علي محمود خاجه

ما لهم ذنب أبد

اقتحم نواب سابقون ومجموعة مواطنين مجلس الأمة على خلفية سحب استجواب كان موجهاً إلى رئيس الوزراء السابق، بمعنى أن تصرفاً سيئاً واحداً للحكومة أو مجموعة تصرفات سيئة في فترة وجيزة خلال سنة أدت إلى تصرف غير حضاري سيئ لا يليق بالكويت ولا الكويتيين ولا من يمثّلهم.
وعلى الرغم من أن النواب المقتحمين يفترض أن يكونوا من خيرة المواطنين المثقفين الواعين العارفين بأن المطالبة باسترداد هيبة القانون لا تكون أبداً من خلال كسر القانون، والمواطنون المقتحمون أيضاً يفترض بهم أن يكونوا ذوي وعي ودراية؛ لأن خروجهم من الأساس كان للحفاظ على الدستور كما زعموا طوال فترة تحركهم.
المواطنون والنواب المقتحمون يعيشون عيشة طيبة ولله الحمد في الكويت، فولادتهم مجانية ودراستهم ورعايتهم الصحية كذلك، بل إن توظيفهم في الدولة إلزامي كما ينص الدستور، وزواجهم مدعوم من الدولة، وتكاثرهم مدعوم من الدولة، ورواتبهم تزداد بشكل دوري ومستمر، ومساكنهم مؤمَّنة من الدولة، وهنا أستدرك بأنني لا أعني أنه يجب عليهم السكوت عن الأخطاء الكثيرة من الحكومات المتعاقبة، ولكن هو مجرد تبيان لوضع قائم.
بل إن المواطنين والمقتحمين منحوا أنفسهم إجازة من ثورتهم طوال أشهر الصيف لانشغالهم بظروف السفر، بمعنى أنهم يعيشون حياة رغيدة تمكنهم من السفر إلى شتى أقطار العالم للسياحة والترفيه، وهم بلا شك أفضل من غيرهم عربياً على الأقل.
الخلاصة أن جزءاً من شعب الكويت ونوابه على الرغم من العيشة الجيدة المستوى وتوافر المقومات الأساسية للحياة، سلك مسلكاً غير قانوني وسيئ جداً باقتحام المرفق العام ورمز الديمقراطية لأخطاء ارتكبتها الحكومة السابقة.
في المقابل لدينا فئة كبيرة وعدد أفرادها يتزايد يوماً بعد يوم يعيشون أخطاء الحكومة، بل الدولة كاملة لمدة خمسين عاماً ملؤها التخبط وسوء التصرف تجاههم مباشرة دون أن يبدر منهم تصرف فج كاقتحام للمجلس، على الرغم من أن حياتهم صعبة ومستواهم التعليمي في أغلب الأحيان أقل من المواطنين، ودخلهم المادي سيئ، ومسكنهم ورعايتهم الصحية أسوأ، كل ذلك وهم لم يقوموا بشيء سوى المطالبة بحقوقهم الإنسانية الأساسية.
أنا لا أتحدث عن حق الجنسية هنا، فهو موضوع متشعب واختلط فيه المستحق بمن لا يستحق نتيجة تخبط الدولة، ولكن كل ما أطلبه هو النظر إلى حقوقهم كبشر في الحياة الكريمة حتى إن كانوا مجرمين عتاة سفاحين وقتلة، وهم ليسوا كذلك في المجمل.
إن المجرمين ممن يقبعون في سجون الكويت على خلفية أي قضية ينعمون بحقوقهم الإنسانية الأساسية لأنهم بشر، فلماذا نستكثر ذلك على من هم خير منهم لمجرد أنهم من “البدون”؟!
لا أطلب منكم أن تحبوهم، بل كل ما أطلبه هو السعي معهم لنيل حقوقهم الإنسانية حتى إن اعتبرتموهم مجرمين، لست طالباً للمستحيل، بل ما أطلبه هو القليل.

ضمن نطاق التغطية:
قنابل غازية وتفريق بالماء واعتقال بحجة تطبيق قانون التجمعات الذي يحظر على غير الكويتيين التجمع، هل كانت هذه الممارسات ستمارس لو كان المتجمهرون أميركيين؟

عادل عبدالله المطيري

من وحي انتخابات أمة 2012

٭ مع حكومة التنمية: مما لا شك فيه أن التنمية في الكويت معطلة، ولا تحتاج إلا إلى نظرة خاطفة للخدمات العامة لتكتشف أنها قاربت على الانهيار، وهي بحاجة إلى إنعاش وتدخل سريع، ومن ثم البدء بعملية إصلاحات جذرية، ومشاريع تنموية كبرى، كإنشاء جامعات وطرق ومدنية إسكانية كبرى تستوعب الزيادة السكانية وشركات حكومية ضخمة تستوعب فائض الأموال العامة وتخلق فرص عمل للمواطنين.

لذا سنقف مع الحكومة الجديدة وسندعمها وننصحها، وسنعطيها الوقت الكافي قبل أن نحكم عليها، وسنقف بوجه المعارضة إن تصيدت الأخطاء الحكومية، ونتمنى على الحكومة أن تعمل ولو أخطأت، فنحن نعلم أنها مشكلة من وزراء بشر وليسوا ملائكة، فقط عليها ان تبتعد عن الخطايا التي لا تغتفر.

٭ ديموقراطية التشاوريات: لا يمكن تصور وجود ديموقراطية حقيقية قائمة على الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص دون وجود أحزاب سياسية، وإلا كيف ستنظم الجماعات أنفسها في ظل غياب المؤسسات الديموقراطية الحديثة كالأحزاب والجمعيات السياسية، حتما ان من سلبيات الديموقراطية الكويتية المشوهة أنها تجبر المواطنين على العودة إلى التجمعات البدائية والتقليدية كالطائفية والفئوية والقبلية، وبالرغم من تجريم الفرعيات القبلية والتصفيات الطائفية إلا أنها من سمات الحياة الديموقراطية الكويتية، ويبدو أن المزاج السياسي الجديد في انتخابات 2012 هو العزوف عن التشاوريات سواء من المرشحين أو الناخبين، ومن المؤكد أن الفرعيات ستنتهي وستكون من التراث السياسي الكويتي، لذلك نتمنى من مجلس الأمة القادم أن يشرع لتشكيل الأحزاب لتطوير الحياة الديموقراطية.

٭ النواب القبيضة: مهما كان وضعكم القانوني والدستوري وسواء كنت من النواب السابقين أو الحاليين، أنتم مشتبه فيكم ومتهمون بتضخم حساباتكم البنكية، ويجب ان يحقق معكم، وقد يسعفكم القصور التشريعي او حتى صحيفة الادعاء من الحكومة السابقة وحيثيات التهم ونوعية الأدلة، ولكن لم ولن تقنعونا بأجوبتكم، فنحن كنا ومازلنا نعرفكم قبل عضوية البرلمان وبعدها ونعرف أوضاعكم المعيشية السابقة وما أصابكم من ثراء فاحش، والأهم هو أن تتركوا الساحة السياسية وتتواروا عن الانظار «فوق شينه قواة عينه».

٭ الحل جدل دستوري وسياسي: دار جدل قانوني ودستوري حول حل مجلس الأمة السابق، وعدم اختصاص الحكومة المستقيلة بتقديم كتاب عدم التعاون، فهي حكومة تصريف العاجل من الأمور، ويرى بعض الفقهاء الدستوريين ضرورة أن ترفع الحكومة الجديدة كتاب عدم تعاون جديد، وعلى أثره يحل مجلس الأمة حلا جديدا وفق نصوص الدستور وآلياته، وبغض النظر عن الجانب الدستوري والقانوني، شدني مواقف بعض النواب (السابقين الحاليين) ممن أثاروا هذه القضية، حيث كان منهم من يطالب بالحل غير الدستوري وتعليق مجلس الأمة، وآخرون كانوا يصوتون على وأد الاستجواب والتعدي على صلاحيات النواب الدستورية. والآن يتباكون على بعض الأخطاء الدستورية الشكلية في حل مجلس الأمة، هذا ان صدق تحليلهم القانوني.

يجب أن يفهم هؤلاء النواب أن مصالحهم كرجال أعمال داخل البرلمان قد انتهت، وان الجدل الدستوري والسياسي يجب أن يبتعدوا عنه، لأنهم بتصرفاتهم البرلمانية السابقة كانوا بعيدين كل البعد عن الدستور الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها من خبرائه والمناضلين عنه.

٭ حكومة مطلقة دون محلل: يبدو أن القاعدة الشريعة التي تقول « الضرورات تبيح المحظورات المحرمات» تنطبق على الوضع الحكومي الجديد، فلقد تشكلت في ظل عدم وجود مجلس أمة منتخب، وذلك اثر حل المجلس السابق دستوريا، فصادفت الحكومة الجديدة معضلة عدم وجود نائب مجلس أمة لتقوم بتوزيره، فتشكلت الحكومة الجديدة دون هذا النائب المحلل، وهذا الوضع أوقعنا في مأزق دستوري لا نحسد عليه، ويبدو أن الحل بتوزير أحد نواب مجلس الأمة السابق، اننا في طور تشكل أعراف وتقاليد دستورية جديدة، سيكون لها بالغ التأثير في مستقبل الديموقراطية في الكويت.

سامي النصف

حتى لا تكون آخر الوزارات!

  لنأخذ الأمور بتسلسلها المنطقي السهل، كنا نتقدم على الجيران بخمسين عاما فأصبحوا يتقدمون علينا بخمسين عاما بسبب انشغالهم بالعمل الجاد وانشغالنا بالأزمات السياسية الطاحنة التي بات المواطنون يشتكون منها ويشكون في الدوافع الحقيقية لحدوثها وعليه فإن استمرارنا بمسارنا السابق يعني توسيع فجوة الإنجاز بيننا وبين الجيران ويحيلنا بالتبعية الى مفهوم «الدولة الفاشلة» غير المستقرة سياسيا والتي لا يريد احد ان يعيش او يستثمر بها.

***

والملاحظ أنه لا احد يهدد ويتوعد هذه الأيام مما يعني ان هناك من يعلم علم اليقين بأن الشعب الكويتي والناخبين يكرهون ويمجون الأزمات، والتساؤل المستحق هو مادام الهدوء والاستقرار السياسي هما مطلب الناس فلماذا العودة السريعة بعد الانتخابات للمنهاج الذي تسبب في تخلفنا وجعلنا القدوة السيئة في الممارسة السياسية؟!

***

وليس عيبا ان نخدع ذات مرة فنذهب مسرعين لصناديق الانتخاب لنصبح تروسا ودروعا لمن يصعد على أكتافنا ويملأ جيوبه من أموالنا ويجلس على الكرسي الأخضر لا لخدمة بلده وناخبيه بل ليطيل قامته ويبني مجده الشخصي تحت الرايات المخادعة المعتادة، لكن العيب كل العيب هو ان نخدع في كل مرة ثم نبدي ضيقنا مما يجري حولنا وهو في حقيقة الأمر من صنع أيدينا وما ترميه من أسماء في صناديق الاقتراع.

***

لذا لنرفع لاءات كبيرة في انتخابات فبراير المقبلة، لا للمخادعين الرافعين رايات الوطنية وهم أعدى أعداء الوطنية، ولا للمتدثرين برداء الدستور وهم من داسوا بأقدامهم نصوص وروح الدستور، ولا للفاسدين المدعين محاربة الفساد وهم أول المستفيدين منه والمتسربلين به من قمة رأسهم حتى أصابع قدميهم، كفاكم خداعا وكفانا تصديقا لخداعكم.

***

آخر محطة: دروس من الماضي، وعبر للانتخابات المقبلة:

1 ـ استخدام المال السياسي يثير الحنق والعداء ويساعد بالتبعية في نجاح الأعداء.

2 ـ دفع الأموال لإنزال المرشحين المشتتين للأصوات يتسبب كل مرة في تشتيت أصوات المؤيدين ومن ثم نجاح الخصوم.

3 ـ بقاء الخلاف والصراع بين أبناء الأسرة الحاكمة سيضر بهم جميعا دون استثناء، فلا تجعلوا حكومة جابر المبارك آخر حكومات الأسرة الحاكمة فالمتربصون بكم وبالكويت كثر.

 

احمد الصراف

درس في اللغة

تاريخياً، اعتاد عرب المدن والحواضر إرسال أبنائهم إلى البادية ليتعلموا من قاطنيها الفصاحة وسلامة النطق. وورد في سيرة ابن هشام أن النبي أرسل الى البادية لتعلم فصاحة اللسان. ولكن عندما نأتي الى العصر الحديث نجد أن المسألة قد انقلبت، وأصبح ابن البادية هو الذي يأتي الى المدينة لتعلم العربية الفصحى من أهلها ومدارسها، وسبب ذلك يعود ربما لطغيان سيل المفردات الجديدة التي انهمرت على أهالي البادية، مما كان له أكبر الأثر على اتقان لغتهم، او لهجاتهم! ففي زمننا هذا من الصعب مسايرة العصر من دون التأثر بالكم الهائل من المفردات التي استحدثت في ميادين عديدة، وبالذات الطب والفضاء والكمبيوتر، وفي الإنكليزية بالذات، التي لم تستطع حتى أعتى اللغات الأوروبية، وحتى الآسيوية القديمة، الصمود طويلا أمام طوفانها، فتبنتها، في الغالب، من دون تغيير.
ومن جهة أخرى، يمكن القول ان العرب الأقدمين استطاعوا الاحتفاظ بسلامة لغتهم، أو لهجاتهم، بسبب انعزالهم وبعدهم عن الحواضر وتأثيراتها الثقافية والحضارية، ولكن اقترابهم القسري والتدريجي، إن بفعل الحاجة أو الزمن، من الحواضر كان كافيا للقضاء تماما على «نقاء» لغتهم. كما أن المفردات غير العربية التي اكتسبها هؤلاء زادت من غربتهم لغويا!
خطر كل ذلك على بالي، وانا أستمع لشريط فيديو لخطبة ألقاها قبل فترة النائب السابق محمد هايف المطيري، في جمع من سلفيي منطقة الجهراء، وبحضور النائب خالد السلطان، الذي لا أعلم حقا كيف اصبح «منهم» بكل ما في حياته من تقلبات! وبدأت أتساءل وأنا أستمع لهايف، عن سبب انعدام سلاسة النطق واللغة في خطابه، وعن سبب ارتكابه، وهو ابن البادية الوفي، كل ذلك الكم من الأخطاء اللغوية المبكية والمضحكة، وعن كم «البدليات» التي وردت على لسانه في خطبة قصيرة، لم يستطع خلالها أن يفرق بين «دهس المتظاهرين» و«دعسهم»! وهي أخطاء لا نتوقع أن يرتكبها من في سنه ومكانته السياسية، وانتمائه الجغرافي! ولكن يبدو أننا بحاجة لخبير لغوي، كالصديق والزميل سعد بن طفلة، ليشرح لنا هذه الظاهرة الغريبة.

أحمد الصراف