علي محمود خاجه

هذا اللي بيحررنا ؟!

لا يمكن أن أقتنع أبدا بأن تطالب تيارات الإسلام السياسي بالدستور أو أن تدافع عنه، فهم إقصائيون لا يؤمنون بالحرية إلا حريتهم في إقصاء غيرهم، ولا يؤمنون بحقوق الإنسان إلا في حقهم بالطعن والتشكيك بغيرهم.
اليوم نجد أن تيارات الإسلام السياسي هي التي تتحدث عن الإصلاح والدستور والحريات، ولا أعتقد أن أي شخص عاقل من الممكن أن يصدق ولو لجزء من الثانية أن كلامهم مقنع أو مقبول، فهم نفس المجموعة التي طعنت في أخلاق كل الكويتيين ووصفت اختلاطهم بأنه يؤدي إلى “الايدز” و”السفلس” وغيرهما من أمراض، بل تمادوا وقالوا إن كل زوج يشك في زوجته المختلط بها.
وهم أنفسهم أيضا من وضعوا ضوابط على الفنون والثقافة والأدب، وهاهم مبدعونا يرحلون واحدا تلو الآخر دون مساحة كافية لهم لتقديم كل ما يملكون من إبداع كما قدموا في السابق قبل غزو تيارات الإسلام السياسي لمجتمعنا بعصا الدين البريء منهم.
وهم أيضا من نصَّبوا أنفسهم مسؤولي جوازات في منافذ الكويت لا يدخلها إلا من يعجبهم ويوافق أفكارهم الإقصائية، فلا مفكر ولا مذهب أو دين آخر مسموح له بالدخول، فهم أوصياء على عقولنا أيضا.
كل هذا وأكثر هو صنيعة تيارات الإسلام السياسي التي تدَّعي الدستور ويتداعى البعض لنصرتهم بحجة أننا في مركب واحد لإزاحة الحكومة الحالية، ومع إقرارنا بأن الحكومة الحالية سيئة لكن هل هؤلاء فعلا من نقف معهم في سبيل كويت أفضل أو على الأقل كويت الدستور؟
هم أصلا لا يترددون في إظهار عدم احترامهم للدستور علنا، ولا يتقربون منه إلا لنيل مبتغاهم، فلماذا أصلا نشاركهم وماضيهم وحاضرهم وقطعا مستقبلهم مليء بالتعدي والتجاوز على كراماتنا وحرياتنا وعقولنا؟
إن الوقوف مع تيار الإسلام السياسي هو أكثر جرماً وأشد ضرراً على الكويت من أي أمر آخر، فقد قادوها إلى التهلكة خلال الثلاثين عاما الماضية من تحالف السلطة معهم فتغاضوا عن اللصوص وتجاوزوا كل النصوص.
إن أسخف ما أسمعه من أطروحات اليوم تلك التي تدّعي أننا مجتمعون في قضية وبعدها سنفترق كل وفق فكره وطريقه وأسلوبه، وتناسى أصحاب هذا الطرح أننا باجتماعنا معهم اليوم أمسكنا بمعول هدم الدولة المدنية وشاركنا في الهدم، ولا نستطيع التبرؤ منهم لاحقا بحجة أن الغاية هي ما كانت تبرر وسيلتنا.
لقد دمروا كل ما هو جميل ونفخر به في الكويت طيلة العقود الماضية وكل أشكال الإبداع تلاشت بسبب نفس تيارات الإسلام السياسي التي يدعوننا البعض الى المشاركة معها اليوم، أين المسرح؟ أين الكتاب؟ أين التعليم الحر؟ أين الثقافة؟… كلها تلاشت واختفت بسببهم، لذا فأنا آسف، لن أشاركهم، ولن أقبل بمن يشاركهم أيضا.

احمد الصراف

حلب الأوقاف

يشهد لمسؤولي الأوقاف ذكاؤهم في استنباط الأفكار التي يمكن ان تحقق لهم ولحزبهم الديني السياسي النفع الكبير، وقد تزايدت أنشطتهم التنفيعية مع أحداث 11 سبتمبر وما صاحبها من دعوات لنشر فكر التسامح والوسطية في المجتمع! وبدلا من أن تلتقط الفكرة وزارة التربية وتعمل بها، قامت الأوقاف بانتهاز الفرصة والاستفادة منها، وهكذا خرجت بفكرة «مراكز الوسطية»، وأن على الكويت عبء نشرها محليا وعالميا، ومن أجل ذلك جلبت عتاة الفكر الاخواني من السودان ومصر لإدارة هذه المراكز، وأجزلت لهم العطاء، لكن سخافة الفكرة وهشاشة فلسفتها وتهجم نواب الحزب الديني المناوئ لهم عليها ادت في النهاية الى تهاوي مشاريعها، ولكن ليس قبل أن يتمكن كبار مسؤولي الوزارة من صرف ملايين الدنانير عليها وعلى الدعاة والمكلفين، وعقد مؤتمرات في أميركا وأوروبا من دون هدف معروف! وقد واجهت وزير الأوقاف الجديد مشكلة رواتب مئات المكلفين وموظفي مراكز الوسطية، الذين قامت الإدارة السابقة والحالية بتوظيفهم وتكليفهم للقيام بـ«لا شيء»، حيث تطلب الأمر إنهاء تعاقداتهم وتوفير ملايين الدنانير على الموازنة. وهنا ثار «غيورو الدين» في الصحافة وبعض النواب الأفاضل على قرار الوزير إنهاء تكليف هؤلاء، على الرغم من علمهم بأنهم مكلفون بأداء لا شيء، وطالبوه بتمديد التكليف ليستمر النزف والفساد! ولا أدري كيف يقبل هؤلاء «المغبونون» ومن دافع عنهم، الذين يفترض أنهم يعملون في جهة تنشر الأمانة والإيمان، باستمرار هدر أموال الدولة علنا؟
في السياق نفسه، تفتق ذهن جهابذة الأوقاف أخيراً عن فكرة حلب جديدة، تتعلق هذه المرة بالتصدي للفكر التكفيري، والتحذير من خطورته، وهنا تطلب الأمر تشكيل لجان وتكليف جهات لوضع تصورات خطة لنبذ التكفير والتركيز على خطورته، وما ينتج عنه من ظواهر عنف وارهاب، وما يتسبب عنه من تشويه لصورة الدين، ومخاطر التكفير على لبنة الوطن، والتصدي لهذه الظاهرة بكل السبل. وبيّن مصدر الأوقاف ان جهات عدة ستشارك في وضع الآليات وتبني «استراتيجية شاملة» في مواجهة ثقافة التكفير ومدارسه المختلفة، وتناول ابعاده الفكرية والثقافية، الى جانب الابعاد الامنية، بحيث تواكب هذه الاستراتيجية التطورات المعاصرة، وتكون قادرة على التعامل مع ثقافة التكفير على نحو علمي مبني على الحوار والاقناع، واستحضار الجذور التاريخية لفكر التكفير وظروف نشأته وابرز مسبباته، لوضع اهم سبل الوقاية منها! واضح أن كل هذا الكلام الإنشائي «مأخوذ خيره»، ولن ينتهي الى شيء في نهاية الأمر، غير تنفيع القائمين على الفكرة وحزبهم السياسي، وليستمر النزف تحت عناوين براقة وشعارات زائفة. وبالمناسبة لا أعلم لماذا يستمر رئيس وأعضاء الهيئة العليا لمراجعة القوانين وأسلمتها، وغالبيتهم من رجال، في القيام أيضا بلاشيء منذ 15 عاما، وقبض رواتبهم شهريا من دون وجه حق.

أحمد الصراف