الكويتيون مليون نفر، لكن صوتهم هو الأعلى في سورية، أعلى حتى من السوريين أنفسهم. وهم أصحاب القضية في البحرين لا البحرينيون. البحرينيون متطفلون على القضية. ويا ويل أمك إذا قلت إن الدافع طائفي قح.
والحمد لله أن النزاع في نيجيريا لا علاقة له بالسنة والشيعة، وإلا كنا سحبنا البساط من تحت أرجل الفريقين، وتركناهم على الأرض وتولينا نحن قضيتهم، فنحن أولى بها.
وفي قطر، تتدخل القيادة، القيادة فقط، في الشأن الدولي بقوة، من شرقستان الأرض إلى غربستانها، في حين ينشغل المواطن القطري بحياته الخاصة، وتجارته الخاصة، ومتعته الخاصة، وهمومه الخاصة. أما في الكويت، فالقيادة تتعمد الوقوف بعيداً عن الغبار الدولي، في حين يقتحم الكويتيون الغبار ويضاعفونه ويصنعون غبارهم الخاص، و”زيادة الغبار غبارين”. ومن رحمة الله أن الشعب الكويتي لا تقوده القيادة القطرية، وإلا كنا سحبنا الأضواء من الزلازل والبراكين.
وتعيدني الذاكرة إلى ما قبل الغزو، عندما كنا، مجموعة من الطلبة الكويتيين ندرس في الكلية العسكرية في القاهرة، وكنا، كعادة المراهقين، نتعارك مع الآخرين، من باب إثبات الرجولة أو فرض السيطرة أو تزجية وقت الفراغ. لكن معاركنا كانت تحت أعلام دولنا، إذ تنشب معركة بين “الكويتيين” و”العراقيين”، لا نعرف مذاهبهم ولا يعرفون مذاهبنا. ويا للصدف، إذا تعارك البحرينيون مع العراقيين، وبلغنا خبر المعركة، تقدمنا بحاملات طائراتنا إلى البحر الأحمر نصرة للبحرينيين، قبل أن نعرف “محاور المعركة وأسبابها”. يبدو أن هناك بنداً في ميثاق دول مجلس التعاون الخليجي ينص على هذا. الله أعلم.
ولو أننا ندرس الآن في الكلية ذاتها، لانتصر السني منا للسني من هؤلاء أو أولئك، ولانتصر الشيعي للشيعي، بعيداً عن أعلام الدول. وكنا انتزعنا قضاياهم من أيديهم لنتبناها وتركناهم على قارعة الطريق، لا شغلة لهم ولا عملة، يعانون البطالة، وقد يدمنون المخدرات لشدة الفراغ، وقد يتعلمون الرسم بالفحم، وقد تضمر عضلاتهم لشدة الكسل، في حين نتقاضى نحن مكافآت العمل الإضافي “أوفر تايم”.
الكويتيون مصدر قلق لكوكب الأرض وكائناته. هم أعظم الكائنات وأقواها. ففي الكويت هناك الكاتب “فؤاد الفضائي” الذي يعرف ما لا تعرفه أجهزة “الموساد” و”الشين بيت” و”السي آي أيه” و”الكي جي بي”، وينتشر مراسلوه وجواسيسه في القارات الست (يعاني نقصاً في الجواسيس في القطب الجنوبي مع الأسف) وتلتقط أقماره الصناعية الرسائل السرية المرسلة من جواسيس إيران في أصقاع الأرض إلى طهران، “حيروحوا منه فين بس”.
وهناك “الكاتبجي” محمد الوشيحي، الذي يعرف مصلحة المصريين أكثر منهم، ويطالبهم بالتصويت في الرئاسة لمحمد البرادعي، ويحذرهم من أحمد شفيق وعمر سليمان وعمرو موسى الذي يؤيده أنصار حسني مبارك من الكتّاب العرب، سمير عطا الله مثلاً. وكان الكاتبجي قد حذر المصريين من التصويت للسلف والإخوان المسلمين في البرلمان، فاستمعوا إلى نصائحه فكانت نسبة الإسلاميين في البرلمان لا تتجاوز الخمسة والسبعين في المئة، فقط.
الكويتيون مهمومون بقضايا سكان الأرض، ولا يلتفتون إلى توافه الأمور، كالبنية التحتية لبلدهم، أو التنمية البشرية أو المادية. وإذا كان ياسر عرفات يسمي الفلسطينيين “شعب الجبارين”، فإن الكاتبجي يسمي الكويتيين “شعب العظماء”.