احمد الصراف

تعليق مميز على مقال

وردني النص التالي من الصديق والإعلامي الكبير يوسف الجاسم:
«امتدادا للردود التي وصلتك على مقالتك الرائعة «ماذا تعلمت من طارق؟»، اسمح لي بهذه الخاطرة. أنت وأم طارق وأنا وأم خالد وغيرنا كثيرون نعيش حالة متماثلة من مكابدات يومية لأبنائنا المعاقين، وهذه المكابدات ولّدت وفجّرت فينا قيماً ومفاهيم كانت خافية عنا وعن غيرنا ممن لم يقع في ما أوقعنا القدر فيه، فأصبح من واجبنا البوح ببعض من هذه العبر، التي سطرتها في مقالتك المستوحاة من مقالة أخرى للكاتب سامي البحيري، فما اكتشفته أنا، أنه ليس بالضرورة أن يكون ابناؤنا المعاقون هم الأضعف ونحن الأقوياء، كيف؟ فمثلاً أنا وأم خالد، زوجتي، وعلى مدى 18عاماً من الصمود أمام حال ابنتنا «كندة»، التي كانت تجري أمامنا ممتلئة بالحيوية والجمال، وتحولت فجأة إلى روح في جسد هامد مسجى على الدوام يستمد أنفاسه وغذاءه من أجهزة وأنابيب طبية للاستمرار في الحياة، ولكنها علمتنا الكثير، وألهمتنا الدروس والعبر، وبينت لنا المسطرة الحقيقية غير المزيفة للحياة، فأصبحنا ننهل منها يومياً ما يزكي أنفسنا ويدفعها نحو إدراك ما خفي من دنيانا، وما ينتظرنا في آخرتنا بشكل معبر وبليغ. علمتنا كندة الصبر والجلد وقيم استمرار الروح والبقاء أحياء نسمع وإن كنا لا نرى، ونحس وإن كنا لا نتحرك، ونفرح ونحزن وإن كنا لا نقوى على التعبير. علمتنا البراءة والنقاء الظاهرين على وجهها المشرق على الدوام دون ردات فعل لما يجري حولها من أنواء الحياة. علمتنا لغة الصمت السرمدي بين ابنة اقتربت من الأربعين عاماً من عمرها، وهي تتلقى الحديث من أمها وأبيها ولا تتفاعل معه أو ترد عليه، ولكننا نغادرها مرتاحي النفس، حيث أنهينا معها مكالمة اليوم. علمتنا كندة مفاهيم عالم العناية الطبية الفائقة، والخروج منه إما مشياً بسلام فوق الثرى أو مغادرة أخيرة تحته، وهو عالم الشفاء أو النهاية. علمتنا تراكم الحزن والألم وتراكم الرجاء والأمل ومخزونات العاطفة وحب الآخرين، والزهد بالدنيا. وأدركنا منها عالم الصفحات البيضاء النقية من شوائب الحياة التي تضاف يومياً إلى سجل عمرها الصامت.
نحن وأنتم يا أبا طارق نعيش حالة صبر جميل ولد من رحم ألم شديد. وأروع دروس هذه الحالة أن ضعافنا أصبحوا هم الأقوياء ونحن أمامهم الضعفاء.
لك ولطارق وأمه محبتنا الدائمة.
أخوك يوسف عبدالحميد الجاسم».

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

القسوة.. قاسية

حاولت أن أفهم مبررات استخدام العنف مع تظاهرات «البدون» ولم أفلح.. فأسلوب القوات الخاصة لم يكن له ما يبرره، وبيان وزارة الداخلية من ان «البدون» بدأوا بالعنف مع احد مسؤولي الوزارة وأصابوه.. كلام «ماخوذ خيره»، فلا يعقل ان يتجرأ مَنْ يريد حلاً لمشاكله، وهو أعزل، أن يبدأ بالهجوم على رجال القوات الخاصة المدججين بالهراوات والقنابل الغازية. وقد ذكّرني هذا البيان بأسلوب نظام بشار الأسد، الذي قال تعليقاً على المبادرة العربية إن المراقبين سيشاهدون المسلحين يقتلون الجيش السوري!
إن كل مَنْ شاهد أسلوب تعامل رجال الشرطة في تونس ومصر مع الشعب، وطريقة ضرب المواطنين العزّل، وهي مشاهد تكررت ـــ مع الاسف ـــ بالأمس في تيماء بالكويت، أقول إن مَنْ شاهد هذه المشاهد ليتحسر أن «ربعنا» في الكويت ما زالوا في غيّهم، ولم يستفيدوا بعد من تجارب الآخرين! يكفي ان قضية «البدون» تؤرّ.ق مضاجعنا في الكويت خوفاً من تدويلها وتحاشياً لتقارير المنظمات الدولية! ولكن مَنْ يهتم؟! فعمك «اصمخ» وما زال!
***
• مرشح جديد في الدائرة الثالثة ذكر في بيان ترشيحه أنه لن يقيم مقراً انتخابياً حتى لا يتسبب في زحمة بالشوارع! ذكّرني بالحفيتي الله يذكره بالخير.. كانت شوارع مشرف تتسكر من كثرة الراغبين في الوناسة عنده!
• مرشح جديد في الدائرة الثالثة اعلن في بيان ترشيحه انه يرجو من اقاربه في الدائرة ألا يصوتوا له إلا اذا كانوا يؤمنون بخطه ونهجه!
الله أعلم كم يبلغ عدد اقاربه في الكويت!

***
• دعاؤنا للدكتور عبد الرحمن الصميط، سفير العمل الخيري للكويت، وصاحب الايادي البيضاء، ان يشفيه الله ويعافيه مما اصابه.. آمين.

محمد الوشيحي

الضفدع والأكواب الثلاثة

سابقاً، كنا وكانت حدس (الحركة الدستورية الإسلامية… ممثل الإخوان المسلمين في الكويت)… كنا لا ننام إلا بعد أن نغلق أبواب بيوتنا ونتأكد من إحكام إغلاق نوافذنا، خشية مرور “حدسي” متلثم. كنا كلما زارنا حدسي تحسسنا مسدساتنا، وكلما غادر تفقدنا أصابعنا وأشياءنا، وحمدنا الله إذا لم نفقد شيئاً منها. كنا نتناصح “إذا كنت رئيساً لموظف حدسي فابحث لك عن منصب آخر، فالحدسي سيقفز قفزة الضفدع الجسور ويتجاوزك، فتحزن فتُضرب عن الطعام فتجوع فتموت مقهوراً مدحوراً مكسورا… رحمة الله عليك”. كنا وكانت حدس تلاعبنا ألاعيب الحواة، تُمسك الأكواب الثلاثة المقلوبة على الطاولة وفي إحداها كرة صغيرة، وبسرعة تبدّل مواقع الأكواب، ثم تسألنا: “وين الكرة يا شطار؟”، فنجيبها ببراءة: “في الكوب الأوسط”، فتبتسم لنا بخشوع وهي تجمع فلوسنا: “للأسف خسرتم، كانت الكرة في الأيمن”، وكانت الحكومة هي التي توفر لها الأكواب والكرة وتحشد لها الجمهور: “قرّب قرّب بص بص”. وتباعدت المسافات بيننا وبين حدس، وطلّقنا بنتهم وطلّقوا بنتنا، وبعد أن كانت إبلنا ترعى في رياض حدس بلا حماة لاعتقادنا بورعها، أعدنا إبلنا إلى رياضنا وطوّقناها بخيرة فرساننا ليحموها من غدر حدس، وبنينا سياجاً بيننا وبينها أمتن وأطول من سور الصين العظيم. ودارت الأيام ومرت الأيام ما بين بعاد وخصام، كما تقول أم كلثوم بلسان مأمون الشناوي، إلى أن ظهر في ديار حدس رجل اسمه “جمعان الحربش”، يحمل سحنة الصدق وملامح الطمأنينة وغضبة بني وائل، يقود مجموعة من الشبان الغاضبين، فاقتحم بهم خيمة القيادة، فكسروا الأكواب ورموا الكرة، وهدموا السياج، وأرسلوا إلينا: “هاتوا إبلكم إلى رياضنا بلا حماة، نحن حماتها، وهاكم امرأتكم وأعيدوا إلينا امرأتنا حفظاً للشمل”، قبل أن يحتذوا بالأديب الفرنسي “دوما” فيمزّقوا مؤلفاتهم المخادعة ويشرعوا في كتابة مؤلفات جديدة، وانتزعوا حدس من أحضان الحكومة ليعيدوها إلى أحضان الناس. هنا، استقبلنا جمعان وجيشه الشاب وحدس بالأحضان، وأكملنا قصيدة مأمون الشناوي: “وقابلته، نسيت إني خاصمته… ونسيت الليل اللي سهرته، وسامحت عذاب قلبي وحيرته… معرفش ازاي أنا كلمته”. وولدت حدس جديدة، صادقة واثقة، وماتت حدس القديمة ذات الغمزة واللمزة، لكن روحها مع الأسف الحارق والألم الخارق انتقلت إلى جسمين سياسيين آخرين، متناقضين، “التجمع السلفي” و”التيار المدني”.* وفجأة… أطال التيار المدني لحيته وقصّر ثوبه وحمل مسبحة حدس القديمة ورسم على جبهته زبيبة تشبه زبيبتها، قبل أن يتبنى سياسة “الضفدع الجسور” الذي يجيد القفز إلى المناصب بنظام “هوووبّا”!  في حين قصّر التجمع السلفي لحيته قليلاً، وأطال ثوبه قليلاً، ليتشابه شكلاً ومضموناً مع حدس القديمة، قبل أن يضع أكوابه الثلاثة مقلوبة على الطاولة، ويطلب من الحكومة الصراخ في السوق: “قرّب قرّب بص بص”. ونحن إذ نتابع ما يفعله “التيار المدني” و”التجمع السلفي” نقول: “رحم الله (حدس)، فقد كانت أكثر حياء”… نقول ذلك ونحن ننتظر ولادة “جمعان” في كلا التيارين السياسيين، يكسر الأكواب ويقتل الضفدع.

* الحديث هنا عن جزء من التيار المدني وجزء من التجمع السلفي.

حسن العيسى

احتفال الفلسفة بإمارة الإكسات

بمجرد أن النائب x محمد هايف (إكس بمعنى السابق) علم أن حفلاً سيقام في مدرسة متوسطة بمنطقة سعد العبدالله، بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة تتخلله ورشات عمل وندوات بريئة، سارع بإطلاق تهديداته التي اعتدناها منه ومن رفاقه في جيوش وسرايا جزاري ذبح العقول وسلخ العقلانية الإنسانية، متهما “الفلاسفة وما عليهم من شبهات… !” وأن الحفل فيه اختلاط للجنسين ولو كان هذا بفرض صحته هو “اختلاط أطفال” طاهر تتم فيه ندوات وحوارات تربي فيهم روح النقد والجدل الفكريين الغائبين عن إمبراطورية السلف المستبدة بالدولة الكويتية وشقيقاتها وجاراتها من الخليج الخامل إلى المحيط الفاشل. حفل سنوي للفلسفة يعني حفلة x وإكس تعني الآن مشهداً خلاعياً جنسياً بفيلم يستحيل أن يطأ دور السينما الكويتية المقطعة المشاهد، ومصنفاً بدرجة “إكس ريتد” لا يجوز للأطفال (ولا حتى العجائز الذين خمدت فيهم رغبات التناسل وجذوة العشق) مشاهدته والتفكير فيه، ومن هنا تصبح الفلسفة ذاتها “فاحشة جنسية” بدرجة x كبيرة من نتاج الغرب الكافر لا يصح أبداً الاحتفاء بها ويصبح المفكرون والفلاسفة من براميندس وسقراط في يونان ما قبل الميلاد حتى أكبر فلاسفة اليوم في الشرق والغرب دعاة فسق وفجور ودعارة، أي أن مكنة التفكير الحر ذاتها هي مشروع فسق متكامل يولد الشبهات ويهز عوالم اليقين وحقائقه المطلقة الكاملة التي تعيش تحت ظلالها أمة التكفير لا التفكير. زميلنا بمهنة المنطق العقلي الصارم، أي مهنة القانون وزير التربية x (أي السابق) أحمد المليفي، الذي يقوم بتسيير العاجل من الأمور في التعليم والعدل، سارع متجاوباً مع نداءات النائب x محمد هايف وألغى الاحتفال ربما متصوراً أن مثل هذا الاحتفال يعد “فعلاً فاضحاً يخل بالحياء العام” كجريمة تعاقب عليها قوانين الجزاء في الكويت وبقية الدول التي على شاكلتها في إمبراطوريات العيب وتقنين الأعراف الرجعية المتزمتة، وبجرة قلم ألغى الاحتفال وترك الزميل باسل الزير يئن حزناً على ما حدث في إمارة x ليكتب مقالاً في “القبس” بعنوان “تعال أعلمك الفلسفة”! ولا أدري من هم الذين يريد الزميل باسل تعليمهم الفلسفة! فهذه لا يمكن تعليمها لحزب الإكسات الذين يعيشون في عوالم المطلقات واليقينيات، فهم لا يؤمنون بحرية العقل بالتفكير، ويجرمون حق الإنسان بالمعرفة والتأمل وتدبر معنى الوجود، ويرون أن منجزات الإنسانية العلمية والروحية من بركة المصادفة والقدر المكتوب وليست نتاجاً عقلياً تراكمياً تم بجهد مضن لفلاسفة ومفكرين مهدوا لعصر الأنوار في أوروبا بنهايات القرن السابع عشر لتجني الإنسانية في ما بعد ثمار عذابهم وشقائهم في العلوم الطبيعية والاجتماعية، وكلها في النهاية نتاج الفلسفة التي يعتقد النائب x محمد هايف أنها شبهة، حسب فقهه وفقه من والاه من وزراء الإكسات…! ولقد أسمعت يا باسل لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.

احمد الصراف

إبراهيم الغانم والمفتشات

لا يكاد يمر شهر من دون أن نسمع أو نقرأ خبرا يتعلق بالكشف عن شحنة تهريب ضخمة، لا تتناسب وحجم البلاد، وغالبا ما تكون المواد المهربة مشروبات روحية، أو مخدرات خطرة من النوع البدائي، أو أكثر خطورة من التي تستحضر كيميائيا في مختبرات معقدة، وكان آخر تلك النجاحات، وأغربها، محاولة تهريب كميات كبيرة من وقود الديزل لدولة مجاورة في صهاريج ضخمة، للاستفادة من فرق السعر، المدعوم محليا. وورد في الخبر أن أحد المفتشين أحبط المحاولة، ورفض ما عرضه عليه المهرب (الآسيوي!) من رشوة بلغت ستين الف دينار!
جميل أن نرى هذا التفاني في محاربة الجريمة في خضم كل هذه الفوضى الإدارية والفساد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ فترة طويلة، ولا أعتقد أن المفتش، أو المفتشين المعنيين بهذه الضبطيات، سيكونون بكل هذا التفاني والإصرار على حماية المواطنين والمقيمين من خطر سموم المخدرات بالذات، والروحية بريئة منها، لو كانت قيادتهم خربة وفاسدة، وبالتالي يستحق منا، الرجل النظيف، مدير عام الجمارك، السيد إبراهيم الغانم، تحية خالصة والشكر على جهوده وجهود العاملين معه، وهنا نتمنى عليه تشجيع العنصر النسائي للعمل في مهام التفتيش الجمركي، بعد ان أثبتت المرأة جدارتها في أكثر من ميدان كان مغلقا أمامها.
***
ملاحظة 1: نهنئ الكويت وانفسنا بفوز الاستاذ خليفة الوقيان بجائزة مدينة فلورنسا العالمية للابداع والتميز في الشعر، فهو يستحق هذا وأكثر.
***
ملاحظة 2: تبرع الاستاذ علي اليوحة، أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون، بمجموعة من نسخ رواية «النمر الأبيض»، كهدية لقراء القبس، والنسخ متوافرة في استقبال الجريدة.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

ما لهم ذنب أبد

اقتحم نواب سابقون ومجموعة مواطنين مجلس الأمة على خلفية سحب استجواب كان موجهاً إلى رئيس الوزراء السابق، بمعنى أن تصرفاً سيئاً واحداً للحكومة أو مجموعة تصرفات سيئة في فترة وجيزة خلال سنة أدت إلى تصرف غير حضاري سيئ لا يليق بالكويت ولا الكويتيين ولا من يمثّلهم.
وعلى الرغم من أن النواب المقتحمين يفترض أن يكونوا من خيرة المواطنين المثقفين الواعين العارفين بأن المطالبة باسترداد هيبة القانون لا تكون أبداً من خلال كسر القانون، والمواطنون المقتحمون أيضاً يفترض بهم أن يكونوا ذوي وعي ودراية؛ لأن خروجهم من الأساس كان للحفاظ على الدستور كما زعموا طوال فترة تحركهم.
المواطنون والنواب المقتحمون يعيشون عيشة طيبة ولله الحمد في الكويت، فولادتهم مجانية ودراستهم ورعايتهم الصحية كذلك، بل إن توظيفهم في الدولة إلزامي كما ينص الدستور، وزواجهم مدعوم من الدولة، وتكاثرهم مدعوم من الدولة، ورواتبهم تزداد بشكل دوري ومستمر، ومساكنهم مؤمَّنة من الدولة، وهنا أستدرك بأنني لا أعني أنه يجب عليهم السكوت عن الأخطاء الكثيرة من الحكومات المتعاقبة، ولكن هو مجرد تبيان لوضع قائم.
بل إن المواطنين والمقتحمين منحوا أنفسهم إجازة من ثورتهم طوال أشهر الصيف لانشغالهم بظروف السفر، بمعنى أنهم يعيشون حياة رغيدة تمكنهم من السفر إلى شتى أقطار العالم للسياحة والترفيه، وهم بلا شك أفضل من غيرهم عربياً على الأقل.
الخلاصة أن جزءاً من شعب الكويت ونوابه على الرغم من العيشة الجيدة المستوى وتوافر المقومات الأساسية للحياة، سلك مسلكاً غير قانوني وسيئ جداً باقتحام المرفق العام ورمز الديمقراطية لأخطاء ارتكبتها الحكومة السابقة.
في المقابل لدينا فئة كبيرة وعدد أفرادها يتزايد يوماً بعد يوم يعيشون أخطاء الحكومة، بل الدولة كاملة لمدة خمسين عاماً ملؤها التخبط وسوء التصرف تجاههم مباشرة دون أن يبدر منهم تصرف فج كاقتحام للمجلس، على الرغم من أن حياتهم صعبة ومستواهم التعليمي في أغلب الأحيان أقل من المواطنين، ودخلهم المادي سيئ، ومسكنهم ورعايتهم الصحية أسوأ، كل ذلك وهم لم يقوموا بشيء سوى المطالبة بحقوقهم الإنسانية الأساسية.
أنا لا أتحدث عن حق الجنسية هنا، فهو موضوع متشعب واختلط فيه المستحق بمن لا يستحق نتيجة تخبط الدولة، ولكن كل ما أطلبه هو النظر إلى حقوقهم كبشر في الحياة الكريمة حتى إن كانوا مجرمين عتاة سفاحين وقتلة، وهم ليسوا كذلك في المجمل.
إن المجرمين ممن يقبعون في سجون الكويت على خلفية أي قضية ينعمون بحقوقهم الإنسانية الأساسية لأنهم بشر، فلماذا نستكثر ذلك على من هم خير منهم لمجرد أنهم من “البدون”؟!
لا أطلب منكم أن تحبوهم، بل كل ما أطلبه هو السعي معهم لنيل حقوقهم الإنسانية حتى إن اعتبرتموهم مجرمين، لست طالباً للمستحيل، بل ما أطلبه هو القليل.

ضمن نطاق التغطية:
قنابل غازية وتفريق بالماء واعتقال بحجة تطبيق قانون التجمعات الذي يحظر على غير الكويتيين التجمع، هل كانت هذه الممارسات ستمارس لو كان المتجمهرون أميركيين؟

عادل عبدالله المطيري

من وحي انتخابات أمة 2012

٭ مع حكومة التنمية: مما لا شك فيه أن التنمية في الكويت معطلة، ولا تحتاج إلا إلى نظرة خاطفة للخدمات العامة لتكتشف أنها قاربت على الانهيار، وهي بحاجة إلى إنعاش وتدخل سريع، ومن ثم البدء بعملية إصلاحات جذرية، ومشاريع تنموية كبرى، كإنشاء جامعات وطرق ومدنية إسكانية كبرى تستوعب الزيادة السكانية وشركات حكومية ضخمة تستوعب فائض الأموال العامة وتخلق فرص عمل للمواطنين.

لذا سنقف مع الحكومة الجديدة وسندعمها وننصحها، وسنعطيها الوقت الكافي قبل أن نحكم عليها، وسنقف بوجه المعارضة إن تصيدت الأخطاء الحكومية، ونتمنى على الحكومة أن تعمل ولو أخطأت، فنحن نعلم أنها مشكلة من وزراء بشر وليسوا ملائكة، فقط عليها ان تبتعد عن الخطايا التي لا تغتفر.

٭ ديموقراطية التشاوريات: لا يمكن تصور وجود ديموقراطية حقيقية قائمة على الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص دون وجود أحزاب سياسية، وإلا كيف ستنظم الجماعات أنفسها في ظل غياب المؤسسات الديموقراطية الحديثة كالأحزاب والجمعيات السياسية، حتما ان من سلبيات الديموقراطية الكويتية المشوهة أنها تجبر المواطنين على العودة إلى التجمعات البدائية والتقليدية كالطائفية والفئوية والقبلية، وبالرغم من تجريم الفرعيات القبلية والتصفيات الطائفية إلا أنها من سمات الحياة الديموقراطية الكويتية، ويبدو أن المزاج السياسي الجديد في انتخابات 2012 هو العزوف عن التشاوريات سواء من المرشحين أو الناخبين، ومن المؤكد أن الفرعيات ستنتهي وستكون من التراث السياسي الكويتي، لذلك نتمنى من مجلس الأمة القادم أن يشرع لتشكيل الأحزاب لتطوير الحياة الديموقراطية.

٭ النواب القبيضة: مهما كان وضعكم القانوني والدستوري وسواء كنت من النواب السابقين أو الحاليين، أنتم مشتبه فيكم ومتهمون بتضخم حساباتكم البنكية، ويجب ان يحقق معكم، وقد يسعفكم القصور التشريعي او حتى صحيفة الادعاء من الحكومة السابقة وحيثيات التهم ونوعية الأدلة، ولكن لم ولن تقنعونا بأجوبتكم، فنحن كنا ومازلنا نعرفكم قبل عضوية البرلمان وبعدها ونعرف أوضاعكم المعيشية السابقة وما أصابكم من ثراء فاحش، والأهم هو أن تتركوا الساحة السياسية وتتواروا عن الانظار «فوق شينه قواة عينه».

٭ الحل جدل دستوري وسياسي: دار جدل قانوني ودستوري حول حل مجلس الأمة السابق، وعدم اختصاص الحكومة المستقيلة بتقديم كتاب عدم التعاون، فهي حكومة تصريف العاجل من الأمور، ويرى بعض الفقهاء الدستوريين ضرورة أن ترفع الحكومة الجديدة كتاب عدم تعاون جديد، وعلى أثره يحل مجلس الأمة حلا جديدا وفق نصوص الدستور وآلياته، وبغض النظر عن الجانب الدستوري والقانوني، شدني مواقف بعض النواب (السابقين الحاليين) ممن أثاروا هذه القضية، حيث كان منهم من يطالب بالحل غير الدستوري وتعليق مجلس الأمة، وآخرون كانوا يصوتون على وأد الاستجواب والتعدي على صلاحيات النواب الدستورية. والآن يتباكون على بعض الأخطاء الدستورية الشكلية في حل مجلس الأمة، هذا ان صدق تحليلهم القانوني.

يجب أن يفهم هؤلاء النواب أن مصالحهم كرجال أعمال داخل البرلمان قد انتهت، وان الجدل الدستوري والسياسي يجب أن يبتعدوا عنه، لأنهم بتصرفاتهم البرلمانية السابقة كانوا بعيدين كل البعد عن الدستور الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها من خبرائه والمناضلين عنه.

٭ حكومة مطلقة دون محلل: يبدو أن القاعدة الشريعة التي تقول « الضرورات تبيح المحظورات المحرمات» تنطبق على الوضع الحكومي الجديد، فلقد تشكلت في ظل عدم وجود مجلس أمة منتخب، وذلك اثر حل المجلس السابق دستوريا، فصادفت الحكومة الجديدة معضلة عدم وجود نائب مجلس أمة لتقوم بتوزيره، فتشكلت الحكومة الجديدة دون هذا النائب المحلل، وهذا الوضع أوقعنا في مأزق دستوري لا نحسد عليه، ويبدو أن الحل بتوزير أحد نواب مجلس الأمة السابق، اننا في طور تشكل أعراف وتقاليد دستورية جديدة، سيكون لها بالغ التأثير في مستقبل الديموقراطية في الكويت.

سامي النصف

حتى لا تكون آخر الوزارات!

  لنأخذ الأمور بتسلسلها المنطقي السهل، كنا نتقدم على الجيران بخمسين عاما فأصبحوا يتقدمون علينا بخمسين عاما بسبب انشغالهم بالعمل الجاد وانشغالنا بالأزمات السياسية الطاحنة التي بات المواطنون يشتكون منها ويشكون في الدوافع الحقيقية لحدوثها وعليه فإن استمرارنا بمسارنا السابق يعني توسيع فجوة الإنجاز بيننا وبين الجيران ويحيلنا بالتبعية الى مفهوم «الدولة الفاشلة» غير المستقرة سياسيا والتي لا يريد احد ان يعيش او يستثمر بها.

***

والملاحظ أنه لا احد يهدد ويتوعد هذه الأيام مما يعني ان هناك من يعلم علم اليقين بأن الشعب الكويتي والناخبين يكرهون ويمجون الأزمات، والتساؤل المستحق هو مادام الهدوء والاستقرار السياسي هما مطلب الناس فلماذا العودة السريعة بعد الانتخابات للمنهاج الذي تسبب في تخلفنا وجعلنا القدوة السيئة في الممارسة السياسية؟!

***

وليس عيبا ان نخدع ذات مرة فنذهب مسرعين لصناديق الانتخاب لنصبح تروسا ودروعا لمن يصعد على أكتافنا ويملأ جيوبه من أموالنا ويجلس على الكرسي الأخضر لا لخدمة بلده وناخبيه بل ليطيل قامته ويبني مجده الشخصي تحت الرايات المخادعة المعتادة، لكن العيب كل العيب هو ان نخدع في كل مرة ثم نبدي ضيقنا مما يجري حولنا وهو في حقيقة الأمر من صنع أيدينا وما ترميه من أسماء في صناديق الاقتراع.

***

لذا لنرفع لاءات كبيرة في انتخابات فبراير المقبلة، لا للمخادعين الرافعين رايات الوطنية وهم أعدى أعداء الوطنية، ولا للمتدثرين برداء الدستور وهم من داسوا بأقدامهم نصوص وروح الدستور، ولا للفاسدين المدعين محاربة الفساد وهم أول المستفيدين منه والمتسربلين به من قمة رأسهم حتى أصابع قدميهم، كفاكم خداعا وكفانا تصديقا لخداعكم.

***

آخر محطة: دروس من الماضي، وعبر للانتخابات المقبلة:

1 ـ استخدام المال السياسي يثير الحنق والعداء ويساعد بالتبعية في نجاح الأعداء.

2 ـ دفع الأموال لإنزال المرشحين المشتتين للأصوات يتسبب كل مرة في تشتيت أصوات المؤيدين ومن ثم نجاح الخصوم.

3 ـ بقاء الخلاف والصراع بين أبناء الأسرة الحاكمة سيضر بهم جميعا دون استثناء، فلا تجعلوا حكومة جابر المبارك آخر حكومات الأسرة الحاكمة فالمتربصون بكم وبالكويت كثر.

 

احمد الصراف

درس في اللغة

تاريخياً، اعتاد عرب المدن والحواضر إرسال أبنائهم إلى البادية ليتعلموا من قاطنيها الفصاحة وسلامة النطق. وورد في سيرة ابن هشام أن النبي أرسل الى البادية لتعلم فصاحة اللسان. ولكن عندما نأتي الى العصر الحديث نجد أن المسألة قد انقلبت، وأصبح ابن البادية هو الذي يأتي الى المدينة لتعلم العربية الفصحى من أهلها ومدارسها، وسبب ذلك يعود ربما لطغيان سيل المفردات الجديدة التي انهمرت على أهالي البادية، مما كان له أكبر الأثر على اتقان لغتهم، او لهجاتهم! ففي زمننا هذا من الصعب مسايرة العصر من دون التأثر بالكم الهائل من المفردات التي استحدثت في ميادين عديدة، وبالذات الطب والفضاء والكمبيوتر، وفي الإنكليزية بالذات، التي لم تستطع حتى أعتى اللغات الأوروبية، وحتى الآسيوية القديمة، الصمود طويلا أمام طوفانها، فتبنتها، في الغالب، من دون تغيير.
ومن جهة أخرى، يمكن القول ان العرب الأقدمين استطاعوا الاحتفاظ بسلامة لغتهم، أو لهجاتهم، بسبب انعزالهم وبعدهم عن الحواضر وتأثيراتها الثقافية والحضارية، ولكن اقترابهم القسري والتدريجي، إن بفعل الحاجة أو الزمن، من الحواضر كان كافيا للقضاء تماما على «نقاء» لغتهم. كما أن المفردات غير العربية التي اكتسبها هؤلاء زادت من غربتهم لغويا!
خطر كل ذلك على بالي، وانا أستمع لشريط فيديو لخطبة ألقاها قبل فترة النائب السابق محمد هايف المطيري، في جمع من سلفيي منطقة الجهراء، وبحضور النائب خالد السلطان، الذي لا أعلم حقا كيف اصبح «منهم» بكل ما في حياته من تقلبات! وبدأت أتساءل وأنا أستمع لهايف، عن سبب انعدام سلاسة النطق واللغة في خطابه، وعن سبب ارتكابه، وهو ابن البادية الوفي، كل ذلك الكم من الأخطاء اللغوية المبكية والمضحكة، وعن كم «البدليات» التي وردت على لسانه في خطبة قصيرة، لم يستطع خلالها أن يفرق بين «دهس المتظاهرين» و«دعسهم»! وهي أخطاء لا نتوقع أن يرتكبها من في سنه ومكانته السياسية، وانتمائه الجغرافي! ولكن يبدو أننا بحاجة لخبير لغوي، كالصديق والزميل سعد بن طفلة، ليشرح لنا هذه الظاهرة الغريبة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الصديقان المتناقضان… السعدون والبراك

إذا كان سيف عنترة “يداوي رأس من يشكو الصداعا”، فإن صفحات الثقافة في جريدتي “الجريدة” و”القبس” تداوي ذائقة من يشكو الغثاءَ.
وكنت قد قرأت في جريدة “الجريدة” مطلع هذا النهر الجاري، أو الشهر الجاري (أحب ديسمبر لأنه شهم، فهو المسؤول عن بقية الأشهر، يلملم أغراضها ويتفقد المكان بعد مغادرتها خشية نسيان شيء مهم، ولا يغادر المكان إلا بعد أن يطفئ الأنوار ويغلق الأبواب ويشكر مضيفيه… شهر يتحمل المسؤولية ويستحق التقدير)، أقول قرأت في هذا الشهر الشهم، في هذه الجريدة، عن كتاب “رجال الشرفات” الذي صدر حديثاً لبنت مدينة عاليه اللبنانية منى خويص، فوضعته في قائمة “الكتب المطلوب قراءتها”، وقرأت ملخصاً عنه في مقالة سمير عطا الله (بالمناسبة، لماذا لا تُكتب هكذا “عطاء الله”؟ أفتونا يا أهل اللغة).
الكتاب يتحدث عن الزعماء ذوي الخطابات الجماهيرية التي يلقيها من الشرفات زعماء تاريخيون أمثال موسوليني وهتلر والقذافي وغيرهم، وكيف أن خطاباتهم خاوية لا مضمون لها، وكيف يفعلون بخصومهم، حيث لا يقبلون الرأي الآخر، وما شابه.
وكنت أتحدث مع صديق “حكومي أنيق” عن الكتاب فقهقهَ: “مسلم البراك هو الوريث الشرعي لهؤلاء” يقصد موسوليني وهتلر والقذافي وأمثالهم، وأكمل: “لو عاش البراك في أوروبا في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي لحكمَ دولة أوروبية وقادها إلى الحروب وأهلك الأرض” قلت: “سأرد عليك” فقاطعني: “طبعاً سترُد… فعين الرضى عن كل عيب كليلة”، فأكملت: “عين الرضى، عين السيح، عين الحسد، لا يهم، المهم أن البراك عاطفي بطبيعته، البراك رجل غارق في المروءة، وهذا قد لا يلفتك للوهلة الأولى، لكنك لو تفكرت لأدركت مغزى حديثي”.
على أن أكثر ما يحيّرني هو “الالتصاق السياسي” بين الزعيم أحمد السعدون والملهم مسلم البراك، رغم اختلاف الأسلوب، بل تناقضه، وتضاده. فالأول يرسم الخطوط العامة، ويجد الوقت للتوقف عند التفاصيل، والثاني لا يلتفت إلى التفاصيل بتاتاً ولا يعترف بوجودها. الأول دقيق والثاني فوضوي. الأول عقلاني والثاني عاطفي. الأول إذا رآك تغرق في حمام السباحة فسيبحث عن طوق نجاة لك مستعيناً بعقله وتماسكه وسينقذك قبل أن تموت بثانية واحدة، أماالبراك فسيرمي عقله قبل أن يرمي نفسه خلفك مباشرة بلا تفكير، فإما أن تغرقا معاً أو أن تنجوا معاً.
البراك يخاطب الجماهير وينهضها من مقاعدها لتسير “سكرانة” في الاتجاه الذي يشير إليه، لثقتها به، والسعدون يخاطب السلطة من خلال الجماهير، فينهضها من أسرّتها مرعوبة لتعقد اجتماعاتها. وإذا كانت الجماهير تفتح أفواهها دهشة وإعجاباً أثناء خطابات البراك، فإن السلطات تفتح دفاترها وأذهانها وتمسك أقلامها بأيدٍ مرتجفة عندما يبدأ السعدون خطابه، فخطابه يحمل رتبة “المخيف الركن”.
وباتحاد هذين الزعيمين، وبتبادلهما المهام، تسقط حكومات وتولد أخرى، يدرك ذلك خصومهما قبل أنصارهما. واحد منهما كان يكفي ويسد حاجة شعب كامل، وقد اتحدا، بقدرة ربك. بينهما يتلفت الفاسدون كما يتلفت جمهور “التنس”، يميناً ويساراً، مع حركة الكرة وهي تنتقل بين بطلي العالم، وفي نهاية المباراة يفوز اللاعبان والشعب ويخسر الفساد والفاسدون.
السعدون والبراك أثبتا بالملموس كذب المقولة العربية الجبانة “الكثرة تغلب الشجاعة”… وأثبتا صدق مقولتي التي لا أمل ترديدها: “التعسف في الفساد يحتاج إلى تعسف في المعارضة… تطبيقاً لقانون نيوتن”.