تغني سميرة توفيق لحبيبها، ويغني شبّان المعارضة الكويتيون لبعض وسائل الإعلام وبعض نواب الحكومة: “عينك على جارتنا… يا عيوني… والا عينك علينا”، وجارتنا هي المملكة العربية السعودية، وهي ليست جارتنا فحسب، فإيران والعراق جارتانا أيضاً، إلا أن العراق نهبنا وهتك سترنا، وإيران أرسلت إلينا بعض أنصارها الذين يحملون أشياء لا علاقة لها بالزعفران ولا “السكر نبات”، ولعبت مع ناقلات نفطنا، قبل الغزو، “لعبة اللبّيدة”، أما السعودية فقد حملت، أثناء لجوئنا إليها في أشهر الغزو، صحن عشاء أولادها وقدمته إلينا وهي تعتذر: “اسمحوا لي يا كويتيين على القصور”.
ومَن يطالب بتطبيق الدستور فإنما يطالب بالانقلاب على نظام الحكم، كما يروجون، مع أن المادة السادسة من الدستور، التي ينظر إليها البعض كالورم الذي يجب بتره، تقول: “نظام الحكم في دولة الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً…”! ومن يطالب بتطبيق القانون فسيحشدون له قواتهم من بعض الإخوة الوافدين ليرددوا: “غير السوباح ما نبي”، وكأن المعارضة تطالب بحكم تيمورلنك أو جنكيز خان، أو أي شاب طموح من التتار.
وكنا ندرس في القاهرة، وكانت ليلة “مغبرة من أولها”، عندما تعرضت بنات أسرة كويتية لمعاكسات من بعض الشبان الصيّع، فتدخل الطلبة الكويتيون فزعة لهن، ودارت بيننا وبين الصيع حرب ولا حرب البسوس، استخدمت فيها الأسلحة البيضاء، من قبضات يد وشلاليت وأحذية وأحزمة وكل ما أنتجته مصانع الجلود، وأدرك الجميع يومها الفرق بين “الصناعة الإيطالية” و”صناعة كرداسة”. وكانت الحرب تدور على أساس “اضرب واشتم”، ضربة وشتمة والرزق على الله، وشاهدت بأم عيني اليسرى أحد الشبان الكويتيين يتعرض “للفغص” على يد أحد ثقال الأوزان المصريين، وكان الأخ الثقيل يشخر وكأنه نائم، ولا صوت يعلو فوق صوت شخيره.
وبعد برهة من الكر والفر والضرب والشتم والشخير، تدخلت الشرطة، وأنقذت صاحبنا المفغوص، وأنقذتنا من مخالب “يأجوج ومأجوج” الذين تكالبوا علينا لا أعلم من أين، وبدأ التحقيق، ومع أول جملة قالها أحد الشبان الصيع فغرنا أفواهنا (مع الخبرة عرفنا أن هذه الجملة متداولة في أوساط الصيّع، يتحججون بها كلما اشتبكوا في خناقة مع صيّع العربان!) وبدأ التحقيق مع أحدهم: “سين: اسمك ايه؟ جيم: فلان الفلاني… سين: ما أسباب الخناقة؟ جيم: سمعناهم يشتمون الريس ويشتمون مصر وتاريخها فدافعنا عن بلدنا وريّسنا وتاريخنا”، سمعنا إجابته من هنا، فصرخنا صرخة رجل واحد في التو واللحظة، وبحلقنا بحلقة رجل واحد، ولطمنا لطم رجل واحد، ورحنا نقسم بالله للضابط أننا لا نعرف تاريخ مصر كي نشتمه، وليس بيننا وبينه عداوة، لا هو ولا ريس مصر الله يحفظه، وشرحنا للضابط القصة، فتساءل: “طب فين هيّه العيلة اللي دافعتوا عنها يا (معتصم منك ليه)؟”، فأجبته بحكمتي المعهودة: “من أين لنا أن نعرف؟ انشروا إعلاناً في الصحف عنها”، فشخرَ لي شخرة مباركة، مصحوبة بجملة “بتهزّر يا روح أمك”، وتعرفت قبضة يده على معدتي، فتلخبطت لائحتي الداخلية، واختنقتُ، وزغللت عيناي، وانقطع صوتي العذب، فلم أتمكن من شكره على مجهوده، كان لساني يخرج ويعود خالي الوفاض، كأنه لسان ثعبان… وبعد اتصالات وخذ وهات أُخلي سبيلنا بتدخل من الشرطة العسكرية التي تفهم قياديوها عذرنا، وصدّقوا حجتنا.
الحجة ذاتها يستخدمها أنصار حكومتنا، فالتجمعات يراد بها تشويه تاريخ الكويت، وتنفيذ أجندة السعودية لوأد الديمقراطية، ومعارضة رئيس الحكومة تعني معارضة الحكم… ومؤسسات الدولة تشخر لنا، وتتعرف قبضتها على معدتنا، فنختنق، وتزغلل أعيننا، لكن صوتنا العذب لا ينقطع: وعينك على جارتنا، يا عيوني، والا عينك علينا… هالله الله.
الشهر: نوفمبر 2011
هل تمتلك الحل؟
قام مسلحون من طالبان في اقليم غازني بأفغانستان، يوم 10/11، بـ«اقامة الحد» على أرملة وابنتها، بعد أن دخلوا بيتها وسحبوها وابنتها للخارج ورموهما بالحجارة قبل قتلهما بالرصاص، من دون محاكمة، السبب اشاعة عن تورطها في قضايا جنسية! ومعروف أن المناطق التي يسيطر عليها طالبان، والأخرى المحيطة بغازني، لا يسمح فيها بتعليم البنات، كما تفرض قوانينهم حياة صارمة على النساء ويمنعن من العمل أو حتى الخروج من البيت، انسجاما مع نصوص دينية. وبسبب ترمل وفقر ويتم عشرات آلاف النساء، وعدم وجود مورد كاف لهن، فقد اضطرت الغالبية الى ارسال أطفالهن للبحث في القمامة وجمع أكياس البلاستيك والتسول، وحتى الدعارة، بين الجنسين! وليس من المتوقع تغير حال النساء والأطفال في أفغانستان، وهي الأقسى والأسوأ في العالم، مع سيطرة طالبان على عموم البلاد! وقد منعت الحركة اخيرا الرجل من حضور حفل زفافه منعا للاختلاط! كما تحظر الحركة من استخدام الهاتف النقال، الراديو، أجهزة التسجيل، كاميرات الفيديو، وأي أجهزة تصدر موسيقى، أو متعلقة بالطرب، في مناطقها، وليس هناك غير اذاعتهم التي لا يسمع منها غير المواضيع الدينية والأناشيد الحماسية. كما ذكرت الـ«بي بي سي»، أن عمليات اعدام تتم بشكل مستمر بموجب فتاوى دينية، كما تقام فيها الحدود، من قطع الأيدي والأرجل من خلاف، وجز الرقاب والجلد، كل يوم تقريبا، هذا الى زراعة المخدرات وتعاطيها، فليس في الدين ما يمنع ذلك، وخاصة في الأقاليم التابعة للحركة، التي تشكل ايرادات المخدرات مصدر التمويل الرئيسي. كما تخلو مناطقهم من مظاهر الحضارة، ولا ترى في الشوارع غير رجال متجهمين ملتحين بملابسهم الفضفاضة، والجميع عاطل عن العمل!
وبالرغم من أن غازني، التي تقع في منتصف الطريق بين كابول وقندهار، ستنتقل قريبا ادارتها للسلطة الأفغانية، فإن المراقبين على ثقة بأن سلطتهم ستكون هشة، ولن تصمد المنطقة طويلا أمام زحف عصابات طالبان عليها!
والآن ما الحل الذي يراه المطالبون برحيل قوات الحلفاء من أفغانستان؟ وما هو مصير مئات الآلاف الذين تعاونوا مع هذه القوات؟ وكيف يمكن أن تتحسن حياة ملايين الأفغان تحت حكم طالبان، وخاصة المرأة والطفل؟ وهل سيكون السلم العالمي أفضل بالانسحاب؟ وهل هناك ظلم تتعرض له المرأة، الأم والأخت والزوجة، في العالم يماثل ما تتعرض له المرأة الأفغانية من تعسف وضرب وقتل تحت حكم هؤلاء الأوباش؟ ان الوضع الأمني هناك معقد، فان تركت أفغانستان لتحل مشاكلها فسيموت الكثير نتيجة ذلك، وستصبح مصدر قلق للعالم أجمع، خاصة ان منظمة «القاعدة» ستعود لها لتجعلها مقرا ومركزا لعملياتها. فهل هناك من لديه حل لهذا الوضع؟
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
توأم
ضربوا المواطنين دون وجه حق في ديوان الحربش، سكتوا عن مقتحمي منشأة مملوكة للدولة في العديلية “اتحاد القدم”، بل حاولوا عرقلة تسجيل قضية ضد المقتحمين، عطلوا جلسات مجلس الأمة عمدا بغيابهم المتكرر، عرقلوا أداء المجلس في تشكيل لجنة للتدقيق في حسابات المركزي على خلفية الإيداعات المليونية، لم يلتزموا بتطبيق القوانين الصادرة من مجلس الأمة، لم يقوموا بإنجاز الحد الأدنى من المشاريع المفترضة، فلا مستشفى ولا جامعة ولا مدينة ولا جسر من 2006 إلى اليوم، لم يحاسبوا المتعدي على أموال الدولة الذي أجّر عشرين ألف متر تقريبا بعشرين دينارا سنويا دون مسوغ قانوني، حولوا الأدوات الرقابية للسلطة التشريعية إلى مستحيل لا يصل إليه نائب، شاركوا في تقرير مصير استجوابات موجهة إليهم دون وجه حق، رضخوا لكل ابتزاز وظيفي في مختلف قطاعات الدولة فبات باب الرواتب وحده يكلف الدولة أكثر من ثلثي الإيرادات، صمتوا عن الفتن التي تبثها وسائل الإعلام إن كانت لا تتعرض للحكومة بشيء في حين وجهوا عقوبات رادعة لأي إعلام يخالفهم.
هذا باختصار جزء يسير من أعمال الحكومة في السنوات الأخيرة، وهي ليست آراء بل أمور موثقة ومسجلة في صفحات الكويت.
أما الطرف المقابل اليوم أو ما يسمى كتلة المقاطعة فأفعالهم كالتالي:
شككوا في أخلاقيات الناس وتدخلوا في سلوكهم، طعنوا بولاءات بعض المواطنين لمجرد تعارض الآراء، استخدموا العنف كوسيلة للتعبير عن آرائهم لرفضهم ممارسات الحكومة، خاضوا انتخابات فرعية أو طائفية في سبيل الوصول إلى مجلس الأمة، صوتوا على كل صرف من أموال الدولة سواء كان مستحقا أم لم يكن؛ في سبيل إرضاء الناس، دعا بعضهم إلى إلغاء كيان الدولة وضمها إلى دول مجاورة، صوّت بعضهم ضد استجوابات بحجة وجود فتوى، وصوّت بعضهم الآخر بإحالة استجواب إلى اللجنة التشريعية وتعطيل دور زملائهم الرقابي، قاطعوا التصويت على لجنة للتدقيق في حسابات “المركزي” لكشف من تضخمت حساباته من النواب وكشف من ضخّمها أيضا، رفضوا استكمال الديمقراطية الكويتية بمشاركة المرأة في البرلمان ونيل حقها السياسي، لم يتكلم أحدهم عن حرية التعبير أو الاعتقاد أو التفكير أو الحرية الشخصية وكلها حريات دستورية إلا في حالة واحدة وهي حرياتهم، وصفوا كل إعلام يخالفهم بالفاسد ولا صالح سوى إعلامهم مع عدم ممانعتهم طبعا بالظهور في ما يسمونه الإعلام الفاسد إن التقت المصالح.
وغيرها من سلوكيات في السنوات الأخيرة أيضا، وهي أيضا ليست آرائي بل هي حقائق وقعت غير قابلة للتغيير.
إذن نحن أمام طرفين متعارضين ومتخاصمين إلى أبعد مدى اليوم، ولكنهما متفقان في أمر واحد هو عدم الأخذ إلا بما يناسبهما من دستور الدولة، لذلك فإننا نجد أنفسنا جميعا في حيرة، فلا الطرف الأول حريص على الدستور ولا الطرف المقابل كذلك، وهما متساويان تماما في سلوكياتهما المعادية للدولة المدنية ودولة القانون.
ضمن نطاق التغطية:
أملي الوحيد في المعارضة الحقيقية للسلوكيات السيئة هو تجمع “إنقاذ وطن” المزمع عقده غدا، فالتيارات المدنية المشاركة فيه والنواب كذلك يجعلونني أبني الآمال على أن تكون هناك معارضة موضوعية دستورية خالصة، وأتمنى أن يتحقق ذلك.
بروتوكولات حكماء.. التلفون!
أصبح الهاتف النقال يمثل جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، لذا يقتضي الأمر خلق قواعد وبروتوكولات يتفق عليها الجميع ما أمكن لكيفية الوصول للاستخدام الأمثل لتلك الأداة كي تصبح وسيلة للتواصل لا للإزعاج، ومن البروتوكولات التي نقترحها:
1 ـ الهواتف النقالة ـ بعكس الثابتة ـ تضيع بسهولة وتستبدل بسرعة لذا بادر عند الاتصال بالتعريف بنفسك ولا تأخذ كأمر مسلم به أن رقمك مازال مخزنا لدى الطرف المستقبل، فالأصوات تتشابه وكم من حديث تسبب في إحراج كبير وسوء فهم لعدم تعريف المتصل باسمه منذ اللحظة الأولى للاتصال.
2 ـ الأمر ذاته مع الرسائل النصية سواء في المناسبات العامة أو خارجها والتي يجب أن تكون «مختصرة» والاسم في نهايتها، كم من رسائل ضاعت وطلبات أهملت لخجل المستقبل من سؤال المرسل عن شخصه.
3 ـ إن أخطأت بالرقم عند الاتصال فبادر بالاعتذار فورا وليس أسوأ ممن لا يكتفي بالاتصال الخطأ في الوقت الخطأ بل يحاول تفادي الاعتذار بالادعاء الكاذب بأن يقوم بالرد على اتصالك أي أنك المخطئ واجب الاعتذار منه وليس هو وتلك ظاهرة متفشية بالبلد وتدل على تفاهة بالتفكير وسوء تربية.
4 ـ مازال كثير من النظريات الطبية ـ غير المثبتة ـ ترجح تسبب الهواتف النقالة في الأمراض الخبيثة بالدماغ وضعف الذاكرة والصداع…إلخ، لذا اختصر دائما زمن المكالمة، وإن احتاج الأمر لمكالمات مطولة فتحول وشريكك إلى الهاتف الثابت ذي الذبذبات الضعيفة.
5 ـ عندما تتصل وتشعر من رنة الهاتف بأن الطرف الآخر خارج البلد فالواجب قفل الخط واستبدال المكالمة برسالة موجزة عن الموضوع ويترك للطرف الآخر تقدير أهميته ومن ثم الاتصال بك حيث إنه في النهاية هو من سيدفع ثمن المكالمة وكم من مسافر سدد ثمن مكالمات تقارب ثمن تكاليف سفرته الأخرى على لغو لا قيمة له.
6 ـ الآخرون ليسوا ملزمين بسماع أمورك الشخصية ونكاتك، لذا ابتعد عن الآخرين عند ردك على المكالمات أو قيامك بالاتصال بالأصدقاء.
7 ـ والأمر المهم عند ذهابك لتقديم واجب العزاء أو التهنئة بالأفراح حيث الواجب أن تطفئ الهاتف حتى انتهاء تقديم ذلك الواجب.
8 ـ قد تكون من النوع الذي لا يفارقه هاتفه النقال، هذا الأمر قد لا يشــمل الآخـــرين لذا «لا تزعــل» أو تجزع عندما لا يرد الطرف الآخر بعد ثوان من اتصالك فقد لا يكون هاتفه معه أو لديه ما يشــغله أو أنه من النوع سريع النسيان ممن نووا الرد على اتصالك ثم نسي ذلك.
9 ـ اجعل مرات الاتصال متناسبة مع أهمية الموضوع فمكالمة فائتة واحدة تكفي إذا ما كان الموضوع عاديا ولا تقم بعشر مكالمات فائتة على موضوع تافه، اترك ذلك للأمور الكبرى والطوارئ.
10 ـ السلامة أولى وأهم والكويت بلد المسافات القصيرة لذا لا تتحدث أو ترسل الرسائل أثناء القيادة بل بادر بالوقوف حتى تنتهي المكالمة فكم من أرواح زهقت وأجساد شلت بسبب تلك الأمور البسيطة والصغيرة أو انتظر حتى وصولك الى مقصدك.
*****
آخر محطة: أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا، اعتذار واجب فقد تلقيت إبان مرضي في الكويت وخارجها مئات المكالمات والمسجات بشــكل يومي وكان الهاتف الخاص بي طوال الوقت عند آخرين من أقارب وأصحاب لانشغالي بالفحوصات…إلخ. وقد قام بعضهم بالواجب ورد على كل اتصال ورسالة، البعض الآخر أخبرني في وقت متأخر جدا أن الوقت لم يسعفه آنذاك للرد أو لإرسال رسائل بل اكتفى بتدوينها في مذكرة، فعذرا وشكرا لكل من اتصل أو سأل أو أرسل الرسائل، وما قصر الجميع.
جوهر الـ«توليرانس»
ورد في القبس في 09/12/4 أن الحكومة الايرانية ستوسع نطاق ما يعرف ببيوت العفاف، بهدف تقليص حالات الاغتصاب، وحل معضلة العلاقات الجنسية غير المشروعة. واكد تقرير حكومي انها اقتنعت بضرورة اشاعة الزواج المؤقت او ما يعرف بزواج المتعة لحل هذه الأزمة، وانها مستعدة لايجاد مراكز خاصة في هذا المجال! كما أعلنت الحكومة أنها سمحت للعديد من المكاتب ومواقع الانترنت بتنشيط مجالات تعارف النساء والرجال والبحث عن زوج او زوجة، والزواج المؤقت! (انتهى الاقتباس).
لا أدري ما حدث لهذا المشروع، ولكني أعلم أن هذا النوع من الزواج منتشر في ايران، وفي مناطق حزب الله في لبنان والمناطق الشيعية في العراق وغيرها، ويوجد ما يماثله، ولو هدفا، في الكثير من المجتمعات السنية المنغلقة والمتشددة دينيا. وقد تذكرت ذلك بعد قراءة دراسة للباحثة ناظلي فوزي عن هذا الموضوع، كما تذكرت تجربة مررت بها قبل أكثر من 40 عاماً، عندما زار الكويت وقتها رجل دين ايراني يحمل لقبا كبيرا، وجمعني به بعض المعارف، وتطرق النقاش لموضوع زواج المتعة، وذكرت له أن المشكلة لا تكمن في اعتراف جهة به ورفض الآخر له، ان على أسس دينية أو فقهية، بل بسبب ما يكتنف تطبيقه، وبأي شكل كان، في العصر الحديث، من صعوبات جمة! وكانت وقتها، بالرغم من صغر سننا، لنا تجاربنا، حيث بينا له ما لم يتوقع سماعه، حيث ذكرنا أن اساس هذه العلاقة، في الغالب، هو حصول طرف على متعة جنسية مقابل حصول الآخر على المال، وبما أن لا امرأة، بشكل عام، ترضى بالتورط في مثل هذه العلاقة لولا الحاجة للمال، فان ما يتم دفعه مقابل الحصول على المتعة، بنمط الحياة الذي تعيشه غالبية مجتمعاتنا الشرقية، لا يكفي لأن يقيم أود امرأة ويستر عليها لشهر واحد، خاصة ان كان لديها ابناء، فما بالك بعدة أشهر، كما يتطلب الشرع؟ ويحدث ذلك لأن الباحث عن المتعة، بشكل عام، على غير استعداد لدفع أكثر مما هو سائد، كما أن المرأة لا تتوقع شيئا أكثر من ذلك، مما يعني في كل الأحوال تقريبا، ان المحتاجة ومهدورة الكرامة ليس بامكانها انتظار متطلبات العدة أو غيرها، وستعود لمزاولة «المهنة» خلال ايام، ان لم يكن خلال ساعات، ولا يجوز هنا بالطبع الاعتداد بفحوصات البول أو اختبارات الـ DNA لاثبات الحمل، أو استخدام الواقي الذكري، فهذه ما لم ينص عليها الشرع! وبالتالي فان نظام المتعة، في الظروف المعيشية الحالية، لا يمكن أن يطبق بغير اخلال بكل أسسه، والحل الجذري، وهو هدفنا الوحيد من وراء كتابة هذا المقال، هو في تعليم المرأة وتوفير الوظائف لها، ومساعدة المطلقات والأرامل نفسيا وماديا، وتعديل قوانين الأحوال الشخصية! فوجود امرأة متعلمة قادرة على العمل، وذات كرامة، كفيل بالحد من الكثير من الظواهر السلبية في المجتمع وصونه بشكل كبير. ولا علاقة للموضوع هنا بخيارات المرأة الحرة، فهذا حقها وعلينا قبوله، وهنا يكمن جوهر الــ Tolerance العظيم! وفي هذا المجال يمكن الرجوع لكتاب «المتعة» لشهلا حائري، حفيدة آية الله حائري، المتوافر لدينا على الانترنت لمن يرغب.
***
ملاحظة: احتفل العالم بيوم الـ tolerance، قبل فترة، وترجمتها غير الدقيقة أبدا هي «التسامح»!
أحمد الصراف
القبّيضون للقبيضات.. والقبيضات للقبيضين
اختصاراً للوقت… أنت وراك شغل وأنا وراي وأمامي وبين يدي شغل. أنت مؤمن بهذه الحكومة وأنا كافر بها.
أنت ترى خصوم الحكومة من الغوغاء، وأنا أرى أنصار الحكومة من الهوهاء، أنت تقول إن خصوم الحكومة مدفوعون من الخارج، وأنا أقول إن أنصار الحكومة “مدفوعٌ لهم من الداخل”.
أنت تعتقد أن سمو رئيس الحكومة فند استجوابات المعارضة في جلسات الاستجواب السرية، وأنا أعتقد أنه “زاد الطين بلة”…
خلاص يا صاحبي، تعال أنت وأنا نجلس تحت ضوء الشمس، أو ضوء استوديو قناة فضائية، أي فضائية تشتهيها أنت، واحسب لي إنجازاتها وأنا أحسب لك كوارثها، والناس تسمع وترى فتحكم.
أو لتأتِ الحكومة برئيسها ووزرائها وقضها وقضيضها، لتقابل نائباً واحداً فقط، لها هي أن تختاره من بين نواب المعارضة؛ أحمد السعدون أو مسلم البراك أو د. فيصل المسلم، أو د. جمعان الحربش، أو عبدالرحمن العنجري، أو أو أو… وإذا قلت لي إن الحكومة تخشى من التجريح والبذاءات، فلكَ منا أن نصطف مع الحكومة ونرفع “بيرقها”، ونعمل سيوفنا في أجساد المعارضين، وأن تتفرغ نساؤنا لحذف الحصى من الشرفات على نواب المعارضة، في حال شتموا الحكومة أثناء الحلقة.
وإذا لم تشأ الحكومة المواجهة فلترسل نوابها بدلاً منها، أو حتى أنصارها من خارج البرلمان، وما أكثرهم… وبالمناسبة، قرّب لي أذنك كي أروي لك رواية حديثة طريفة، لها علاقة بما يجري على الساحة، رواها لي صديق يرتبط بأبطال الرواية أسرياً… الرواية تقول إن أحد الشبان، أو بالأصح أحد الرجال (بلغ الأربعين من عمره)، البعيدين عن السياسة، تقدم لخطبة سيدة مطلقة تنتمي إلى بيتٍ ذي وجاهة وواجهة، فأبوها من “كبار القوم” اجتماعياً. ولما علم الشقيق الأصغر للرجل الذي ينوي الزواج، تحدث مع شقيقه وحذّره: “صحيح أن خطيبتك من بنات العائلة الفلانية، إلا أن أباها وشقيقيها من النوع “الخانع الخاضع” للفاسدين في السلطة، يباعون ويشترون كالعبيد والجواري، ويتلقون الهبات والعطايا كي يهاجموا أبناء عشيرتهم المعارضين، تقرباً وتزلفاً للفاسدين المفسدين…
والخشية، يقول الشقيق الأصغر، أن يرزقك الله منها بأبناء يحملون “عرق الخنوع والخضوع” لكل ذي سلطة ومال… وراح يحسب له “مخازي” أهل العروس كما يراها ويفهمها، كون أخيه الذي ينوي الزواج مشغولاً بتجارته، لا يتابع الأحداث المحلية لا عن قرب ولا حتى عن بعد… وانتهى النقاش بأن اقتنع الأكبر بكلام أخيه “لأن العرق دساس”، وتكفل الشقيق الأصغر، الذي عرف كيف يدخل إلى قلب أخيه، بالبحث عن امرأة بديلة… ووجدها.
قلت لمحدثي الذي نقل لي الرواية: “القبّيضون للقبيضات، والقبيضات للقبيضين… والمعارضون للمعارضات، والمعارضات للمعارضين”.
وقلت: الحذر الحذر يا قوم، واخشوا يوماً تحبل فيه نساؤكم بنات الخانعين، فإذا الجنين في بطن أمه “قبّيض” يبحث عن “كبت أمه” وأقصى مطالبه “مطبة” في هذا الشارع، وفتحة استدارة في ذاك الشارع، ودعم أعلاف مع كل استجواب.
احذروا المطبات والأكبات ودعم الأعلاف… من حيث المبدأ.
10 خطوات لهدم الدستور
في البدء، التهنئة القلبية للشيخ الشاب حمد جابر العلي على ثقة القيادة السياسية به وتسلمه مقاليد وزارة الإعلام، وأبوخالد قدها وقدود، وحقبته ستكون خيرا وبركة على الوزارة إن شاء الله، وسيبدع ويرتقي بعملها كعهدنا به، والتهنئة القلبية للوزير المخلص م.سالم الأذينة على توليه وزارة المواصلات بالأصالة، فأبوعبدالله خير من يتولى مسؤوليتها لما له من خبرة وأفكار تطويرية وإصلاحية وإبداعية، مبروك للاثنين والرجاء تركهما وغيرهما من الوزراء يعملون كي يصلح حال البلد، فنجاح الحكومات نجاح للأوطان وفشلها خذلان للبلدان، ومن الغباء أن نفرح ونسعد به.
***
أولى خطوات هدم الدستور تمت عندما خالفنا رغبة الآباء الحكماء المؤسسين ورفضنا تعديل لوائحه للحد من إساءة استخدام أداة الاستجواب التي اختزل ـ عند بعض النواب ـ الدستور بها وأصبحت وسيلة للتدمير لا التعمير ونشر الفساد لا محاربته.
***
ثاني خطوات الهدم قامت عندما رفضنا خلق أداة لمحاسبة ومعاقبة النواب الفاسدين وجعلنا النائب في منزلة من لا يحاسب قط عن عمله فأضفنا لـ «حصانته» مبدأ «عصمته»، وما بين الاثنين تفشى الفساد التشريعي وتم شراء الذمم وفسد الملح الذي ما وضعناه إلا لـ… محاربة الفساد!
***
ثالث خطوات هدم الدستور عندما قبلنا الكوميديا السوداء المسماة «وراهم وراهم.. عليهم عليهم» اي ملاحقة المسؤول والاساءة له من خلف ساتر الحصانة ومحاسبته على خطأ موظفيه وكأنه يقود وزارة من ملائكة ثم التوقف ـ ياللعجب ـ عن تلك المحاسبة العجيبة حال خروجه ووصول مسؤول آخر مرضيّ عنه بدلا منه.
رابع خطوات هدم الدستور عندما اعطيناه قدسية لم يقل بها من خط سطوره ورفضنا بعكس ما طلبوه منا تعديله وتنقيحه خوفا من ان يتسبب ذلك التعديل بالحد من المغانم والمكاسب التي يحصدها رافضو التعديل.
خامس خطوات الهدم ومعها اهم اسس هدم مبادئ العدالة الإنسانية عندما ارتضينا مبدأ الحكم قبل المداولة ـ ولا بعدها ـ اي الاستجواب قبل التعيين (!)، وسحب الثقة قبل الاستجواب (!)، وكم من وزير اعلن استجوابه حتى قبل ان يؤدي القسم، وكم من تأييد لطرح الثقة جهر به النواب قبل ان يقف المسؤول على المنصة، دون محاسبة من يقوم بتلك الأعمال الهادمة لأهم أسس الدستور ومبادئه.
سادس خطوات هدم الدستور جعل احكام وتفسيرات محكمته الدستورية صورية وغير ملزمة، ومعروف ان الدساتير مهما كتبت بلغة مبسطة وسهلة سيختلف على فهم معانيها الناس كما اختلفوا قبلها على الكتب السماوية التي كتبها خالق الخلق، لذا فما فائدة الذهاب للمحكمة الدستورية في نزاع بين السلطتين ـ أو حتى بين فردين في المحاكم العادية ـ إذا ما كان الحكم غير ملزم لطرفيه ويمكن رميه في اقرب سلة مهملات!
سابع خطوات هدم الدستور هي في استخدامه لتعطيل عمليات التنمية وإيصال غير الأكفاء عبر واسطات النواب، وقد سقطت دولة بحجم الاتحاد السوفييتي بسبب طلب أعدائها من عملائها فيها ان يحرصوا على إبعاد الأكفاء والأذكياء والأمناء واستبدالهم بالمتخلفين وأصحاب الضمائر الخربة، فهل هذا سبب استقصاد الوزراء الأكفاء بالاستجوابات؟!
ثامن خطوات هدم الدستور تقوم عبر استخدامه لنشر الفوضى والفرقة والفتن بين الناس وضرب الوحدة الوطنية، وتقليل هيبة السلطة والإساءة لرجال الأمن كي يفرط عقد الدولة ونتحول لشريعة الغاب التي تتساقط بها الرؤوس عن الأعناق وتستحل بها الدماء الحرام.
تاسع خطوات هدم الدستور جعله وسيلة لدغدغة المشاعر وإفراغ خزائن الدولة عبر المطالبات المالية غير المعقولة (إسقاط القروض، الكوادر.. إلخ) كي يسهل إعلان إفلاسها مستقبلا وما المثال اليوناني عنا ببعيد.
عاشر خطوات هدم الدستور التهجم على بيته وكسر أبوابه وهتك حرمته والاستهزاء به عبر الصور التي خرجت وعكست ما جرى داخل قاعاته وهل يرضى أحدنا ان يفعل في بيته ما عمل في بيت الدستور؟! وإذا لم يكن هذا هدما للدستور فما الهدم اذن؟!
***
آخر محطة:
(1) كقاعدة، جرت العادة ان تسبق الدول الديموقراطية نظراءها وجيرانها، في الكويت نجح البعض منا في عكس تلك النظرية المعروفة.
(2) للتذكير.. العملية الديموقراطية والحريات الإعلامية هي «وسيلة» للسلم الاجتماعي والسياسي والأمني وللتنمية والازدهار الاقتصادي، ولخلق مستقبل أفضل للشعوب وليست هدفا في ذاتها، فما فائدة ديموقراطية تدمر الأوطان بدلا من تعميرها؟! اسألوا اهل لبنان الديموقراطي ما حدث على ارضه عام 75 وما بعده، والعراق عام 2003 وما بعده فهل هذا الهدف المنشود؟!
(3) من يود رضا سمو الأمير حفظه الله فعليه ان يعمل بنصائحه وان يتوقف عن الإساءة لدول الجوار خاصة من آمننا من خوف وأطعمنا من جوع عام 90.
(4) من يسيء لإخوان نورة يسيء بالتبعية لأبناء عمومتهم من اخوان مريم والدم بينهم لا يصبح ماء.
لنهدأ قليلاً
رد الفعل الحكومي على دخول المعتصمين مبنى مجلس الأمة يكاد يطابق إعلان الأحكام العرفية في الدولة، فإغلاق ساحة الإرادة بالحواجز الحديدية (أو الأسلاك الشائكة)، لا يعني إلا سجن الإرادة الحرة وحقها في التعبير والرفض، وهذا هو القليل المتبقي من “الديمقراطية الكويتية”، إن كانت تستحق أن نسميها بالديمقراطية، والسلطة بردود فعلها “الغاضبة” استنفرت كل قوتها المادية لفرض “هيبتها”، والهيبة هنا لا تعني هيبة القانون ولا هيبة الدولة، وإنما فرض سياسة الخوف على المعارضين، وحشر البشر في مزرعة الدواجن، ولا نفهم خروج مانشيتات الصحافة الكويتية بعناوين مثل “أجانب خليجيين” كانوا مع المتظاهرين، وأجهزة أمن الدولة تنبش وتحقق في أشرطة التسجيل المصورة، كي يعرف “الشعب” هؤلاء “المجرمين” الذين كسروا حكم القانون واستولوا على بيت الأمة، وكأنه حقيقة بيت الأمة، وليس ملحقاً تابعاً للسلطة التنفيذية بعد تقنين سياسة دبلوماسية الدينار، وتكريس استقرارها في بيت الأمة… تجييش إعلامي ضد المتظاهرين يهرول بأنفاس متقطعة لنيل بركة السلطة، ثم أحكام متلاحقة من تنظيمات سياسية تدين ما حدث…!
أسهل الأمور الآن، في التعليق على دخول المعتصمين صالة عبدالله السالم، أن ندندن في الكلام المكرر عن حريات البشر وحقوقهم في التعبير، ثم نستدرك بكلمة “لكن”، ونلحقها بعبارات رفض ما حدث من استيلاء بعض المعتصمين على صالة عبدالله السالم، وجلوسهم بسعادة المنتصرين على كراسي النواب والوزراء. أيضاً أعود إلى “لكن” الاستدراكية التي تمسك العصا من النصف، ونسأل أنفسنا عن حقيقة ما حدث فعلاً، ولا نعول في أحكامنا على الصور و”المسجات” والتصريحات الإعلامية التي تفجرت بعد ثورة مجلس “طبقات الشعب” على طريقة الثورة الفرنسية! فهل تمثلت الحقيقة في محاولة المعتصمين التوجه إلى منزل سمو رئيس مجلس الوزراء، وحين تم منعهم من الشرطة (ولا يذكر هنا استعمال القوة المفرطة في الحظر) احتموا بالمجلس، وانفلت العنف بين أجهزة الضبط ومجموعة الرفض…؟! الحقيقة في ليلة الغضب قد تكون مخالفة للصورة التي ترسم في وجدان الناس، وردود الفعل الغاضبة أو التي تتصنع الغضب ثم تذرف دموع الأسى على “استغلال هامش الحريات” من المعتصمين ونواب المعارضة، ليس هذا أو ذاك ما نحتاجه الآن، فالكويت وشقيقاتها الخليجيات ليست سورية أو ليبيا، ولم تكن أياً من دول الربيع العربي، فلنا بركة النفط، وشراء ود الناس ليس صعباً، وعلى ذلك، فليس هناك ما يفترض أن نخشاه من ربيع خليجي في الوقت الحاضر وبأسعار برميل النفط العالية، فصنبور الخيرات مفتوح على الكوادر للموظفين وللنواب التابعين “كادرهم”، ويبقى لطلاب الحرية والأمن الاقتصادي القلقين من المستقبل كادرهم، فهل هناك، بعد ذلك، سبب للقلق من المعارضة مهما كانت صور أشكال معارضتها؟ فلنهدأ قليلاً، فمسلم البراك ليس روسبير، والحربش ليس سان غوست، ولا بقية نواب المعارضة هم نماذج حديثة مستوحاة من “يعاقبة” الثورة الفرنسية، أمورنا أبسط من ذلك، فلماذا كل هذا الضجيج!
أبحث عن السبب
لنتفق أولاً على الحقائق البسيطة التالية:
أولاً: ما حدث في البرلمان، قاعة «عبدالله السالم»، من احتلال وتخريب وسرقة، عن طريق العنف، وعبث بالممتلكات الخاصة بالأعضاء، وقيام الغوغاء، وبدعم ومشاركة من نواب يفترض أنهم يمثلون الشرعية، أمر غير مقبول على الإطلاق، ومرفوض تماما.
ثانياً: ان ما أوصل الأمور الى هذه المرحلة الحرجة والخطرة، هو تراخي السلطة التام، على مدى عقود، عن تطبيق القوانين، والانشغال عن إصدار التشريعات بغير الضروري من الأمور، وعدم التقيد بروح الدستور، وحالة الفساد التي استشرت في كل عروق الدولة ومفاصلها، مع غياب شبه تام للرؤية والخطط السليمة.
ثالثاً: قيام السلطة، وأيضا على مدى عقود، بالعمل على خلق حالة من الانقسام في المجتمع، وتقريب فريق، أو فئة متخلفة ومتشددة عقائديا، على حساب الفئات الأخرى، وإنكار حق القوى الوطنية، والأقرب لليبرالية، في خلق كيان مواز ومضاد للكيانات الأخرى.
رابعاً: شعور بعض أطراف السلطة بالغبن، ماديا وإداريا، وإبعادهم عن آلية إدارة الدولة، وان من حقهم أن ينالوا أكثر مما يحصلون عليه حاليا، سواء من ثروات البلاد، أو كحصة في الإدارة، وما خلقه ذلك من سعي هذه الأطراف لتخريب ما يمكن تخريبه، وتأليب هذا الجانب على الآخر. وتصبح المسألة الشعور بـ«الغبن السياسي والمادي» أكبر عند مقارنة أوضاع هؤلاء بأقرانهم في الدول الأخرى.
والآن، ما الحل؟ وكيف يمكن الخروج من المأزق السياسي الذي وضعنا البعض به؟
فهناك تجاوز وتعد وتطاول من قبل بعض ممثلي الشعب، أو هكذا يفترض، على رموز الديموقراطية وعلى القانون العام وحتى الذوق، وهناك في الجانب الآخر تعد وتجاوز، وإن كان لم يثبت حتى اللحظة، على المال العام، وعلى طريقة استخدامه في شراء الولاءات. وكان من الممكن تجنب إيصال الأمور إلى هذه النقطة الحرجة لو توافرت النوايا الصادقة لمن طالتهم الاتهامات، وأيضا بالمقدار نفسه، كان بإمكان المعترضين أو المحتجين على ما آلت إليه الأمور في الجلسة قبل الأخيرة للمجلس، ورفض طلبهم المتعلق بمساءلة سمو رئيس الوزراء عن إيداعات الملايين في حسابات بعض النواب، عدم إيصال الأمور إلى هذا المنزلق الخطر لو توافرت لديهم النوايا الصادقة! ولكن مصالح الطرفين، السياسية والمادية، وربما حتى الانتخابية والقبلية، تغلبت عليهم، وبالتالي ليس هناك من حل غير التخلي عن هذه الصغائر وتغليب المصلحة العامة، ولكن من بإمكانه تفهم ذلك، ودخل الكويت قد تجاوز مؤخرا 300 مليون دولار.. يوميا، بكثير؟!
أحمد الصراف
«مقتطفات من حقل ألغام»
مهما كانت مبررات من اقتحم مجلس الأمة في يوم الأربعاء الماضي، فلا جدال في ان عمله خطأ، وان ما قام به أفسد عليه مكاسبه وقلل من خسائر خصمه، وأنا شخصياً أحمّل مسؤولية الاقتحام إلى النواب الذين قادوا الجماهير المتعطشة للحراك والغاضبة من الأوضاع، فالنائب الذي كسر بيديه باب قاعة عبدالله السالم وهو يعلم ويشعر بحماس الجماهير من خلفه، كان يعلم كذلك ان السيطرة عليها أمر من سابع المستحيلات، لذلك ضاعت صرخات الحربش والمسلم المطالبة للشباب بالخروج من القاعة هباء منثوراً وسط صيحاتهم ونشوة الانتصار التي اختلجت في صدورهم.
***
إذا كانت حادثة الاقتحام أزعجت التيار الليبرالي في الكويت – وهي بلا شك مزعجة – مما حداه الى الدعوة الى تجمع يوم الثلاثاء المقبل لانقاذ الكويت، فان ما قامت به الحكومة من استمالة لضمائر بعض نواب الأمة وتخريب العمل البرلماني وتفريغ الدستور من محتواه أولى بان نوجه من أجله دعوة لانقاذ ما تبقى من مقومات هذا الوطن.
***
الادعاء بان بين المقتحمين من يحمل جنسية ثانية لاحدى الدول الخليجية المجاورة، او الاتهام الذي وجهه نائب الى هذه الدولة بانها ضجرت من الديموقراطية الكويتية وأرادت تخريب هذه الممارسة، كل ذلك لعب بالنار، ودليل على ان الطرف الحكومي ليست لديه حجة لمعالجة قصور ادائه، ويبرر فشله في مواقفه داخل المجلس باثارة مثل هذه القنابل الصوتية! صحيح ان الاقتحام خطأ لا مبرر له، لكن الخطأ الأكبر ما نسمعه من مؤيدي الحكومة للتكفير عن مواقفهم المتخاذلة في وقوفهم معها.
***
كان أولى بنواب المعارضة الاكتفاء بالاعتصام في ساحة الإرادة وانهاء مهرجانهم بعد انتهاء خطبهم، والعودة الى منازلهم محترمين كما جاؤوا منها محترمين، لكن الغرور والشعور بالعظمة في نفوس بعض نوابنا الأفاضل جعلا نظرتهم الى الأمور قاصرة وتقييمهم للأحداث خاطئا، فجاءت دعوتهم للمسيرة لتقلب النجاح الى فشل والتقدم الى تقهقر، واعطت الخصم ورقة يلعب بها كيفما شاء متى شاء. عندما يشعر الانسان بانه وصل القمة وان صوته اصبح هو المسموع وان الناس رهن اشارته وانه قادر على ان يعمل المستحيل، فهذا بداية السقوط والانحدار.
***
العناد.. وما أدراك ما العناد..؟ ركوب الرأس! هذا والله الذي دمّر البلد وأجّل الاصلاح، فالجميع يعرف حل هذه المشكلة وهذا الاحتقان! لكننا نرفض ان نتنازل عن كبريائنا وان نخطو خطوة نخاف ان يكسب منها من لا يستحق الانتصار! هذا ما يحصل اليوم وهذا سبب استمرار الازمة، لكن الى متى؟ ها هي بعض قيادات المعارضة ممن أعماها الغرور بدأت برفع السقف في خطاباتها وتبعها آخرون.. فماذا ننتظر؟ اليوم الوضع ممكن السيطرة عليه، لكن غدا يفلت الزمام، والخوف ان يأتي وقت نصبح عالة على المجتمع الدولي بدلا من سبب ونموذج لاستقراره.. الله يستر.