في الكويت آلاف المدارس، وجامعة حكومية واحدة، وعدد من المعاهد العليا! كما أن فيها مئات المواقع المدنية والعسكرية الخاصة بوزارتي الداخلية والدفاع، وتنتشر كل هذه المؤسسات في مختلف أنحاء الكويت، ويمر عليها أو يعمل فيها، ويشاهد مداخلها مئات الآلاف يوميا، والشيء الوحيد الذي يجمع بين هذه المؤسسات التعليمية، وبين العسكرية هو كمّ السيارات التي تقف أمامها في أماكن مخالفة للوقوف وعلى الأرصفة، وفوق الزرع، وفي كل مكان – تقريبا – في فوضى عارمة، لا مثيل لها! وكان الأمر يهون قليلا لو لم يتعلق بكون الجهتين مرتبطتين بتعليم النشء وتربيته والمحافظة على الأمن وتطبيق القانون! فكيف يمكن ان يفهم مئات آلاف الأطفال الذين يرون مثل هذه المناظر يوميا أن هناك من يحترم القانون؟ أو ان يستمعوا للمدرسة، ويصدقوها، وهي تتحدث عن النظام واحترام حقوق الآخرين، ويشاهدوها توقف سيارتها يوميا في مكان مخالف؟! وكيف يمكن أن نتوقع محاسبا أو محاميا «شريفا» يتخرج في الجامعة، او أحد المعاهد العليا، وهو الذي لم يتردد يوما، على مدى اربع سنوات، عن إيقاف سيارته فوق الرصيف في مخالفة صريحة لكل قانون؟!
قد يرد البعض بالقول إن المشكلة تكمن في أن المساحات المخصصة لمواقف السيارات لا تكفي العاملين او المنتمين الى هذه الجهات، والدارسين فيها – وهذا ربما يكون صحيحا – ولكنه عذر لا يمكن قبوله ان كانت هناك نية لاحترام القانون. فتكرار، أو استساغة ارتكاب المخالفة المرة تلو الأخرى يخلف ويخلق – لا شعوريا – مواطنا بليدا في حسه الوطني غير عابئ بالمصلحة العامة!
فهل سنرى قريبا تعاونا بين الوزارات المعنية لوضع حل لهذه الظاهرة القبيحة والمشوهة؟ لا أعتقد ذلك، فمن بيدهم العلاج هم أنفسهم الذين سبق أن ارتكبوا مثل هذه المخالفات مئات المرات من دون خوف، وبالتالي ربما يتطلب الأمر استيراد مسؤولين من دولة أخرى!
* * *
• ملاحظة: إن السكوت عمن يشعل الشرر اليوم، سيشجعه على إشعال الحرائق غداً!
أحمد الصراف