مبارك الدويلة

وتستمر الافتراءات

يبدو ان بعض العلمانيين الليبراليين لم يفق بعد من صدمة نتائج الانتخابات الاخيرة مع مرور اكثر من عشرة ايام عليها والاستعداد لتشكيل الحكومة، والحقيقة لا ألومهم، فالنتائج اظهرت ان ما كانوا ينعتون به المعارضة السياسية من صفات مشينة لم يؤثر في الناس.. وان تهويلهم لاقتحام مجلس الامة لم ينطل على العامة، وان اتهامهم لبعض التيارات السياسية بالارتباط بالخارج وسعيهم لقلب نظام الحكم لم يصدقه الناخب الكويتي، لذلك هم انكشفوا وانفضحوا على حقيقة افكارهم ونواياهم.
اليوم ما زال بعض هؤلاء يشطح في انتقاده لهذه النتائج ومخرجاتها، وآخرها ما ذكره حامي حمى حقوق الانسان عندما رفض مطالبة بعض النواب باحترام مشاعر اخواننا في سوريا ومشاركتهم آلامهم ليس بوقف احتفالات هلا فبراير بل بوقف بثها ع‍لى قناة التلفزيون مباشرة (!!) تعرفون لماذا؟ لانه يراعي مشاعر نظام بشار‍‍! مشكلتكم انكم تريدون الاعتراض على كل ما يتم طرحه من خصومكم السياسيين حتى لو كان انسانيا.. حقوقيا.. اخلاقيا.. المهم تشويهه بكل وسائلكم المتاحة! واقول لكم ان الانتخابات اثبتت ان الناس ملوا من تصنيفاتكم وتشبيهاتكم وافتراءاتكم، ولم يعودوا يصدقونكم، فاكتبوا شيئاً فيه مصلحة للوطن ودافع لتنميته ابرك لكم.
***
«تعديل المادة الثانية»
اعتقد ان اسلمة القوانين اسهل من تعديل المادة الثانية من الدستور، وتحقق الغاية المطلوبة. صحيح ان التعديل صمام امان للمستقبل، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
البعض اعترض على المطالبة بهذا التعديل.. واقول ان هؤلاء النواب عندما كانوا مرشحين وعدوا ناخبيهم بأن يكون التعديل هذا من اولوياتهم، وعلى هذا الاساس تم انتخابهم ــــ على الاقل اكثرهم. وهذه الحقيقة ــــ أن الناس يريدون الشريعة ــــ لا يريد البعض تصديقها، لانها تقض مضجعه وتزعج مزاجه وتعكره!
***
القوى السياسية رفضت المشاركة في الحكومة.. وليتها سكتت عند هذا الحد، بل وضعت فيتو على من تم ترشيحه للمشاركة من المستقلين! الله يعينك يا سمو الرئيس.. رضاء الناس غاية لا تدرك.

سامي النصف

حكومة النزاهة القادمة

أعتقد أن القيادة السياسية قد قرأت بشكل صحيح ودقيق نتائج الانتخابات النيابية التي قامت على معطى مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، لذا عمدت الى دعم قوانين النزاهة والذمة المالية واختيار وزراء دولة اشتهروا بمحاربتهم للفساد، مما يحوجنا لطلب إعطائهم الفرصة كاملة للإصلاح بعيدا عن تأزيمات المنافع والمكاسب الهادفة للتكسب المالي والشخصي غير المشروع.

****

والواجب أن يقابل مجلس الأمة هذا التوجه بتوجه «حقيقي» لمكافحة الفساد عبر إقرار إنشاء لجان قيم تحد من الفساد التشريعي الذي ازكم الأنوف ومعها العمل على الحد من تحويل أداة الاستجواب الى أداة ابتزاز وإفساد واستقصاد للأكفاء والنزهاء من الوزراء وذلك عبر تغيير اللوائح ليعطى مكتب المجلس دورا في النظر في صحة الاستجوابات من الناحية القانونية وعدم كيديتها، ولزوم توجيه الاستجواب للجهة المقصرة لا إرسالها بشكل استقصادي للوزير الخطأ او لرئيس مجلس الوزراء في اعمال هي من مسؤولية الوزراء الآخرين في مخالفة مباشرة لأحكام الدستور وحكم المحكمة الدستورية ورغبات الآباء المؤسسين.

****

ونرجو أن يبقى في الوزارة القادمة وزراء أثبتوا كفاءتهم وقدرتهم وأمانتهم في الوزارة السابقة، فالتغيير ليس مطلوبا لذاته بل كوسيلة لمحاسبة المقصر فقط، والاستقرار الوزاري هو احد اهم اسس التقدم ومحاولة اللحاق بركب الدول المجاورة، كما يجب ان تتوقف توازيا عملية دعم بعض النواب لعمليات الفساد الاداري في الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية عبر دعمهم المعتاد لغير الأكفاء وغير الأمناء من القيادات الإدارية كونهم فقط من قراباتهم أو ابناء دوائرهم أو لتسريبهم اوراق واسرار الوزارات والمؤسسات لهم.

****

ان رغبة الناس في الإصلاح ومحاربة الفساد المالي والإداري يجب أن تترجم الى تغيير جذري وفوري في اعمال وقيادات الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية منعا للتذمر العام القائم والذي احد اهم اسبابه حقيقة ما يلحظه المواطن من ان ما ينجز في ساعة بالدول المجاورة يحتاج الى اسابيع واشهر في الكويت بسبب التشريعات المعقدة والبيروقراطية المسببة للفساد، وعدم قيام الوزراء والوكلاء بالنزول يوميا ولو لنصف ساعة فقط لطوابق واماكن العمل ومقابلة المراجعين وسماع شكاواهم الموجعة التي تنتهي بحالة تذمر واحباط عامة تدفعهم لانتخاب اشد المعارضين للحكومة كرد فعل متوارث على ما تفعله الدوائر الحكومية غير الكفؤة بهم.

****

وقد حضرت قبل مدة قصيرة حفل توزيع جوائز التكنولوجيا وتقنية المعلومات لدول مجلس التعاون والتي حصدت اغلبيتها في القطاعات المختلفة (صحة، تعليم، مرور.. إلخ) وزارات ومؤسسات خليجية قاربت الكمال في اعمالها، لذا نقترح على سمو رئيس مجلس الوزراء ان يطلب من كل وزارة ان يكون هدفها خلال الاربع سنوات القادمة ان تصل الى مستوى مثيلتها في دول الخليج عبر الاتصال والاستفادة المباشرة منها، اي وزارة الصحة تتصل وتقتدي بوزارة الصحة في دبي التي حصدت جائزة التقدم في مجال الصحة، وبالمثل الوزارات والمؤسسات الأخرى، فقد اصبحت انظمة دول الخليج تقارب في كمالها ارقى وافضل الانظمة في العالم، لذا لا حاجة لأن نذهب شرقا الى سنغافورة او غربا الى بريطانيا واميركا للبحث عن المساعدة بأعلى الأثمان، فالأشقاء في الخليج لن يضنوا أو يبخلوا علينا إذا ما تواضعنا قليلا وطلبنا منهم ما نريد كما طلبوا منا سابقا المساعدة والدعم.

****

آخر محطة: أقترح على سمو رئيس مجلس الوزراء ان يرسل «كشافين» للوزارات والمؤسسات المختلفة ليقدموا له تقارير مختصرة مباشرة ودقيقة عن حسن او سوء اداء القائمين عليها كي يتم اما شكرهم وتثبيتهم او لومهم وإقالتهم.

احمد الصراف

كيف يعيش فقراؤنا؟

تقول طبيبة عراقية في رسالة مؤثرة لصديق، إنها بكت كثيرا، وهي تشاهد موت يتيمة معاقة عقليا من نزلاء دار أيتام، نتيجة سوء تغذية وفقر دم في محيط مملوء بالثراء المادي والغذائي، وفي دار لا تبعد كثيرا عن جامع معروف يصلي فيه الآلاف أسبوعيا، ومن بينهم أعضاء في مجلس النواب، وكثير من أغنياء العراق، وتقول إنه ليس غريبا ان يموت فقراء العرب من الجوع والفقر، فذلك جزء من ارث امة حكمها، بعد الراشدين، أكثر من مائة «حاكم» من أمويين وعباسيين وغيرهم وصولا إلى العثمانيين، الذين انتهت بهم، بعد ان استمر عهد كل هؤلاء لأكثر من 1250 عاما، لم نقرأ أو نسمع فيها عن واحد أقام العدل وأنصف الفقراء، ربما غير عمر بن عبدالعزيز، وحتى هذا لم يدم حكمه طويلا! وعندما اقتحم هولاكو بغداد المعتصم وجد في قصوره غرفا مملوءة بالمجوهرات، وعددا لا يحصى من الجواري والغلمان، وأن هذا «الخليفة» لم يصرف شيئا من أمواله على تسليح واطعام جيشه والفقراء! وتقول الطبيبة العراقية إننا لو نظرنا إلى واقع وحال كثير من الأماكن الدينية، الأكثر تقديرا واحتراما، وخاصة في الدول الاسلامية لوجدنا أن غالبيتها يحيط بها حزام فقر واضح. كما نجد أن أي جهة تقدم العون لهؤلاء تحصر عونها في أتباع مذهبها أو دينها، وهذا عكس ما يحدث مثلا في كنائس الغرب، ومعابد جنوب شرق آسيا مثلا، التي يسمح للجميع بدخولها والانتفاع من خدماتها من دون تمييز او تفرقة! وقد ذكرني كلام هذه الطبيبة، بقصة ذلك البحريني الذي قبض عليه في الكويت قبل فترة «متلبسا» بجريمة الصلاة في مسجد غير مسجد أتباع مذهبه، وكيف ضرب الرجل من قبل المصلين، وكيف رحل خلال ساعات الى الخارج!
ولو عصرنا فكرنا لما وجدنا جامعا أو كنيسة في بلداننا عرف عنها توزيع المعونات للفقراء، من دون التدقيق المسبق بدين طالبي العون ومذهبهم، وهذا أيضا عكس ما نشاهده في أماكن كثيرة أخرى، وربما يكون الاستثناء الوحيد هو مآدب رمضان، التي لا يسأل فيها عادة عن ديانة من يرتادها، ولو أنني أشك في أن غير المسلمين لديهم الجرأة على الاقتراب منها. كما لو بحثنا لما وجدنا أي مستشفى خاص في كل الدول العربية يرضى بتقديم العلاج للمضطر والمحتاج، علما، ان عددا كبيرا منها مملوك لمؤسسات خيرية ومالية اسلامية معروفة، وهذا طبعا يتناقض تماما مع ما يصرف على تمويل ومساندة الارهاب، والذي يكفي نصفه لتحسين دخل ملايين المسلمين وتغيير معيشتهم الى الأفضل.
وتنكر الطبيبة وجود ثري عربي واحد، وما أكثرهم، تبرع أو أوصى بالتبرع بغالبية أمواله لخير البشرية، مثل «الكافر» بيل غيتس، أو أن أحداً من اثريائنا أو مشاهيرنا أنفق على الخير والتعليم مثل ما فعلت اوبرا وينفري، وعشرات غيرها من فنانين ورجال أعمال. وبالرغم من أن خطباء مساجدنا بارعون في وصف زهد السلف الصالح والأئمة وكرمهم، فاننا نجد أنهم يعيشون عيشة ترف متناهية، كما ظهر من مقابلات تلفزيونية أجريت مع بعضهم، عندما زارت الكاميرات بيوتهم، وبينت بذخ معيشتهم!

أحمد الصراف

سامي النصف

عجائب الكويت

لا أقول أعجب بل أصعق عندما ارى المستوى المتدني في طرح بعض الدكاترة الكويتيين، وسأعطي مثالين شاهدت لقاءيهما على الفضائيات ومواقع اليوتيوب، وتساءلت بحق ان كانا يعلمان بجهلهما فتلك مصيبة، وان كانا لا يعلمان ومن ثم تصدق آذانهما ما تقوله ألسنتهما فتلك كارثة ما بعدها كارثة، فماذا ابقى امثال هؤلاء للجهال والاميين؟!

*****

دكتور يرفع حاجبيه وينزلهما ليقنعنا بأن بلداننا الخليجية، ونحن جميعا كشعوب ضمنها، لا تملك السيادة على قرارها السيادي، مما يعد مشروعا تحريضيا وتأجيجيا وشتما مباشرا لنا جميعا، بينما يعلم حتى الطفل الصغير بكذب هذا الادعاء، بدلالة التباين الكبير في سياسات الدول الخليجية نحو دول مؤثرة في المنطقة مثل اسرائيل وايران وسورية والعراق، ولو كانت الولايات المتحدة تفرض سياستها كما ادعى لكانت سياسة دولنا واحدة كحال جمهوريات الموز في اميركا اللاتينية!

*****

وقد اثبتنا الكذب الشديد لمقولات ذلك الدكتور الذي يتبع مقولة المعلم الكبير غوبلز الالماني القائل: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ولا تنس ان تطعم اكاذيبك بأسماء وارقام ودراسات وهمية لا وجود لها لزوم التغرير بالسذج والتحريض والتخريب والتدمير، ومن ذلك ادعاءات اختفاء الدول الخليجية عام 2000 لصالح العراق والسعودية واليمن، والتي نسبت للباحث د.انتوني كودزمان الذي التقيته وكذّب تماما انه قال بذلك الامر فتمت اعادة الكذبة بشكل آخر حيث نسبت الى باحث وهمي نتحدى وجوده، اسمه «ارون كاتز» وقيل انه تنبأ باختفاء الدول الخليجية ـ مرة ثانية ـ عام 2025 لصالح عمان والسعودية والعراق، ومرة اخرى نتحدى القائل بأن يظهر مثل تلك الدراسة الكاذبة والوهمية خاصة انه ادعى قولها في عام 1992 ومعروف أنه لا يوجد باحث اميركي محترم يقدم نبوءات لأحداث ستقع بعد 33 عاما (1992 ـ 2025) اي بعد موته وموت اغلب المستمعين على طريقة اضحوكة الخليفة وجحا والحمار والتي تعهد فيها جحا بتعليم الحمار القراءة والكتابة وحصوله على شهادة الدكتوراه خلال عشرة اعوام وهو يعلم انها ستنتهي قطعا بموت احدهم، فما بالك بـ 33 عاما؟!

*****

وآخر الدعاوى الزائفة والمحرضة لذلك الدكتور ان امارة دبي تحولت الى مشروع استيطاني اوروبي واميركي، مستشهدا بما نراه من سائحين اوروبيين واميركيين وروس وغيرهم، ومعروف ان هؤلاء «السائحين» لا المستوطنين موجودون بشكل اكبر في اسبانيا وفرنسا واميركا وماليزيا والمغرب وشرم الشيخ ..الخ، دون ان يدعي احد انهم مشاريع استيطان واحتلال وقد استطرد «الدكتور» قائلا ضمن عاصفة الادعاءات المحرضة وغير الدقيقة ان سنغافورة قد اقتطعت قسرا من ماليزيا بواسطة بريطانيا، والحقيقة الجلية تظهر ان تانكو عبدالرحمن رئيس وزراء ماليزيا آنذاك قد «طرد» سنغافورة عام 1965 من الاتحاد الماليزي، وزاد الطين بلة اغلاق بريطانيا لقاعدتها العسكرية فيها، مما ادى الى بطالة فورية لـ 50 ألف سنغافوري، كما جاوز الدكتور الحقيقة عندما ادعى ان رئيس وزراء سنغافورة العبقري لي كوان قال ان بلده حصل على استقلاله بسبب غباء المسلمين، وكتاب مذكرات كوان «من العالم الثالث الى الاول» أمامي ولا يوجد به حتى تلميح لمثل ذلك القول الكاذب.

ويزيد الطين بلة قول الدكتور الكويتي للسذج من المستمعين ان لي كوان كان زميل دراسة له، وما لم يقله الدكتور ان لي كوان تخرج في الجامعة عام 1949 عندما كان عمر الدكتور الكويتي المعجزة 4 سنوات وانخرط في العمل السياسي ولم يعاود الدراسة قط كما أتى في سيرة حياته الموجودة في الكتب وعلى الإنترنت.

في الختام مستعد كنوع من التحدي ولإثبات من منا الصادق ومن منا غير ذلك، ان نستضاف على برنامج تلفزيوني ثم يتم الاتصال على الهواء بـ «أنتوني كودزمان» او «ارون كاتز» (ان وجد بالطبع) لنسألهما ان كانا تنبآ او قالا باختفاء الكويت ودولنا الخليجية عام 2000 او عام 2025، وليعتذر بعد ذلك الكاذب الى الصادق ويختفي من الحياة العامة والكتابة والاعلام للابد. ان الخوف الحقيقي لم يعد في المستقبل المنظور على الدول الخليجية والعربية الصغيرة كحال الكويت، الخوف كل الخوف هو على الدول الكبيرة التي نرى بالعين المجردة تفتتها وتشتتها.

آخر محطة:

(1) في ظل عمليات التأجيج والتحريض واشعال النيران وضرب الوحدة الوطنية التي تنفرد بها ديموقراطيتنا وتخلق لنا حالات ردود فعل يشتكي منها من خلقها، ظهر على احدى الفضائيات الكويتية قبل ايام، والنفوس مؤججة، «دكتور» كويتي آخر قائلا او صارخا بأن ابناء الدوائر الثلاث الاولى هم «السادة» ضمن النظام العنصري الذي نعيشه (!) وابناء الدائرتين الرابعة والخامسة هم: «العبيد» (الا انهم والله سادة واحرار رغم انف جهله)، وكل ذلك بسبب التباين البسيط في اعداد الناخبين الموجود اكثر منه بآلاف المرات في «جميع» الديموقراطيات الاخرى دون استثناء. ان يطالب احد بتعديل الدوائر أمر مقبول اما ان يحاول حرق الوطن وضرب الوحدة الوطنية والاساءة للآخرين فهو امر مرفوض.. مرفوض بالمطلق ويوجب الاعتذار إلى من تمت الاساءة لهم من ابناء الدوائر المعنية واتهامهم باكذوبة الاسياد والعبيد.

(2) الدوائر الثلاث التي اتهم الدكتور الجاهل ابناءها بالعنصرية هي التي تنجح كل ألوان الطيف الكويتي وتمنح مراكزها الاولى لنواب افاضل امثال جمعان الحربش وفيصل المسلم، ومعيب والله شتم اهل الكويت والتحريض عليهم دون ردود او محاسبة.

(3) لمعلومة الدكتور المحرض، في اعرق الديموقراطيات ونعني بريطانيا يفوز نائب في منطقة بثلاثة آلاف صوت ونائب آخر بثلاثمائة الف صوت، وفي اميركا تمثل منطقة او ولاية الاسكا (400 الف نسمة) بنائبين بمجلس الشيوخ، وكاليفورنيا (40 مليون نسمة) بنائبين، وهو امر مطابق لما يحدث في الاردن ولبنان وحتى مصر التي تظهر نتائج انتخاباتها الاخيرة التي قامت على التقسيم الجديد للدوائر فروقات في اعداد الناخبين تصل الى الملايين دون ان يدعي الاميركان والانجليز واللبنانيون والاردنيون والمصريون انهم منقسمون الى اسياد وعبيد!

حسن العيسى

صفقة فاوست في ياخور كبد

بيت الشعر في ياخور كبد لن يقدم تنمية ولن يقدم إصلاحاً حقيقياً في السياسة والاقتصاد والوحدة الوطنية، ياخور كبد سيفرض الدولة الدينية المستبدة عندما وضع السياسيون العمم الدينية على رؤوسهم، ونجحوا بامتياز في كسب قلب الشارع الكويتي الغارق بنهم الاستهلاك والسابح في ثقافة سطحية خاوية من أي معنى، بيت الشعر في كبد سينسف خمسين عاماً من العمل من أجل الدولة المدنية بمؤسساتها وقوانينها المختلفة رغم ما أصاب الأخيرة من ثقوب عميقة في مسائل الحريات الشخصية، والمساءلة السياسية تمت كلها بفضل تحالف الأمس بين أهل اللحى وأهل السلطة، واليوم نعود في الكويت حالها من حال دول الربيع السلفي العربية حين تهرب من الدكتاتوريات الحاكمة لتحشر في فخ الدولة الدينية التي يقودها كهنة القرن الواحد والعشرين، ليقع طلاب الحرية والثقافة الإنسانية بين مطرقة النظام وسندان الدولة الاستبدادية الدينية، وهي دولة تطيح بالنقاء الروحي للدين جانباً لتفرض رؤى الجماعات الدينية المنغلقة على ذاتها والرافضة للفكرين الحضاري والعلمي، ففشلت في استيعاب سنن التطور، وصعقت بصدمة الحداثة فارتدت على أعقابها تنشد الأمان في يقينيات الموروث التاريخي، فهي عجزت عن فهم الحاضر فانتكست للماضي وأعلنت الحرب على المستقبل. لم تكن هناك حاجة ليوافق التكتل الشعبي على صفقة الياخور بالبصم على تعديل المادة الثانية من الدستور مقابل ضمان صوت تحالف الياخور الإسلامي بالتصويت للنائب أحمد السعدون للرئاسة، فللأخير مكانته العالية سواء كان على كرسي الرئاسة أو على مقاعد النواب، وإذا كان هناك من يلتمس للتكتل الشعبي عذره بقبول الصفقة بسبب ضغط الشارع المحافظ في مناطقه الانتخابية إلا أن الطريقة المتعجلة في تمرير مثل صفقة البؤس هذه تذهب بكل عذر للتكتل الشعبي، فحزب الياخور يعقد صفقته مع الشعبي ويتغدى معه اليوم وبالغد سيتعشى به. كأن مأساة  فاوست في الأسطورة الألمانية تتشكل من جديد في السياسة الكويتية، إلا أن فاوست غوته في صفقته مع الشيطان كان يبحث عن العقل الرافض للمطلق المستبد فباع باقي عمره مقابل نعم ولذائذ وقتية عابرة، بينما صفقة الياخور ستسحق العقل وكل معاني العقلانية وحقوق الإنسان، وستؤجج الصراعات المذهبية، في الوقت الذي نكاد نختنق فيه من عفنها. كل هذا يتم باسم الدين، والدين منه بريء، ولن يكسب اليوم من مبايعات الكرب غير تجار العواطف الدينية والمرتزقة المستثمرين في تجارتهم حين يرتدون ثوب المحتسبة ويهرولون إلى النيابة العامة ضد أصحاب الفكر والقلم بشكاوى الحسبة شكلها يدافع عن العقيدة وباطنها يقيم أسس محاكم التفتيش المرعبة كما كانت في قرون أوروبا المظلمة، التي يعاد إنتاجها اليوم في شرقنا العربي. ويا خسارتنا في الشعبي بصفقات الجواخير.

احمد الصراف

التراجع إلى الخلف

«في يوم كان لمصر «صفيتها» التي غطت «سعدها»، ولكن من تكون «صفية» الكويت، بعد أن جعلتها قوى الظلام عارية بلا غطاء عقلي أو فكري؟».. نص مقتبس للزميل صالح الشايجي!
يمكن القول، على ضوء التركيبة الجديدة للمجلس التشريعي، ان ليس أمام الكويت غير التراجع تنمويا واقتصاديا وفي مجال حقوق الإنسان، وان قاومت الحكومة فسنبقى، في احسن الأحوال، في مكاننا، والجمود شقيق التخلف في عالم سريع ودائم التحرك، وبالتالي على برنامج التنمية والتخطيط المستقبلي الانتظار، فقد دخلت البلاد نفق الصرف النقدي على «رفاهية» المواطن وتوزيع الهبات وزيادة الرواتب. فجناحا المجلس، أو «غالبيتاه» لا تؤمنان لا بالدولة ولا بالمواطنة، فالأغلبية الأولى ستبقى ما بقي الماء والكلأ، فإن جف الضرع ونشف الزرع وتبخر الماء تبخرت معه! أما الغالبية الثانية فعقيدتها لا تقرّ أصلا بوجود وطن ولا بحدود سياسية بين الدول الإسلامية، بالمعنى الحضاري المعروف، وكما قال أحد مرشدي جماعة الإخوان في مصر انه يفضل رئيسا مسلما لمصر، ولو كان من ماليزيا، على قبطي، ولو كان مصريا! وهنا يرى البعض أن الحل هو في تعطيل الحياة البرلمانية ووقف العمل بالدستور، ومن ثم تفرغ الحكومة كليا لتنفيذ الحيوي من المشاريع ووضع البلاد على سكة التقدم ومن ثم العودة، بعد سنتين أو ثلاث، لانتخابات جديدة، في ظروف أكثر ملاءمة، بحيث تفرز صناديق الانتخاب نوعية أفضل من النواب! وهذا كلام لا خير فيه، فلو نظرنا للفترات التي عطلت فيها السلطة الحياة النيابية وخلا لها الجو لما وجدنا انها أنجزت شيئا خلالها، لا بل وكانت فترات تزايدت فيها السرقات بشكل كبير، ولم يمنعها شيء، لا حينها ولا الآن، من تنفيذ أي مشروع حيوي! وما شهدته البلاد، في نصف القرن الماضي، من فترات نهضة قصيرة كان الاستثناء وليس القاعدة، كما أن المناهج الدراسية المتخلفة، وهي أس البلاء، لم يقرها أي مجلس أمة، وكانت ولا تزال من صميم واجبات أي حكومة، كما أن تأخير تنفيذ جسر الصبية (جابر)، لأكثر من 15 عاما لم يكن بفعل نائب أو لجنة نيابية، بل بتقاعس وتردد حكومي واضحين. وعليه فإن الحل يكمن في إبقاء الوضع النيابي على ما هو عليه، والعمل بجدية على تنفيذ المشاريع الكبرى الحيوية، وإقرار عشرات مشاريع القوانين المعلقة منذ سنوات، وتطبيق القانون على الجميع والتمسك بالدستور. ولو حدث ذلك لما رأت المعارضة ما تلوم الحكومة عليه، وهذا إسكات لها ولنار فتنة مقبلة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

كوكتيل كويتي سعودي

عندما أقر قانون منح المرأة الحق في الترشح والانتخاب، وقف فهد الخنة، النائب وقتها، من الحركة السلفية، وألقى كلمة ابدى فيها شديد حزنه من النتيجة، ووصف الحدث بالمكروه، لمخالفته الشرع والدين، وقال إنه مكروه لا يحمد غير ربه عليه! إلى هنا لا نعتقد أنه تجاوز حقه، ولكن السيد الخنة السلفي المتشدد، عاد وبعد سنوات قليلة، و«الحي يقلب»، ورشح نفسه للانتخابات الأخيرة، التي لم يوفق فيها، واثناء حملته الانتخابية لم يتردد في التودد للمرأة وطلب رضاها ودعمها ووقوفها «إلى جانبه»، متناسيا كيف أن إعطاءها حقها الأمس كان مكروها، كالموت، وكيف حارب بشراسة معترضا على حصولها على ذلك الحق، ليأتي بعدها وينشر إعلانا في غالبية الصحف، يعتذر فيه لناخبيه من رجال ونساء، عدم قدرته على زيارتهن وزيارتهم شخصيا لتقديم الشكر، بسبب ضيق الوقت!
لسنا في معرض التهجم على السيد الخنة أو غيره هنا، بل لنبين مدى «مكيافيلية» السياسيين، وفي أي منطقة كانوا، ولأي مذهب انتموا، وأي لبوس ديني تلبسوا، في أشكالهم وهيئاتهم وتصرفاتهم ومعتقداتهم، فهذا لا يمكن أن يجعلهم مختلفين عن غيرهم، أو أكثر نزاهة وصدقية منهم، ولا أدري كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بهذا التلون! وما الفرق بينهم وبين الليبراليين والعلمانيين، الذين لم يجعلوا صفة سيئة إلا وألصقوها بهم؟ إن تقلب هؤلاء وتلونهم ليسا إلا دليلا آخر على أن الحكم السياسي الديني، الذي ساد أخيراً في عدد من الدول العربية سينكشف حتما، وسيظهر عجز «قادته» قريبا، وسلف الكويت وإخوانها ليسوا باستثناء، ولا أفضل أو اذكى من غيرهم، فليس أمام هؤلاء سوى التركيز على القشور وتوافه الأمور، وربما يحاول بعضهم الدفع باتجاه تغيير المادة الثانية من الدستور، وان حدث ذلك فستكون تلك نهايتهم.
وفي جانب آخر ورد في موقع العربية نت قبل أيام قليلة، أن الداعية السعودي عبدالعزيز الطريفي أصدر فتوى بجواز استخدام بطاقات الائتمان المسروقة، إن كانت صادرة من بنوك إسرائيلية، لأنها، وفق رأيه ان صح ذلك، ليس لها عصمة كبنوك المسلمين، وأن من يسرق تلك البطاقات له حق استخدامها، فهذا حلال. وقال إنه الحق يسري على اموال الدول والأفراد الذين لا توجد عهود ولا مواثيق بينهم وبين دول الإسلام، فهذه الدول ليست دولاً مسالمة، وعندئذ يكون مالها من جهة الأصل مباحاً، وبالتالي لا حرج على الإنسان في استخدام البطاقات المسروقة من إسرائيل.
وكالعادة، لم تقم اي جهة دينية عليا برفض فتوى هذا الداعية، أو التنصل منها، لأنها، وبكل بساطة ووضوح، صحيحة شرعا!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نتمنى على السعدون

أعلنت الحركة الدستورية الاسلامية تأييدها للنائب احمد السعدون في سباق رئاسة مجلس الامة، واختيار السعدون جاء بالاجماع، وبعد نقاش لم يدم طويلا، حيث إن المنافسين له النائب محمد الصقر، والنائب علي الراشد، من توجهات لا تتناسب وتوجهات الحركة الدستورية، غير ان هذا لا يعني ان النائب السعدون هو الخيار الامثل! فبو عبد العزيز بشر.. ومملوء بالمثالب، كأي مرشح آخر، خاصة اننا جربناه في اكثر من دورة، لكنها مثالب تحتمل ويمكن تغييرها الى مناقب ان اراد، واتمنى من الاخ بو عبد العزيز ان يراعي الملاحظات التالية، ان كان يريد لمؤيديه ألا يندموا على اختيارهم له:
• الرئيس يجب ان يكون جسراً آمنا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
• الرئيس يجب ان يمسك العصا من المنتصف.. فلا يميل مع الحكومة في تحقيق اهدافها التي تتنافى مع توجهات مجلس الامة.. ولا يتعاطف ويتفاعل مع قضايا المجلس التي تعترض عليها الحكومة، ولها في اعتراضها وجهة نظر صائبة! وهنا مربط الفرس!
• الرئيس السعدون، إن جاء رئيسا، فسيكون رئيسا برغبة النواب، وليس برغبة الحكومة، وعليه فلا يجوز ان يكون هذا الوضع دافعا له للميل مع كفة على حساب كفة اخرى من باب «كلٌّ يذكر ما واجه»!
• ستكون هناك محاولات تخريب للجلسة من نواب لم تعجبهم نتائج الانتخابات ولا افرازاتها، بل ان بعض النواب تم انتخابه للانتقام وتخريب الجلسة! لذلك على الرئيس التعامل بحكمة لا ينقصها حزم مع هذه النوعيات التي سيكتشف الناس انهم «خالي وفاض»، وليس لديهم الا التهريج او السب، هذا هو برنامج تنميتهم!
• في المقابل.. يعلق كثير ممن سيصوت للسعدون بالرئاسة ان يكون وجوده على الكرسي في المنصة سببا في تخفيف الاحتقان والتأزيم الذي يتبناه بعض النواب، وعليه ستكون مسؤوليته كرئيس صعبة في هذا المجال.. حيث إن بعض المتهمين بالصوت بالعالي من كتلة العمل الشعبي، فهل يتجرد من شعوره بالتبعية لهذه الكتلة؟!
• أخيراً.. يفترض بالرئيس ان وجد حكومة بنهج جديد وروح جديدة ان يشجعها في توجهها، وألا يكسر مجاديفها في تجربة هي الاولى من نوعها في الكويت.
****
• كتب الزميل (صاحب سمية) في مقالته بالامس في جريدة الوطن خبراً من اخباره الحصرية التي كثيرا ما يثبت انها «خرطي» يقول فيه انني اتصلت بعصام العريان، وطلبت منه عدم تزكية او قبول السيد احمد قوره في حزب التنمية، وانه رد عليّ ان الاخير عرض عليهم عشرين مليون جنيه! وأؤكد ان الخبر غير صحيح جملة وتفصيلا.. وانه كذب وافتراء من افتراءات المذكور الكثيرة..
وبالمناسبة نبارك مقدما للنائب احمد السعدون رئاسة المجلس، ونزف هذه البشرى لصاحبنا إياه!

حسن العيسى

نواب النكاية وصكوك الوطنية

الذين تجمعوا في ساحة الإرادة وخطبوا وهتفوا ضد حكومة الشيخ ناصر المحمد وأدانوا الإيداعات المليونية لحسابات بعض النواب أو “رشوتهم” من مصدر “غير مجهول”، هم الذين فازوا بالانتخابات أو على الأقل نجح الكثير منهم من دون تسمية. أما نواب العمل الوطني، فقد كانوا “متخاذلين” في مواقفهم من الحكومة السابقة، ولم يكونوا حاسمين في إدانتها، وتم عقابهم من الشعب وحرموا من كراسي النيابة! مثل هذا التفسير أو التصور يتبناه الكثيرون، وفيه بعض الصدق وليس كل الصدق، فمثل هذا الفكر يختزل المواقف الوطنية في تجمعات ساحة الإرادة وينفي ضمناً كل المواقف الوطنية الأخرى في الرقابة على السلطة التنفيذية ومحاسبتها.  القول بوطنية عدد من رموز ساحة الإرادة مثل مسلم البراك وأحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري مسألة لا يختلف فيها الكثيرون، لكن إطلاق وتعميم مثل هذه الرؤية لا يمكن قبوله، فلا ينتقص من وطنية صالح الملا أو أسيل العوضي على سبيل المثال ان لم يتواجدا في اعتصامات ساحة الإرادة في كل الأحوال، ولا تضفي تجمعات الساحة الوطنية على غيرهم، فما أكثر أمراء المزايدات الشعبية الذين كانوا في تجمعات ساحة الإرادة، وما أكثر الراغبين في التألق السياسي وتمهيد الطريق للمجلس أيضا ممن كانوا في تجمعات الإرادة، بينما عمل نواب العمل الوطني بصمت في كشف أصل وحقيقة الإيداعات المليونية، واقترحوا تشكيل لجنة للتحقيق فيها، وكان يمكن (مجرد احتمال) أن ينتهي عمل اللجنة بالكشف عن “المصدر المجهول” لتلك الإيداعات، وعندها يمكن تبرئة أو إدانة أيٍّ من المشتبه فيهم، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن. لم تكن “القضية الوطنية” هي معيار النجاح أو السقوط في الانتخابات، بل كانت وستظل “الشعبوية” هي المعيار الفاصل في نتائج المعارك الانتخابية، وبمثل ذلك الوعي القاصر وصل إلى المجلس نواب لا يمكن وصفهم بغير كونهم نواب النكاية، بمعنى أنه تم انتخابهم من باب “ليس حباً في علي بل كرهاً في معاوية”، فنجح بعض من هم أبعد الناس عن الوطنيات والحرص على المال العام، بينما لم يوفق المخلصون والأمناء.  انتهت الانتخابات بفرز عنصري وطائفي حاد، وإن لم تكن جديدة على المجتمع الكويتي هيمنة الروح العنصرية والطائفية، إلا أن هذه المرة وبفعل الظروف المحيطة بالدولة وغياب الرؤية التاريخي عند أصحاب القرار، مع ما صاحبه من نزق بعض الطامحين في الحكم من أبناء الأسرة الحاكمة أصبح الاستقطاب العنصري (حضراً وأبناء قبائل) والطائفي (شيعة وسنة) من سمات المجتمع الكويتي اليوم، وهنا الخطر الكبير الذي يهدد وجود الدولة. فلننتبه ولنقل إننا لسنا بحاجة إلى غزو صدامي آخر كي نشعر بوحدة الهوية الوطنية.

احمد الصراف

وماذا بعد صدور الحكم؟

قبل 5 سنوات تقريبا قام محاسب مصري يعمل في جمعية إعانة المرضى، التابعة سياسيا وتنظيميا لحزب ديني، بسلب 14 مليون دولار تقريبا من الحساب المصري للجمعية «الخيرية»، ولم يكتشف مجلس إدارة الجمعية عملية الاختلاس إلا بعد أن اكتفى المحاسب بما سلب، وهرب لوطنه! ثارت الفضيحة ولكن أحدا من مسؤولي الجمعية لم يشعر بأي تأنيب ضمير أو تقصير، ولم يصدر عن الجمعية اي بيان اعتذار، وكل ما قالته انها سوف تلاحق المختلس وتعيده ليحاكم، ولم يتحقق ذلك بالطبع! كما لم تستطع وزارة الشؤون، التي نكن لوكيلها ولمدير ومراقب الجمعيات فيها كل احترام، فعل شيء حتى الآن، ربما لأن ما سرق من مال «لا صاحب له»! أو ربما لأن أموال الجمعية من الضخامة بحيث لم يشكل المبلغ المختلس ما يستحق الزعل عليه. والغريب أن مجلس إدارة الجمعية لم يكتف بالبقاء، وكأن شيئا لم يكن، ولم يستح من فشله في الوفاء بوعده بإعادة الجاني، بل قام برفع دعوى مدنية ضد البنك الذي كان يتعامل معه، و63 موظفا فيه، مطالبا إياهم بما اختلسه محاسبهم! ولم يصعب على محامي البنك بالطبع تفنيد دعواهم، واقناع المحكمة برفض القضية لانقطاع علاقة السببية بين الخطأ المنسوب إلى البنك وبين الضرر الذي أصاب الجمعية المدعية، كما دفع الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، إضافة إلى الدفع بعدم أحقية المدعية بمطالبة المدعى عليهم بالتعويض. وتضمن الحكم ما يفيد بمسؤولية إدارة الجمعية عن حادثة السرقة، لما أعطته للمحاسب من صلاحيات، ودفاتر شيكات، وحق إجراء التحويلات الخاصة بحسابات الجمعية، وهو ما ثبت من اقوال «إدارة الخبراء»، وبالتالي لم يثبت وجود تواطؤ بين موظفي البنك وبين المتهم الهارب. كما أن البنك كان يقوم بإرسال كشوف الحساب للجمعية شهرياً، وكان يفترض بمجلس إدارة الجمعية معرفة حقيقة ارصدتهم ولو مرة في السنة، ولو تم ذلك لاكتشفت الاختلاسات في مرحلة مبكرة، وليس بعد أربع سنوات!
وواضح من حيثيات الحكم أيضا أن المحكمة حملت مجلس إدارة الجمعية المسؤولية، فكيف يمكن تصديق أن محاسبا يستطيع، على مدى 1500 يوم، اختلاس ما يقارب 14 مليون دولار من دون أن ينكشف أمره؟ وما الذي دفع المحاسب لأن يأخذ «راحته» ويسرق ما يريد على مدى 4 سنوات، غير قناعته بضعف قدرات مجلس إدارة الجمعية، وعجزه عن معرفة ما يحدث فيها، لكي لا نقول بتواطئه مع المتهم؟!
وهنا، وبعد صدور هذا الحكم ليس أمام أعضاء مجلس إدارة الجمعية غير التحلي بالمسؤولية والاستقالة من مناصبهم، بعد ثبوت تقصيرهم، ماديا وادبيا، وتسبب إهمالهم في خسارة الجمعية لمبلغ كبير. وان ترددوا في ذلك فما على وزارة الشؤون غير إجبارهم على الاستقالة مستندة إلى حيثيات حكم المحكمة الأخير!

أحمد الصراف