كل الحكاية أن الشوط الأول انتهى، وبدّل لاعبو الفريقين أماكنهم… أتحدث عن البرلمان الكويتي.
وللواقفين بعيداً عن الأحداث الكويتية، والمنشغلين بالأحداث السورية واليمنية والمصرية وغيرها، إليكم سأحمل طبقاً صغيراً من المطبخ الكويتي، تلتهمونه وتواصلون شؤون حياتكم.
أكتب إليكم هذه الرسالة، وأنا أقهقه بسبب انفعالات “الفريق الأسود”، فريق الغالبية السابق، وهو يهدد ويتوعد ويحدث الجلبة كي لا نستمتع بسيمفونيات النصر.
تلك أيام، كان فيها اللون الأسود هو الغالب في البرلمان، الذي تحول إلى “مجلس شورى”، يرتدي نوابه البشوت الفارهة ويمتطون السيارات الفارهة ويقبضون الأموال الفارهة، في حين تنهمر من عيون الشعب الدمعات الفارهة. كانت مرحلة فارهة القبح.
كانت الريح تهب من جهة الفساد. كانت قوية في وجه الوطن. وكان الوطن، بعد أن طارت غترته وسقط عقاله، يحتمي خلف جذوع الشجر كلما هاجت الريح.
في تلك الفترة، برز مجموعة من شبان المعارضة الغاضبين يحملون الألوية الحمراء، فأفسحنا لهم الطريق خشية أن يدهسونا، كان هديرهم مخيفاً، كانوا يزمجرون. وكنا قبل بروز هؤلاء الشبان نُعتبر من المعارضة الشرسة المتوحشة، فأضحينا، مقارنةً بهم، معارضة أليفة، ناعمة، لا مخالب لها ولا أنياب، تتمدد على شاطئ الريفيرا، وتتناول آيس كريم الجوز، في حين أن أول ما يلفتك في شبان الألوية الحمراء هو أنيابهم البارزة، وحواجبهم المعكوفة إلى الأعلى، كسن الفيل، كان منظرهم مهيباً.
تقدم الشبان الصفوف، فاصطف خلفهم “نوابهم”، وتوحدت الخطوة على وقع الطبلة العسكرية، وتوحدت الصيحة العسكرية، وبدأوا معركتهم، فكان النصر حليفاً للشبان، والنصر لا يحالف الجبناء.
واستعدنا البرلمان، وأعدناه “برلماناً” بعد أن تحول إلى مجلس شورى، ومنه إلى حديقة تلهو فيها الحكومة وأتباعها. وبدّل اللاعبون أماكنهم، فانتقل “نوابنا” إلى يمين الشاشة، ونواب السواد إلى يسارها، بعد أن فقد فريق السواد لاعبه الرئيسي، وبدأنا تسجيل الأهداف، الهدف تلو الآخر.
ويا لمحاسن “الطُرَف”، لم يكتف الفريق الأسود بتبديل مكانه، بل بدل قناعاته أيضاً، فأصبح، وهو الذي يرفض “التأزيم”، سيد التأزيم.
كل الحكاية، أن الفريق الأسود عندما كان هو المسيطر، نشر السواد والفساد، فجاء الفريق الأبيض الآن، لا ليمحو السواد فحسب، بل ليحاسب من “سوّد” وجه الوطن.