في 26/1/1952 أحرق الشاب الأرعن أحمد حسين وصحبه من أعضاء «حزب مصر الفتاة» القاهرة، مستغلاً نقمة الشعب المصري على مذبحة الشرطة بالإسماعيلية في اليوم السابق التي تسبب فيها وزير الداخلية الوفدي الشاب فؤاد سراج الدين، وقد نتج عن ذلك الحريق الشهير حالة عدم استقرار سياسي واضطرابات انتهت بانقلاب 1952 المشؤوم، مصر وليس القاهرة فقط تحترق هذه الأيام بأيدي شبابها في انحدار آخر يوصل سريعا لمشروع الفتنة الكبرى التي سينتج عنها تقسيم مصر وإشعال الحرب الأهلية فيها.
***
وقد وصلت مصر الحبيبة للحالة المأساوية الحالية ضمن مشروع شرير سيق له الشباب المصري بطهارتهم وحسن نيتهم، وقد بدأ المخطط قبل سنوات عشر وبشكل تصاعدي شوه فيه وبشكل مبالغ فيه صورة النظام السابق وزاد من الحنق الترويج لمسلسل التوريث ثم التزوير الفاضح وغير المبرر لانتخابات مجلس الشعب، تلاه إبعاد رجال الداخلية مع بداية هذا العام وعزل رجال الجيش هذه الأيام لتعم الفوضى ويهرب المستثمرون والسائحون وتتفشى بطالة الشباب فيسهل تجنيدهم لتخريب بلدهم كما حدث في لبنان 1975 وعراق 2003 وقبلهما الصومال.
***
إن الشباب في مصر والكويت كذلك هم النقاء وصفاء السريرة، وهم من يرتفعون بطهارتهم فوق التخندقات الفئوية والطائفية والقبلية إلا انهم ليسوا دائما على حق، خاصة مع قلة الخبرة والتجربة فهم خير من يهدم القديم إلا انهم ليسوا بالضرورة أحسن من يبني الجديد، فقد انتهى حراك الشباب لدينا قبل سنوات قليلة بالتحول للنظام الانتخابي الحالي الذي أسس وأطّر للفساد التشريعي القائم وغير المسبوق في تاريخ الكويت.
***
وعودة للأوضاع العربية الراهنة وحقيقة ان دخول العديد من دولنا العربية في «هوجة» الخريف العربي هو الجزء الأسهل من المعادلة، اما الجزء الصعب والتحدي الحقيقي فهو في الخروج السالم من تلك «الهوجات» او الثورات التي يمكن تشبيهها بمجموعة من البشر سقطت في وقت متقارب في بحر هائج متلاطم الأمواج، الذي يجيد العوم سيخرج أولا (تونس)، سيتلوه من يملك مؤهلات الخروج كالجسد الرياضي واللياقة البدنية إلا انه لا يتقن السباحة بشكل جيد (ليبيا)، الإشكال الحقيقي هو في ثقيل الوزن كبير السن الذي قد لا يخرج قط سالما من أعماق ذلك اليم (مصر، اليمن، سورية، وحتى العراق والسودان والجزائر لاحقا).
***
آخر محطة:
(1) هلل الشباب المصري المغرر به لحرق تراث مصر الذي لا يعوض ومنه مجموعة كتب «وصف مصر» التاريخية، في مكتبة البابطين مقابل الخارجية نسخة أصلية نادرة لتلك المجموعة اشتراها محب الكتب والتراث والأدب الأخ عبدالكريم البابطين من مزاد في لندن بمبلغ ضخم وقد عرض عليه بعد وقت قصير ضعف المبلغ الا انه رفض البيع، جزى الله الأديب والشاعر عبدالكريم وآل البابطين الكرام كل خير على إنشائهم مكتبة البابطين العامرة التي رفعت اسم الكويت عاليا في منتديات الثقافة والفكر والأدب العربي والعالمي، وأخزى الله كل من حاول إفشال ذلك المشروع الكويتي غير الربحي الخيّر.
(2) نرجو من الشباب الكويتي الواعي ان يطلبوا ممن يدعي حبهم وودهم ان يتنحى ويعلن اعتزاله ليتيح لهم الفرصة هذه الأيام للوصول لمجلس الأمة لتحقيق أفكارهم وطموحاتهم الهادفة لخدمة وطنهم وليرفعوا شعار «كفاية» لبعض المرشحين.
(3) من يرفض الاعتزال اعلموا انه لا يستهدف الصالح العام بل يخدعكم ويستغلكم للوصول لمكاسبه الشخصية وزيادة ثروته على حساب مستقبلكم، فانبذوه واعتزلوه وادعموا ترشح شباب واعملوا على وصول دماء جديدة نقية وطاهرة للبرلمان وان تخدعوا مرة فخادعكم المخطئ والمذنب، اما ان تخدعوا كل مرة فأنتم الملومون، ولن أقول: المغفلون، فأنتم يا شباب الأمة أملنا وحلم مستقبلنا وأنتم أذكى بكثير من ان يتكرر خداعكم من نفس الأسماء وتحت نفس الشعارات البراقة.
(4) تحية قلبية لصديق الكويت اللواء حسام سويلم ودفاعه القوي في وسائل الإعلام هذه الأيام عن مصر العزيزة أمام من يستهدف أمن شعبها ومستقبل شبابها.