علي محمود خاجه

هل ترغب؟

هل ترغب في أن تعيش ومن حولك في بلد يحترم فيه الجميع بعضهم بعضا؟
هل ترغب في أن يمنح المنصب لكل صاحب كفاءة دون النظر إلى أفكاره وآرائه ومعتقداته؟
هل ترغب في أن تذهب حيثما تشاء في وطنك دون أن يفرض البعض عليك سلوكهم وأهواءهم؟
هل ترغب في أن تعتنق ما تشاء من أفكار دون أن يزدريك البعض أو يحقرك أو يشتمك؟
هل ترغب في أن يعاقب كل من يمتهن كرامتك أو ينتقص من شأنك لمجرد أنك مختلف عنه؟
هل ترغب في ألا تكون فكرة المذهب أو الأصل معياراً للوصول في وطنك؟
هل ترغب في أن يكون في بلدك نصوص واضحة تطبق على الجميع دون تأويل أو تفسير؟
هل ترغب في أن تترشح للانتخابات دون أن يتفوه أحمق بعدم جواز التصويت لك لأنك لا تتبع عقيدته؟
هل ترغب في أن تناقش القضية أي قضية دون أن تتوجس من أن هناك من سيحكم على رأيك بناء على اسمك؟
هل ترغب في أن تذهب إلى مسجد أو حسينية أو معبد أو لا تذهب إلى أي دار عبادة أصلا ولا يتم تقييمك على هذا الأساس؟
هل ترغب في أن تدين جرائم البحرين كما تدين جرائم سورية دون الحاجة إلى معرفة من الضحية بالجرائم؟ وما أفكارهم أو عقائدهم؟
هل ترغب في الوقوف أمام هذيان أسامة المناور وتدافع عن حقوق المسيحيين من أهل الكويت دون أن تُكفَّر أو توصف بأنك عدو الإسلام والمسلمين؟
هل ترغب في أن يُعامل الإنسان كإنسان فقط دون أن تكون أسيراً لقيود يفرضها الإقصائيون؟
هل ترغب في أن نعيش عيشة الآباء في الكويت، حيث لا همّ لهم سوى العمل وبناء الوطن، ولا أواصر بينهم سوى المحبة والتراحم مهما اختلفوا؟
أعتقد أن الإيجاب هو الإجابة السائدة عن جميع تساؤلاتي أعلاه، ولأنها هي السائدة فأود أن أخطركم يا من ترغبون في ما سبق بأنكم جميعا علمانيون.
لا تتراجعوا ولا تعيدوا قراءة الأسئلة للبحث عن مخرج، فالعلمانية ليست شتيمة كما صورها لكم البعض، بل هي منهج راقٍ يتسامى فوق الاختلاف من أجل الوصول إلى دولة مدنية حضارية بعيدة عن سجن التاريخ وخلافاته.
أنا لم آتِ بجديد، بل قدمت لكم الفكرة بشكل واضح، والفكرة أساسا مطبقة في الكويت لولا التطرف الذي نعيشه اليوم، فعودوا إلى رشدكم وأعلنوها صراحة بأن العلمانية هي الحل لا التمترس خلف المذهب.

خارج نطاق التغطية:
رسالة سامية نسعى إلى إيصالها يوم 24 فبراير في ذكرى ملحمة بيت القرين تخليداً لمعنى التكاتف بين الكويتيين، فشاركوا معنا بوردة نضعها عند هذا البيت العظيم الشاهد على شكل الكويت الحقيقي.

سامي النصف

هل سيستمر المجلس؟!

  يسألنا البعض عن مصير مجلس الأمة وإمكانية حله، ورأيي الشخصي ان المجلس الحالي ينقسم الى جماعة مخلصة تعمل لمصلحة الكويت، وهؤلاء لن يسعوا قط لحل المجلس، وجماعة ثانية أتت للمجلس، رغم كل الشعارات البراقة، للمصلحة الذاتية وتكوين الثروات الشخصية كحال من سبقهم، وهؤلاء أيضا لن يلجأوا للتأزيم بهدف حل المجلس، تبقى جماعة ثالثة عليها شبهة القبض من الداخل والخارج بهدف تخريب العملية السياسية والدفع بالكويت لأتون التناحر الدائم وإفشاء الكراهية طمعا في الوصول بالبلد الى ما وصلت اليه بلدان أخرى في المنطقة من تقاتل وتطاحن، وهؤلاء من سيسعون قريبا للتأزيم وخلق المشاكل والفتن كي يتضخم ما يتسلمونه في حساباتهم الخارجية غير المراقبة، وانتظروا قليلا وستعرفونهم اسما اسما وشخصا شخصا، وبالطبع ستخلق الفتن تحت رايات الوطنية ومحاربة الفساد والحفاظ على العقيدة.. المعتادة!

***

ان دعاوى حب الكويت الزائفة وأغاني وأناشيد طلاب وطالبات مدارس التربية لن ترد القدر المحتوم. ولو كان بعض الساسة والنواب صادقين في حب البلد لشرعوا منذ زمن بعيد في إصدار قوانين تجريم الكراهية وتشريعات الذمة المالية ولجان القيم..الخ، فضرب الوحدة الوطنية والفساد التشريعي وتكوين الثروات المحرمة أمور قائمة منذ سنوات طوال، ان الواقع المعيشي يشير الى ان بعض الساسة لا يريدون الخير للكويت بالقطع، وما يرفعونه من مطالب مدغدغة هي كالمزمار يصدحون به للتغرير بالشباب وجعلهم يتبعونهم لتخريب بلدهم، فشبابنا ليسوا أكثر وعيا وفهما من شباب بلدان أحرقوها بغفلة منهم ثم عادوا ليبكوا عليها بعد فوات الأوان.

***

وقد أحرق العراق العزيز على قلوبنا بعد عام 2003 تخندقان يدعيان التضاد وسيعتقد البعض ان من يقف خلفهما واحد أولهم «القاعديون» اي المنضوون تحت تنظيم القاعدة الخفي والذين تحالفوا ـ يا للعجب ـ مع الملحدين والكفار من أتباع صدام وقاموا بنشر ثقافة النحر والتفجير والتهجير بين العراقيين، وعلى الطرف المضاد خلقت فرق قتل خفية ترد على تفجير الأبرياء من الطائفة الأولى بقتل الأبرياء من الطائفة الثانية بينما يبقى القتلة والمذنبون من الطرفين دون ان يمسهم ضرر، وبين تطرف هنا وتعصب هناك سالت دماء الشعب العراقي أنهارا وضاع العراق، والظاهر مما حدث مؤخرا ان هناك من يريد تصدير مشروع القتل الطائفي في العراق الى الكويت تحت رايات الغيرة على الدين والطائفة والوطن.. المعتادة!

***

آخر محطة:

(1) البحرين عزيزة على قلوبنا ولكن الكويت أهم وأعز ولن نقبل بمن يطالبنا بحرق بلدنا لأجل البعض من أهلنا في البحرين ممن لن يفيدهم ـ قطعا ـ دمار الكويت وسفك دماء أهلها لأجلهم.

(2) سورية عزيزة على قلوبنا ولكن الكويت أهم وأعز ولن نقبل بمن يطالبنا بحرق بلدنا لأجل البعض من أهلنا في سورية ممن لن يفيدهم ـ قطعا ـ دمار الكويت وسفك دماء أهلها لأجلهم، الحفاظ على الكويت آمنة هو ما سينفعنا وينفعهم.

احمد الصراف

حلول سلفية لأزمات اقتصادية

يعتبر أبو اسحق الحويني نجما تلفزيونيا، شهيرا، وله عدة برامج تلفزيونية وحضور ومئات الإطلالات على أكثر من قناة تلفزيونية، كما يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال أحاديثه وفتاويه، التي ساهمت بفاعلية في نجاح الكثير من أعضاء البرلمان المصري الجديد، وخاصة من السلف. ولد الحويني عام 1956 في قرية حوين في مصر، وكان والده متزوجا من ثلاث نساء، وتلقى تعليما عاديا قبل أن يستقر في قسم اللغة الاسبانية في جامعة عين شمس، وليسافر إلى اسبانيا مع طموح وأحلام، ولكنه عاد منها غير راض. ويقال ان حياته انقلبت بعد قراءته لكتاب للداعية «الألباني»، ولم يكن لديه قبلها أي اهتمامات بـ«العلوم» الشرعية، ومطالعته للكتاب بيّنت له ان ما يفعله الناس في الصلاة وما ورثوه عن الآباء يخالف السنة الصحيحة! ومناسبة الحديث عن أبو اسحق تأتي من الأهمية التي أصبح هو وغيره من الدعاة السلفيين يمتلكونها، وأنه من الفئة التي ستحكمنا، وإن بطريقة غير مباشرة، في المقبل من الأيام، وبالتالي سيؤثر فكرهم في حياتنا، شئنا أم ابينا.
ولمعرفة «خطورة ما يدور في رأس مثل هؤلاء» تعالوا نقرأ نص حديث تلفزيوني للحويني يشرح فيه الطريقة التي ستعالج بها الحركة السلفية الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر وغيرها.
يقول الحويني: «.. نحن في زمان الجهاد، والجهاد في سبيل الله متعة، والصحابة كانوا يتسابقون عليه، والفقر الذي نحن فيه سببه اننا تركنا الجهاد، ولو كل سنة نغزو مرة أو مرتين وثلاثاً فسيسلم ناس كثيرون في الأرض، والذين يرفضون هذه الدعوة نغزوهم ونقاتلهم ونأخذهم أسرى، ونأخذ اموالهم وأولادهم ونساءهم، وكل هذه عبارة عن حلول، فكل مجاهد سيعود من الجهاد و«جيبه مليان»، وسيرجع ومعاه ثلاث أو أربع من الرقيق، وثلاث أربع نسوان، وثلاث أربع اولاد(!)، ولو ضربنا كل «راس» بـ 300 درهم أو دينار سنجد عندنا مالية كويسه! مقابل ذلك لو ذهبنا للغرب للعمل هناك أو لصفقة تجارية، فعمرنا ما نحلم بالأموال دي، وكلما صعبت أحوالنا نأخذ «راس» ونبيعه ونفك ازمتنا (المالية)»!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

وبنينا الكهوف

ما بين اندهاش وامتعاض، تهكم صديقي الخليجي في معرض حديثه عن انتخابات البرلمان الكويتي الأخيرة: “ما شاء الله، كل الكويتيين ساسة!”، وبـ”لقمانية” لم أعتدها أجبته مبتدئاً بسؤال: “هذه كانت النتيجة، فهل تريد معرفة السبب؟ سأذكره لك… عندما تضع الإبريق المملوء بالماء على النار وتتركه ساعات ثم تعود إليه فتكتشف أن ماءه قد تبخر واختلط بالهواء فلا تعجب ولا تغضب… يا سيدي، الماء لم يفعل ذلك من تلقاء ذاته، بل نتيجة قوة (التي هي النار) دفعته إلى هذا “التصرف”، كذلك الكويتيون، لم يتسيسوا من تلقاء ذاتهم، بل نتيجة “النار”، أو قل النيران التي دفعتهم إلى ذلك”.
ورحت أذكر له النيران التي تعرض لها الكويتيون: “هل تعلم أن آخر مستشفى تم بناؤه في الكويت كان قبل واحد وثلاثين عاماً (في 18 فبراير 1981 تم بناء عدد من المستشفيات في محافظات الكويت المختلفة) ومن يومذاك إلى يومنا ذا توقف الزمن “الصحي”؟، وهل تعلم أن ملاعبنا الرياضية لا تغري الخروف الجائع؟ وهل تعلم أن شوارعنا لا يمكن ان تقبل بها حكومة دولة إفريقية لا تجد ما تأكله؟ وهل تعلم أن نظام “الكتاتيب” أكثر تطوراً من نظامنا التعليمي؟ وهل تعلم أننا نسمع عن الميزانيات المخصصة للبنية التحتية ولا نرى الميزانيات ولا البنية التحتية؟”.
“وهل تعلم وهل تعلم وهل تعلم – كرّت “هل تعلماتي” كخرز المسبحة – وبعد ذا تطلب منا أن نكون بلا إحساس، أو محاسيس كما كان يقول حارس بنايتنا الصعيدي النقي؟ وهل كنت تتوقع منا أن نستمر، رغم كل هذه “الهل تعلمات”، في تناول الشاي مع قطع البسكويت اللذيذة؟… لا يا صديقي”.
“كل هذا الفساد جعلنا، تلقائياً، نعيش في طقس سياسي على مدار السنة، كلنا، صغاراً وكباراً… وكما يلعب أطفال الدول الإسكندنافية بالثلج، ويبنون بيوتاً من الثلج، ويحفرون كهوفاً من الثلج، وينحتون أشكالاً مختلفة من الثلج، كذلك يفعل أطفالنا بالسياسة، يبنون بيوتاً من السياسة، ويحفرون كهوفاً من السياسة، وينحتون أشكالاً من السياسة”.
“وصحيح، يا صديقي الخليجي، أنكم أكثر منا تطوراً عمرانياً وخدماتياً، ومن ينكر ذلك كذاب ابن نصاب، لكننا، مع اعتذاري لقسوة المفردات أكثر منكم حرية وشموخاً وكرامة، دعني أكرر كلمة “كرامة” وأنطقها بمفردها حتى لا تختفي بين الكلمات”.
“يا صديقي، كل هذا الضجيج الذي تسمعه عندنا تفسيره أننا أردنا بناء برجين متوازيين، الأول أسميناه برج الحرية والكرامة، والثاني برج التطور، لكننا وجدنا ركاماً في المساحة المخصصة للبناء، أعمدة وأسياخ حديد وبقايا صخور مشوهة ووو، فأعملنا معاولنا فيها لإزالتها وتنظيف المكان، ونجحنا – حتى اللحظة – في إزالة كمية لا بأس بها من هذا الركام المشوه تسمح ببناء برج التطور وحده، لكننا أصررنا على بناء البرجين في وقت واحد، وقريباً سيرتفع البرجان إلى شاهق، وستنفتح أحداقكم على مصاريعها دهشة من عظمتنا”.
“لا تستعجلوا علينا، يا صديقي، لا تستعجلوا”… قلت له ذلك فمطّ شفتيه، وأظهر باطن شفته السفلى، وهو ينظر إلى الأرض، إما دلالة عدم ثقته بما قلت، أو جهله به، أو لعله يفكر ببناء كهوف من السياسة، في بلاده.

سامي النصف

كلنا نحبها.. فمن يود حرقها إذن؟

من أشعل النيران الحمراء في لبنان الأخضر تلبية لأوامر وأموال الخارج ليسوا مخلوقات قرمزية قادمة من الكواكب الأخرى، بل من قام بذلك الجرم الشنيع هم قيادات وزعامات لبنانية وطنية ودينية كانت تدعي أن فيما تقوم به من قتل وفتن وتخريب وتدمير هو لمصلحة لبنان وشعبه؟ وكان الاتباع المغرر بهم يصدقون وبحق تلك الأكاذيب السافرة ولم يسأل أحد منهم قط تلك الزعامات الخالدة بأنه إذا كان كل ذلك الذبح والهدم دلالة حب فكيف تكون دلالة الكره إذن؟

*****

وبعد كل تلك السنين الطوال على بدء وانتهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 17 عاما لم يعترف أحد قط من تلك الزعامات الوطنية والدينية «المخلصة» بأنه كان يقوم بتلك الجرائم الكبرى حصدا للمال الحرام وطمعا في السلطة والقوة، والأمر كذلك في العراق والصومال وفلسطين وغيرها من البلدان فهل نختلف نحن عنهم أي هل عفت أو ستعف شخصيات وقيادات سياسية وإعلامية كويتية عما لم تعف عنه القيادات المثيلة في الدول الأخرى؟ الإجابة في نظرنا واضحة ومشروع تخريب وحرق الكويت قائم ومستمر والرايات التي سيتم حرقها تحتها هي نفس الرايات المدغدغة الجميلة من الحفاظ على الوطنية ومحاربة الفساد والتمسك بالدين..إلخ.

*****

أما الواقع فهو على العكس من ذلك تماما ففي الأفق مخططات وفتن قادمة تتلوها فتن هي كالزوابع والأعاصير المزمجرة يحتاج مشروع إيقافها وإفشالها التوقف عن رفع من ينوي دمارنا على أكتافنا وفوق أعناقنا، وتصديق ما نسمع من أكاذيب مدغدغة لا ما نرى من حقائق مؤلمة كي لا يصدق علينا قول أمير الشعراء أحمد شوقي: بأننا شعب كالببغاء.. عقله في أذنيه!

*****

القراءة المتأنية لنتائج الانتخابات الأخيرة تظهر سهولة انقياده الشباب الكويتي المغررين لمصلحة من يخدعهم ثم يتركهم يواجهون المصاعب وحدهم ليخرجوا بعد ذلك أكثر طواعية وحبا وخنوعا لمن خدعهم، وكراهية ومقتا وحقدا لمن يحرص على مصلحتهم ومستقبلهم عبر حفاظه على وطنهم آمنا لهم و… عفارم شباب… وقود لا يقود!

*****

آخر محطة:

1 ـ من قضايا التحريض السافرة ضد الوزراء الجدد لخلق حالة عدم استقرار سياسي ما عرض على اليوتيوب من طلب سمو رئيس مجلس الوزراء من أحد الوزراء التصويت بنهج معين، والحقيقة الجلية تظهر أن تصويت الوزراء بعكس النواب يتم بشكل تضامني موحد، ومن الأمور المعتادة والتي تحدث في كل جلسة أن ينشغل أحد الوزراء بالحديث مع زميل له أومع أحد النواب ويأتي طلب تصويت مفاجئ فيلتفت الوزير لرئيس مجلس الوزراء أو لوزير آخر لمعرفة كيفية تصويت الحكومة ليتضامن معها حيث لا يصح له التصويت ضدها.

2 ـ ومن قضايا التحريض غير المسؤولة البحث في مقالات أحد الوزراء قبل توليه الوزارة ومحاسبته عليها في وقت يفرض الدستور المتباكى عليه أن تكون المحاسبة منذ بدء التعيين في الوزارة لا قبلها.

3 ـ حزنت على خروج الوزير الرائع محمد النومس أكثر الله من أمثاله وإن شاء الله أن يكون الوزير شعيب المويزري خير خلف لخير سلف.

احمد الصراف

آلام خالد

يقول صديقي خالد: ذهبت الى أميركا قبل 40 عاما للدراسة، وفي المدرسة الداخلية حددوا فصولنا وسكننا وضرورة حضور قداس الأحد. أخبرني المشرف بأنني معفى من القداس لاختلاف المعتقد، فقلت له بأنني كتابي مؤمن، ولا شيء يمنع دخولي الأبرشية. اعجبهم موقفي المتسامح، وكنت حينها أعرف ما يكفي عن الدين، وأن اسلافي، عندما فتحوا الشام والأندلس، لم يهدموا كنيسة ولم يقتلوا قسيسا! بعدها باشهر قليلة حلت أعياد الميلاد ورأس السنة، واحترت الى أين اذهب لأسابيع ثلاثة والسكن مغلق، والوطن بعيد؟ ولم اعلم أن إدارة المدرسة رتبت استضافة ثلاث أسر أميركية لي، وهكذا كان. كانت تجربة أكثر من جميلة. بعدها بشهرين حل شهر رمضان، فأخبرت الأستاذ المسؤول بأنني لن اشارك البقية في تناول وجبات الطعام، وأن ديني يفرض علي الصيام لشهر كامل، وسأكتفي بسندويتشة في السحور، ومشاركتهم الافطار. واعتقدت بأنني سأترك لحالي، ولكن الأستاذ أخذني للشيف وشرح له وضعي، فقرر هذا، على الرغم من اعتراضي، أن يقوم بتحضير وجبات خاصة لي طوال الشهر، وقد قدرت له ذلك كثيرا، لعلمي بما يعانيه من جهد غير عادي منه، خاصة أن لا علاقة تربطني به. بعدها اصبح الجميع يتقبل وضعي ويزداد فضولهم لمعرفة ما سأقوم به بعد صيام شهر، فأخبرتهم بعاداتنا في العيد والتقاء الأهل في بيتنا الكبير وقيام كبار العائلة بتوزيع الهدايا النقدية علينا، ومشاعر الفرح بصيام الشهر وتناول أول وجبة غداء بحضور الجميع. وفي اليوم الأخير من شهر رمضان، فاجأني بعض أصدقائي بإيقاظي من النوم في الرابعة فجرا، والطلب مني مرافقتهم لبيت المشرف، وهناك استغربت الأمر، خاصة ان البيت غارق في الظلام، وما ان فتحت الباب حتى فوجئت بالأنوار تضاء والجميع بالداخل يصيح بصوت واحد «عيد مبارك»! عقدت المفاجأة لساني ولا أدري ما تمتمت به من كلمات شكر وتقدير، فقد اختاروا وقتا مزعجا جدا بالنسبة لهم، وغاليا ومهما بالنسبة لي، وهو موعد العيد في الكويت نفسه، مع فارق الوقت! وهنا ايضا اذهلني اخلاصهم وتقديرهم لما يعنيه العيد بالنسبة لفرد مسلم وحيد، فشكرتهم على محبتهم، وكيف أنهم فضلوا جميعا تهنئتني على هناء النوم في فراش دافئ! وهنا قادني مشرف الدار للهاتف، وقال إن بإمكاني إجراء مكالمة خارجية والتحدث مع أهلي لعشرين دقيقة مجانا، وأنهم شاركوا جميعا في تغطية تكلفتها، فنظرت اليهم بامتنان ولا أعتقد أنني رأيت وجه أحد منهم، فدموع الشكر كانت تغطي بصري، فقد كنت ساعتها أشعر بحنين جارف لسماع صوت والدي واخوتي في تلك المناسبة السعيدة، وكنت أعلم ما يتكلفه الأمر من جهد ومال لإجراء مكالمة صعبة مع الكويت!
تذكرت كل ذلك اليوم وأنا أطالع الصحف، وأتذكر عشرات المساجد التي بناها أهلي وأبناء وطني في العديد من الدول ومنها لبنان وبريطانيا، والتي لم يطالبنا أحد يوما بهدمها، وشعرت بحزن شديد وأنا اقرأ مطالبة ذلك «النائب» بهدم كنائس المسيحيين في الكويت، وتمنيت أن أتواصل مع مدرسي تلك المدرسة وأصدقائي فيها، وأعتذر لهم عما فعله السفهاء منا بحقهم!
التوقيع: خالد عبداللطيف الشايع.

أحمد الصراف

سامي النصف

هل من مصلحة الإسلام والكويت تعديل المادة الثانية؟

  من أهم مبادئ السلف الصالح عدم جواز الخروج أو التحريض على الحاكم الجائر خوفا من الفتن والمظالم المصاحبة لذلك الخروج، فما بالك بالتحريض أو الخروج على الحكام غير الجائرين كحال حكام الكويت ممن لم يعرف عنهم البطش وسفك دماء الأبرياء والإرهاب والارعاب؟!

***

يعلم الأحبة من أهل السلف أن المادة الثانية من الدستور لن تعدل في نهاية الأمر كونها تحتاج الى توافق ثلثي المجلس وموافقة سمو الأمير الذي لن يختلف قراره في الأعم عن قرار الراحل الكبير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله الذي عرف بزهده وتدينه الشديد، إلا أنه وجد أن مصلحة دينه ومصلحة بلده تفرضان عليه رفض التعديل، لذا فإن في طرح تعديل المادة الثانية هذه الأيام مخالفة لرغبة ولي الأمر دون داع وتحريضا عليه عند الشباب دون مسبب ودعما للفتن التي هي أشد من القتل.

***

وقبل أن نصل لمناقشة الصادقين في دعواهم لتعديل المادة الثانية، نقول إن بعض من يدعون لذلك التعديل يبحثون عن البريق الإعلامي والتكسب الانتخابي لا غير، والبعض الآخر يجامل دون رغبة حقيقية منه في التعديل، والبعض الثالث يعلم علم اليقين أن تعديل المادة لن يغير من الواقع شيئا، ولن تحل مشاكل البطالة والإسكان والصحة والتعليم بذلك التعديل، ولن تملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا فور ذلك التعديل.

***

فمصر التي تحكم منذ عام 1980 بدستور ينص على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع لم يغير من واقعها العلماني شيئا، كما أن تطبيق أحكام الشريعة وفرض الحدود في السعودية وأفغانستان ابان حكم الطالبان وإيران والسودان لم يوقف قط جرائم القتل والفساد المالي والسرقات وتفشي المخدرات والتعدي على النساء… إلخ، بل تشير مؤشرات الفساد الدولية الى ان بعض دولنا الاسلامية المتشددة هي في اسوأ حالة بتلك المؤشرات، ولن يختلف الأمر في الكويت فيما لو تم ذلك التعديل.

***

ثم نأتي للصادقين في دعوتهم لتغيير المادة الثانية والراغبين بحق في التطبيق الكامل للشريعة الاسلامية (وإلا لماذا يطالبون بالتغيير؟) وهو أمر لم يتم منذ 1400 سنة، ونسألهم هل هم ومعهم الشعب الكويتي قاطبة مستعدون لدفع ثمن ذلك التطبيق الذي يعني الا يكون هناك فارق بين المسلم الكويتي والمسلم غير الكويتي عربيا كان أم آسيويا في حق الدخول الحر للكويت والحصول على الجنسية الكويتية حتى بعد يوم من الدخول وتساوي الرواتب والأجور ومعها فرض الجزية على غير المسلم وغيرها من استحقاقات تفرض علينا الخروج من الأمم المتحدة وإغلاق القواعد العسكرية للحلفاء ممن يحموننا من أطماع جيراننا.. المسلمين، وكم سنبقى بعد ذلك الخروج وسط التوترات المحيطة؟

***

ومن السلف الصالح الذين قال شيخهم الفاضل عبدالرحمن عبدالخالق في لقاء مطول مع جريدة الوطن في 12/1/2012 «ان على الاسلاميين في مصر وغيرها أن يتخذوا حزب العدالة التركي نموذجا في الحكم» فهل طبق الحزب التركي «القدوة» أحكام الشريعة الاسلامية في تركيا؟!

***

إلى «حدس» أو الاخوان المسلمين ممن دعا أشقاؤهم والمنضوون لحزبهم في مصر وتونس والمغرب للأخذ كذلك بالاسلام التركي المنفتح، وهو ما يتعارض بالمطلق مع طلبات تعديل المادة الثانية من الدستور ويتوافق مع وضعنا الحالي، لماذا لا يرضون لنا بما يرضونه لإخوانهم في تركيا وباقي تلك الدول؟ وهل يجوز أن يكون في الكويت ذات المليون نسمة إسلام متشدد يختلف عن الإسلام القائم في دول المليار ونصف المليار من المسلمين؟! الإجابة واضحة.

***

آخر محطة:

(1) في تعديل المادة الثانية من الدستور حكم إعدام واضح وصريح لمستقبل وبقاء الكويت وإنهاء لمشروع كويت المركز المالي البديل الوحيد لدخل النفط الناضب الذي لا تعوض كل قطرة نستخرجها منه فمن سيترك دول الخليج المنفتحة ويأتي يستثمر في بلد يفرض الجزية عليه وقد يجلده أو يقطع رأسه لأقل غلطة؟!

(2) قلنا في مقال سابق ان فوزا «مؤقتا» لتوجه ما، لا يعطى في طلب تعديلات دستوري ذات طبيعة دائمة، وهو الأمر القائم في جميع الديموقراطيات الأخرى وها هم الإسلاميون يكتسحون الانتخابات في مصر وتونس والمغرب وقبلهم تركيا دون أن يطالبوا بالتشدد وتعريض بلدانهم للمخاطر والعداء مع المجتمع الدولي فلماذا يستفرد البعض بفرض تلك التعديلات على شعبنا دون غيره؟!

(3) فاتنا في معرض شكرنا لمن كان معنا في الملتقى الإعلامي في الأردن شكر الزميل الشاب محمد بن ناجي، والذنب ذنبه «بالطبع» كونه لم يكن معنا في طائرة العودة عندما كتبنا المقال.

احمد الصراف

معجزاتنا الكبرى

مع كل يوم يمر وكل تصريح يصدر عن أعضاء مجلس الأمة الجدد، أشعر بأن الأمور بخير، وأن ليس أمام هؤلاء غير إلهاء أنفسهم بتوافه الأمور وقشور القضايا ومضايقة الناس والتسلي بالحجر على حرياتهم، وعاجلا أم آجلا سينكثون بكل وعودهم، فليس هناك شيء دائم، والحرية ستنتصر، والإخاء سيسود، والعدالة ستجد طريقها في النهاية، لامحالة، وبالتالي لا شيء يدعونا، نحن الأقلية الواعية، للقلق من اختيارات الأغلبية النائمة، فيوم صحوهم قريب، فهؤلاء ليسوا غير «ظاهرة صوتية»، فإخوان مصر ومن نسخ عنهم وتبعهم الذين اليوم هم القوة الأكبر على الساحة، لم يستطيعوا طوال 83 عاما من فعل شيء يمكن النظر اليه بفخر، فهم، وعبر سلسلة مرشديهم لم يضعوا يوما أي برامج صحية أو تعليمية أو توعوية يمكن الاستشهاد أو الإشادة بها، ولم يقوموا بفعل خير ما لم ينته لمصلحتهم وقنوات مصالحهم، واثناء انشغالهم بتحقيق طموحهم للوصول إلى الحكم نسوا أو تناسوا فعل شيء، والآن وقد وصلوا فإن الصراع على الشهرة والسطوة والسلطة سيقضي على كبار كبارهم أولا، وسيتولى الطمع المادي والفساد السياسي أمر القضاء على قواعدهم، فالسلطة مخربة، وقلة فقط استطاعت عبر التاريخ مقاومة مغرياتها المدمرة، وسنرى قريبا كيف سيتقاسمون المناصب بينهم ويوزعونها على ذويهم، ولن يكون هناك مكان للرجل الصالح في المكان الصالح، إن لم يكن منهم ومن اذنابهم، وما أكثر هؤلاء. وإن فشلوا، وهذا برأيي أمر لا مناص منه، فسيضعون اللوم، كسابقيهم على الصهيونية والاستعمار، ولن يلام بالطبع «الاستحمار»! وفي هذا الصدد صرح محمد حسان الداعية السلفي الأشهر في مصر، والمرشح لمنصب رئيس الجمهورية، بأن مصر ليست بحاجة لمبالغ المعونة الأميركية، وأن بإمكانه طلب التبرعات وجمع مليار و300 مليون دولار خلال فترة بسيطة، يعوض بها استجداء مصر لأميركا! ومادام الأمر بهذه السهولة، فمن الذي منع الداعية الفاضل صاحب أكبر وأغرب لحية في مصر، من الإقدام على هذا الأمر الطيب والخير، أليس من الأفضل جمع المبلغ أولا، وقطع المعونة تاليا، أم نقطع المعونة لنكتشف بعدها ان الحاج حسان لم يستطع جمع غير مليون جنيه مصري، وكلامه لم يكن سوى لغو في لغو؟
ملاحظة: صرح السيد زغلول النجار، خريج الجيولوجيا، والغارق الأكبر بقضايا الإعجاز، والشروح والتفاسير، بأن «الربيع العربي» هو من علامات الساعة، وأن اليهود يستعدون للمعركة الفاصلة مع المسلمين!
ولو علمنا بأن عدد اليهود في إسرائيل يبلغ 5 ملايين، وعدد المسلمين مليار و300 مليون على الأقل، يتوزعون على 50 بلدا، لعلمنا مدى خطل مثل هذا الكلام من شخص يبيع آلاف الكتب سنويا في علوم لا يفقه بها احد غيره!

أحمد الصراف

سامي النصف

على هامش جلسة أمس!

  حضرت جانبا من حفل افتتاح الفصل التشريعي الرابع عشر، والذي جرت خلاله انتخابات رئاسة المجلس، وحول تلك الانتخابات نطرح الملاحـظات الـ 5 التالية:

أولا: رئاسة السلطة التشريعية تختلف تماما من حيث الصلاحيات عن رئاسة السلطتين التنفيذية والقضائية، حيث لا تملك كحالهما حق ان تعزل او تفصل احدا من أعضائها، حيث جل ما تقوم به هو إدارة الجلسات طبقا للوائح والأنظمة الخاصة بذلك.

ثانيا: لا تحظى انتخابات رئاسة المجالس التشريعية في الدول الأخرى بأي أهمية إعلامية او سياسية ولا تعرف في العادة شخوصها، بدلالة ان الجميع يعرف على سبيل المثال أسماء رؤساء دول وحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، إلا ان أحدا لا يعرف أسماء رؤساء البرلمانات والمجالس التشريعية هناك (سبق أن كتبت مقالات تفصيلية بهذا الخصوص رأت إدارة الجريدة في حينه نشرها بعد ظهور النتائج في انتخابات الرئاسة وسننشرها لاحقا كونها قضية عامة لا تختص بنتائج أمس).

ثالثا: كان من الأفضل لمرشح الرئاسة النائب محمد الصقر ان يترك للنائبين المقتدرين مرزوق الغانم وعلي الراشد شرح وجهة نظره حول آلية التصويت (دون تدخل منه)، وقد صحح ذلك الأمر بما فعله بعد ظهور النتائج حين هنأ الفائز وأعلن تأييده له، وقد هنأه الحضور وصفقوا له على تلك الروح الديموقراطية الجميلة التي جعلته بمثابة فائز آخر في تلك الانتخابات.

رابعا: لا يجوز للرئاسة ان تزعل ولا تكلم مخالفيها بالرأي سواء كانوا من الوزراء او النواب الأعضاء او الإعلاميين او المواطنين، والحال كذلك مع النواب ممن لا يجوز لهم ان يحاربوا أو لا يكلموا الوزراء او الأعضاء او الإعلاميين او المواطنين، حيث يفرض عملهم عليهم الانفتاح على الجميع، وقد كانت حركة موفقة من رئيس السن خالد السلطان حين طلب من النواب مسلم البراك ومرزوق الغانم وفيصل المسلم ان يشاركوا في فرز أصوات الرئاسة كي نظهر للآخرين ان الديموقراطية تعني القبول بالرأي والرأي الآخر دون زعل ودون ان تفسد للود قضية كما كان يحدث في الماضي.

خامسا: لا أحسد إطلاقا سعادة الرئيس أحمد السعدون على القادم من الأحداث فقد تجذرت وقُبلت سياسات التأزيم وافتعال الصراعات والشتم والخروج عن الأنظمة تحت قبة البرلمان، وهو أمر سيستمر وسيؤدي الى تصادم الرئاسة مع نواب وكتل كانوا يدعمونها، وان سكتت الرئاسة فسيحدث هرج ومرج وأخذ كل طرف حقه بيده او لسانه وهو «أضعف الإيمان».

سادسا: ان استمر التأزيم والتسخين الذي يوقف أحوال البلد ضمن أعمال المجلس فسيقال: ما الذي استفدناه من الرئاسة الجديدة؟ وإن توقفت أعمال التأزيم وساد الهدوء البلد فسيقال ان جميع ما حدث في الماضي كان مصطنعا لتسديد فاتورة إبعاد البعض عن الرئاسة، وهما خياران في نهاية الأمر أحلاهما مر.

***

آخر محطة:

(1) ذكرت الرئاسة الجديدة انها ستبدأ مرحلة جديدة إلا ان ذلك لا يعني بالنسبة لها التوقف عن المحاسبة (الاستجوابات)، وفي المقابل على الساسة والنواب والإعلاميين والمواطنين ان يبدأوا صفحة جديدة مع الرئاسة تنسى الماضي، إلا ان تلك الصفحة لا تعني كذلك السكوت والصمت عن اي مشروع او مخطط يهدف للإضرار بالكويت.

(2) للانصاف اعضاء لجان المجلس الحالي في الأعم أفضل من اعضاء لجان المجلس السابق، وهو انطباع أولي، والمحك الحقيقي هو العمل والنتائج.

احمد الصراف

الشرف القاتل

لأسباب تربوية بيئية وموروثات عقائدية، يرتبط الشرف في مناطق معينة بصورة مباشرة بالأعضاء التناسلية للرجل والمرأة، وبالتالي لا علاقة للكلمة، كما هي الحال مع غيرهم بالسلوك الحسن والصدق والأمانة والغيرة على الوطن، وشرف الكلمة وغير ذلك. يبدو أن هناك من يعتقد أن لا أحد في العالم يعرف معنى الشرف، ويتفاعل معه «إيجابيا» مثلنا، وإننا على استعداد لقتل فلذات أكبادنا لمجرد الشك في «سلوكهم». وقد ارتكبت العديد من جرائم الشرف بحجة «غسل العار»، وخاصة في الأردن وافغانستان وباكستان، بسبب تسامح قوانينها مع مرتكبيها، كما تنتشر هذه الجرائم بين مهاجري هذه الدول إلى الغرب. والغريب أن ما تظهره التحقيقات في أحيان كثيرة من براءة الضحية من أي فعل جنسي، لم يخفف من وتيرة ارتكاب هذه الجرائم البشعة، وبالتالي القتل سيستمر طالما كان المجتمع متخلفا، وكانت قوانينه متسامحة مع مرتكبيها، فقضاء بضعة أشهر في السجن تضمن سمعة «رجولية» دائمة. وفي حادثة مرعبة هزّت الضمير الإنساني جرت محاكمة ثلاثة مهاجرين أفغان إلى كندا، لإقدامهم على نحر ثلاثة أفراد من عائلتهم، فقد قامت توبا محمد يحي، (42 عاما)، بالتعاون مع زوجها محمد شافيا (58 عاما)، وابنهما حامد، (21 عاما)، بقتل زينب (19 عاما)، ساره (17 عاما)، وجيتي (13 عاما)، وهن بنات محمد شافيا من زواج سابق، في جريمة شرف. ووقف والد الفتيات الثلاث في المحكمة متفاخرا بأنه أقدم على أمر حسن، ولو مات وعاد للحياة مائة مرة لفعل الأمر ذاته! وتمنى أن ينجس الشيطان قبور بناته. وقد كان لكلماته وقع مؤلم على الحضور والمحكمة، وحاول محاميه التخفيف من حدة أقواله بأنها من «عادات وتقاليد» الأفغان، ويجب ألا تترجم حرفيا. وقد تبرعت شهرزاد موجاب، البروفيسورة في جامعة تورنتو، بتحليل تصرف واقوال شافيا، قائلة ان في بعض الأسر يعتبر الحفاظ على «الشرف»، (الجنسي)، أكبر أهمية من الحياة، وأن هناك فرقا بين القتل لاسترداد الشرف وبين العنف ضد النساء!
وفي بحث نشر على الإنترنت، لا أعرف مدى دقته، ورد أن تعبير «القتل من أجل غسل العار» استخدم لأول مرة في الغرب في هولندا عام 1978 للتفريق بينه وبين القتل بسبب الثأر. وتصف «هيومن رايتس ووتش» القتل من أجل الشرف بأنه تصرف انتقامي يقوم به عادة فرد ذكر ضد قريبة انثى بتهمة جلب العار لعائلة، إما لرفضها الزواج بمن اختارته لها، أو لتعرض الفتاة لاعتداء جنسي، حتى ولو لم يكن لها خيار فيه، أو طلبها الطلاق، أو اقدامها على الخيانة الزوجية، وجميع هذه الأسباب تكفي لتعرضها لعقاب شديد، والقتل غالبا. ويمكن أن يتعرض الذكور للقتل بسبب الشرف أيضا، وهذا ما يتعرض له المئات كل عام من الجنسين، في باكستان وحدها. ويقول شريف كنعانة ــ المحاضر في جامعة بيرزيت، في الضفة الغربية، إسرائيل ــ ان القتل من اجل الشرف موضوع معقد وعادة قديمة تضرب جذورها في تاريخ المجتمعات العربية الرعوية والرحل، وأن القتل لا يكون لأسباب جنسية بقدر تعلقه باستيلاء الغير على «أداة» صناعة الرجال، ورمز الخصوبة في المجتمع!

أحمد الصراف