حسن العيسى

البدون وإعلان حقوق الإنسان

مضت ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالأمس من دون أن يذكر أحد ندبة كبيرة (من جملة ندوب كثيرة) في الوجه الكويتي اسمها “بدون”، وهم “الأوادم” التائهون في فضاء الجنسية الكويتي بجنات نعمها وسخائها للفرد الكويتي، وقبل أيام أقامت منظمة هيومان رايتس ووتش وباسم الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان حفل العشاء الخيري الذي يعقد أول مرة في دولة خليجية مثل الكويت، وكان هم الحكومة تلميع وجه الكويت في ملفات تلك المنظمة بدعوة أعضائها إلى لقاء كبار المسؤولين بحفلات العشاء الدسمة، وربما فكرت الحكومة في دهان سير وفد المنظمة بحكم عاداتنا وتقاليدنا السياسية، بينما كان الزوار من أعضاء منظمة أوضاع البدون، التي تخترق مبادئ حقوق الإنسان، وتساءل أحد أعضاء الوفد الزائر عن سبب عدم منح ٣٥ ألف فرد (من أصل مئة وستة آلاف بدون) الجنسية الكويتية طالما أنهم يستحقونها حسب الإقرارات الرسمية الحكومية، ولم يجد صاحب السؤال جواباً غير “الفورمة” المعتادة من أن البدون تصرف لهم شهادات ميلاد ووفاة وبطاقة تموين، وفي بعض الأحيان توفر الدولة سكناً للعاملين منهم في الجيش والشرطة وقطاع النفط، أما “حقهم” في المواطنة فلا يبدو أنه من الشأن الحكومي، ولا من شأن أغلبية نواب الأمس سواء كانوا من المعارضة أو الموالاة.
أكثر من ذلك ليس من حق البدون التعبير عن أوضاعهم، فالتجمع بساحة الإرادة ميزة للكويتيين فقط كما تقول وزارة الداخلية، أما البدون فليس لهم غير حق الصمت وعدم البوح عن أوضاعهم المعلقة بين المواطنة والغربة. السؤال الآن هو ما إذا كان أي من المرشحين للمجلس القادم سيتبنى قضية البدون في برنامجه الانتخابي، وتحديداً البدون المستحقين للجنسية، أم سيهمل ملفهم؟! الإجابة تكاد تكون معروفة، فالبدون ليس لهم صوت انتخابي ولا يملكون قوة ضغط سياسية كافية، وبالتالي فلا يمكن تصور أن وضعهم سيحمل أي ثقل عند معظم المرشحين، وعلى ذلك سيظل بدون الكويت في مكانهم يراوحون. وستمضي ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من دون ذكرى.

احمد الصراف

من عاداتنا وتقاليدنا

في أواخر ستينات القرن الماضي كنت أقف وحيدا في الصباح الباكر على رصيف محطة «إيرلز كورت»، بانتظار القطار الذي سيقلني الى وسط العاصمة البريطانية. كان صباحا باردا وكنت أحس بالبرد القارس يخترق جلدية حذائي، ويجمّد اصابع قدمي فوق ذلك الرصيف الاسمنتي العاري، ما هي إلا لحظات حتى شاركني رجلان في انتظار القطار، الذي لا يأتي إلا مرة كل 20 دقيقة. كانت واضحة شكواهما من برودة الطقس بالرغم من كمية الملابس التي كانا يرتديانها، وتبين من لهجتهما انهما من الكويت، وأن الأكبر سنا مريض وجاء إلى لندن لتلقي العلاج، يرافقه الآخر، الذي بدا أنه قريب له، وكان هذا الأخير يقف إلى يمين الشخص المريض. بعد دقائق، بدت كالساعات، وصل القطار أخيرا، وفتحت أبوابه بصورة آلية فقفزت الى داخله ابتغي الاحتماء بالدفء فيه، ونظرت خلفي وهنا رأيت الرجل الأكبر سنا يضع يده خلف ظهر الشخص الآخر، طالبا منه صعود القطار قبله وهو يقول: تفضل، يمين يمين، تفضل! وتعني، حسب عاداتنا، أن الشخص الذي على اليمين عادة ما يتقدم الآخرين، إن كان الجميع على درجة متقاربة اجتماعيا، على المداخل والمخارج. ولكن الرجل الأصغر سنا رفض أن يستقل القطار قبله، وتمسك بمكانه، طالبا من الآخر ان يتقدم، وأيضا واضعا يده خلف ظهر الآخر، فأصر هذا على موقفه، واستمرت محاولات الرجلين للحظات وكل يطلب من صاحبه أن يصعد القطار قبله، وهنا أغلقت ابواب القطار بصورة أوتوماتيكية، وانطلق تاركا إياهما على رصيفه البارد، والدهشة تغطي وجهيهما، وهنا رأيت شبح ابتسامة ترتسم على وجهي الذي انعكست صورته على زجاج باب القطار، ومن يومها وأنا أهتم بالتفكير في «عاداتنا وتقاليدنا».

أحمد الصراف

سامي النصف

بل ست أو ستون..!

  انحياز صاحب السمو الأمير للمطالب الشعبية المنادية بحل الحكومة والمجلس أمر يحسب للحكم والنظام، فعبره وبقرارات مثله استمر حكم آل الصباح لأربعة قرون متصلة بينما تساقطت أنظمة العناد والمناكفة لتوجهات ورغبات الشعوب، يتبقى ان رئاستي المجلس والحكومة هما اول المقدرين والمتفهمين للظروف والمتغيرات التي اوجبت القرارات التي صدرت.

***

بعد تحقق المطالب اصبح الدور على قوى المعارضة والشباب لمبادلة الإحسان بالإحسان وحب الكويت بحب الكويت ولا شك في أن خطوة النواب السابقين الأفاضل الطاحوس والدقباسي والمويزري ومزيد والوعلان ومثلهم المصلحون والوطنيون من ابناء القبائل الكرام بالانصياع لرغبات ولي الامر ولسلطة القانون ولمتطلبات الوحدة الوطنية وعدم خوض الانتخابات الفرعية امر ترفع له العقل من على الرؤوس ويستحق الدعم والمؤازرة في الانتخابات المقبلة، وأكثر الله من امثالهم.

***

الدوائر الثلاث الاولى لا فرعيات او تشاوريات فيها بل الفرص متساوية للجميع، لذا نرى التنوع الجميل في المخرجات من ابناء قبائل وحضر، سنة وشيعة، رجال ونساء، اسلاميين وليبراليين ..الخ، عدم خوض الفرعيات في الرابعة والخامسة لن يمنع على الاطلاق وصول الأكفاء من نواب القبائل الى البرلمان بل سيجعل وصولهم بأصوات الجميع بدلا من اصوات البعض، فما الضرر في ذلك؟ وما الضرر في التزامنا جميعا بمتطلبات الوحدة الوطنية عبر رفضنا للفرعية او التشاورية غير الشرعية وغير الدستورية؟!

***

ما ذكره أحد النواب من انهم سيمنحون حكومة الشيخ جابر المبارك 6 أشهر فرصة أمر لا يصح، فتلك الأشهر ستمضي سريعا فهل سنعود حسب ذلك الفهم إلى نهج الأزمات المتتالية التي اوقفت حال البلد وتسببت في تقدم الجيران علينا؟! كفانا خلافات ونزاعات لا تنتهي فالحكومة الجديدة تحتاج الى 6 سنوات بل ستين عاما من الهدوء والعمل الجاد لتعويض ما فات، والعودة بعد 6 أشهر لمسار الأزمات أمر لا حكمة فيه ويعني «لا طبنا ولا غدا الشر»!

***

الحكومة القائمة تضم وزراء من أكفأ رجال الكويت ممن لم يمض على ادائهم القسم الا اشهر قليلة لذا نرجو بقاءهم في الحكومة المقبلة لمصلحة الوطن والمواطنين ولا مانع في هذا السياق من ضم وزراء يمثلون المعارضة والقوى الشبابية اليهم فيما هو اقرب لحكومة وحدة وطنية تضم ساسة وتكنوقراطا وتحظى بدعم اغلبية البرلمان كي تتفرغ الحكومة ووزراؤها للعمل الجاد وتحقيق طموحات وأحلام الشعب.

***

آخر محطة:

1 – تلتقي القيادات السياسية في جميع البلدان بقادة الإعلام والحراك السياسي والاجتماعي بشكل دوري، تلك اللقاءات تتم لتبادل الرأي والاستماع للتطورات والمتغيرات ولا تنشر بالضرورة، او تنشر بشكل مقتضب جدا من قبل الجهات الرسمية.

2 – مستقبل الكويت وضعته القيادة السياسية بيدنا جميعا.. فلنحسن الاختيار.. فلنحسن الاختيار.. فلنحسن الاختيار.. فنحن الملامون على ما سيحدث لبلدنا.. لا غيرنا.

احمد الصراف

قصة كلب ميردث

هذه قصة من التراث الغربي الحديث، وبالتالي لا تنطبق مفرداتها بالضرورة على واقعنا، ولا اهدف لايصال أي ايحاءات من وراء سردها.
تقول سوزان: ماتت «آبي»، كلبتنا الوفية، الشهر الماضي، بعد 14 عاماً قضتها بكل حب ووفاء بيننا، وكان اليوم التالي لموتها مؤلما لابنتنا «ميردث»، (4 سنوات)، حيث قضته في البكاء، وافتقاد كلبتها في كل زاوية في البيت. وبعد ان نشفت مآقيها الصغيرة من الدموع سألتني بحنان إن كان بإمكانها كتابة رسالة للرب في السماء ليعتني بكلبتها وينتبه لها، وعندما هززت رأسي بالموافقة احضرت ورقة وقلما وطلبت مني كتابة الكلمات التالية حرفيا: ربنا المحب. أرجوك أن تعتني بــ «آبي» التي ماتت بالأمس، وهي الآن معك. انني افتقدها، وأنا سعيدة لأنك جعلتها كلبتي، هذا مع أنها مرضت بعدها وماتت. هي تحب السباحة واللعب بالكرة، وأنا أرسل لك صورتها لكي تعرفها عندما تراها، إنني افتقدها كثيرا. محبتك «ميردث»!
وهكذا وضعنا الرسالة في ظرف مع صورة «ميردث» وهي تحتضن «آبي» وكتبنا على الظرف «الرب – السماء»، كما دوّنا عنوان بيتنا من الخلف! ولم استطع منع ابتسامة عريضة وأنا اسمع إصرار «ميردث» على وضع عدة طوابع بريد على الظرف بدلا من طابع واحد، لأن الرسالة تتطلب ذلك لبعد المكان الذي سترسله! أخذنا ميردث معنا عصر ذلك اليوم لمكتب البريد لتضع المظروف بيدها في الصندوق الخاص. وبعدها بأيام وصلنا في البيت طرد بريد صغير وعندما فتحناه وجدنا بداخله كتابا بعنوان: «عندما يموت حيواننا الأليف»، تأليف «السيد روجر»! ووجدنا مع الكتاب رسالة «ميردث» ملصقة على غلاف الكتاب الداخلي، وفي الجهة المقابلة صورة «آبي وميردث»، مع الملاحظة التالية: عزيزتي «ميردث»، لقد وصلت «آبي» بسلام إلى السماء، وقد ساعدتني الصورة كثيرا في التعرف عليها. و«آبي» لا تشكو الآن من المرض، فروحها تتحرك في كل مكان سعيدة لأنها كانت كلبتك، وحيث ان لا أجساد في السماء، بل أرواح تطير، فليس لدينا مكان لحفظ الصور وبالتالي نعيدها لك مع رسالتك، والكتاب المرفق الذي سيذكرك بأيامك الجميلة مع «آبي». شكرا لك، وشكرا لأمك التي ساعدتك في كتابة هذه الرسالة اللطيفة وإرسالها، إنها أم رائعة، أرسل لكما بركاتي، وأرجو أن تتذكري انني أحبك وأتذكرك دائما. بالمناسبة لا داعي لإرسال رسائل بكل تلك الطوابع، فمن السهل الوصول لي فأنا في كل مكان توجد فيه المحبة! التوقيع: الرب!
***
من قراءتي، وبتصرف كبير.

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

نصائح للرئيس جابر المبارك

بالتأكيد، رئيس الوزراء الجديد الشيخ جابر المبارك يملك من الخبرة السياسية الشيء الكثير، اعتمادا على تاريخ حافل بالعطاء في مناصب مختلفة تدرج فيها إلى أن تقلد منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في الحكومة السابقة، ومما لاشك فيه أنه كان على اطلاع كامل ودقيق بالمشكلات التي واجهتها الحكومة السابقة مع مجلس الأمة والتي كانت سببا في تأزيم العلاقات الحكومية البرلمانية والتي تسببت في النهاية برحيل الحكومة السابقة.

ومن المؤكد أيضا أن للشيخ جابر المبارك علاقات ممتازة مع التجمعات والكتل السياسية وخصوصا كتلة العمل الشعبي والتكتل الوطني، والتي ينتظر ان تدعما الحكومة الجديدة ذات النهج الجديد، وخصوصا إذا ما تعاملت الحكومة الجديدة بقانونية مع مشكلة التحويلات والإيداعات المليونية، وإذا ما أشرفت على الانتخابات البرلمانية القادمة بكل شفافية وحيادية، ومما لاشك فيه إن تحالف الحكومة مع الكتل البرلمانية أو على الأقل التنسيق معها والاستماع الى وجهات نظرها، سيكون عامل نجاح للحكومة وخاصة بعد آن أثبتت التجارب الحكومية السابقة إن خسارة التجمعات السياسية والكتل البرلمانية يعني علاقات متأزمة بين الحكومة ومجلس الأمة.

كذلك يجب أن تنظر الحكومة في أزمة الإضرابات العمالية وتراجع سلم الرواتب التي عبثت به الحكومة السابقة، فالكوادر وزيادة الرواتب يجب أن تكون شاملة وعدالة، وكذلك تطبيق القانون على وسائل الإعلام التي انحرفت عن مسارها الصحيح وبدأت تسيء إلى المجتمع وتأجج الفتن، كذلك ملف التنمية المليء بالخطط الورقية التي تنتظر القرار الجريء والسريع وأخيرا يجب أن تلعب الحكومة وفقا للقانون والدستور ولا تستغل الثغرات الدستورية والقانونية لتتهرب من الاستحقاقات الدستورية، فلقد أثبتت تجارب الحكومة السابقة بأن مواجهة الاستجوابات أقل تكلفة من عدم مواجهتها.

نحن متفائلون بالحكومة الجديدة ورئيسها الجديد ذي الخبرة الكبيرة، ونتمنى من مجلس الأمة المقبل أن يعطيها الفرصة والوقت الكافي قبل أن يحكم عليها أو أن يحاكمها.

 

محمد الوشيحي

أميركا… بين الشماغ والخِبل

لا حول ولا قوة إلا بالله… دخل مجموعة من الأميركان إلى مبنى الكونغرس أمس احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية، وبعد التحريات الأولية اتضح أنهم من أصول “مكسيكية”، وظهر ذلك جلياً من “دشاديشهم المخصرة”، أي ثيابهم الضيقة، و”الكبّوس الأحمر” الذي كان كلّ منهم يضعه فوق رأسه.
احتج بعض عقلاء أميركا: “هذه ليست أخلاق أهل أميركا، بل هي أخلاق أتت من خلف صحراء تكساس” في إشارة إلى المكسيك، وصرخ آخرون: “هؤلاء همج، هؤلاء رعاع”، وظهر مذيع “مدربح” على قناة “فوكس نيوز” باكياً: “المكسيكيون اليوم اقتحموا الكونغرس، وغداً سيقتحمون البنتاغون”.
وبدأت “فوكس نيوز” حملتها الداعية إلى تجمع “غود سيف يو أميركا”، أي “الله يحفظج يا أميركا”. وفي التجمع شوهد الفنان “النص نص” بوي جورج، وشوهد معه فنانون لا تظهر أسماؤهم على “تترات الأفلام”، ولم يشارك أي فنان هوليوودي “عليه القيمة”.
ولوحظ في التجمع مجموعة من المسنين، تبين أنه تم إحضارهم دون علمهم، فقط من أجل زيادة عدد المتجمعين والإيحاء بأنه حتى المسنون شاركوا في التجمع رغم الشيخوخة والمرض.
وفي الشأن القانوني، تقدم رئيس الكونغرس وأعضاء مكتب الكونغرس بشكوى على المقتحمين المكسيكان، فتم زج المقتحمين في السجون الأميركية، فتجمّع أهالي المسجونين وأنصار الغوغائيين في ساحة مقابلة لمجمع المحاكم الأميركي، وراحوا يرددون أغاني و”شيلات” لا يعرفها أهل أميركا ولم يسمعوا بها من قبل.
اللافت أن تصريحات النواب “القبّيضة” الأميركان انهمرت بغزارة المطر في شهر يناير، فتكلموا عن “الشرف واحترام القوانين ومكانة أميركا وطاعة ولي الأمر الأميركي”، وطالبوا بإنزال أقصى العقوبات على مقتحمي الكونغرس، وعلى المذيع الذي نهض واقفاً أثناء تغطية الحدث، وعلى فريق برنامجه، وعلى القناة التي يعمل فيها لأنها غطت الحدث، وهي قناة تتبع “الإسطبل الأميركي”. وظهر على شاشة التلفزيون الحكومي (هم لغبائهم مازالوا مصرين على بقاء هذا التلفزيون الجثة) قسيس أميركي حكومي، لا يخرج إلا “وقت الحاجة”، فهاجم المقتحمين والمتظاهرين، وحذر من أن ذلك يخالف تعاليم الدين المسيحي الذي يحض على طاعة الرئيس الأميركي، ونهى عن محاسبة الحكومة مهما فعلت، مذكراً أن سبب تخلف أميركا هو ابتعادها عن طاعة الله وطاعة ولاة الأمر.
وخرج “وزير خبل” في أميركا مهدداً المقتحمين بالسجن المؤبد.
ثم دخل على الخط مجموعة من شيوخ قبائل أميركا بطلب من الحكومة الأميركية، كالعادة، فتصدى أحد هؤلاء “الشيوخ” للأمر، أو قل “أذعن للأمر”، وهو شيخ قبيلة “ألاباما”، ووعد بصياغة بيان “يوقّع عليه” كل شيوخ القبائل الأميركية يعلنون فيه دعمهم الحكومة الأميركية في كل ما تفعله، لكن أبناء القبائل هناك احتجوا وكشروا عن أنيابهم، فأعلن شيوخ قبائل نيويورك وكارولينا الشمالية والجنوبية، رفضهم للبيان، ثم تبعهم شيوخ قبائل أوهايو وأوريغون وكنساسولويزيانا وبقية القبائل في رفضهم البيان… هنا اضطر شيخ قبيلة “ألاباما” إلى صياغة بيان “لا وجه له ولا قفا”، تفادياً لإغضاب أبناء قبيلته الذين أصدروا بياناً غاضباً يحذرون فيه من المساس بالثوابت الدستورية الأميركية، ومن تسييس القبيلة. وأقسم مجموعة من أبناء القبائل الأميركية المثقفين بأن يتبرأوا في المستقبل من أي شيخ قبيلة يتحول إلى دجاجة تكاكي، في حالة هي الأولى من نوعها، إذ تتبرأ القاعدة من الرأس لا العكس.
وخرجت جموع الأميركان الغاضبة في تجمع هو الأكبر في تاريخ أميركا، تطالب – هذه الجموع – بإيقاف النزيف، وبدء صفحة جديدة، وتمزيق الصفحة السابقة.
… كانت ليلة البارحة طويلة، ثار غبارها فأعمى العيون، وهزّ الأميركان فناجين صبرهم دلالة على الاكتفاء، فاستقال باراك أوباما وتولى نائبه الأول المسؤولية، فتفتحت أزهار أميركا، وعلت ضحكات أطفالها، وفتحت أميركا صفحة جديدة لم يُعرف لونها إلى الآن.

احمد الصراف

الموت الرحيم

تعتبر كلمة Euthanasia واحدة من آلاف الكلمات التي يحكُّ المستفيدون، من مزايا «مركز تعريب العلوم الطبية، مجلة تعريب الطب»، رؤوسهم لإيجاد أو «اكتشاف» مرادف لها في اللغة العربية، وكأن مشكلة الطب لدينا لغوية، وليست مشكلة أداء وخبرة ومعرفة وإخلاص، علما بأن هذا المركز «كوّش» على خيراته وزير صحة سابق، وجماعته، منذ سنوات، ولم يعرف، من واقع اتصالاتي مع عدد من خيرة الأطباء، أن أحدا استفاد منه، غير المسيطرين عليه، فالطبيب الذي يحترم نفسه يعرف أين يجد المعلومة التي يريد! ولكن هذا ليس موضوع مقالنا، فما نريد الكتابة عنه هو «الموت الرحيم» أو Euthanasia التي تعني التدخل الطوعي لإنهاء حياة مريض بغرض تخفيف آلامه، أو التدخل الطبي لإنهاء حياة مريض بناء على رغبته! وهذا النوع من إنهاء الحياة تقرّه الكثير من شرائع الدول الغربية، وأول من جرّب هذه الطريقة من الموت الطوعي هو الامبراطور اليوناني أغسطس، الذي اختار التخلص من آلامه بين ذراعي زوجته! ويعرف قاموس اكسفورد «اليوثانازيا» بـ: «تخلص من يعاني من أوجاع لا تطاق من حياته بغير ألم»!
وأشهر من مارس هذا النوع من القتل الرحيم الدكتور جاك كيفوركيان، الأميركي، والمولود من أبوين أرمنيين، الذي توفي قبل ستة اشهر، بعد أن قضى آخر ايامه في مساعدة الكثير من المصابين بأمراض عضال ومزمنة في التخلص من حياتهم. وقد تعرض للسجن أكثر من مرة، وكان آخرها عام 1999 عندما حكم عليه بـ 25 سنة، ولكن اطلق سراحه بعد 8 سنوات، شريطة امتناعه عن تقديم اي نصيحة أو مساعدة لأحد في كيفية التخلص من حياته، ولكن هذا لم يمنعه من إيصال رسالته «الإنسانية» للكثيرين. ويذكر أن والد جاك هاجر إلى أميركا من «أرزروم»، تركيا. كما هاجرت والدته في الفترة نفسها، هربا من المذابح التي تعرض لها الأرمن في تركيا عام 1915، والتقى الاثنان في ارض «الحلم والأمل»، وكان جاك أوسط أبنائهم، وكان مميزا في دراسته وتخرج طبيبا عام 1945، وعلم نفسه اليابانية والألمانية، ونشر في عام 1988 سلسلة من رسائله الطبية عن اليوثانازيا بالألمانية في الدورية العلمية «الدواء والعدل».
أكتب هذا المقال لعلمي بوجود الكثير من المصابين بامراض خطيرة بيننا، وتسبب لهم الكثير من الألم ويرغبون في التخلص من حياتهم بمشيئتهم، وهم بكامل الأهلية، ولكنهم بحاجة لمن يمد لهم يد العون، ولكن بسبب قصور القوانين المتعلقة بهذا الأمر، فإن الأطباء المؤمنين بهذا الأسلوب من الموت الرحيم عاجزون عن فعل شيء، وليس هناك أمل في صدور قانون لمعالجة مثل هذه الأمور، لأن نسبة كبيرة من مشرعينا لا يزالون مشغولين بعدّ المبالغ الضخمة التي حصلوا عليها، نتيجة مواقفهم غير المشرفة في مجلس الأمة!

أحمد الصراف

سامي النصف

لأجل الكويت.. نريد لعبة سياسية نظيفة!

  اللعبة السياسية كحال اللعبة الرياضية، منها ما هو أقرب للعب الفرق الأوروبية المحترفة التي يسعد المشاركون والمشاهدون بها، وهناك في المقابل ما هو أقرب للعب الشوارع والحواري الذي ينتهي عادة بالعراك الجسدي واستخدام الحجارة والسكاكين، واقتحام الجمهور للملعب وغرف الحكام واللاعبين.

***

واضح ان لعبنا السياسي كان يمارس حتى اليوم بما هو أقرب للعب الشوارع المليء بالصياح والصراع والصراخ وعدم الالتزام بقوانين وأعراف اللعبة الراقية الممارسة في ملاعب الدول الأخرى، وعليه فنحن بحاجة ماسة لتغيير جذري في أصول وقواعد اللعب في الكويت والتحول الى اللعب النظيف الهادئ كي يسعد الجمهور واللاعبون ويقل عدد الجرحى والمصابين.

***

فمن قواعد اللعبة السياسية الجميلة التي يحلم بها الشعب الكويتي، البعد عن التهديد والوعيد وافتراض سوء النوايا المسبق، ومعها رفض استقصاد الكابتن (الرئيس) أو أحد لاعبي الفريق الآخر (الوزراء) دون مبرر والمطالبة بإخراجهم من الملعب، كما يجب الاستماع والالتزام بقرارات حكم المباراة (المحكمة الدستورية) ومعهما ضرورة خلق الأدوات الكفيلة بمحاسبة اللاعب السيئ (لجنة القيم) مع معرفة ان كثرة الفاولات وضربات الجزاء (الاستجوابات وطرح الثقة) لا تخلق اللعبة السياسية والرياضية المرجوة والمتميزة.

***

ويجب اظهار الاحترام الشديد بين الفريقين عبر استخدام الألفاظ المناسبة في الملعب وخارجه، والالتزام بإرشادات وتعليمات اتحاد الكرة المهيمن والمنظم للمباريات (ارشادات وتعليمات القيادة السياسية) كي لا يضطر الاتحاد لإيقاف اللعب بين حين وآخر، في الختام بيدنا التعلم من دروس الماضي والبدء بصفحة أو لعبة جديدة تحقق الأهداف المرجوة من اللعبة، أو بالمقابل الاستمرار في مستوى اللعب المتدني الذي مجه ورفضه الشعب الكويتي ورفضته معه شعوب المنطقة الأخرى.

***

آخر محطة:

(1) أفضل فكرة قرأتها لحل الاشكال السياسي – الرياضي في الكويت هي ما طرحه الزميل ذعار الرشيدي من ضرورة تشكيل حكومتين إحداهما من وزراء تكنوقراط يتواجدون طوال الوقت في الوزارات لتطوير عملها، والأخرى من وزراء ساسة طوال الألسن مفتولي العضلات لـ «مداحر» و«خناقات» مجلس الأمة.

(2) أربعة شروط لإتمام ذلك المقترح المهم أولها منع النواب من دخول الوزارات حيث سيتواجد لديهم وزراء طوال الوقت، ثانيها ان تعقد جلسات المجلس 7 أيام في الأسبوع مادام الطرفان قد تفرغا لبعضهما البعض، ثالثها ان تسوّق الجلسات على انها معلم من معالم السياحة والرياضة في الكويت كحال كرة القدم والمصارعة الحرة وفي ذلك دعم لخطة التنمية، الرابع والأخير ان تنقل الجلسات من قاعة عبدالله السالم الى استاد جابر كي يتمتع الجمهور بما يحدث وان تباع التذاكر لدعم الكوادر.

مبارك الدويلة

قيادة جديدة للعمل العربي

مع انتهاء الجولة الثالثة من انتخابات مجلس الشعب المصري يكون عقد الربيع العربي قد اكتمل في شمال افريقيا مع امكانية تأجيل ربيع الجزائر لاحقا، وتكون سيطرة التيار الاسلامي المحافظ ثابتة في تلك الدول، ومن المتوقع والمأمول ان تقود العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الكثيرة التي تواجه شعوب الامة العربية، وأن تعمل نقلة نوعية في الاداء تعيد من خلاله شيئاً من الكرامة والعزة للأمة العربية، وأن تعيد رسم علاقتها بأميركا والغرب كي تكون مبنية على الاحترام المتبادل لا على التبعية المطلقة، وأن تجبر هذا الغرب على احترام الحقوق العربية وطموحات شعوبها. صحيح أننا لا نريد حروبا ومعارك وأزمات سياسية وحرباً باردة، فنحن ندرك واقعنا وامكاناتنا، بل نريد بناء وتنمية، وتحسينا للأوضاع المعيشية ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، ومحاربة الفساد والعبث بمقدرات الامة، بعد ذلك نكون قادرين على فرض ارادتنا على الاخرين.
أعلم جيدا ان العلمانيين عندنا في الخليج العربي منزعجون من حكم الاسلاميين لهذه الدول، ويدعون بالويل والثبور وعظائم الامور على مستقبل الامة، واقول لهم لقد جربنا الحكم العلماني قرنا من الزمن، حاول فيه فصل الدين عن مظاهر الحياة فكانت النتيجة هذا التخلف الذي تعاني منه الأمة!! خلونا نجرب حكم هؤلاء، فلن يكونوا بأسوأ مما كان.

الشيخ فؤاد الرفاعي وزع منشوراً يدعو فيه الى الفرح والسرور في يوم عاشوراء، وانا لا أعلم شيخاً أو عالما دعا الى الفرح في هذا اليوم. صحيح انه يوم أنقذ الله فيه موسى من فرعون، لكنه يوم قتل فيه ابن بنت رسول الله وسبطه الحسين بن علي رضي الله عنه وعليه، فإن كنا لا نحزن لموت أحد وأقصد تكرار الحزن كل عام، لكن الدعوة الى الفرح فيها استفزاز لا مبرر له، ودعوة الى اثارة الاخرين، لذلك اتمنى ألا يصر الشيخ فؤاد على موقفه وأن يدرك ان الفتنة أشد من القتل.

في مقالتي الاخيرة «تحديات أمام الرئيس المكلف» ظن البعض أنني أتملق لرئيس الحكومة بحثا عن موقع في التشكيل الجديد، ونسي أو تناسى أننا أصدرنا بيانا منذ اليوم الأول لحل الحكومة نعلن فيه رفضنا المشاركة في الحكومة المقبلة، وهي حكومة تصريف العاجل من الأمور.

احمد الصراف

خطيفة وغياب

قام الشيخ ناصر المحمد قبل فترة، عندما كان رئيساً للوزراء، بقبول دعوة لزيارة مسقط (عُمان)، لحضور حفل افتتاح أول دار أوبرا في الخليج…(مالت علينا)! وفور عودته، قام بإصدار تعليماته بالإسراع في مشروع إقامة دار الأوبرا الكويتية، وهو المشروع الذي أصبح كبيض طائر «الصعو»، الذي نسمع به منذ عقود ولم نره، لصغره المتناهي، أو هكذا يقال!
سرّنا الخبر في حينه، ولكن سرعان ما دخل اليأس قلوبنا وقلوب محبي الأوبرا، أولاً لعدم ثقتنا بوعود المسؤولين، خصوصاً التي تتعلق بالأمور الثقافية، وثانياً لطبيعة قرار الرئيس الذي ألحق تنفيذ المشروع بمكتبه، لعلمنا، من واقع سابق تجاربنا، التي تقول إن ذهاب المسؤول ستذهب مشاريعه معه! وهنا نتمنى على سمو رئيس الوزراء الجديد ألا ينسى وعود سلفه، وأن يصر على استمرار تنفيذ مشروع دار الأوبرا الحضاري والحيوي، والأهم من ذلك بإناطة تنفيذه إلى الجهة الوحيدة الصحيحة والسليمة، وهي إدارة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
من جانب آخر، لم يتبق غير أيام على مناسبة مرور مائة عام على إنشاء المدرسة المباركية في الكويت، وبدء التعليم النظامي فيها، وهو المشروع الذي كُلفت شخصيات وطنية وخيّرة للقيام به وإظهاره بالمظهر اللائق، ولكن يبدو أن السياسة تدخلت في اللحظات الأخيرة وغيّرت من طابع الاحتفالية وتسميتها من «مرور مائة عام على إنشاء مدرسة المباركية» إلى «مرور مائة عام على التعليم النظامي في الكويت»، وبالرغم من الفارق البسيط بين التسميتين، الذي يبدو لأول وهلة، فإنه في الحقيقة كبير ومختلف تماماً، وكنا نتمنى ألا يطمس دور من أنشأ المدرسة، ومن كان لهم فضل التبرع بتكاليف بنائها، وفضل إدارتها والقيام بالتعليم فيها، ولكن يبدو أن للسياسة متطلباتها، وهي أكبر من قدرات الكثيرين. وبالرغم من كل الضغوط والمعوقات، فإننا يجب ألا ننسى هنا التنويه بجهود المجلس الوطني للثقافة والفنون في إخراج هذه المناسبة بالشكل اللائق. كما نتمنى عليهم إيلاء من كانوا وراء إنشاء المدرسة المباركية حقهم من الاحترام والتقدير.

أحمد الصراف