علي محمود خاجه

لذلك…

لأنني لم أعد أطيق اليوم شكل وطني الذي استشرى فيه الفساد والطائفية واللاقانون والتعدي على الحرية والثقافة والفكر الحر.
لأنني لم أعد أتحمل أبدا أن أرى كل الأقطار المجاورة تتفوق على وطني في مختلف المجالات، فواحدة ستستضيف كأس العالم وأنا لا أستطيع استضافة كأس الخليج، وأخرى أصبحت تنافس على عجائب الدنيا السبع الجديدة وأنا كل إنجازاتي عمارة، وثالثة أصبحت تفوقني بالحرية على الرغم من محاربتها لي في الماضي بسبب ما كنت أتمتع به من حرية.
لأنني لم أعد قادرا على محاسبة اللص في وطني الذي سرق أموالي عندما اشتدت المحنة، وأخذ يخصصها في شتمي والتفرقة بين أهلي وإخوتي من أبناء الكويت.
لأنني أرى الطرح الفئوي والقبلي والطائفي يؤيد ويشجع ويصفق له من الحكومة، ويقبله الكثير من الناس، فأصبحت كلمات مثل “طرثوث” و”صفوي” مصطلحات رائجة في وطني.
لأنني بتّ أجد من يزوّر إرادة الناس ويشارك في فرعية أو يظهر على الشاشات ليقول بفخر إنه ينقل الأصوات ويزوّر الانتخابات دون حياء أو وجل، وهو من يكسب وينال لقب ممثل للأمة دون حسيب أو مطبق للقانون.
لأنني أرى الحكومة لا تدير أموالي بشكل جيد؛ فتتنازل عن السرقات وتوزع العطايا والكوادر والمنح، وتسيء استخدام ثروات الدولة.
لأنني علمت أن المشرّع في بلدي تقاضى أموالا من جيبي، ولم يحاسبه أحد، وحينما أراد بعض المشرعين الشرفاء التحقيق في هذا الأمر رفضت الحكومة ذلك.
لأنني بتّ أرى أهل وطني يضربون بلا سبب إلا لأنهم عبروا عن رأيهم، وقد يأتيني أو يأتيكم الدور اليوم أو غداً.
لكل ذلك سأشارك اليوم في ساحة الإرادة وأعلن رفضي وأقول سيتغير الواقع المرير وسأكون من الساعين إلى التغيير.
أعلم جيدا أن هناك أناسا ونوابا في ساحة الإرادة ليسوا بأفضل حال من الحكومة السيئة، ولكني لن أقف معهم، ولن أهتف لهم، فالساحة ساحتي صنعتها أنا وإخوتي لنيل المرأة حقها السياسي، ولتقليص الدوائر الانتخابية، وسنكمل المشوار اليوم، فنحن الأساس وهم الزائلون.
أكررها: الدستور هو مسطرتي لا دين ولا عائلة ولا قبيلة ولا جنس، وهو نظام الدولة وسأتمسك به، وسأحارب من يتعدى عليه.
سأطالب وأنادي وأعمل بالشكل الذي كفله لي الدستور لتغيير الواقع السيئ، وسأعمل على انتزاع حقي في اللجوء المباشر إلى المحكمة الدستورية إن رأيت أحدا يتعدى على دستور وطني من الحكومة وما يسمى بالمعارضة.

سامي النصف

على أعتاب الفوضى

  في منتصف التسعينيات كتب العبقري زبغنيو بريجنسكي كتابه «الفوضى»، ذكر فيه ان بدايات القرن الحادي والعشرين ستشهد فوضى عارمة تشمل دول منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي وانها ستخلق ظاهرة «خصوم بلا وجوه» اي جموع تتخاصم مع جموع دون قيادات معروفة، وهو ما يحدث هذه الايام في المنطقة، لذا فالحذر الحذر من ان تمتد الفوضى العارمة الينا فيستبدل امننا بخوف ورفاهنا بعوز وحاجة.

***

نفهم تماما موقف شباب المعارضة ممن قفزوا فوق التخندقات الفئوية والقبلية والطائفية، وهو امر يحسب لهم، ما نوده من هؤلاء الشباب الا يقيدوا انفسهم بالاستماع للرأي «الواحد» بل عليهم ان يستضيفوا ويستمعوا الى من يمثلون الرأي الآخر، فللحقيقة اوجه عدة ومن ينصحكم بغير هذا يخدعكم ويروج لديكتاتورية «مستترة» ستتحول في يوم ما الى ديكتاتورية سافرة معلنة أنتم اول ضحاياها.

***

أمر آخر يجب ان يعيه الاحبة من الشباب وهو ان الغايات مهما حسنت وصحت فلا يقبل ان يتم الوصول اليها بالطريق الخطأ، لذا فعليهم اظهار احترامهم الشديد للقانون ورجال الأمن وان يحرصوا على الحفاظ على منشآت الدولة ودخول البيوت من ابوابها الشرعية، وغير ذلك يعني الفوضى العارمة التي ستكتسح الجميع، لا فرق حينها بين حكومة ومعارضة، والتي سيكون الخاسر الاكبر فيها انتم.. الشباب!

***

اخطاء الحكومة فردية ومن ثم تزول بزوال الفرد وهو امر سهل، اما اخطاء المعارضة هذه الايام فهي للاسف الشديد مؤسسية ينتج عنها ثقافات سالبة خطيرة جدا تبقى بقاء الدهر كعدم الاحتكام لنتائج التصويت وهو صلب العملية الدستورية والديموقراطية في كل الدول، والخروج للشارع والقفز على القانون وضرب هيبة الدولة ومهاجمة المنشآت العامة وعدم الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه.. الخ، ما نفعله اليوم هو خارطة طريق لاجيالنا المقبلة، فهل انصفناهم بهذه الخارطة؟!

***

عدد البرلمانات في العالم اكثر بكثير من عدد الدول الذي يقارب المائتين حيث نجد على سبيل المثال 50 برلمانا في الولايات المتحدة وحدها اي بعدد ولاياتها، مئات البرلمانات تلك تقوم كل يوم بأعمالها دون ان يقوم احد باقتحامها وهذا هو الاساس والاصل، لذا فمن المخجل جدا جعل حادثة فردية حدثت قبل عقود او قرون قاعدة يقتدى بها.. والله عيب!

***

آخر محطة:

1 – مرة اخرى نذكر بان الشد والمناكفة لن يوصلا سفينة الكويت التي تقلنا جميعا من شيب وشبان، حكومة ومعارضة، الى بر الامان، وان استهداف الناطور ـ اي ناطور ـ بدلا من العنب، امر لا حكمة فيه.

2 – ومرة اخرى نتساءل: من يقول ان نفس الاسلوب لن يتكرر مع الناطور الذي يليه والذي يليه والذي يليه ومن ثم يبقى شعبنا وبلدنا على صفيح ساخن حتى يقضي الله امرا كان مفعولا؟! ونعود حينها للحكمة الشهيرة: انما أكلت يوم اكل الثور الابيض.

احمد الصراف

الخيار الصعب

سألني صديق عن سبب امتناعي عن الكتابة عن التطورات السياسية الأخيرة، فقلت له انني لست بالكاتب السياسي، كما أن غيابي المستمر عن البلاد لا يتيح لي معرفة ما يحدث عن كثب، والكتابة عنه بصدق! ولكن يبدو أن الأمور وصلت لمرحلة خانقة، ومفصلية في العلاقة بين السلطة وبعض القوى السياسية، ووجهة نظر طرف يجب أن ترجح في النهاية على الآخر، لأهمية الوصول لحل نهائي، فاما أن «الأمة مصدر السلطات»، أو أننا يضحك بعضنا على بعض، ولا يجوز بالتالي الطمطمة على الموضوع والسعي للحلول الوسط، لكي يبقى الاحتقان وتبقى المشكلة. ولكن الخيارات هنا ليست سهلة، ولا أملك شخصيا غير الشعور بالارتباك، بسبب المشاعر المختلطة التي تجيش في صدري، فمن جانب هناك اتهامات نيابية خطيرة، لم تثبت صحتها بعد، ولكن مدعومة بمستندات، تتعلق بصدور أوامر للبنك المركزي، لتحويل عشرات ملايين الدنانير، بعملات مختلفة، لحسابات شخصية أو لمصلحة سمو رئيس الوزراء، لتغطية مصاريف زيارات رسمية، ولكن مبالغها غير عادية بأي مقياس! وهو الاتهام الذي يقال انه كان سبب استقالة وزير الخارجية، الشيخ محمد الصباح، بعد أن اكتشف أن التحويلات تمت بغير علمه! كما أن هناك ما هو أخطر من ذلك بكثير ويتعلق باتهامات بتضخم حسابات ما يقارب ربع حراس المال العام، ومشرعي القوانين ومراقبي أعمال الحكومة، من أعضاء مجلس الأمة، وهي القضية التي فجّرتها القبس في حينه! وقد دفع كل ذلك نواباً لاستجواب رئيس الوزراء، ولكن الاستجواب لم ير النور بفضل «تكتيكات» الحكومة، ووقوف الأغلبية مع الرئيس، علما بان هذه الأغلبية تحققت بفضل أصوات نواب «متهمين»، لهم مصلحة مباشرة في سقوط الاستجواب، وبعضهم محال للنيابة، وهذا جعل الأمور تتطور بشكل خطير، خاصة بعد قيام مجموعة من الغوغاء والنواب النوائب باقتحام بيت الأمة واتلاف بعض محتوياته! المشكلة هنا أن الفريق الساعي لاستجواب الرئيس، وكشف حقيقة التحويلات والرشى ليس بكل تلك النزاهة، أو على الأقل غالبية اعضاء هذا الفريق، سواء سياسيا أو ماليا! فمنهم من شارك في انتخابات فرعية قبلية مجرمة قانونا، ومنهم من اعترف بقبضه عشرات الآلاف، في حالات سابقة، ومنهم من توسط للافراج عن متهمين، ومن قام بتوظيف من لا يستحق، كما ساهموا جميعا في جريمة تبديد المال العام، بتأييدهم لزيادات الرواتب الأخيرة الخيالية، كم أن عددا منهم شارك في «جريمة» اقتحام مجلس الأمة، هذا بخلاف ما عرف من تطرف ديني وقبلي مقيت من الكثير منهم، وانتصار هؤلاء على السلطة سيقلب الكويت الى جحيم! فهل نهرب من الرمضاء لكي نستجير بالنار؟
الحل الوحيد، بنظرنا، يكمن في حل مجلسي الأمة والوزراء، وتسليم النيابة ملفات كل التهم، وابعاد كل من حامت الشكوك حولهم من القيادة، ولتقل الأمة بعدها كلمتها.
وإلى مقال الغد، الرمزي!

أحمد الصراف