لا شك ان الحراك السياسي في الأيام السابقة وما صاحبها من مناورات حكومية وبرلمانية أثرت على مسار الأحداث الأخيرة، إلا أن المتغير الأكثر حسما وتأثيرا كان موقف الشباب الكويتي والذي حضر بكثافة الى ساحة الإرادة في الأسبوعيين الأخيرين، مما شكل عامل ضغط غير مسبوق على الحكومة والنواب على حد سواء وأدى الى قرارات تاريخية.
وبالتأكيد لا أقصد استقالة الحكومة أو حتى حل مجلس الأمة ولكن ما كان يدور خلف الكواليس المهمة، عموما هناك دروس يجب أن تعيها الحكومة القادمة من خروج الشباب الكويتي لساحة الإرادة منها:
على الحكومة القادمة ان تعتمد على الكتل السياسية التي تتفق معها على النهج الحكومي، وتترك الأغلبية البرلمانية المزيفة التي تعتمد على المستقلين ذوي المصالح الخاصة، فقد أثبتت التجارب الحكومية السابقة فشلها.
وعلى الحكومة ألا تكابر إذا ما أخطأت ويجب أن تتراجع فورا، فتكلف الثبات على الأخطاء أكبر من التراجع عنه، حيث تبدأ المعارضة كأقلية ومع مرور الوقت وتراكم الأخطاء الحكومية تتشكل الأغلبية البرلمانية المعارضة. كما أثبتت الأحداث الأخيرة ان الشارع السياسي هو مكمن الخطر الحقيقي على الحكومة، فعندما انتهجت الحكومة السابقة سياسية إسقاط الاستجوابات عن طريق تحويلها إلى الدستورية ومن ثم شطبها مستغلة وجود ثغرات قانونية ودستورية، أدى ذلك الى تعطل الأدوات الدستورية الممكنة للنواب لمعرفة حقيقة اتهامات الفساد الكبيرة الموجهة الى الحكومة. بدأ الشباب الكويتي بالخروج الى الشارع معبرا عن غضبه من السياسات الحكومية ورغبة منه لمعرفة حقيقة التهم الموجهة للحكومة وبعض النواب، لقناعته بأن الحكومة ستمارس مبدأ شطب الاستجوابات أو على الأقل ستحول الجلسة الى سرية، مما أدى الى ان يطالب الشباب برحيل السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولا يمكننا أن نحسب تواجد الشباب الكبير وغير المسبوق في تاريخ الكويت في ساحة الإرادة وساحة قصر العدل على تيار سياسي معين، فالجميع كان حاضرا بل إن أغلب الموجودين هم شباب وطني ولا يتبع تيارا سياسيا بعينه، أخرجه الوضع الكويتي البائس والخطير، فقد تعاملت الحكومة السابقة مع البرلمان والدستور بطريقة استفزازية وتعدت عليهما بكل جرأة، ولم تترك خيارا أمام الشباب إلا الخروج إلى الساحات للتعبير عن غضبه.
لقد حاولت المعارضة النيابية ومنذ أكثر من عام أن تسقط الحكومة السابقة عن طريق الشارع ولكنها فشلت، لأن التيارات السياسية تستطيع حشد الآلاف فقط من المواطنين، ولكنها وحدها القضايا الوطنية هي القادرة على حشد الجميع.