«اقتلوهم، اقتلوهم جميعا، فالرب سيختار من يذهب الى الجنة، ومن يذهب الى الجحيم!».
(ابوت ارنولد، الحملة الصليبية الرابعة عام 1205، عندما سئل عن كيفية التفريق بين المؤمنين وغيرهم)!
***
احتفلت، بيني وبين نفسي، بمرور نصف قرن على بدء تشكيل عقلي الليبرالي، ولم تزدني السنون الا ثقة بأنني كنت ولا أزال أسير على الطريق الصحيح، وان قلبي يتسع لمحبة الجميع، حتى لأشد المخالفين لآرائي ومعتقداتي. أقول ذلك بمناسبة كل ما يثار عن نية الأغلبية المتشددة في البرلمان طلب تعديل المادة الثانية من الدستور، التي يعتقد البعض بشكلية التعديل، وانه لن يغير الكثير من النظام العام! ولكن بالتمعن في الموضوع بدقة أكثر نجد أن وراء هذه المطالبة والالحاح المستمر عليها منذ عقود نوايا وأهدافا خطيرة، وبالتالي يجب ألا يمر هذا التعديل، ولا يجب السكوت عنه، مع شعورنا بأن المقترح سيرفض لا محالة! كما ليس من الحصافة الاعتقاد بأن القوى المسماة الوطنية أو الليبرالية أو التقدمية في المجلس ستقوم بمعارضته ووقفه، فلهذه القوى – ان وجدت – حساباتها، وطالما هادن بعض المحسوبين عليها التيار الديني، ولم يتردد «التقدميون» منهم، والأكثر يسارية في المجتمع، وفي أكثر من مناسبة، من الجلوس مع أكثر قوى التخلف تشددا، التي تنتمي في أفكارها الى القرون الوسطى، والتضامن معها في سبيل أهداف لا يمكن تحقيقها ليس – فقط – لتضارب مصالح الطرفين المعنيين، بل – ايضا – لاختلاف طريقهم، ولو نظريا.
كما رأينا كيف وافق أكثر وزراء التربية «ليبرالية» في التاريخ السياسي للكويت على قانون منع الاختلاط الجامعي من دون أن يرف له جفن، وبالتالي فان التصدي للمادة الثانية لا يمكن أن يكون الا بجهود «شبابية شعبية»، تعي الخطر المحدق بالحريات وتتحرك لوأد المحاولة في مهدها، مرة والى الأبد. أقول ذلك لأنه ليس بامكاني منفردا فعل شيء غير ابراء ذمتي بالكتابة عن الموضوع والتحذير من خطورته.
أحمد الصراف