، من باب الواجب… جعلتهم يفركون أيديهم فرحاً في انتظار سماع نشرة الأخبار التي تعلن وفاة الكتلة الصينية.
أكرر، لن تتفتت الأغلبية البرلمانية ولن تموت إلا لسببين اثنين: إما قوانين تكون مثار اختلاف شديد بين أعضائها، كقانون الحشمة، أو استجواب فجائي استعراضي يُقدّم بلا تنسيق! لهذين السببين فقط ستنشب “الحرب الأهلية” ويقتل الأخ أخاه، وتغرق “كويتانيك”.