لنتحدث بدءا عن البديهيات التي تخفى علينا في كثير من الأحيان وأولها أنه لا الحكومة الحالية هي حكومة جابر المبارك ولا الحكومات التي سبقتها هي حكومات ناصر المحمد وصباح الأحمد وسعد العبدالله.. الخ، بل تطلق مثل تلك التسميات في العالم أجمع فقط للتفريق والتمييز عند الباحثين والمتابعين بين الحقب المختلفة.
***
فحقيقة الأمر ان جميع تلك الحكومات هي حكومات الشعب الكويتي لإدارة أعمال دولته الكويت لذا فإفشال خطط ومشاريع وأعمال الحكومة ـ أي حكومة ـ عبر اصطناع الأزمات ووضع العراقيل أمامها هو افشال واسقاط وتخذيل لنا كشعب وكدولة، وعليه نعجب كل العجب ممن يساهم في خلق الأزمات واسقاط الحكومات، والبدء في كل مرة من الصفر ثم التساؤل بمكر أو بلاهة عن سبب تخلفنا عن الأشقاء والجيران المستقرين سياسيا والمتفرغين للعمل والانجاز وخدمة شعوبهم وكأنه لا يعلم «بديهية» ان نجاح اي حكومة هو نجاح لشعبها واخفاقها هو اخفاق لتلك الدولة.
***
وعليه نطالب ونحن على أبواب انتخابات جديدة بأن نبدأ بداية جديدة لأجل كويت جديدة تتوقف خلالها الأزمات المتلاحقة التي تكلف الدولة المليارات من الدنانير و«تطفش» السائحين والمستثمرين الذين دفعنا 137 مليار دولار من ثروتنا الناضبة لإحضارهم، وإذا كانت كلفة الايداعات الشائنة بـ «الملايين» فكلفة الأزمات السياسية بـ «المليارات»، فلا للقبيضة و«لا» أكبر منها لمن يريد ابقاء بلدنا يغلي على صفيح ساخن لأجل غير مسمى ولأهداف لم تعد خافية.
***
ان هناك في الوزارة الحالية وزراء مثل الورد من أبناء الكويت المخلصين لهم مواقف مشهودة وخطط واعدة للبلد فلنحافظ عليهم ولنوفر لهم الجو الهادئ المريح حالهم حال أقرانهم في المنطقة وفي العالم أجمع كي يحققوا لنا القفزة الحضارية المطلوبة وهم قادرون على ذلك متى ما أبعدناهم عن عمليات الشد والجذب والتهديد المستمر بالاستجوابات على أمور لا تستحق كما حدث مرارا وتكرارا في الماضي.
***
آخر محطة: (1) بديهية يجب ان نضعها كمواطنين وناخبين في أذهاننا قبل ان نلقي بالأوراق في صناديق الاقتراع، استقرار سياسي يعني انجازا تنمويا واقتصاديا ومستقبلا مشرقا للكويت، في المقابل استمرار مسلسل الأزمات السياسية يعني اخفاقات لنا جميعا ومستقبلا مظلما للأبناء.
(2) يظهر لنا كتاب «تاريخ الوزارات العراقية في العهد الملكي» للباحث عبدالرزاق الحسيني ان معدل عمر الوزارات الملكية لم يكن يتجاوز 6 الى 7 أشهر مما تسبب في الإخفاق وعدم الانجاز والتذمر الشعبي الذي انتهى بكارثة 14 تموز 1958، ومثل ذلك تشكيل 5 وزارات في العهد الملكي المصري مع بدايات عام 1952 مما خلق حالة تذمر وعدم استقرار انتهى بكارثة 23 يوليو في ذلك العام، وقد تخلفت إيطاليا عن مثيلاتها الأوروبيات في مرحلة ما بعد الحرب الكونية الثانية بسبب عدم الاستقرار السياسي ولم تتقدم الا عندما استقرت الحكومات.