علي محمود خاجه

شذنب هالأبطال ؟

أن تتربى على خطأ ويغرس فيك، ويروى يوميا من كأس السم نفسها؛ في سعي ممن يربونك إلى أن تستمر في منهجهم وأسلوبهم وطريقتهم الخاطئة، فتأتي أنت حينما تنضج وتتمرد على كل ما غرس فيك من قيم ومفاهيم سيئة، بل تنسلخ من كل ما يجرك للالتزام بما غرس فيك، فتذهب لتخبر السلطة عن تجاوزهم، هو أمر لا يقدر عليه إلا الأبطال، وهم قلّة فإن وجدناهم يجب أن نتشبت بهم.
كم منا من هو مستعد أن يبلغ عن أبيه أو أخيه أو أمه أو ابنه إن تجاوزوا القانون وارتكبوا أخطاء فادحة بحقه؟
أقصد هنا رجال الكويت بل أبطالها ممن تنصلوا من كل أمر في سبيل تطبيق القانون، هم الأبطال ممن رفضوا الفرعية أو التشاورية أو تزوير إرادة الأمة التي تمارس في هذه الأيام من بعض أبناء القبائل للتلاعب في مصدر السلطات جميعا، وذهبوا للإبلاغ عنها وتسجيل إثبات حالة لتفاديها.
وأنا هنا لا أعني أبدا من شارك في هذه الجريمة البغيضة من قبل نواب أو حتى مجاميع، وتنصلوا منها اليوم تفاديا للنقد أو تضليلا للناس، ولكن أعني من لم يؤمن بالفرعية أساساً، ويعمل من أجل إلغاء هذا التزوير العلني في انتخابات “الأمة”.
والمفاجأة غير السارة أبداً هي أن يقوم هؤلاء الأبطال بإبلاغ الجهات المسؤولة، وأعني هنا “الداخلية”، في حكومة الشيخ جابر المبارك فتكون ردة فعلها، وهي المشهورة بالوجود في كل الندوات والتجمعات والتظاهرات السابقة واللاحقة بعمل لا شيء، رغم الإبلاغ عن جريمة!!
لو قام أي منا اليوم بالاتصال على “الداخلية” للإبلاغ عن كسر زجاجة أو حتى سيارة تحوم حول شارع في منطقة سكنية لهرع رجال “الداخلية” إلى موقع الحدث، ولكن في جريمة من جرائم الانتخابات التي يوجد قانون صريح بمنعها، وحكم المحكمة الدستورية الذي يرسخ ذلك لم تتحرك “الداخلية” لوأدها مشاركة ومباركة بذلك في تزوير إرادة الناس.
إن الدولة اليوم ممثلة بحكومة جابر المبارك، وفي أولى خطواتها، تعزز التزوير من خلال سلبيتها في رصد التلاعب بإرادة الشعب، وهو مؤشر خطير على ما ستؤول إليه الحال مستقبلا في هذه الوزارة التي لا تمانع التزوير دون إجراء يذكر.
أما الأبطال ممن رفضوا المشاركة وقاموا بالإبلاغ عن الجريمة فلا أملك إلا أن أوجه إليكم ألف تحية، وأحثكم على مواصلة دربكم الصعب أملا في دولة تحترم القانون وتطبقه مستقبلا.

ضمن نطاق التغطية:
مع كتابة هذا المقال أعلنت نتائج الفرعيات التفصيلية لإحدى القبائل، ونشر كذلك جدول المنازل التي أقيمت فيها للملأ، ولا حياة لهذه الحكومة.

سامي النصف

كيف نترجم.. حسن الاختيار؟!

سؤال يتكرر هذه الأيام مضمونه اننا جميعا نود ان يحسن اختيارنا كي يصل الأفضل لقبة البرلمان، الا ان الشيطان كما يقال يكمن في التفاصيل فكيف نختار مع شعورنا بالأهمية القصوى للمرحلة القادمة التي قد تشهد انفجار ألغام سياسية وأمنية وانحدارا كبيرا في أسعار النفط.

*****

لنتفق أولا على انه من المفترض ألا نشاهد العضو الذي اخترناه للأربع سنوات القادمة ما لم نكن نخطط للقيام بجرائم وكوارث تحوجنا لتدخله حيث اننا في دولة مؤسسات تغنينا عن اللجوء للنائب كل صباح ومساء، لذا علينا التوقف عن التفريط بمصالح الأوطان ومستقبل الأبناء لأجل مرشح تربطنا به صلة الدم او الطائفة مع علمنا بأنه سيضر بالكويت التي ندعي حبها وتدمع الأعين لأجلها.

*****

ومن الضرورة بمكان ان نحرص على ايصال تنوع جميل للنواب للمجلس عبر اختيار المرشح القبلي والحضري، المعارض والموالي، السني والشيعي، الإسلامي والليبرالي، كبير السن والشاب، الرجال والنساء، ومعهم تعدد الاختصاصات ما أمكن اي ايصال الطبيب والمهندس والمحامي والإعلامي والطيار والتاجر والمتقاعد والغني والفقير.. الخ، فهذا واقع مجتمعنا الذي تقتضي العدالة ان نحرص على تمثيله في البرلمان كي لا يشعر احد بالغبن او الظلم.

*****

وقد كبرت الكويت واتسعت ولم تعد المعرفة الشخصية هي مقياس الاختيار بل علينا في الفترة الممتدة منذ اليوم حتى أوائل فبراير القادم الحرص على قراءة لقاءات المرشحين في الصحف ومشاهدة مقابلاتهم على الفضائيات طبقا لمقولة «تحدث كي أراك» فمن أعجبنا قوله وشعرنا ان لديه ما يعطيه وان سيرته الشخصية تدل على انه من الأكفاء والأمناء لا من تدور الشبهات حولهم، وضعنا اسمه في الصناديق وبذا نكون قد رددنا جميل الوطن علينا، وما أكثر جمائله وما أكثر نكراننا لتلك الجمائل عبر اختياراتنا الخاطئة الماضية التي نعجب من أخطائها وننسى اننا من أوصلها.

*****

آخر محطة: مبادرة رائعة من وزير الإعلام ووكيل الوزارة في فتح الباب لجميع المرشحين دون تمييز لتقديم أنفسهم وشرح أفكارهم دون شطط، والأفضل بالطبع ان تسجل اللقاءات لا ان تقام على الهواء مباشرة خوفا من أخطاء الهواة والمغرضين من المرشحين.. وما أكثرهم!

احمد الصراف

حوار الطرشان

عندما كنت أعيش في بريطانيا في منتصف الثمانينات، أعلمني صديق بأن والده، المحسن المعروف، شارك مجموعة من رجال الأعمال، وحكومات عربية، بالاستجابة لمبادرة الأمير شارلز، لتأسيس «مركز الدراسات الإسلامية في جامعة اكسفورد»، لزيادة تقارب الثقافتين الغربية، البريطانية، والإسلامية! وأنه أصبح عضوا فيه ممثلا لوالده. كان ذلك قبل ثلاثة عقود تقريبا، ولا أعتقد أن المركز، بالرغم من جهوده الكبيرة في ميادين النشر والمحاضرات والمنح الدراسية واللقاءات، وبشخصيات أمانته العامة المرموقة، قد نجح في ردم الهوة الشاسعة بين العالمين، والدليل زيادة حدّة التطرف واتساع الهوة بين المسلمين، وفي بريطانيا بالذات، والغرب عموما، بعد أن اصبح المسلمون، بشكل عام أكثر عدائية للغرب ولكل ما يمثله، ربما كان سبب فشل المركز وضعه الأقرب «للارستقراطية»، واختياره مخاطبة النخبة، وبعده عن مركز أو بؤر الصراع! وقد استغل البعض هذا وأسسوا ما يماثله بغية تحقيق الشهرة والمال من تبرعات الحكومات والشركات.
وفي السياق نفسه، عقد في اسبانيا قبل 3 سنوات مؤتمر، وصف بـ«التاريخي»، هدف الى فتح صفحة جديدة بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، من خلال حوار حضاري شارك فيه بوذيون وهندوس ويهود ومسيحيون، وكان لسان حال الجهة المنظمة أنه لا ينبغي للأديان، التي اريد لها جلب السعادة للإنسانية، ان تكون اداة لصناعة البؤس، وأن كل افراد البشرية خلقوا على قدم المساواة، وهم شركاء على هذا الكوكب، فهم إما ان يعيشوا بسلام ووئام، او سيكونون لا محالة هالكين بنيران الحقد وسوء الفهم والكراهية!
وطبعا مرّ هذا الكلام الإنشائي دون اكتراث، بالرغم من جماله، فبعد أكثر من ألف يوم من ذلك المؤتمر، الذي ربما كان برعاية سعودية، لم يتغير شيء في الدول العربية الإسلامية في ما يتعلق بالتعامل مع اصحاب الديانات الأخرى، وربما كان العكس أقرب للصحة، خاصة بعد نتائج الربيع العربي التي بدأت «أزهارها» بالتفتح في مصر وتونس وليبيا، وربما قريباً في سوريا! كما أن تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في الدول الخليجية لم يتغير فيها سطر عن الانتهاكات التي طالت ولا تزال تطال غير المسلمين، وحتى المسلمين المنتمين لأقليات، وبالذات في الدول التي تصرف بسخاء على مراكز ومؤتمرات تقارب الأديان وغيرها من الأنشطة المماثلة. ويعود سبب فشل هذه المراكز الى غياب حرية العقيدة في الدول الراعية، ولتنامي التطرف المذهبي فيها، كما أن إصلاح الوضع مع الآخر لا يمكن أن ينجح طالما أننا لسنا أقرب بعضنا لبعض داخل دولنا، فالإصلاح يبدأ من بيوتنا ومجتمعاتنا، وليس بنقله في طائرات حكومية رسمية وخاصة الى الخارج!

أحمد الصراف