مهمة (والأدق أن نقول مهام وأوليات) وزير الداخلية إنهاء حرب الشوارع في الكويت، حتى لا نضع أيدينا على قلوبنا كلما خرجنا من منازلنا خوفاً من مهوسين يقودون السيارات بلا مسؤولية ولا اعتبار للقانون. فقد أضحت شوارع الكويت تشابه شوارع المدن الليبية وبقية حواري دول “الربيع العربي”، تقشعر الأبدان من مشاهد الأجساد المتوسدة أرصفة الطرق تنز دماً وموتاً.
مهمة ومهام الوزير أن يبتر البيروقراطية الغبية في أروقة وزارته التي يلتصق بدروبها المواطن والمقيم لإنهاء أبسط معاملاتهما اليومية. مهمة وزير الداخلية بمجملها هي أن يفعّل حكم القانون، علَّ وعسى أن يأتي اليوم المأمول حين يصبح القانون ركناً في ضمير ووعي الناس؛ يحترمونه ولو لم يكن هناك رجل الشرطة يراقبهم ويحاسبهم.
مهمة ومهام وزير الداخلية كثيرة تبدأ ولا تنتهي، من إنهاء المحسوبيات والواسطات والرشاوى في أجهزة الوزارة المترهلة، إلى قائمة طويلة من الانحرافات في استعمال واستغلال السلطة. فلهذه الوزارة، منذ لحظة ولادتها، تراث طويل وممتد في الفوضى وكل شرور التخلف والفساد، ولها تاريخ سيئ تتجلي فيه أبشع صور رخاوة الدولة بوزاراتها ومؤسساتها التي تضج بالكسل والإتكالية، هذه الوزارة هي مرآة عاكسة لوجه السلطة وأمراضها المزمنة في إدارة الدولة.
إذا تجاوز أحمد الحمود أو أخطأ أو لم يبدأ مشوار الإصلاح في وزارته ـ وهو مشوار طويل ومضنٍ بكل معاني الكلمة ـ فلنواب الشعب أن يحاسبوه، وإذا تعسف الوزير في استعمال سلطاته ولامس حقوق وحريات الأفراد، فهنا، ومن باب أولى، يمكن أن يحاسب حين تخرق قراراته حكم القانون وتنصاع لتطلعات الهوى السياسي.
أمّا أن يُساءل الوزير الشيخ أحمد الحمود لأن تهمة ما (لم تتحقق) ضد أحد الضباط الكبار، مثل العقيد شكري النجار، ربما انتهك القانون، أو لأنه سمح لنائب بحريني سابق من المعارضة البحرينية بالدخول للبلاد، فليس هذا أو ذاك عدلاً، وهو بالتالي أبشع وجه لخرق حكم القانون وتجاوز السلطات، وقبل ذلك يعد انتهاكاً جلياً لمبدأ فردية المسؤولية، فلا “وازرة تزر الأخرى” هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يُقبل أن تكون حادثة خاصة، لا أحد يلم تماماً بتفاصيلها لضابط ما، مناسبة للثأر من هذا الضابط أو الوزير، أو تصبح مناسبة لفرض إملاءات نيابية على الوزير ليحقق أجندات سياسية لبعض الجماعات في المجلس، ومتى أحال الوزير موضوع الضابط شكري النجار على السلطة القضائية فليس لنا أن نحاسب الوزير على سلوك فردي للنجار أو غيره، وليس من حق أي كائن أن يزيح سلطان القضاء جانباً، ليصدر حكماً بالإدانة ضد وزير الداخلية، أو أن يقتنص فرصة سياسية لمحاسبة رئيس مجلس الوزراء علي أي من الأمرين (النجار، والنائب البحريني).
للنواب ولكل كويتي حق محاسبة هذه الحكومة على أمور كثيرة غرقت فيها هذه السلطة وأغرقتنا معها، لكن الآن وفي مثل هاتين الواقعتين لنكن أهل عدل وإنصاف وليس طلاب ثأر.