إن التغيير سنة من سنن الحياة، فلا شيء يدوم على حاله، ولكن المهم هو اتجاه التغيير، هل إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟
الكل يشكو من الفساد، سواء الحكومة أو مجلس الأمة وحتما الشعب الذي يعاني أشد المعاناة من الفساد، فميزانيتنا السنوية تضاعفت خلال خمس سنوات من 8 مليارات إلى أكثر من 19 مليار دينار، ومازالت أوضاعنا ثابتة لا تتغير، فمستشفياتنا مازالت خمسة وجامعتنا وحيدة لا ثانية لها، وطرقنا مترهلة يتزايد الزحام فيها، مناطقنا وأحياؤنا السكنية لا زيادة عليها!
والسؤال البديهي الذي يتبادر إلى ذهن المواطن البسيط، خاصة ونحن في خضم انتخابات برلمانية جديدة هو أين تذهب مليارات الميزانية وفوائضها ؟
لا أحد يعلم أين تذهب ولا أحد يهتم بشؤون الوطن والمواطنين الحقيقية، كانت الحكومة تنعت بالفاشلة فأصبحت فاسدة، كما تدعي المعارضة، وتستشهد بقضايا مثل «قضية الإيداعات، وقضية النائب فيصل المسلم». الأولى كانت لكسب الولاءات والأخرى لضرب الخصوم السياسيين بطرق غير قانونية ودستورية.
بالرغم من أن المجتمعات الديموقراطية تبدأ بحسم خياراتها السياسية والاقتصادية الكبرى في موسم الانتخابات النيابية، حيث تكون فرص التغيير السياسي مواتية، إلا نحن في الكويت يمر الموسم الانتخابي مرور الكرام، حتى خياراتنا السياسية تنحصر في المفاضلة بين المرشحين على أسس قبلية وفئوية وطائفية، وإذا زاد وعي الناخب فإنه سيختار مرشحه على أساس أنه الأقوى صوتا أو لأنه يتمتع بالكاريزما السياسية فقط، بعدها يبدأ النائب إذا كان من ذوي الحس الوطني رحلته الشاقة بمراقبة أعمال السلطة التنفيذية المراوغة، فيتحول من نائب إلى مجرد شرطي برلماني، ويتناسى مهمته البرلمانية الأخرى او يؤجلها وهي التشريع وإنجاز القوانين التي تدعم الجهود الحكومية في التنمية.
بالطبع اغلب القصور يقع على الحكومة كونها بدلا من أن تستغل الفوائض المالية الضخمة في التطوير والتنمية، كرست جهودها لبقاء وزرائها في مناصبهم رغم فشلهم الذريع، بل ذهبت الحكومة إلى أبعد من ذلك وهو إفساد الحياة البرلمانية والدستورية «شطب الاستجواب ـ ملاحقة النواب قضائيا»، على حد قول المعارضة!
لست متشائما، ولكن لا الانتخابات البرلمانية المقبلة ولا الحكومة الجديدة ستحدث تغييرا يذكر.
نحن بحاجة الى استبدال قواعد وآليات العمل السياسي التقليدية، بإدخال تعديلات دستورية تعزز مبدأ فصل السلطات وتعطيها المزيد من الاستقلالية والاستقرار، لا ديموقراطية دون أحزاب، ولا حكومة مستقرة دون أغلبية برلمانية تشكلها وتدعمها مع احتفاظ الأسرة الحاكمة برئاسة الحكومة ووزاراتها السيادية، مما سيؤدي إلى استقرار البلد، وستستطيع الحكومة أن تعمل على التنمية وتنفذ خططها بكل هدوء، وبالفعل ستكون عندئذ الانتخابات البرلمانية موسما لحسم خيارات الناخبين السياسية بطرق ديموقراطية سليمة.