محمد الوشيحي

فضفضات بدوي

كما هي مدينتي/ موطني الكويت مدججة بالفوضى في كل زواياها، أعيشُ مدججاً باللخبطة وبتراكم الأفكار غير المرتبة في كل زواياي.
غداً سأموت، أو بعد غدٍ، على أقصى تقدير وأبعد تفاؤل، فهل جازيت مدينتي بما جازتني به؟ هل سأموت مرتاحاً؟
كنت صغيراً أعيش في منطقة تقع قريبة من الاهتمام، اسمها “العمرية”، وغادرتها صغيراً، قبل أن أعرف العشق والحرف، إلى منطقة تقع خلف الاهتمام، اسمها “الصباحية”… وفيها تعلمت الهوى ومداعبة خصلات شعر تلك الصبية، وتعلمت الصياعة، والتدخين في الأماكن القصية بعيداً عن الشمس التي تشهد جلودنا على حضورها وغيابها، وتعلمت التحدي، وتعلمت الجري حافي القدمين، وتعلمت الكويت.
وُلِدتُ لأبٍ من النوع الذي يجب أن تقرأ الوصايا العشر قبل أن تجالسه، كان الفارق في السن يناهز الستين سنة والستين ثقافة والستين مبدأ والمليون أولوية، فلا ترفع كم ثوبك في حضرته، ولا تجلس، إذا جلست، إلا متأهباً لتلقي أوامر كبار السن، ولا تتحدث إلا عندما تُسأل، ولا تطل الإجابة، ولا تقهقه فالقهقهة للرعاة والعبيد، الابتسامة تكفي وتزيد، ولا تزحم المكان، ولا ولا ولا… كان ينثر لاءاته الناهية التحذيرية ببذخ، وكنا، أخوتي وأنا، نذعن بإتقان، فلا مجال للتحايل على لاءاته أمام حاجبيه المتحفزين على الدوام، إلا ما ندر… كان يرعب شوارع المنطقة فكيف بمن يشاركه البيت.
قال يوماً: “لن نجزي الكويت حقها ولو “حججناها” على ظهورنا… نقلتنا من الخيام والجوع إلى البيوت والشبع”، ومن يومها وأنا أهيم عشقاً بتلك الكويت التي آوت والدي وأشبعته. وقال ذات طريق سفر: “لا ينكر معروف الكويت إلا خسيس”، ومن يومها وأنا أخشى أن أكون خسيساً.
قد أكون أغضبت الكويت، من جملة من أغضبها من أبنائها. لا أعلم. الأكيد أنني كلما رأيت من يتكفل بإحضار الماء من البئر وحباله قصيرة، صرخت: “حباله قصيرة لن تصل إلى الماء… ستموت الكويت عطشاً”.
قد أكون أغضبت الكويت، من جملة من أغضبها من أبنائها، لا أعلم. الأكيد أنني أغضبت أقربائي لأرضيها، وخاصمت سراق الربيع والمطر ليعيدوا إليها ربيعها ومطرها… قال السراق ذات إغراء وإغواء: “المطلوب هو صمتك فقط، ولك منا ألا تستنشق إلا رائحة الخزامى البرية، وألا يبلل كفيك إلا قطرات مطر نقية، وألا يملأ بساتينك إلا فراشات ملونة، أو فلتحسب حساب الجراد”… وحسبت حساب الجراد.
عذراً يا كويت إن كنت أغضبتك أو ساهمت بجزء من الفوضى، من غير قصد… يشهد الله أنني لم أقطع عرقاً كويتياً بسيف: “من أنتم؟”، ولم أسع يوماً إلى نهش لحمك تحت شعار: “نريد أن نأكل معكم”، ولم أفاخر يوماً أن آبائي، أيام الغبار والدم، كانوا من بين جنودك الذين رفعوا “بيرقك”، في وقت كان فيه آباء البعض يجلسون على الموائد يتقاسمون “الذبيحة”… وكان نصيب أولئك الغبار والدم، ونصيب هؤلاء الذبيحة.
عذراً يا كويت فقد أصررتِ – أنتِ – على أن أكون “حضرياً”، وأصررتُ أنا على أن أرد جزءاً من جميلك بـ”بداوتي” وفوضويتي، كي لا أكون خسيساً في عينيك وعيني المرحوم… والدي.
عذراً يا كويت… وماري كريسميس.

سامي النصف

كي لا تكون الانتخابات الأخيرة!

  قبل التوجه لصناديق الاقتراع في الثاني من فبراير علينا ان نتوقف للحظة لنسأل انفسنا اسئلة مشروعة ثم نبني على اجوبتها قرارنا المحايد والجاد في انتخاب من يحل مشاكلنا ويقلل من ازماتنا ويحقق احلامنا، لا من يتكرر منه اشعال النيران.. ثم يزيدها باقواله وافعاله اشتعالا.

***

اول الاسئلة الجادة هو: هل نحن راضون عن مسارنا السياسي خلال العشرين عاما الماضية وما امتلأ به من ازمات وكوارث توجت بالغزو الغاشم الذي قام على معطى قراءة صدام الخاطئة لخلافاتنا الشديدة وافتراقنا وظهورنا بمظهر العاجز وصاحب الغفلة وقلة الحكمة ممن لا يستطيع حل مشاكله دون مساعدة الغريب على القريب؟

***

وهل نحن راضون حقا عن مسلسل الازمات والاستجوابات القائ‍مة على «الهوية» لا «القضية» والتي استهدفت في الاغلب الشرفاء والاكفاء وغضت النظر عن العاجزين والمتجاوزين؟! وهل نحن راضون كذلك عن محاربة انشاء لجان القيم ومحاسبة النواب مما ادى الى تفشى الفساد التشريعي الحالي وازدياد ظاهرة النواب القبيضة التي ما خلقها الا من أضاف «العصمة» الى «الحصانة» البرلمانية وجعل النائب من لا يسأل قط عما يفعل طمعا في حصد صوت النائب في الانتخابات التي تجرى تحت قبة البرلمان؟

***

وهل نحن راضون عن سبق الاشقاء من دول الخليج لنا بسنوات وعقود عدة بسبب الانظمة والتشريعات المعرقلة التي اوقفت عجلة التنمية في الكويت فهجّرت الافكار والاموال للخارج وتسببت في بطالة الشباب الكويتي؟ وهل نحن راضون كذلك عن المال السياسي الداخلي والخارجي والخروج للشوارع واستبدال الولاء للكويت بالولاء للمال ايا كان مصدره وجعل ارضنا الطاهرة ملعبا لحروب الوكالة بين القوى الاقليمية والدولية حتى كدنا نحترق اكثر من مرة؟

***

لنحسن الاختيار هذه المرة بعد ان اسأنا الاختيار اكثر من مرة، فالنائب العاقل والحكيم والمعمر بيّن، والنائب المغرض والمخرّب والمدمر بيّن كذلك مهما ادعى من طهارة ووطنية، واذا لم نحسن الاختيار في فبراير المقبل، فقد لا تتاح لنا فرصة اخرى للاختيار فبلدنا والمنطقة على كف عفريت والاوضاع قد تتدهور سريعا بين لحظة وأخرى وحينها سنندم على اختيارنا الخاطئ وما صنعته ايدينا.. حين لا ينفع الندم.

***

آخر محطة:

 1 – مع قيام الجارة ايران بمناورات عسكرية ضخمة هذه الايام وهو حق مطلق لها، نسأل انفسنا لماذا لا نرى مناورات جوية وبرية وبحرية خليجية كل عام؟ وهل سننتظر حتى وقوع الفاس بالراس كما حدث عام 90 لنتحرك؟ وهل تسلم الجرة في كل مرة؟!

2 – من يعتمد في آماله واحلامه على القوى العسكرية الحليفة وحدها، هل لنا أن نذكره بسقوط واحتلال دولة كبرى كفرنسا في مايو 1940 رغم وجود مئات آلاف من القوى الحليفة التي خرجت من ميناء «دنكرك»، وسقوط فيتنام الجنوبية في ابريل 75 رغم وجود نصف مليون جندي اميركي على ارضها؟ وهل من مذكر بأن بقاءنا ومستقبل ابنائنا يعتمد بشكل مطلق ودون مبالغة على كيفية تصويتنا في الانتخابات المقبلة.. فلنحسن الاختيار..

فلنحسن الاختيار ولنحسن الاختيار فعلا لا قولا..!

احمد الصراف

سمو الرئيس.. معذرة.. البداية خاطئة!

اتصل بي قبل سنة تقريباً السيد صلاح الغزالي، رئيس جمعية الشفافية، وطلب موافقتي على نشر مقال لي في كتاب الجمعية السنوي الذي يتضمن انجازاتها ونخبة من المقالات التي كتبت في اتجاه فكر الجمعية ورسالتها، فشكرته على عرضه وقلت له انني أود معرفة اسماء الكتاب الآخرين الذين سيشاركونني في الكتاب بمقالاتهم، وعندما ذكر البعض منهم اعتذرت عن قبول العرض قائلا انه لا يسعدني، وربما استخدمت كلمة أكثر قسوة ودقة، أن أشارك هؤلاء في الكتاب نفسه، ليس لأنني أفضل او اشرف منهم، ولكن فقط لرغبتي في النأي بنفسي عن البعض! لم يرتح السيد الغزالي لما ذكرته وحاول ثنيي عن قراري، ولكني اصررت على موقفي قائلا ان على الجمعية أن تبني أحكامها على موقف أي كاتب أو باحث من خلال مجمل ما يكتب، وليس من مقال أو اثنين!
اقول ذلك بمناسبة اختيار سمو رئيس مجلس الوزراء لـ «جمعية الشفافية»، التي يرأسها السيد صلاح الغزالي، ومعه مجموعة معروفة الاتجاه، لمراقبة الانتخابات من خلال خمسة او ستة مراكز، وحصر الحق فيها من دون غيرها من جمعيات نفع عام أكثر قوة وتخصصا وحيادية كالمحامين وحقوق الإنسان، هذا على سبيل المثال لا الحصر. فاتجاه جمعية الشفافية يميل بقوة لخط حركة «حدس»، الذراع المحلية للتنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين. كما أن السيد الغزالي، كما ذكر الزميل أنور جمعة في مقال الخميس، سبق أن رشحته شخصية «حدسية» لرئاسة هيئة مكافحة الفساد! فكيف يمكن قبول أو بلع تكليف جمعيته بمراقبة الانتخابات وهو طرف غير محايد ولاعب رئيسي فيها؟ وهنا نتمنى على سمو رئيس الوزراء عدم بدء عهده بمثل هذه الشائبة، والتكرم إما بإلغاء تكليف الجمعية بالمهمة، أو مشاركة أطراف اخرين، أكثر دقة وحيادية وقوة، كـ «المحامين» و«الثقافية النسائية» و«الخريجين» و«حقوق الإنسان» في مهمة مراقبة نزاهة الانتخابات وشفافيتها.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أعداء الوحدة الخليجية

قرار مؤتمر القمة الخليجية الأخير، الذي تحدث عن «الوحدة الخليجية» أو الانتقال من التعاون الى الاتحاد، هو قرار وافق طموحات شعوب هذه الدول، خصوصا الكويت والبحرين وقطر، التي تتعرض يوميا لتهديدات فارسية وعراقية! هذا القرار كان واضحاً منذ يومه الأول، وهو التحول الكونفدرالي وليس الوحدة الشاملة أو الاندماجية. بمعنى أن الاتحاد مرتبط بالسياسات العامة كالخارجية والدفاعية والنفطية ووحدة النقد وجواز المرور. أما الشأن الداخلي فكل دولة تحكم نفسها بطريقتها الخاصة ودستورها الخاص، وهذا الكلام أعدناه في هذه الزاوية مرارا وتكرارا حتى لا يأتي أعداء الكويت ومحبو الخليج الفارسي ويتعلقون بخصوصية المجتمع الكويتي ودستوره لرفض هذه الوحدة التي تعيق تحقيق طموحات فارس والعراق!
ولم أستغرب تسارع تصاريح الرفض والتخويف من أتباع التوجهات الفارسية في الكويت، حيث أصدر وكيل الأطماع الفارسية بيانا ندّد فيه بهذه الخطوة واعتبرها مخالفة للدستور الكويتي (!!) وأن مثقفي الكويت يرفضونها، ونسي أو تناسى أن خمسمائة من مثقفي دول مجلس التعاون الست اجتمعوا قبل أشهر في البحرين وأسسوا منتدى وحدة الخليج والجزيرة العربية، وأن الأمين العام من دولة الكويت، وأن هذا المنتدى طالب هذه الحكومات بالنظر بجدية في الوحدة التي تحفظ أمن هذه الدول ووجودها في مقابل التهديدات المتلاحقة من الجيران وغير الجيران (لا بارك الله فيها من جيرة)!
إننا ندرك أننا في زمن «لا مكان اليوم للضعفاء»، وأن الدول الصغيرة ما لم تكن مستندة الى جيش قوي أو حليف قوي (ما يقطك على صخر) فإن مصيرها الفناء، وستكون أسيرة للتهديد والابتزاز من الأعداء!
نعم كبيرة للاتحاد الكونفدرالي بين دول مجلس التعاون.. فقد تعبنا ومللنا من ابتزاز الاشقاء والجيران.
•••
• التعامل الراقي الذي تحلى به طرفا النزاع بالأمس كان لافتا للنظر.. فـــ«البدون» الذين تجمعوا مطالبين بالالتفات الى أبسط حقوقهم.. وقوة الشرطة المنوط بها حفظ الأمن في منطقة التظاهر.. كلاهما كان راقيا وأعطى صورة مختلفة عن صدامات سابقة مشوهة للكويت والجو الديموقراطي الذي تعيشه! فشكرا كبيرة للطرفين.
•••
• بالمناسبة، أجد نفسي مضطراً الى الثناء على الأخ صالح عاشور (على غير العادة) لاقتراحه ومناشدته «الداخلية» والأخ الكبير صالح الفضالة، استعجال تجنيس الخمسة والثلاثين ألفا الذين أقر رئيس الجهاز بأحقيتهم في الجنسية ومعالجة البقية الباقية بأسلوب إنساني.. فشكرا كبيرة أخرى للأخ عاشور.
•••
• أخيرا، أتمنى من بعض المرشحين لمجلس الأمة المقبل أو من أعلن نيته بالترشح، أن يستمر الى نهاية المشوار ولا يتحجج بأي عذر للانسحاب، لأننا بصراحة ودنا نعرف حجم شعبية هؤلاء.. هذا إذا سمح لهم بالترشح!!