عادل عبدالله المطيري

الربيع الكويتي.. والخطوط الحمراء!

يبدو ان الاحتجاجات السياسية في الكويت بدأت تتأثر بما يسمى بـ «الربيع العربي»، رغم أن مصير الدول العربية التي اجتاحتها الثورات مازال غامضا وغير مشجع، علاوة على اختلاف الأوضاع السياسية والمعيشية بين الكويت وتلك الدول.

كذلك فان النظام السياسي الكويتي يتمتع بالشرعية التاريخية والدستورية والتي مازال متمسكا بها، وحتى المعارضة السياسية مازالت مؤمنة بذلك، ويجب عليها ألا تقترب من الخطوط الحمراء مهما كانت الاوضاع السياسية ضبابية، فلدينا دستور يحكم العلاقات بين السلطات وينظم عملها، وإن اتهمت المعارضة الحكومة باستغلال القصور الدستوري والتشريعي لمصلحتها، كان يجب على المعارضة السياسية أن تتعامل مع القضية وفق الاطر القانونية، ومهما كان غضبها على السلطة التنفيذية يجب ان يترجم الى سلوك حضاري، فالوقفات الاحتجاجية والمظاهرات السلمية مسموح بها بشرط التزام القانون.

أما من جانب الحكومة فرغم اختلافنا معها، إلا أننا نشهد أن لديها مستشارين قانونيين ودستوريين نجحوا في استغلال الثغرات في الدستور وفي اللائحة الداخلية أفضل استغلال، فتمكنوا من تحويل الاستجواب الموجة الى رئيس الحكومة الى المحكمة الدستورية ومن ثم تصوت الحكومة والاقلية البرلمانية على شطب الاستجواب!

ولكن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة كان بالجانب الإعلامي، فالماكينة الإعلامية الحكومية تتكون من مجموعة اعلاميين وسياسيين غير موضوعيين ومكروهين من الشارع السياسي، فهم لا يحاورون ولا يشرحون سياسة الحكومة بل يستفزون الخصوم ويضرون الحكومة أكثر من نفعهم لها، والاكثر خطورة هو تصوير الأحداث الأخيرة من تظاهرات وما تبعها من اقتحام مجلس الأمة، على أنها تدار من الخارج ومن فئة اجتماعية معينة، وليس كما هو الواقع أنها حراك اجتماعي وسياسي من فئات المجتمع جميعها.

في الختام يجب أن تكون سياسية الحكومة وانجازاتها واضحة، ولابد أن تعتمد على وجوه جديدة لشرح مواقفها بطريقة هادئة وغير استفزازية.

كذلك على المعارضة السياسية أن تكون أكثر نضجا فلا مانع من الاعتصامات السلمية، بل الإضرابات وحتى خيار الاستقالات الجماعية الذي يجب أن يكون حاضرا، ولكن يجب الابتعاد عن التصادم بين المتظاهرين والشرطة وكذلك يجب أن يبتعد خطاب المعارضة عن الخطوط الحمراء!

محمد الوشيحي

عينك على جارتنا

تغني سميرة توفيق لحبيبها، ويغني شبّان المعارضة الكويتيون لبعض وسائل الإعلام وبعض نواب الحكومة: “عينك على جارتنا… يا عيوني… والا عينك علينا”، وجارتنا هي المملكة العربية السعودية، وهي ليست جارتنا فحسب، فإيران والعراق جارتانا أيضاً، إلا أن العراق نهبنا وهتك سترنا، وإيران أرسلت إلينا بعض أنصارها الذين يحملون أشياء لا علاقة لها بالزعفران ولا “السكر نبات”، ولعبت مع ناقلات نفطنا، قبل الغزو، “لعبة اللبّيدة”، أما السعودية فقد حملت، أثناء لجوئنا إليها في أشهر الغزو، صحن عشاء أولادها وقدمته إلينا وهي تعتذر: “اسمحوا لي يا كويتيين على القصور”.
ومَن يطالب بتطبيق الدستور فإنما يطالب بالانقلاب على نظام الحكم، كما يروجون، مع أن المادة السادسة من الدستور، التي ينظر إليها البعض كالورم الذي يجب بتره، تقول: “نظام الحكم في دولة الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً…”! ومن يطالب بتطبيق القانون فسيحشدون له قواتهم من بعض الإخوة الوافدين ليرددوا: “غير السوباح ما نبي”، وكأن المعارضة تطالب بحكم تيمورلنك أو جنكيز خان، أو أي شاب طموح من التتار.
وكنا ندرس في القاهرة، وكانت ليلة “مغبرة من أولها”، عندما تعرضت بنات أسرة كويتية لمعاكسات من بعض الشبان الصيّع، فتدخل الطلبة الكويتيون فزعة لهن، ودارت بيننا وبين الصيع حرب ولا حرب البسوس، استخدمت فيها الأسلحة البيضاء، من قبضات يد وشلاليت وأحذية وأحزمة وكل ما أنتجته مصانع الجلود، وأدرك الجميع يومها الفرق بين “الصناعة الإيطالية” و”صناعة كرداسة”. وكانت الحرب تدور على أساس “اضرب واشتم”، ضربة وشتمة والرزق على الله، وشاهدت بأم عيني اليسرى أحد الشبان الكويتيين يتعرض “للفغص” على يد أحد ثقال الأوزان المصريين، وكان الأخ الثقيل يشخر وكأنه نائم، ولا صوت يعلو فوق صوت شخيره.
وبعد برهة من الكر والفر والضرب والشتم والشخير، تدخلت الشرطة، وأنقذت صاحبنا المفغوص، وأنقذتنا من مخالب “يأجوج ومأجوج” الذين تكالبوا علينا لا أعلم من أين، وبدأ التحقيق، ومع أول جملة قالها أحد الشبان الصيع فغرنا أفواهنا (مع الخبرة عرفنا أن هذه الجملة متداولة في أوساط الصيّع، يتحججون بها كلما اشتبكوا في خناقة مع صيّع العربان!) وبدأ التحقيق مع أحدهم: “سين: اسمك ايه؟ جيم: فلان الفلاني… سين: ما أسباب الخناقة؟ جيم: سمعناهم يشتمون الريس ويشتمون مصر وتاريخها فدافعنا عن بلدنا وريّسنا وتاريخنا”، سمعنا إجابته من هنا، فصرخنا صرخة رجل واحد في التو واللحظة، وبحلقنا بحلقة رجل واحد، ولطمنا لطم رجل واحد، ورحنا نقسم بالله للضابط أننا لا نعرف تاريخ مصر كي نشتمه، وليس بيننا وبينه عداوة، لا هو ولا ريس مصر الله يحفظه، وشرحنا للضابط القصة، فتساءل: “طب فين هيّه العيلة اللي دافعتوا عنها يا (معتصم منك ليه)؟”، فأجبته بحكمتي المعهودة: “من أين لنا أن نعرف؟ انشروا إعلاناً في الصحف عنها”، فشخرَ لي شخرة مباركة، مصحوبة بجملة “بتهزّر يا روح أمك”، وتعرفت قبضة يده على معدتي، فتلخبطت لائحتي الداخلية، واختنقتُ، وزغللت عيناي، وانقطع صوتي العذب، فلم أتمكن من شكره على مجهوده، كان لساني يخرج ويعود خالي الوفاض، كأنه لسان ثعبان… وبعد اتصالات وخذ وهات أُخلي سبيلنا بتدخل من الشرطة العسكرية التي تفهم قياديوها عذرنا، وصدّقوا حجتنا.
الحجة ذاتها يستخدمها أنصار حكومتنا، فالتجمعات يراد بها تشويه تاريخ الكويت، وتنفيذ أجندة السعودية لوأد الديمقراطية، ومعارضة رئيس الحكومة تعني معارضة الحكم… ومؤسسات الدولة تشخر لنا، وتتعرف قبضتها على معدتنا، فنختنق، وتزغلل أعيننا، لكن صوتنا العذب لا ينقطع: وعينك على جارتنا، يا عيوني، والا عينك علينا… هالله الله.

احمد الصراف

هل تمتلك الحل؟

قام مسلحون من طالبان في اقليم غازني بأفغانستان، يوم 10/11، بـ«اقامة الحد» على أرملة وابنتها، بعد أن دخلوا بيتها وسحبوها وابنتها للخارج ورموهما بالحجارة قبل قتلهما بالرصاص، من دون محاكمة، السبب اشاعة عن تورطها في قضايا جنسية! ومعروف أن المناطق التي يسيطر عليها طالبان، والأخرى المحيطة بغازني، لا يسمح فيها بتعليم البنات، كما تفرض قوانينهم حياة صارمة على النساء ويمنعن من العمل أو حتى الخروج من البيت، انسجاما مع نصوص دينية. وبسبب ترمل وفقر ويتم عشرات آلاف النساء، وعدم وجود مورد كاف لهن، فقد اضطرت الغالبية الى ارسال أطفالهن للبحث في القمامة وجمع أكياس البلاستيك والتسول، وحتى الدعارة، بين الجنسين! وليس من المتوقع تغير حال النساء والأطفال في أفغانستان، وهي الأقسى والأسوأ في العالم، مع سيطرة طالبان على عموم البلاد! وقد منعت الحركة اخيرا الرجل من حضور حفل زفافه منعا للاختلاط! كما تحظر الحركة من استخدام الهاتف النقال، الراديو، أجهزة التسجيل، كاميرات الفيديو، وأي أجهزة تصدر موسيقى، أو متعلقة بالطرب، في مناطقها، وليس هناك غير اذاعتهم التي لا يسمع منها غير المواضيع الدينية والأناشيد الحماسية. كما ذكرت الـ«بي بي سي»، أن عمليات اعدام تتم بشكل مستمر بموجب فتاوى دينية، كما تقام فيها الحدود، من قطع الأيدي والأرجل من خلاف، وجز الرقاب والجلد، كل يوم تقريبا، هذا الى زراعة المخدرات وتعاطيها، فليس في الدين ما يمنع ذلك، وخاصة في الأقاليم التابعة للحركة، التي تشكل ايرادات المخدرات مصدر التمويل الرئيسي. كما تخلو مناطقهم من مظاهر الحضارة، ولا ترى في الشوارع غير رجال متجهمين ملتحين بملابسهم الفضفاضة، والجميع عاطل عن العمل!
وبالرغم من أن غازني، التي تقع في منتصف الطريق بين كابول وقندهار، ستنتقل قريبا ادارتها للسلطة الأفغانية، فإن المراقبين على ثقة بأن سلطتهم ستكون هشة، ولن تصمد المنطقة طويلا أمام زحف عصابات طالبان عليها!
والآن ما الحل الذي يراه المطالبون برحيل قوات الحلفاء من أفغانستان؟ وما هو مصير مئات الآلاف الذين تعاونوا مع هذه القوات؟ وكيف يمكن أن تتحسن حياة ملايين الأفغان تحت حكم طالبان، وخاصة المرأة والطفل؟ وهل سيكون السلم العالمي أفضل بالانسحاب؟ وهل هناك ظلم تتعرض له المرأة، الأم والأخت والزوجة، في العالم يماثل ما تتعرض له المرأة الأفغانية من تعسف وضرب وقتل تحت حكم هؤلاء الأوباش؟ ان الوضع الأمني هناك معقد، فان تركت أفغانستان لتحل مشاكلها فسيموت الكثير نتيجة ذلك، وستصبح مصدر قلق للعالم أجمع، خاصة ان منظمة «القاعدة» ستعود لها لتجعلها مقرا ومركزا لعملياتها. فهل هناك من لديه حل لهذا الوضع؟ 

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com