لنتفق أولاً على الحقائق البسيطة التالية:
أولاً: ما حدث في البرلمان، قاعة «عبدالله السالم»، من احتلال وتخريب وسرقة، عن طريق العنف، وعبث بالممتلكات الخاصة بالأعضاء، وقيام الغوغاء، وبدعم ومشاركة من نواب يفترض أنهم يمثلون الشرعية، أمر غير مقبول على الإطلاق، ومرفوض تماما.
ثانياً: ان ما أوصل الأمور الى هذه المرحلة الحرجة والخطرة، هو تراخي السلطة التام، على مدى عقود، عن تطبيق القوانين، والانشغال عن إصدار التشريعات بغير الضروري من الأمور، وعدم التقيد بروح الدستور، وحالة الفساد التي استشرت في كل عروق الدولة ومفاصلها، مع غياب شبه تام للرؤية والخطط السليمة.
ثالثاً: قيام السلطة، وأيضا على مدى عقود، بالعمل على خلق حالة من الانقسام في المجتمع، وتقريب فريق، أو فئة متخلفة ومتشددة عقائديا، على حساب الفئات الأخرى، وإنكار حق القوى الوطنية، والأقرب لليبرالية، في خلق كيان مواز ومضاد للكيانات الأخرى.
رابعاً: شعور بعض أطراف السلطة بالغبن، ماديا وإداريا، وإبعادهم عن آلية إدارة الدولة، وان من حقهم أن ينالوا أكثر مما يحصلون عليه حاليا، سواء من ثروات البلاد، أو كحصة في الإدارة، وما خلقه ذلك من سعي هذه الأطراف لتخريب ما يمكن تخريبه، وتأليب هذا الجانب على الآخر. وتصبح المسألة الشعور بـ«الغبن السياسي والمادي» أكبر عند مقارنة أوضاع هؤلاء بأقرانهم في الدول الأخرى.
والآن، ما الحل؟ وكيف يمكن الخروج من المأزق السياسي الذي وضعنا البعض به؟
فهناك تجاوز وتعد وتطاول من قبل بعض ممثلي الشعب، أو هكذا يفترض، على رموز الديموقراطية وعلى القانون العام وحتى الذوق، وهناك في الجانب الآخر تعد وتجاوز، وإن كان لم يثبت حتى اللحظة، على المال العام، وعلى طريقة استخدامه في شراء الولاءات. وكان من الممكن تجنب إيصال الأمور إلى هذه النقطة الحرجة لو توافرت النوايا الصادقة لمن طالتهم الاتهامات، وأيضا بالمقدار نفسه، كان بإمكان المعترضين أو المحتجين على ما آلت إليه الأمور في الجلسة قبل الأخيرة للمجلس، ورفض طلبهم المتعلق بمساءلة سمو رئيس الوزراء عن إيداعات الملايين في حسابات بعض النواب، عدم إيصال الأمور إلى هذا المنزلق الخطر لو توافرت لديهم النوايا الصادقة! ولكن مصالح الطرفين، السياسية والمادية، وربما حتى الانتخابية والقبلية، تغلبت عليهم، وبالتالي ليس هناك من حل غير التخلي عن هذه الصغائر وتغليب المصلحة العامة، ولكن من بإمكانه تفهم ذلك، ودخل الكويت قد تجاوز مؤخرا 300 مليون دولار.. يوميا، بكثير؟!
أحمد الصراف