النائب المخضرم أحمد السعدون يحمّل الحكومة مسؤولية حماية الكويت من الانتخابات الفرعية والرشاوى.
النائبة رولا دشتي تقترح تشكيل لجنة تحقيق في حسابات النواب يكون أعضاؤها النائبين الصرعاوي وجوهر.
الحركة الدستورية تشارك في اقتحام المجلس، وتستنكر اقتحامه وترابط في ساحة قصر العدل للإفراج عن المتهمين في اقتحامه.
تلك هي تصريحات وتصرفات النواب وتياراتهم السياسية فور توارد أنباء عن حل مجلس الأمة.
النواب يعتقدون للأسف الشديد أن ناخبي الكويت هم مجموعة من الأغبياء لا يأخذون إلا نهاية التصاريح والأفعال منهم؛ على أن تجبّ هذه التصاريح ما قبلها من سلوكيات قريبة أو بعيدة.
نبدأ بأكبرهم سنا وتاريخا في المجلس النائب أحمد السعدون، وهو زعيم التكتل الشعبي الذي يضم بين صفوفه أحد نواب الفرعيات التي يطالب السعدون اليوم بمحاربتها، وهو من احتضنها بترحيبه بنائب مزوّر لإرادة الأمة ومتعدٍّ على القانون والدستور والدولة، ويعلم السعدون قبل غيره أن نائبه الفرعي لن يخوض الفرعية مجددا، فوجوده بقرب “ضمير الأمة” مسلّم البراك كما تحلو لهم تسميته و”الدستور الناطق” أحمد السعدون كما تحلو لهم تسميته أيضا كفيل بإنجاح النائب المزوّر لإرادة الأمة دون حاجة لفرعية جديدة.
السعدون بتاريخه الطويل ومواقفه المتعددة يعتقد أنه يتعامل مع شعب أمي لا يفقه، فمجموعة تصاريح قبل الانتخابات كفيلة بأن تنسينا كيف قبل هو قبل غيره بامتهان الدستور من خلال ترحيبه بجرائم الانتخابات وتزوير إرادة الناس.
أما النائبة رولا دشتي التي رفضت، بل احتدم النقاش بينها وبين زملائها في كتلة العمل الوطني قبل أيام قليلة من استقالة الحكومة، رفضت أن يتم انتداب نائبين هما الصرعاوي وجوهر للتحقيق في البلاغات المقدمة من قبل البنوك إلى “المركزي”، لتأتي بعد استقالة الحكومة وتطلب انتداب الصرعاوي وجوهر لنفس الأمر بشكل آخر، وهو ليس مجرد استخفاف بعقول الناس فحسب بل تعمّد واضح لتغييب حتى ذاكرة الناس عما حدث قبل أيام قليلة من رفضها للدور الرقابي السليم المفترض من مجلس الأمة، وهي أحد أعضائه.
أما “حدس” فحدّث ولا حرج، فهم مساكين فعلاً فما زالت صفعة الشعب الكويتي لهم في الانتخابات الماضية تجعلهم يترنحون في مواقفهم، فهم مؤيديون للاقتحام لمن يعجبه ذلك، ومعارضون له لمن لا يعجبهم في طريقة سخيفة لاستجداء الأصوات، بل إن مرشحهم في الدائرة الثانية قد قام فعلاً بحجز مقر له في المنطقة قبل الحل وقبل الدعوة إلى الانتخابات أصلاً، وهو تعدٍّ على أراضي الدولة بالمناسبة.
ما أود قوله باختصار أن بعض النواب والتيارات السياسية قد كرروا الاستخفاف بعقولنا على مدى السنين الماضية وما زالوا، وهو أمر حقق لهم النجاح في مناسبات سابقة، ومن المخزي حقا أن يتحقق لهم النجاح اليوم، وهم يقولون علنا وصراحة إننا شعب غبي ننسى المواقف ونصوّت لتصريح.
دعونا ولمرة واحدة نرفض على الأقل هذا الطعن في عقولنا، ونقولها صراحة إن البقاء لمن يحترمنا ويحترم الوطن والدستور فقط.
اليوم: 5 ديسمبر، 2011
الدروس المستفادة من ساحة الإرادة
لا شك ان الحراك السياسي في الأيام السابقة وما صاحبها من مناورات حكومية وبرلمانية أثرت على مسار الأحداث الأخيرة، إلا أن المتغير الأكثر حسما وتأثيرا كان موقف الشباب الكويتي والذي حضر بكثافة الى ساحة الإرادة في الأسبوعيين الأخيرين، مما شكل عامل ضغط غير مسبوق على الحكومة والنواب على حد سواء وأدى الى قرارات تاريخية.
وبالتأكيد لا أقصد استقالة الحكومة أو حتى حل مجلس الأمة ولكن ما كان يدور خلف الكواليس المهمة، عموما هناك دروس يجب أن تعيها الحكومة القادمة من خروج الشباب الكويتي لساحة الإرادة منها:
على الحكومة القادمة ان تعتمد على الكتل السياسية التي تتفق معها على النهج الحكومي، وتترك الأغلبية البرلمانية المزيفة التي تعتمد على المستقلين ذوي المصالح الخاصة، فقد أثبتت التجارب الحكومية السابقة فشلها.
وعلى الحكومة ألا تكابر إذا ما أخطأت ويجب أن تتراجع فورا، فتكلف الثبات على الأخطاء أكبر من التراجع عنه، حيث تبدأ المعارضة كأقلية ومع مرور الوقت وتراكم الأخطاء الحكومية تتشكل الأغلبية البرلمانية المعارضة. كما أثبتت الأحداث الأخيرة ان الشارع السياسي هو مكمن الخطر الحقيقي على الحكومة، فعندما انتهجت الحكومة السابقة سياسية إسقاط الاستجوابات عن طريق تحويلها إلى الدستورية ومن ثم شطبها مستغلة وجود ثغرات قانونية ودستورية، أدى ذلك الى تعطل الأدوات الدستورية الممكنة للنواب لمعرفة حقيقة اتهامات الفساد الكبيرة الموجهة الى الحكومة. بدأ الشباب الكويتي بالخروج الى الشارع معبرا عن غضبه من السياسات الحكومية ورغبة منه لمعرفة حقيقة التهم الموجهة للحكومة وبعض النواب، لقناعته بأن الحكومة ستمارس مبدأ شطب الاستجوابات أو على الأقل ستحول الجلسة الى سرية، مما أدى الى ان يطالب الشباب برحيل السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولا يمكننا أن نحسب تواجد الشباب الكبير وغير المسبوق في تاريخ الكويت في ساحة الإرادة وساحة قصر العدل على تيار سياسي معين، فالجميع كان حاضرا بل إن أغلب الموجودين هم شباب وطني ولا يتبع تيارا سياسيا بعينه، أخرجه الوضع الكويتي البائس والخطير، فقد تعاملت الحكومة السابقة مع البرلمان والدستور بطريقة استفزازية وتعدت عليهما بكل جرأة، ولم تترك خيارا أمام الشباب إلا الخروج إلى الساحات للتعبير عن غضبه.
لقد حاولت المعارضة النيابية ومنذ أكثر من عام أن تسقط الحكومة السابقة عن طريق الشارع ولكنها فشلت، لأن التيارات السياسية تستطيع حشد الآلاف فقط من المواطنين، ولكنها وحدها القضايا الوطنية هي القادرة على حشد الجميع.
سيدي الرئيس
لا أعلم، وأنتم بكل ما فيه من هم وانشغال، إن كانت ستصلكم رسالتي هذه، ولكني أكتبها على اية حال إبراء للذمة. أعلم جيدا، وهذا طبيعي تماما، أنك مشغول أولاً بمصيرك الشخصي ومصير الأقربين لك دما وفكرا. كما لا أشك في قلقك الكبير على مصير مجاميع الشعب السوري، وخاصة المنتمين لطائفتك ولبقية الأقليات، وبالذات المسيحيين منهم! وأدرك جيدا قلقك من احتمال وصول المتشددين دينيا للحكم، وما سيسعون لإحداثه من تغييرات جذرية في بنية الحكم وطريقته، وفوق كل ذلك لا أشك في وقوف غالبية الشعب السوري معك، إن محبة، أو خوفا من الخراب الذي يعتقدون بأنه سيأتي من بعدك، ولكن ربما تدرك يا سيدي الرئيس، أن كل ما تقوم به الآن من «مقاومة وقتل للمخربين» ما هو إلا تأجيل ليوم سيأتي حتما، ربما ليس غدا، ولكنه سيأتي حتما! وأستميحك العذر في ان أقول انه ليس بإمكان أحد تأجيل اليوم الذي ستعتقد فيه، لسبب أو لآخر، بأنك غير قادر على الاستمرار في الحكم، ولكن الخروج وقتها لن تكون له ظروف اليوم ولا طعمه المقبول الآن، وسيكون للتأجيل ثمن مخيف وخطير على سوريا وشعبها اولا وأخيرا، وعلى شعوب جاراتها وبضع دول أخرى! فما بإمكانك اليوم القيام به، بما عرف عنك من شجاعة، ومع كل ما تمتلكه، ولا تزال، من رصيد محبة واحترام بين غالبية ابناء شعبك، لا يمكن تأجيل القيام به، وبالتالي ليس أمامكم، يا سيدي الرئيس، غير الإقدام على ثورة سياسية وإصلاحية لم يجرؤ أحد في التاريخ على القيام بما يماثلها، وذلك بإلغاء قانون الطوارئ، وكل القوانين الأخرى المقيدة للحريات، وفتح المعتقلات، وإعادة الجيش الى ثكناته، وصدور عفو عام عن الجميع، والدعوة خلال شهرين لانتخابات عامة وحرة لاختيار برلمان تأسيسي، تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد، والاختيار بين النظام البرلماني أو الرئاسي، ومن بعدها يمكنكم يا سيدي الرئيس، المشاركة في تلك الانتخابات، كأي مواطن غيور وحريص على مصلحة وطنه، أو كرئيس حزب سياسي محب لأبناء وطنه، وليس لديّ ذرة من شك في أن الشعب سيختاركم، ليس فقط لما اقدمتم عليه من نكران للذات، وتغليب للمصلحة العامة، بل وأيضا لشجاعتكم التي سيخلدها التاريخ!
وبغير ذلك سيستمر هدر الغالي من دم أبناء شعبك، على يد فئة اخرى منه، والقتل لن يجرّ غير القتل، ولنا جميعا عبرة وأسوة في التاريخين القديم والحديث.
أحمد الصراف