من المؤكد ان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة كانت مفاجأة للكثيرين، ولكنها كانت برأيي نتاجاً طبيعياً لسنوات من «القهر التعليمي» الذي صب لأربعة عقود في اتجاه واحد، ليأتي بنا لهذا الوضع البائس. ولا اعتقد ان السلطة، بما عرف عنها من تسامح ديني، وميل للانفتاح، سعيدة بهذه النتائج، وهي تعلم انه ليس بامكانها تغيير الوضع في المستقبل القريب بقرارات رسمية، وحتى بغير ذلك بفترة زمنية قصيرة، وليس أمامنا، أو امامها غير اتباع ما اتبعته تلك القوى للوصول الى ما وصلت اليه، وان باتجاه معاكس، أي عبر المناهج الدراسية، و«إعادة» تشكيل العقلية الكويتية، المنفتحة اساسا، والتي جعلتها المناهج اكثر انغلاقا ورفضا للآخر، وميلا لقبليتها وطائفيتها! علما بانه كان بالامكان تجنب الوصول لهذه المخرجات الانتخابية السيئة في اغلبها لو كان «مستشارونا» يقرأون! فما مرت به الكويت، والكثير من دول الربيع العربي، سبق ان مرت به ليبراليات أوروبية عريقة، وتعلمت من تجاربها ان تغيير العقليات، ومحاربة الكنيسة، ليسا بالأمر الهين، وهنا نرى انه ليس امام السلطة، وليس الحكومة، ان ارادت اصلاح الاوضاع ووقف تكرار وصول المتشددين والغلاة لسدة التشريع، غير اتباع الأمرين التاليين، علما بانه لا مجال للمقارنة بين امكانات وقوة التيار الديني بامكانات التيارات الليبرالية (ان وجدت)، المادية والتنظيمية:
أولا: إحداث نقلة نوعية في المناهج الدراسية، تعيد المواطن المختطف قبليا ومذهبيا لوطنه.
ثانيا: دعم وتنمية مؤسسات المجتمع المدني، وفتح المجال لتأسيس تنظيمات أكثر ليبرالية، ودعمها ماديا في مواجهة جمعيات دينية يعود تاريخ البعض منها لأكثر من 60 عاما، وبتصرفها شبكة اخطبوطية من المصالح المادية والتجارية.
ومن دون ذلك فان التيار الديني سيزيد من قوته مع الوقت، وسيعود كل مرة بزخم أكبر، وحينها لن يتوقف طموحها عند تعديل المادة الثانية من الدستور بل ستتعداها لما هو أكبر واخطر!
***
• ملاحظة:
ألا يعني فشل التيار الليبرالي في ايصال مرشحيه للبرلمان فشلها؟ وإن صح ذلك، وهو صحيح، فلم لم يعترف احد بهذا الفشل، او يستقل، ولو صوريا، لافساح المجال لدماء جديدة؟
أحمد الصراف