تبدو أنها أقرب إلى “مشاحاة” (تهويش لمعركة كلاب) من كونها حملات انتخابية، لا فكر ولا منهج ولا اعتبار لأبسط أدب الحوار والاختلاف نجدها عند مرشحي “المشاحاة”. ما يحدث الآن في حملات البؤس ليست له سابقة في مقدار الضغائن والإسفاف في الطرح السياسي، فعدد من المرشحين يقدمون أنفسهم على أنهم طلاب ثأر وأداة انتقام من نواب المعارضة في المجلس السابق، فهل ستصير قاعة المجلس حلبة مصارعة لعبيد روما من دون سبارتكوس كرمز بطولي للحرية! ليس مهماً اختلاف وصراع تلك الشاكلة من المرشحين، فهم وشأنهم، وكل إناء ينضح بما فيه، لكن الواقع المر يخبرنا بعبارة فصيحة عن حجم وكم الاستقطابات الطائفية (شيعة وسنة) والاجتماعية، ولا أقول العرقية (حضر وأبناء قبائل). ثم هناك الفرز الأكثر ضيقاً وعنصرية عندما نسمع عن تجمعات “بلوكات” محسوبة على قوى التسيس الديني تتفق في ما بينها مؤججة الروح الطائفية ومشاعر التخلف عند الكثير من أهل البركة، بهدف استبعاد أبناء الطائفة الشيعية وقصر عددهم إلى الحد الأدنى! وبطبيعة الحال يقود معارك التحريض والتآمر بالاستبعاد والقصر أمراء العنصرية وملوك الطوائف، فهل سيتحمل مستقبل الدولة كل هذا الكم من التفتيت والتشظي؟ العراق قريب منا ونرى كيف تجلت النزعات الطائفية إلى حرب أهلية مدمرة، عندما فرضت الديمقراطية من أعلى وفهمتها الأغلبية على أنها حقها المطلق في الحكم، وسورية الأخرى يقيناً تسير على الدرب العراقي، بعد أن انقلبت الاحتجاجات السلمية إلى شرارات بداية حرب أهلية محزنة، وقبلهما لنا في لبنان والجزائر عبر، فهل نتأسى من غيرنا أم سنبقى معاندين مقربين فتيل نيران الكراهية من ديناميت الجهل؟!