مصدر أمني قدر عدد رافعي شعار “الله يحفظج يا كويت” في ساحة الإرادة بعشرة آلاف مواطن (ليس بينهم بدون ولا خليجيون) بينما المنظمون للتجمع ذاته شبه الرسمي، وتحت لافتة مستبطنة بجوفها تحمل عنوان كلمات أغنية لمصطفى أحمد تقول “ترى احنا ما نتغير ويا رب لا تغير علينا”، قدروا عدد المتجمعين بأكثر من عشرين ألف كويتي ثابت الولاء للحكومة وملحقاتها الرائعة، في الاستقرار والتنمية والراحة والبهجة، وباختصار كل أسباب السعادة الكويتية الفريدة.
وعلى أي حال، فرقم حزب “لا تغير علينا” بنحو العشرة أو العشرين ألفاً ليس مهماً اليوم، بل المهم هو الرسالة التي أراد متجمعو “الله يحفظج” إيصالها إلى المعارضة الكويتية، وفحواها يقول بأننا أحزاب “الله يحفظج” أكثر منكم، وإذا كان صوتكم يا أمراء غزوة “احتلال المجلس” عالياً، فأصواتنا يمكن أن تكون أعلى منكم بكثير، ونحن “الأغلبية الصامتة” وأنتم الأقلية المزعجة التي يحرضها ويحركها مسلم البراك ورفاقه المعترضون على شخص رئيس الحكومة، لا على منهج الحكم وإدارة شؤون الدولة، وكأن بينهم وبين الرئيس ثأراً قديماً يريدون تصفيته!
رسالة “الأغلبية الصامتة”، التي لم تعد صامتة، حتى قبل ذلك التجمع الكبير، ببيانات كثير من دواوين وتجمعات “الشيوخ دائماً أبخص”، تصرخ في آذان المعارضين من فرق أحمد السعدون ومسلم البراك ومعهم “الملالوة” مساعد الطبطبائي ومحمد هايف وفيصل مسلم بأننا راضون عن الحكومة وأدائها، ونحن أكثر من راضين عن خدمات التعليم الراقية والعلاج المتقدم والشوارع الفسيحة غير المزدحمة التي تغيب عنها الحوادث والازدحامات، ونحن مبتهجون بالمعاملات السريعة التي تُنجَز في دهاليز الإدارات والمؤسسات الحكومية، بدون محسوبيات ولا واسطات، وأيضاً نحن راضون عن أسعار الأراضي الرخيصة في الدولة، والتي ضمنت مساكن معتبرة لأبنائنا وأجيالنا مثلما ضمنت الحكومة، من قبل، مستقبلهم باستثماراتها الحصيفة في الإنسان الكويتي، لا في جيوب كبارها ثم جيوب السائرين بالهدي الحكومي… ولو استمررنا في عدِّ حسنات الحكومة (أو السلطة الحاكمة – لا فرق بين الاثنتين) لضاقت بنا الصفحات العديدة، هل نذكِّركم بنعم الكوادر المالية لكل أفراد الشعب؟ فكادر عمال النفط، مثلاً، جاء مع “بكج ديل” لكادر الديوان الأميري، وديوان سمو ولي العهد، وسمو ورئيس مجلس الوزراء وأمانته العامة، وهي الكوادر المبادرة التي أمطرت علينا بخيراتها فجأة من غيوم حاتمية ـ من دون اعتصامات أو إضرابات ـ وبمبادرة حكومية، أم نذكركم أيضاً بكوادر غير مرئية ولا أحد يمكنه الكشف عنها، أصاب خيرُها الكثيرين، مثل الكادر الخاص والسري للنواب المؤلَّفة قلوبهم والذي أرَّق مضاجعكم؟! ماذا نحسب وماذا نعدّ من خير دولة “لا تغير علينا”، فمن أنتم وماذا تريدون؟ تريدوننا أن نصبح مثل دول “البلاء العربي” من فوضى وغياب أمن وجوع ومجاميع أصولية تحرك الناس، ومن بعد ستقعد فوق رقاب البشر وتصادر البقية الباقية من الحريات الفردية؟! يكفينا أن نجد الملتحين معكم حتى ندين اعتصاماتكم ومظاهراتكم، جملة وتفصيلاً، من غير أن نبحث في أي سبب آخر يبرر إدانتكم… هل تقرأون مقالات وزوايا كتابنا الواعين حين يدينون ويلعنون أي اعتصام لكم دون بحث عن الأسباب والمبررات الداعية لها… ماذا؟! هل تسمونها “إسلاموفوبيا”… وعقدة مبالغاً فيها؟ فليكن… ولنحرق مئة أو ألف مليون دينار، والله العالم بالغد، لكن المهم ألا تتسيدوا علينا… فنحن الأغلبية الصامتة، ونحن مَن يغني ويترنم أبداً في نشيدنا الوطني “ترى احنا ما نتغير… ويا رب لا تغير علينا”… فهل وصلتكم الرسالة؟!